You dont have javascript enabled! Please enable it!
قضايا

سيطرة القوات البريطانية – الديغولية على سورية عام 1941

جاءت سيطرة القوات البريطانية والديغولية على سورية في حزيران عام 1941م، بعد  صراع وتنافس مع قوات فيشي، استمر لأكثر من عام.

موقف الحلفاء (بريطانيا وفرنسا الحرة) من قوات فيشي في سورية:

شددت بريطانيا من الحصار الاقتصادي المفروض على سورية منذ تموز عام 1940م، وأغلقت أنبوب النفط العائد لشركة النفط العراقية، والذي كان يزود فرنسا بـ 25% من نفط العراق، وأوقفت المبادلات التجارية بين سورية ولبنان من جهة والبلدان العربية المجاورة من جهة أخرى.

وأقامت مركزاً للبث الإذاعي باسم فرنسا الحرة في مدينة حيفا، بينما كان الجنرال كاترو يشن حملته الدعائية عبر إذاعة القاهرة.

حاول الحلفاء إعادة استقطاب رجال الانتداب وشريحة كبيرة من الموظفين العاملين في الحكومة السورية ودوائرها، وكذلك حاول استقطاب عناصر الجيش.

موقف قوات فيشي في سورية 1940 – 1941:

شعرت حكومة فيشي بأن هناك شيئاً يحاك ضدها في أوساط رجال الانتداب في سورية، فأوفدت الكولونيل فورجييه ومعه تفويض مطلق من المارشال بيتان للقضاء على هذه المؤامرة، وبالفعل تمكن من كشف خيوط مؤامرة ضد قوات وإدارة حكومة فيشي في سورية. وقام بحملة تطهير في الدوائر المدنية والعسكرية الفرنسية في سورية، واستبدل عدداً كبيراً من المدنيين والعسكريين الذين أعيدوا إلى فرنسا برجال أوفياء لحكومة فيشي.

ثم أصدر الجنرال بيتان أمراً عزل فيه الجنرال ميتلهاوز من منصبه، ثم استبدل المفوض السامي بيو بالسيد جاك شياب الذي لم يصل إلى دمشق بسبب سقوط طائرته في البحر. فأسرع المارشال بيتان إلى تعيين الجنرال دانتز مندوباً سامياً في سورية.

تمكنت حكومة فيشي نتيحة لهذه الاجراءات السريعة الحد أو إحباط تحرك الحلفاء في سورية، الأمر الذي أثبط عزيمة الحلفاء وثارت لديهم الشكوك حول جدوى المضي في تنفيذ خطة ضم او إعادة السيطرة على سورية.

ورغم ذلك  استمرت أوضاع قوات فيشي في سورية مضطربة، وكان عليها مواجهة اضطرابات البلاد المتواصلة وتحركات الوطنيين للقضاء على الانتداب، وكان عليها مواجهة أزمات البلاد الاقتصادية، كما كان عليها مواجهة النفوذ العسكري المتزايد لألمانيا، ومواجهة غزو بريطاني فرنسي محتمل لسورية. وكان أكثر من يؤثر في معنويات الجنود الفرنسيين، عدم قدرتهم على تصور الجندي الفرنسي يواجه الجندي الفرنسي بالسلاح.

التمهيد للسيطرة:

بدأ البريطانيون والديغوليون يمهدون لحملتهم العسكرية على سورية، بسلسلة التصريحات السياسية التي تؤكد العطف على تطلعات الشعب السوري نحو الاستقلال.

ففي العاشر من أيار عام 1941 أدلى أنتوني إيدن وزير الخارجية البريطاني بتصريح جاء فيه : (تؤكد حكومة صاحب الجلالة عطفها الكبير الذي تكنه لتطلعات الشعب السوري نحو الاستقلال).

وأبدي تشرشل رغبته بإعلان استقلال سورية ولبنان، واقترح أن يلقب خليفة المفوض السامي دانتز باسم :” الممثل العام لفرنسا”.

لكن الجنرال ديغول أعلن بأن “فرنسا الحرة التي ستخلف سلطات فيشي في سورية ولبنان، ستعلن عن استقلال هاتين الدولتين، ومع ذلك فإن فترة الانتداب لن تنهي إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها، وسيضمن هذا الوعد بالاستقلال بمعاهدة تحدد العلاقات المتبادلة بين فرنسا والمناطق الموضوعة تحت انتدابها”.

تحرك القوات البريطانية وفرنسا الحرة:

وفي الخامس والعشرين من أيار أنهت أركان الجنرال ويفل قائد القوات البريطانية في الشرق الخطط العسكرية اللازمة لغزو سورية بقوات مشتركة (بريطانية – فرنسية) تتألف من 35 ألف رجل يدخلون سورية على محورين: المحور الأول ويضم قوات فرنسة الحرة وقوات هندية وبريطانية مشتركة تتحرك من الحدود الفلسطينية والاردنية باتجاه دمشق، أما المحور الثاني فيساير الساحل باتجاه بيروت وتتحرك عليه الفرقة الاسترالية مدعومة بالاسطول البحري البريطاني، على أن تبدأ العمليات الحربية للمحورين خلال الأسبوع الأول من شهر حزيران عام 1941م.

  في الثامن من حزيران عام 1941 وقبيل إطلاق الحملة للسيطرة على سورية نداء أعلن فيه استقلال سورية.

وفي التاسع منه عبرت قوات بريطانية الحدود السورية – اللبنانية وبدأت أولى الاشتباكات.

وأصدرت الحكومة البريطانية بياناً لتبرير تدخلها في سورية قالت فيه “رغم الإنذار الذي وجهته حكومة صاحب الجلالة يوم الأول من تموز عام 1940 والذي أعلنت فيه بأنها لن تسمح بأن تكون سورية ولبنان عرضة للاحتلال، من قبل قوات أجنبية أو أن تستخدمان كقاعدة للعدوان. فإم حكومة فيشي ثابرت على سياسة التعاون مع قوى المحور. وقد وضعت القواعد الجوية السورية تحت تصرف ألمانيا ولا يمكن أن ينتظر أحد من حكومة صاحب الجلالة أن تتحمل مثل هذه التصرفات التي تتناقض بوقاحة مع التصريحات الأخيرة للمارشال بيتان التي قال فيها إن الشرف يمنع فرنسا من القيام بأي عمل معاد لحليفتها السابقة. لهذه الأسباب دخلت قوات فرنسا الحرة تساندها القوات البريطانية إلى سورةي صباح هذا اليوم”.

وردت حكومة فيشي على البيان البريطاني بنفي أي تعاون مع ألمانيا، وسلمت السفير الأميركي مذكرة لنقلها الى الحكومة البريطانية جاء فيها: (تود وزارة الخارجية الفرنسية لفت نظر الولايات المتحدة الأميركية إلى حقيقة عدم وجود أي تعاون فرنسي – ألماني في سورية، أما العتاد الجوي والعناصر الألمانية التي جاءت إلى سورية خلال أحداث العراق، فقد سحبت بكاملها عدا طائرتين أو ثلاث معطلة وحوالي عشرة رجال. وأن الحكومة الفرنسية مصصمة على الدفاع عن مناطقها وممتلكهاتها بكافة الوسائل والإمكانات المتوفرة لديها إذا ما تعرضت لأي هجوم، ونظراً للخطر الكامن حاليا نتيجة الموقف الحالي فإن الحكومة الفرنسية ستتجنب ،حتى وصول معلومات جديدة، اتخاذ أي تدابير يقود إلى تعقيد أو توسيع الصراع)(1).

دخول القوات البريطانية والديغولية دمشق:

دخلت القوات البريطانية والفرنسية بقيادة الجنرال كولييه دمشق في الحادي والعشرين من حزيران عام 1941م، وفي صباح هذا اليوم نشر خالد العظم رئيس الوزراء بياناً(2).

(تبلغت الحكومة الآن القرار الذي اتخذته السلطة الفرنسية بضرورة إخلاء الجيش الفيشي مدينة دمشق، وانسحب منها بصورة رسمية، وفي هذه الفترة، ربما تسمع طلقات نارية أو دوي مدافع مدة من الزمن، فعلى جميع الأهلين ان يحافظوا على سكينتهم وهدوئهم حتى يتم الامر، والحكومة ساهرة على تنفيذ ما اتخذته من القرارات والتدابير الكفيلة بحفظ الامن واستنبابه وراحة الاهلين).

وبعد ظهر ذلك اليوم دخلت قوات الحلفاء إلى دمشق بعد ان تقدم وفد من دمشق وحمل محافظ دمشق الممتازة علماً أبيضاً.

دخلت القوات ووصلت الى مبنى الحكومة واجتمعت قيادة القوات مع خالد العظم رئيس الحكومة(3).

وفي الثالث والعشرين من حزيران عام 1941 وصل كاترو الى دمشق، وفي اليوم التالي وصل إليها الجنرال ديغول الذي أصدر مرسومين الاول يقضي بتعيين الجنرال كاترو مفوضاً عاماً مطلق الصلاحية في المشرق، والثاني ويتضمن تحديد مهمام الجنرال كاترو.

وفي الثالث من تموز عام 1941 سقطت تدمر في أيدي البريطانيين، وفي السادس من تموز سقطت الدامور، وأصبح الجنرال دانتز مطوقاً من جميع الجهات، وصار محاصراً في حلب برتل بريطاني قادم من الفرات.

في الثاني عشر من تموز عام 1941 اقترح الجنرال دانتز وقف إطلاق النار، لكنه اشترط لبدء المفاوضات حصر المحادثات بينه وبين السلطات العسكرية البريطانية دون أي ممثل ديغولي إلا أن بريطانيا لم توافق.

وجرى توقيع اتفاق هدنة بين الجنرال دانتز وقوات الحلفاء في سورية في الرابع عشر من تموز عام 1941م، وبدأت قوات فيشي تتجمع في طرابلس، وفي السادس عشر من تموز دخل الجنرال كاترو والجنرال ويلسون مدينة بيروت التي اخلاها الفيشيون وانتهت بذلك المعارك.


(1) دافيه (ميشيل كرستيان)، المسألة السورية المزدوجة، صـ 193.

(2) بيان خالد العظم في 21 حزيران 1941م. يوسف الحكيم، صـ 319.

(3) صحيفة 1941- ساعة في دمشق بعد احتلالها


انظر:

صحيفة 1941 – الألمان يستولون على جميع مطارات سورية

صحيفة 1941 – الزحف في سوريا ولبنان .. وصف الحالة العسكرية والحالة السياسية

نداء الجنرال كاترو إلى السوريين واللبنانيين في حزيران عام 1941م

مرسوم الإفراج عن جميع المعتقلين في سجون دمشق

مرسوم تشكيل لجنة مساعدة منكوبي الحرب

صحيفة 1941- ساعة في دمشق بعد احتلالها


 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى