You dont have javascript enabled! Please enable it!
من الصحافة

صحيفة 1941 – الزحف في سوريا ولبنان .. وصف الحالة العسكرية والسياسية

في الثامن من حزيران عام 1941 أطلق الجنرال كاترو نداء إلى السوريين واللبنانيين أعلن فيه منحهم الاستقلال، وفي اليوم التالي التاسع منه عبرت قوات بريطانية الحدود السورية – اللبنانية وبدأت أولى الاشتباكات.

صحيفة المقطم نشرت خبراً عن بدء الزحف البريطاني – الديغولي على سورية من عدة محاور.

عنوان الخبر:

الزحف في سوريا ولبنان ..  وصف الحالة العسكرية والحالة السياسية

نص الخبر:

لا يزال لزحف الحلفاء في سوريا ولبنان المقام الأول بين أخبار الحرب لا في الشرق وحده، بل فيه وفي الغرب كذلك لما سيكون لهذا الزحف من نتائج كبيرة القدر في سير الحرب في ميدان الشرق الأوسط علاوة على نتيجتها العامة.

وقد أذيع أمس مساء البلاغ الرسمي البريطاني وفيه أن القوات العسكرية الزاحفة على ساحل البحر استولت على مدينة صور وهي مدينة لبنانية تلي عكا شمالاً ثم عبروا نهر الليطاني أو القاسمية في اتجاه صيداء، وبلغ طول ما قطعوه من الحدود نحو أربعين ميلاً ولا يبعد أنهم بلغوا صيداء أمس بعد الظهر.

ويستنتج من اجتياز الجيش الزاحف للمواقع المنيعة المعروفة بناقورة عكاء شمالي المدينة المسماة بهذا الاسم فالجبل هناك ينحدر رأساً إلى البحر ففي طاقة قوة صغيرة مدافعة أن تمتنع فيه وتصب نيرانها على المهاجم، وكذلك نهر القاسمية فالظاهر أن جسره “كوبريه” سليم لم ينسف فسهل ذلك سير القوات العسكرية بدباباتها وسياراتها.

ثم أن بلاغ سلاح الطيران الملكي لا يشير إلى قتال “قانلته” طائراته بل ينوه بإغارتها على منطقة بيروت وضرب مستودعات البنزين فيها ودمرتها.

ويؤيد استنتاجنا ما أذيع في الأنباء أمس مساء وهو أن الموظفين الفرنسويين في المنطقة التي احتلها الحلفاء قبلوا أ، يعملوا معهم، ولو كان الأمر غير ما تقدم لفر هؤلاء الموظفون ذاهبين شمالاً من وجه القادمين.

وتحقق ما قدرناه فأسرع عدد يذكر من الضباط والجنود الفرنسويين في سوريا ولبنان وانضموا إلى الجنرال كاترو والكولونيل كوله.

أما في الساحة الأخرى من الميدان السوري- ولنسمها ساحة دمشق- فقد روى البلاغ الرسمي أن الحلفاء استولوا على درعا وهي على الحدود الفاصلة بين سوريا وشرق الأردن، وهي أذرعات عند العرب وفيها قال:

تبينتها من أذرعات وأهلها                             بيثرب أعلى دارها نظر عال

وأخذوا كذلك قرية شمسكين أو الشيخ مسكين والقنيطرة، وهذه الأخيرة هي بلدة آل الشعلان وكان بينهم الفرنسويين أحداث ووثائع، وجميع هذه المواقع واقعة جنوبي دمشق وأقربها إليها أي القنيطرة تبعد عن دمشق نحو أربعين ميلاً.

ولم ترد أخبار عما صنع الفريق الثالث من الجيوش الزاحفة وهو الذي قيل أنه خرج من العراق محاذياً نهر الفرات إلى دير الزور للوصول إلى منطقة حلب.

وقد نقلت التلغرافات المنشورة أمس نداء المرشال بيتان إلى القوات الفرنسوية في سورية ولبنان ودعوته لهم أن يقاتلوا، وقد قال: (فاليوم تهدد السيادة الفرنسوية في المشرق لأول مرة فقاتلوا من أجل القضية العادلة وسلامة الأراضي التي عهد التاريخ فيها إلى فرنسا).

وأنكر المارشال أن في سوريا جنوداً ألمانيين، وقال أن مجموع الطائرات الألمانية لا يتجاوز أربعاً.

ولكن الوقائع تنقضى ما قال المارشال أو ما قيل عن الجند والطائرات فعدد الطائرات الألمانية التي نزلت في سوريا عشرات أما الجند الألمانيون فصحيح أنهم ليسوا هناك بالملايين الرسمية ولكن في سوريا ولبنان مئات من العسكريين الألمانيين فماذا يصنعون.

وقد اعترف الجنرال دنتز بما أنكره المارشال بيتان، غير أن هذا صار موضوعاً مفروغاً منه، والكلمة اليوم للسيف.

بقي ما قاله المرشال وهو أن التاريخ عهد في سوريا ولبنان إلى فرنسا فأي تاريخ هذا ومن قال هذا القول.

إن سوريا ولبنان جعلا أمانة في عنق فرنسا لتسير بهما  في طريق الاستقلال فحييت أمل جميع السوريين واللبنانيين، وسائر الشرقيين، وبعدما أمضت معهم معاهدة ليست الاستقلال بل رمز إليه نقضتها وقال لنا متكلم بلسانها في وزارة الخارجية بباريس في سبتمر 1937 أنه لا يسعنا (الفرنسويين) أن نبرم هذه المعاهدة إلا إذا “هذبناها” بحذف فقرات منها وزيادة ضمانات لنا.

يقابل هذا أن الحلفاء الذين دخلوا سوريا دخلوها وفي يدهم صك استقلالها الكامل.

وقد عرفنا التاريخ يقوم على المبادئ لا الأشخاص فإذا كانت فرنسا قد ناءت بما حملت في “الشرق” فخير لها أن تضع ما حملت وأن توجه همها إلى أرضها في أوربا حيثما تقتضي حالة بلادها، وشعبها أضعاف جهود حكومتها الحاضرة، ولتدع الشعوب الأخرى وشأنها.

وجاء في التلغراف المنشورة أمس أن الأمر صدر إلى بوارج فرنسوية في ميناء طولون الحربي بأن تكون على قدم الاستعداد للسفر. ولا ندري إيراد ارسالها إلى سوريا فتصل إليها بعد الآوان وهذا ما وصلت أو أن المراد انتهاز فرصة انهماك الأسطول البريطاني في شرق البحر المتوسط بأمر سوريا فتعبر البوارج الفرنسوية البحر إلى موانئ الجزائر في شمال أفريقيا لتنضم إلى ما هناك من بوارج فرنسوية.

والذي نرجوه أن يدرك الجنرال دنتز حقيقة الموقف فلا يعرض البلاد السورية واللبنانية لأخطار الحرب وحسبها ما أصابها في الحرب الماضية بسبب تعلق جانب من أهلها بفرنسا في ذلك الحين بفرنسا التي أعانتهم في سنة 1861م.

فالحلفاء مصممون على استرداد سوريا ولبنان لأهلها ومنع المحور من اتخاذهما قاعدة حربية له.

وقد عتب الناس في الشرق على بريطانيا تريثها حتى الآن ثم عذروها بانهماكها في ميادين أخرى ومنها ميدان الحبشة.

والمفهوم ما جاء حتى الآن أن ألمانيا وإيطاليا تبغيان التزام الحياد في ما هو حادث في سوريا تاركتين لفرنسا مهمة الدفاع عما تعده جزءاً من إمبراطوريتها.

والمفهوم كذلك أن فرنسا اقتصرت على أن تعد ما صنعه الحلفاء إعتداء من بريطانيا على حليفتها السابقة.

أما تركيا فقد قابلت الزحف على سوريا ولبنان بأشد اغتباط ولا غرو فقد كانت مواصلاتها البرية في خطر يهددها من العراق وسوريا لو نجحت إجراءات الفتنة في العراق وتقاعست بريطانيا عن علاج المشكلة السورية.

ومما هو جدير بالذكر ما جاء في التلغرافات وهو أن ألمانيا استردت معظم قواتها العسكرية التي كانت معسكرة على الحدود الفاصلة بين بلغاريا وتركيا.


انظر:

سيطرة القوات البريطانية – الديغولية على سورية عام 1941

نداء الجنرال كاترو إلى السوريين واللبنانيين في حزيران عام 1941م

المصدر
صحيفة المقطم- بيروت، العدد 16205 الصادر مساء يوم الثلاثاء العاشر من حزيران عام 1941م.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى