مقالات
مروان حبش: حرب حزيران 1967 – المقدمات والوقائع .. الوضع العربي
مروان حبش– التاريخ السوري المعاصر
المقدمات والوقائع
بعد انتهاء معارك حرب حزيران 1967، ووقف إطلاق النار، انطلقت أبواق الدعاية الصهيونية والطابور الخامس بالتنسيق مع الرجعية العربية، تشوّه الحقائق وتحاول دق إسفين بين الـ ج.ع.م، وسورية، وتعمل على تخريب العلاقات الودية بين القطرين، وكان كل ذلك معروفاً وواضحاً في أغراضه ومراميه، حتى لا يعـــود البلدان إلى التنسيق بينهما لإزالة آثار العدوان وتحرير الأرض المحتلة واستعادة الحقوق العربية المشروعة.
إن هزيمة 1967 قد أصبحت واقعاً تاريخياً في المجرى العام للصراع العربي – الصهيوني، وأن الهدف من الكتابة بشأنها هو أن بعض السياسيين والكتّاب العرب الملتزمين سياسياً درجوا بكل سذاجة وقدرية على إسقاط ما يحملونه من أفكار مسبقة في تصريحاتهم أو كتاباتهم على تحميل أسباب حرب حزيران إلى العمليات الفدائية، أو إلى تلك القيادة السياسية العربية أو غيرها، ولولا معرفتنا بهم، لقلنا وكأنهم بذلك يبرئون الصهيونية والولايات المتحدة الأميركية من مطامعهما وعدوانيتهما تجاه الوطن العربي، ولقد نشرت الكثير من الوثائق التي تكشف أسرارها، إلا أن بعضهم ما زال يجتر مواقفه رغم اعتراف الزعماء الصهاينة علناً بأن “إسرائيل” لم تكن تواجه أي تهديد مباشر لوجودها، وهي التي خططت ومهدت للعدوان بالتنسيق مع إدارة جونسون، وهي التي بدأت بالهجوم.
الوضع العربي
هدفت الحركات القومية العربية وكافحت لتحقيق تحرر وحرية ووحدة وطموحات الشعب العربي المشروعة وسيادته على أرضه وثرواته وترابه الوطني، ومن الطبيعي أن تتعارض هذه الأهداف مع مطامع القوى الاستعمارية، بكل أسمائها، وخاصة الاستعمار الصهيوني الاستيطاني، في وطننا العربي، ومنذ أن وصلت بعض هذه الحركات في بعض الأقطار العربية إلى السلطة بدأ التآمر للإطاحة بها بدءاً من سياسة الاحتواء إلى حياكة المؤامرات إلى العدوان العسكري المباشر. ومن الماضي القريب لا يغيب عن ذاكرتنا محاولات احتواء ثورة تموز في مصر لمنعها من دعم ثورة الجزائر والوقوف إلى جانب القضايا القومية وحركات التحرر في العالم، ولما فشلت تلك السياسة قطعت الولايات المتحدة عنها المعونات الغذائية وتمويل مشروع السد العالي، وكان الرد الوطني للثورة هو إعادة قناة السويس إلى السيادة الوطنية، واتخذت قوى الاستعمار البريطاني – الفرنسي بالتحالف مع الكيان الصهيوني من ذلك ذريعة لعدوانهم الثلاثي في 6 تشرين الأول 1956، كما أن المؤامرات على سورية ازدادت بعد هذا العدوان وكان مآلها الفشل رغم دقة حياكتها وتنسيقها مع بعض الأحداث الدولية ولا سيما الاعتداءات الصهيونية ورغم الأموال الباهظة “عربية وأجنبية” التي أُنفقت عليها.
كان أشهر هذه المؤامرات تلك التي عرفت باسم “ستون” رجل المخابرات في السفارة الأميركية في دمشق، واستُخدم فيها أديب الشيشكلي وإبراهيم الحسيني ووضِع تحت تصرفهما مبالغ كبيرة من الدولارات لشراء ذمم الضباط والسياسيين للقيام بانقلاب يطيح بحكومة التجمع الوطني ذات السياسة القومية والتحررية، المدعومة من حزب البعث ومن الجيش الذي يسيطر عليه الضباط التقدميون، وبعد فشل تلك المؤامرات، ظهرت فجأة، ودون مقدمات، أزمة على الحدود التركية – السورية, فكثرت التحرشات التركية بالرعايا السوريين وقطعت تركيا مياه نهر جغجغ وبدأت الدوريات التركية تتسلل إلى داخل سورية وتطلق النار على بعض القرى الحدودية، وأطلق بعض المسؤولين الأتراك تصريحات تدعي قلقهم من تفشي “الشيوعية ” في سورية وخطر ذلك على أمن بلادهم، وأنهم لن يسمحوا “للشيوعيين” المسيطرين على سورية بأن يطعنوهم من الخلف، وحشدوا جيشهم على الحدود بالتوازي مع ظهور الأسطول السادس الأميركي في المياه الإقليمية السورية، وكان الفشل مصير هذا التهديد، أيضاً، بفضل تعبئة الشعب والموقف العربي الشعبي والإنذار السوفييتي لتركيا والكيان الصهيوني بتعرضهما لتدخل عسكري سوفييتي في حال تعرض سورية لأي عدوان.
لقد توج المد القومي لثورة تموز وللشعب العربي في سورية بتحقيق الوحدة 1958، التي لاقت صدى كبيراً لدى الشعب العربي على امتداد الوطن الكبير، وفي الوقت نفسه أرعبت بعض الحكام العرب، مما دفع الملك سعود للعمل بكل الوسائل للحيلولة دون تنفيذها، ووضع مبالغ مالية كبيرة مقابل قيام بعض الضباط في سورية بحركة عسكرية تعرقل قيام الوحدة أو بإسقاط طائرة الرئيس ناصر وهو في طريقه إلى دمشق، أو بأية وسيلة أخرى لمنع الوحدة والتخلص من عبد الناصر.
كما أرعبت الوحدة الدوائر الاستعمارية والكيان الصهيوني، واستمر التآمر عليها حتى انتهى بالانقلاب الانفصالي في 28 أيلول 1961.
لقد وضع الرئيس عبد الناصر المصلحة القومية فوق كل اعتبار سواء أكان قطرياً أم قومياً، وتحول في خضم الأحداث التي واجهها ومعه مصر والأمة العربية إلى النموذج الوطني والاستقلالي الحر بين حركات التحرر في العالم، وفي هذه الفترة 1957، قبل الملك سعود بمبدأ أيزنهاور، ونجحت الإدارة الأميركية في ظل الضغوط على الرياض، في إبعادها سياسياً عن القاهرة، والتوصل لتقارب سعودي ـ هاشمي ( العراق والأردن ) وخروج المملكة السعودية عن الدائرة المصرية ـ السورية، وانقسام النظام العربي إلى معسكرين، أحدهما “ثوري” تقوده مصر والآخر “محافظ ” تقوده المملكة السعودية وتدعمه الولايات المتحدة.
ولا بد أن انتصار ثورة الجزائر وانتقالها بكل زخمها الثوري من المغرب إلى المشرق، وكذلك مجيء البعث إلى السلطة في سورية 1963، أدى إلى تعزيز المعسكر الثوري.
بدأ فيصل بن عبد العزيز بعد وصوله إلى الحكم عام 1964 يعمل على الحد من النفوذ “الثوري” في الأوساط الشعبية بعد أن أصبح يهدده حتى داخل النظام والأسرة المالكة، وظهور اضطرابات داخلية في أوساط العمال والجيش والموظفين.
أجرى الملك فيصل في 21 حزيران 1966 مباحثات في واشنطن مع الرئيس الأميركي جونسون، وبعد أن أوضح له بأن هناك “تيارات ومبادئ تهددنا” طلب منه ضمانات للأنظمة العربية التي ترتبط بأميركا.
ولمناسبة عيد العمال 1 أيار 1967، قال الرئيس ناصر في خطابه: (إن الأميركيين والإنكليز وجدوا في فيصل وحسين أحسن عميلين لهم).
وفي 4 أيار 1967 وصل الملك حسين بشكل مفاجئ إلى طهران، وقام بزيارة لقاعدة الحلف المركزي في الوقت الذي تشمل المنطقة العربية تحركات استعمارية مشبوهة.
كما قرر الملك حسين، والأزمة بين العرب و”إسرائيل” في ذروتها، قطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية، وترحيل الرعايا السوريين من الأردن، وحشْد قسم من جيشه على الحدود السورية، متخذاً من الانفجار الذي حصل في الرمثا يوم 21 أيار ذريعة لتصرفاته.
انظر:
بطاقة مروان حبش عضو المجلس الوطني للثورة عام 1965
مرسوم منع منح امتياز استثمار الثروة المعدنية والنفطية في سورية
قانون تشكيل المجلس الوطني للثورة وتسمية أعضائه عام 1965
انظر ايضاً:
مروان حبش: نشأة وتكون حزب البعث العربي (1)
مروان حبش: عصبة العمل القومي (2)
مروان حبش: الحزب القومي العربي (3)
مروان حبش: زكي الأرسوزي وتأسيس الحزب القومي العرب عام 1939 (4)
مروان حبش: تكون حلقة شباب البعث العربي 1942- 1943 (5)
مروان حبش: معارك حركة البعث 1943- 1947 (6)
مروان حبش: صدور جريدة البعث والمؤتمر التأسيسي عام 1947 (7)
مروان حبش: الدمج بين حزبي البعث العربي والعربي الاشتراكي (8)
مروان حبش: دمج الحزبين وزواج لم يُعمِّر (9)
مروان حبش: قضية البعث وحسني الزعيم (10)
مروان حبش: قضية الضابط داود عويس (11)
مروان حبش: قضية انسحاب جلال السيد من حزب البعث (12)
مروان حبش: البعث والقيادة القومية (13)
مروان حبش:البعث والانقلاب على نظام حكم الشيشكلي (14)
مروان حبش: البعث والانتخابات النيابية عام 1954 (15)
مروان حبش: البعث وانتخاب القوتلي لرئاسة الجمهورية عام 1955(16)
مروان حبش: السير نحو الوحدة (17)
مروان حبش: حل حزب البعث عام 1958 (18)
مروان حبش: أزمات حزب البعث بعد الوحدة (19)
مروان حبش: حل حزب البعث عام 1958 وكلمة ميشيل عفلق (20)
مروان حبش: استقالة الوزراء السوريين في عهد الوحدة (21)
مروان حبش : إنقلاب الانفصال 28 أيلول 1961 (22)
مروان حبش: إنقلاب 28 آذار 1962 (23)
مروان حبش: مؤتمر شتورا عام 1962 (24)
مروان حبش: عصيان كتلة النحلاوي العسكرية 1963 (25)
مروان حبش: انقلاب 8 آذار 1963(26)
مروان حبش: المحادثات من أجل الوحدة عام 1963 (27)
مروان حبش: ما بين اللجنة العسكرية واللواء زياد الحريري (28)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الدواعي والأسباب – المقدمة (29)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الحزب في السلطة (30)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. سقوط حكم حزب البعث في العراق (31)
مروان حبش: بعد سقوط حكم حزب البعث في العراق 1964 (32)
مروان حبش: أزمات ما بعد المؤتمر القومي السابع لحزب البعث 1964 (33)
مروان حبش: المؤتمر القومي الثامن لحزب البعث عام 1965 (34)
مروان حبش: خلاف على مفهوم ودور الحزب والسلطة عام 1965 (35)
مروان حبش: شرخ في القيادة القطرية وبين القيادتين (36)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. انفجار الأزمة (37)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. رؤية القيادة القطرية المؤقتة للمستقبل (38)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. دواعي التفكير بالعمل العسكري (39)
مروان حبش: حركة 23 شباط .. انتصار منطق الحسم العسكري وتنفيذ الحركة (40)
مروان حبش: حزب البعث بعد حركة 23 شباط وحتى المؤتمر القومي التاسع (41)
مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – المقدمات (42)
مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – التنظيم العسكري السري (43)
مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – احتجاز وفد القيادة في السويداء (44)
مروان حبش: الشركة النفطية التي كانت تتدخل لإسقاط وتعيين حكومات
مروان حبش: حول اللجنة العسكرية
مروان حبش: استثمار النفط وطنياً .. بترول العرب للعرب