You dont have javascript enabled! Please enable it!
مختارات من الكتب

مروان حبش: البعث والانتخابات النيابية عام 1954

من كتاب البعث وثورة آذار (15)

مروان حبش: البعث والانتخابات النيابية عام 1954 (15)


   أدرك البعثيون الشرك الذي سقطوا فيه بعد تشكيل وزارة صبري العسلي، وأنهم سلموا مقاليد البلاد لحكومة رجعية لها ارتباطاتها بالمخطط السعيدي – البريطاني، كما أدركوا التناقض بين واقع الحكومة وبرلمانها الذي لحزب الشعب فيه الكتلة الأكبر وبين قوة الشارع والجيش وهي للبعث والقوى التقدمية، وتبلور ذلك باعتقال الضباط المسرحين الذين دخلوا البلاد من العراق وحاولوا استغلال الانقلاب لصالح القوى التي كانوا يعملون لحسابها “حزب الشعب وبعض عناصر من الحزب الوطني، والمخابرات البريطانية وحكومة نوري السعيد”، لذلك بدأ البعثيون، بعد تراجع الأستاذ ميشيل عفلق عن موقفه السابق، الضغط لإعادة النظر في التشكيلة الوزارية وأن يتقاسم البعثيون والشعبيون والوطنيون مقاعد وزارية بالتساوي.

بدأ البعثيون نشاطهم لإسقاط حكومة العسلي وكانت المظاهرات الطلابية هي بداية هذا النشاط، وتعرضت المظاهرة الحاشدة التي حاولت اقتحام مبنى البرلمان إلى إطلاق الرصاص من حراس المجلس الذين كانوا يرابطون على سطح المبنى.
وبتاريخ 6/5/54 دعا فرع الحزب في دمشق أعضاءه لاجتماع سياسي كبير عرضت فيه قيادة البعث خطورة المرحلة وموقف الحزب من الأحداث التي تتعرض لها البلاد وعن الانحراف الخطير في الحكم، هذا الانحراف الذي تم على يد الحزبَيْن الحاكمين، وعرض الأستاذ صلاح البيطار الموقف السياسي ورأي الحزب من الحكومة الحاضرة التي انحرفت عن الميثاق الشعبي انحرافاً خطيراً واستسلمت لأساليب الحكم الرجعي، وأخذت تلوِّح بالقضاء على الحريات تمهيداً لمعركة الانتخابات التي لا تريدها حرة نزيهة، وحمَّل حزب الشعب مسؤولية إدخال البلاد في هذا الطريق المحفوف بالأخطار من قاعدة من يملك الصلاحية يحمل المسؤولية… وطالب بتنحية الحكومة عن الحكم وأن توفر على البلاد تجارب جديدة أليمة وعهوداً مظلمة وذلك بقيام حكومة تُطَمئِن الناخبين إلى أنهم سيكونون أحرراً في اختيار العهد المقبل. (نضال البعث. ج2. ص243)

كما بذل الأستاذ كمال جنبلاط جهداً كبيراً مع قادة حزب الشعب لإقناعهم بضرورة وجود حزب البعث في الوزارة، وقام الأستاذ جلال السيد بعد خروجه من المعتقل بمسعى لدخول البعثيين الوزارة، وبَيَّن لقادة حزبي الشعب والوطني المخاطر التي ستواجهها الحكومة والبلاد إذا لم يدخلها البعثيون.

نجحت هذه الضغوط والمساعي، واتُفِق على أن يكون لكل حزب ثلاث وزارات، ولكنهم “الشعب والوطني” نكثوا بالاتفاق وتذرع قادة حزب الشعب بأن الحزب الوطني رفض أن يتخلى عن أي وزارة من الوزارات المخصصة له، وحاولوا تلطيف الأجواء مع حزب البعث بأنه بعد أشهر قليلة سيتم استبدال هذه الوزارة بوزارة أخرى تشرف على الانتخابات، وبهذه الوزارة القادمة ستتحقق الصيغة المتفق عليها.

لم تستمر وزارة العسلي في الحكم إلاّ حوالى ثلاثة أشهر، كما انتهى التحالف الذي كان قائماً بين حزبي الشعب والوطني لأسباب عدّة وفي مقدمتها المجزرة الدموية التي ارتكبها بحق بعضهما أنصار الحزبين في حي النيرب في حلب في الأسبوع الأول من الشهر السادس.

بدأت مشاورات أولية في القصر الجمهوري لتشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس حزب الشعب رشدي الكيخيا، وكان توجُهُ الكيخيا في التشكيلة الوزارية الجديدة التي ستشرف على الانتخابات بأن تكون الوزارة حيادية، مع التوجه بأن تضم، أيضاً، وزيراً واحداً عن كل من الأحزاب الثلاثة شريطة أن يختار، هو، الوزير عن كل حزب بغية تحقيق الانسجام في الوزارة.
رفض قادة البعث، بعد أن استمعوا من الأستاذ جلال السيد إلى ما دار بينه وبين السيد رئيس الجمهورية والسيد رشدي الكيخيا، الدخول في التشكيلة الوزارية وفق الشروط الموضوعة، وما كان من السيد الكيخيا إلا أن اعتذر عن المضي في المهمة التي كُلف بها.

وعلى ضوء اعتذار السيد الكيخيا، أبدى الأستاذ ميشيل عفلق، في اجتماع للقيادة، خشيته من انفراد حزب الشعب وحده بتأليف الوزارة وما سيترتب على ذلك من مخاطر، لذلك كرّس مفاوضا البعث “عفلق والحوراني”جهدهما كي تكون الوزارة حيادية بكامل أعضائها.

تكلل هذا الجهد بالظفر، وتشكلت وزارة حيادية برئاسة الأستاذ سعيد الغزي، كما اقترح المفاوضان البعثيان أكثرية أسماء الوزراء الذين نالوا الاستحسان من رئيس الجمهورية ومن مفاوضي الحزبين الآخرين. وصدر المرسوم الجمهوري بتأليفها بتاريخ 19/6/ 1954، وصرح رئيسها أمام المجلس النيابي بأن الغاية الأساسية لهذه الحكومة هي إجراء الانتخابات بأقصى سرعة ممكنة، وفي منتهى حدود الحياد المطلق والنزاهة الشاملة وتطبيق الأحكام القانونية على الجميع بالمساواة.

مع بدء إصدار التعليمات والتوجيهات اللازمة لتحقيق النزاهة والحياد في الانتخابات، ومع بداية اجتماع قيادات الأحزاب لتسمية مرشحيها، بدأت الشائعات عن نية الجيش في التدخل لصالح مرشحي البعث، وعن مقاطعة حزب الشعب لهذه الانتخابات.
في هذه الأجواء اجتمعت قيادة حزب البعث مع هيئة القيادة (ممثلون عن قيادات فروع الحزب + رؤساء بعض مكاتب القيادة) يوم 31/7/1954 لمناقشة الأسس المطلوبة في تسمية المرشحين، وموضوع تدخل الجيش في الانتخابات، وموضوع عودة شكري القوتلي إلى البلاد من منفاه الاختياري، وموضوع مقاطعة حزب الشعب للانتخابات.

ومما قاله الأساتذة الثلاثة في هذا الاجتماع*، لأن المتكلمين الآخرين لم يتعدوا في أحاديثهم عن توجيه أسئلة للقيادة.
الأستاذ صلاح البيطار:
إن غاية هذا الاجتماع هي أولاً البحث في موقف حزب الشعب من الانتخابات، والثاني البحث في الترشيحات الحزبية.
أما الموضوع الأول، فقد تشكلت الحكومة الحيادية بموافقة الأحزاب. وقد قدر رجال الحزبين أن الحكومة الحيادية لا بد وأن تسير في ركابهما. ونحن وإن كنا لا نعتقد بأن هذه الحكومة يمكن أن تسمى حيادية بالمعنى الصحيح لأنكم تعلمون الملابسات والظروف الداخلية والخارجية التي تؤثر فيها، وأن التشكيلات الإدارية التي قامت بها هذه الحكومة، كانت غاية الحكومة منها خلق شيء جديد، ولكنها أحدثت أزمةً، وغضب حزب الشعب منها، وعلى الأخص محافظ حمص، وهذا يعني أن حزب الشعب شعر بأن نَفَس الحكومة لا يلائمه، وأن هذه الحكومة لن تسير في ركابه لذلك فقد أشاعوا أن الجيش يتدخل. ولما سألناهم عن ذلك وطلبنا الأدلة كانت الأشياء التي ذكروها غير صحيحة، مثال ذلك قضية مصطفى حمدون.

وكذلك أشاعوا عن العقيد المالكي أنه يدور الغوطة من قرية إلى قرية للدعاية للحزب، ولكن سعيد حيدر قال بأني تقصيت الخبر، فوجدت أن العقيد المالكي لم يزر أي قرية.

هذه حجج وادعاءات يأتون بها لتبرير فشلهم، ومن المعلوم أن هناك نقمة على حزب الشعب أكثر من الحزب الوطني، ومن المدنيين أكثر من العسكريين، وأن مرشحي حزب الشعب في دمشق مثلاً هم فاشلون، لذلك فقد دعوا إلى المقاطعة مع رشدي الكيخيا الذي يؤثر امتناعه عن الترشيح على إضعاف مرشحي حلب.
بالإضافة إلى ذلك هناك قضية عودة شكري القوتلي، وكان رأي الجيش أن يؤخر القوتلي عودته مدة عشرين يوماً، وتبنّى رئيس الحكومة هذا الرأي.

وما حدث حتى الآن هو مقاطعة حزب الشعب للانتخابات، أما الحزب الوطني فما زال يدرس الموقف، ونستطيع معرفة الرأي الأخير لهذا الحزب لأنهم منقسمون، فبعضهم يريد دخول المعركة والبعض الآخر يريد المقاطعة. هذا هو السبب الذي دعونا من أجله هيئة القيادة.

الأستاذ أكرم الحوراني:
يجب بحث الموضوع بشكل كامل، وأعتقد أن المفتاح كحل وإعطاء صورة واضحة عن مجريات السياسة قبل أديب الشيشكلي حتى الآن هو الاتفاق المصري الإنكليزي الأخير، وهو نتيجة خطة مدروسة كانت على بساط البحث منذ مؤتمر واشنطن. وأعتقد أن خطة الغربيين بالنسبة إلى الشرق الأوسط مقررة قبل عهد أديب الشيشكلي، ولاحظتم قبل انقلاب أديب الشيشكلي أن هناك تصريحاً لأديب الشيشكلي نشر في جريدة “السوري” يثني فيه على شكري القوتلي، وكذلك تنشر برقيات بتعزية شكري القوتلي وطلب عودته من قبل رجال مسؤولين كهاشم الأتاسي وعدنان الأتاسي  وفيضي الأتاسي.
إن تعليقي على هذا الموضوع هو أن الحكم المصري بعد الاتفاق المصري- البريطاني سيتم دعمه، وهو يعطي برهاناً على أن الغربيين سيدعمون الحكم في مصر. أما في سورية فالوضع الأمثل في رأي الغربيين هو أن يقوم حكم مدني يؤيده الجيش، ولذلك يجب خلاص الجيش من عناصره التقدمية. وقد مهدوا لذلك قبل الانقلاب الذي قام به أديب الشيشكلي، وهذا شيء بُلِّغ إلى مسؤول في الحكومة السورية بأن عودة شكري القوتلي مؤيدة من قبل الأميركان والإنكليز والفرنسيين.

إن الحكومة التي تألفت بعد أديب الشيشكلي،حكومة العسلي، استهدفت أمرين:
القضاء على الحزب ضمن الجيش وإضعافه في الشعب، وكانوا يذهبون إلى التخلص من الضباط التقدميين بالتسريح والإبعاد، ولكن الظروف لم تساعدهم، فالشعب قاوم حكمهم، وكذلك خافوا من الجيش.
وقضية محمد صفا دليل على ذلك، لأن هذه القضية عبارة عن انقلاب علينا وعلى الجيش لصالح شكري القوتلي بالاتفاق مع عدنان الأتاسي الذي يؤيد الهاشميين ومع أمين رويحة الذي يتكلم بلسان المحور السعودي.
وقد أخفقت خطة الحزبين الحاكمين، وكان ذلك السبب في انسحابهم من الحكومة، وقد قامت الحكومة الحيادية بموافقتهم الظاهرية، أما في الباطن فكانوا غير موافقين.

بعد الحكومة الحيادية بدؤوا بعملية شعبية وهي الضغط بطلب عودة شكري القوتلي كي يلملموا شتات الرجعية عن طريق الانتخابات إذا أمكن، وإن لم يقدروا عن طريق الانتخابات فبإحداث أزمة في الحكم، وقد وقف الجيش من ذلك موقفاً هادئاً، أما حالياً فإن الاندفاع الشعبي قد كان أكثر مما ننتظر وهو سيؤدي إلى هزيمة الأقوياء من حزبي الشعب والوطني في الانتخابات. لذلك فالقضية تنحصر في أمرين:

أولهما: تأجيل الانتخابات وعودة شكري القوتلي كي يستعيدوا قواهم، وكان هذا الاتجاه مؤيداً من قبل الشعبيين. أما بالنسبة للوطنيين فالذي دعاه للتريث هو أمله بتسجيل بعض النجاح بعد انسحاب حزب الشعب. ورأيي أن الحزب الوطني سينسحب بسبب الضغط الخارجي.

أما مصلحة الحزب فهي أن تتأخر عودة شكري القوتلي إلى ما بعد الانتخابات، لأن وجهة نظر الحزب إذا جرت الانتخابات في موعدها وضمن قوة انتخابية في المجلس فسيكون ظفراً كبيراً لإحباط المؤامرات جميعاً.

ثانيهما: هو إضراب القضاة لإحداث بلبلة تدفع إلى تدخل الجيش كي تقع البلاد في الفخ الذي نصبوه، وإذا كان بالإمكان التغلب على الصعوبات الخارجية لتهديم البلاد يكون ذلك بإشراك الحزب الوطني.
ويترتب على ذلك أن يكون موقف الحزب موقفاً إيجابياً،كمنع عملية استمرار إضراب القضاة، ومنع التوتر لخلق جو مطمئن، وأرى الابتعاد عن العنف وتأزيم الوضع.
أما الناحية المهمة فعلى القيادة بما أوتيت من قوة أن تُبعد الجيش عن استلام الحكم.
وكانت أجوبة الأستاذ الحوراني على بعض الأسئلة هي:
– في حالة مقاطعة الحزبين فالخطر هو أن لا تبقى الحكومة، لأن الحكومة تقول بأنها مفوضة من ثلاثة أحزاب، فإذا قاطع حزبان فهي ستترك الحكم.
– يوافق حزب الشعب على عودة القوتلي لأن حزب الشعب متفق عملياً مع الحزب الوطني، أما ظاهرياً فلا.
– ظاهراً إن هناك تركيزاً من السعوديين ضد حزب الشعب، ولكن التركيز الفعلي هو على حزبنا.
– إن اتفاق الحزبين ( الشعب والوطني ) على عودة القوتلي لأنه بنظرهم هو أصلح الجميع فيما إذا تخلصوا من عناصر المقاومة في الجيش لكي يحكم شكري البلاد حكماً مدنياً عسكرياً.
– إن كثيراً من جماعة حركة التحرير مرتبطون بفرنسا التي هي متفقة مع بريطانيا وأميركا.
– ليس للحكومة الحيادية ارتباطات خارجية، وأن الذي يزيد من إيمانها بالحياد هو طموح رئيسها إلى رئاسة الجمهورية.
– إن الحزب الوطني يرى أن الفرصة قد سنحت له بعد مقاطعة حزب الشعب، ولكن الضغط الخارجي هو الذي يدفعه إلى التشبث بأشياء تافهة كعودة القوتلي.

الأستاذ ميشيل عفلق:
كان حزبنا قانعاً كل القناعة بأنه يجب أن يقوم في البلاد عهد ديمقراطي بالقدر الممكن وأن نساعد عليه مهما كانت التضحيات. ولكن الحزب فوجئ بمؤامرة من الحزبَيْن الآخرين قد تكون واعية وقد يكون فيها بعض الوعي والكثير من الغباوة والخضوع للمصالح الآنية. فمن الناحية الموضوعية لا شك أن الحزبَيْن أجرما أكبر إجرام وخربا الوضع الذي كانت البلاد مستعدة لقبوله وهو الوضع الديمقراطي نسبياً ونتج عن تهافتهما على الحكم أنهما وضعا خطة لتطهير الجيش لمصلحتهما لأنهما لا يفهمان من ابتعاد الجيش عن السياسة إلاَ أن يكون مؤتمراً بأمرهما. وهذا يعني، بما أن هذا النوع من السياسيين ليست لهم عقيدة وليس لديهم حرص على المصلحة الوطنية فهم يريدون التخلص من العناصر المخلصة في الجيش كي يبقى الجيش من المرتزقة والجبناء.

إذاً ففي الوقت نفسه الذي يتعرض فيه حزبنا لحرب كاسحة في أوساط الشعب، تعرضت العناصر الوطنية في الجيش لمؤامرة من قبلهم ولتهديد لوجودها وحياتها. وقد وقع حزبنا في ارتباك نتيجة لهذه الحالة لأن حزبنا حريص على أن يظل أميناً لسياسته وشعاراته لاقتناعه بأن كل تدخل عسكري في بلادنا (أي في شؤون الحكم) لا يتأخر مدة طويلة حتى يتحول إلى أداة للاستعمار مهما كانت عناصره نظيفة. هذه القناعة جعلتنا نقف مكتوفي الأيدي تجاه مؤامرة حكم ما بعد الانقلاب على العناصر التقدمية في الجيش، وصرنا نقنعها بأن هذا الأذى مؤقت وعليهم أن يتحملوه في سبيل مصلحة البلاد. والواقع أن بعض هذه المساعي أثمرت بأن هدّأت بعض التهدئة أعصاب الضباط المهددين، وفي ذلك كثير من الواقعية لأن حزبنا إذا لم يسندهم فلا يستطيعون أن ينجحوا، إلى أن تراكمت أخطاء حكومة العسلي وظهرت مؤامرة محمد صفا الذي ألقي القبض عليه يوم تشكيل الحكومة الحيادية، فكانت عملية في منتهى البراعة، رفعت كل تهديد يقع على العناصر التقدمية في الجيش.

فنحن اعتبرنا أن هذه المسؤولية كانت مترتبة علينا والتي لم نكن نجد لها مخرجاً، فلا نستطيع أن نناصر هذه العناصر الطيبة في الجيش ولا أن نقف ضدها، وفي تقديري أن موقف هذه العناصر تحسّن في الجيش فنتج عنه أن الحكومة الحيادية شعرت بهذه القوة الموجودة إلى حد أنها حسبت لها حساباً وكانت على تفاهم معها.

وكذلك فإن الجهات العربية والأجنبية التي كانت تتصل في الجيش، وجدت أن القوة في الجيش أصبحت بيد العناصر التقدمية ولذلك اتجهت نحوها، وبذلك صارت الحكومة والأركان موضوع اتصالات لم يقصدوا إليها.

هنا على ما أعتقد صار شيء من غرور السلطة سواء عند الحكومة أم عند الأركان بشكل بطيء، في حين كنّا ننتظر أن مجرد سلامة العناصر التقدمية في الجيش يريحنا، وأن هذا التهور وهذا الغرور حصل سواء من جهة الأركان أم من جهة الحكومة. وهنا يجب أن نتبيّن أن التهور ظاهره التأييد لنا وحقيقته تأييد لغيرنا.

تكلمت منذ أشهر مع بعض الإخوان في الحزب بأن السياسة الجديدة هي إنجاح عدد كبير من المستقلين. إذاً ظهر لي أن الأركان مطلوب منها أن تكون أكثرية المجلس من المستقلين الضعفاء قابلين للشراء والسير في الركاب ومنهم حركة التحرير.
هذا العطف علينا الذي أكثريته كلام، لو أنه كان جدياً، كان يفرض على القائمين عليه أن يتكلموا، ولكني أرى أن سياسة الجيش إما موصى عليها، وإما من ذاته، هي مكافحة حزب الشعب. ومن أجل ذلك لا بد لهم من الاستناد إلى أحزاب أخرى.

لذلك فقد اتصلوا بالحزب (حزب الشعب) أكثر مما اتصلوا بنا وأطمعوه بـ 35 نائباً وكنّا نحن على الهامش.
ولكي ينجحوا في خطتهم حاولوا أن يضمنوا سكوت حزبنا لكي يبقى حزب الشعب وحده أمامهم، ونحن لا نفرق عندنا بين جميع المرشحين للانتخابات سواء أكانوا مستقلين أم حركة تحرير أو حزب وطني أو حزب شعب. وإن حصول حزبنا على عدد قليل في الانتخابات هو كسب لا شك فيه، وفيه دفعة إلى الأمام لأنه سيصل إلى ذلك بنتيجة نضاله.

هناك فرق بين أن يصل هذا العدد من حزبنا بنضاله أو أن يصل موصوماً بوصمة تدخل الجيش. وقد حصل هذا المحذور. وتفسيري لهذا المحذور هو أن سياسة الجيش ليست بريئة كل البراءة من الاتصالات الخارجية.
ومن ناحية أخرى فهو أن حزبنا من المؤسف غير منظم، هذا عدا عن المشكلات الداخلية المتناثرة هنا وهناك. فلو أننا تريثنا أكثر من ذلك وقلنا بأن تنظيم الحزب أجدى أكثر من أي شيء آخر، لكنّا غيّرنا كثيراً من أساليبنا في الدعاية والسلوك و لكان تأثيرنا على الفئة التي تناصرنا أقوى وأشد. نتج عن ذلك أن هناك بعض أنصارنا متورطون، ومن جهة أخرى هناك كلام وأحاديث وتصاريح كنّا في غنى عنها.

وكان يمكن بهذه الأساليب المنظمة أن يرفع أصدقاؤنا في الجيش الضغط عن الناخبين، ولو أجزنا هذا الإيحاء البسيط لكان يجب أن يجري بمنتهى اللباقة.

وماذا ننتظر من خصومنا سوى التضخيم، وسوى الإشاعات والأقوال الكثيرة، أما الحكومة فالأشياء التي أجرتها ليس فيها شيء يذكر لمصلحة الحزب. و رغم ذلك فقد كان اجتهادنا بأن مجرد ابتعاد الحزْبَيْن عن الحكم يُكسبنا. إلا أن هذه الحكومة وصِمت بوصمتين: أولاً، وصمة الضعف، وثانياً، وصمة الانصياع لتوجيه الجيش.
ويظهر أنه ليس لهذه الحكومة عمر طويل. فإذا قدرنا أن نقنع الجيش بتغيير أسلوبه، وكذلك إذا بقي الحزب الوطني إيجابياً مع الانتخابات فلن تكون لمقاطعة حزب الشعب أية قيمة. ولكن إذا سقطت الحكومة فيعني ذلك أننا قد فشلنا تجاه هؤلاء وإني لأتساءل لماذا وصلنا إلى هذا الحد؟

وكان من الطبيعي أن يكون حزب الشعب أقرب لنا من الحزب الوطني. إن التفريق ضروري بين حزب الشعب والحزب الوطني.
يجب ألاّ نتجاهل المصلحة المؤقتة للحزب في هذا الظرف و إمكان الاستفادة منه. والوقوف موقف الاعتدال حيث لا نضطر بعد الانتخابات إلى رمي التهم. إن المجلس المقبل لن يكون أكثر فاعلية من المجالس السابقة.
ولكن ما هو موقف الوسط المعتدل الذي لا يُلجئ الحزب إلى التناقض فيما بعد؟ قد يكون الجيش متبنياً لسياسة أجنبية قد تكون ملطفة لوجود عناصر مخلصة. إذاً عندنا نقطتان:

الأولى: أن نحسب حساب المستقبل وأن نحاول بقدر الإمكان توفير الانسجام في موقف الحزب بين الحاضر والمستقبل القريب.
الثانية: المساعي الفعلية لدى الجيش والحكومة للتخفيف من الانجراف مع السياسة الأجنبية، وهذه لها دلالتها، إنْ في التشكيلات أو سواها.

وإذا كان الظرف إلى حد ما إيجابياً بالنسبة للحزب، فهو أكثر إيجابية بالنسبة لأشخاص آخرين مكلفين بتنفيذ سياسة أجنبية.
إن مجال المساعي موجود للتخفيف من مساوئ الارتباطات والاتصالات، ولا يجوز الانتقال المفاجئ بين خطة الحزب المعبرة عن حاجة عميقة في البلاد وأهمها نزاهة الانتخابات. وعندما تصبح مراعاة للحزب على حساب النزاهة تتقدم المطالبة بالنزاهة.

الأستاذ أكرم: لا مراعاة. موقف الحكومة وموقف الجيش ضد الحزب.

الأستاذ ميشيل: مراعاة موهومة في ذهن الحزب.

الأستاذ أكرم: الحكومة تراعي الجانب الآخر. مثال التشكيلات.

الأستاذ صلاح: الوهم عند شباب الحزب وخطر ذلك ناشئ عن قصور الحزب في الدعاية. شباب الحزب يصدق أن هناك اتصالاً بين الحزب والضباط في الانتخابات، مثل اتصال كمال مشارقة في حادث المرفأ وارتكابه أشياء كثيرة. و الرأي أنه لا يجوز السكوت عن هذه الدعايات بل وتصديقها.

الأستاذ ميشيل: صحيح أن للجيش سياسة عامة وأخرى خاصة. هل نحن ساكتون أم لا؟

الأستاذ صلاح: نعم نحن ساكتون.

الأستاذ ميشيل: السكوت غير جائز وسوف نطالب بثمن هذا السكوت.

الأستاذ صلاح: الجيش والحكومة هدف لكل الجهات. ضعف رئيس الأركان. وضعف الحكومة. الرأي: هو الحؤول دون تدفق الأموال وسواه.

الأستاذ ميشيل: أكرم يقول إن الانتخابات لن يجري مثلها من حيث النزاهة.

الأستاذ أكرم: مثل عن عطف الحكومة على الحزب.                                                

الأستاذ ميشيل: الحكومة تعطف على أعداء الحزب.

الأستاذ أكرم: لا عطف على الحزب.

الأستاذ ميشيل: هل هذه الانتخابات نزيهة فعلاً أم كسواها؟

الأستاذ أكرم: هل الحكومة تراعي جانباً لنقول لها لا نريد هذا العطف؟ هل هناك تدخل من قبل الجيش في منطقة ما لصالح الحزب؟

الأستاذ صلاح: عصام المحايري يقول إن ضابطاً كبيراً قال له أن لا يرشح نفسه.

الأستاذ أكرم: ننتهي أن لا الحكومة ولا الجيش يعاوناننا. ما هو موقف الحكومة من التغييرات في زمن حزب الشعب؟ كيف نهاجم الحكومة إن لم نقنع بأشياء نهاجم منها؟ كان حادث واحد: موقف الحكومة من عمال المرفأ. وهذا يزيل كل الدعايات المغرضة. ليس للحكومة أي صبغة خارجية. يُمارس على الجيش ضغط من قبل الدول العربية ومن قبل الدول الأجنبية لعودة شكري القوتلي. ويجب أن يقابل هذا من قِبلنا بتوجيه أن لا يخضع الجيش لهذا الضغط. أما رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، لن يسمح بمس أي موقف إذا كان لصالح حزب الشعب. علينا أن نلح بعدم تدخل الجيش قطعياً وأن نضغط ليثبت أمام الضغط الخارجي. قناعتي أنه إذا استمرينا في الإلحاح لعدم تدخل الجيش فستكون الانتخابات أنزه بكثير من سواها، وكذلك الجيش فإن تدخله لا يعدو التصاريح.

وقدم الأستاذ عبد الفتاح الزلط في الاجتماع ما قاله وزير الداخلية إسماعيل قولي في مقابلة بينهما:
1 – أن حزب الشعب رغم بدئه بالأزمة فهو يريد بناء الحكومة.
2 – مساعي من رشدي الكيخيا لعدم إقدام الحزب الوطني على المقاطعة.
3 – صفوف الحزب الوطني مضعضعة وليس لديهم معلومات عنه.
وعلى ضوء هذا العرض تساءل الزلط:
هل ستجري الانتخابات في 20/8 وتستقيل الوزارة؟
هل سيخوض الحزب الوطني المعركة؟
هل سينهي القضاة إضرابهم؟

في حال اتخذ الحزب الوطني المقاطعة، فأمام الحكومة موقفان: إما أن تستقيل، أو تؤجل الانتخابات. وهل ستستقيل الحكومة فوراً بعد مقاطعة الحزب الوطني أو تستمر؟.

الأستاذ أكرم: الجواب الطبيعي أن تستقيل، وهم يتحملون موقفهم.

الأستاذ صلاح: نقرر نتيجة هذه الإشاعات ضد الحزب هناك تبلبل في ذهن بعض الأعضاء بأن الجيش و الحكومة في جانبنا. وهذا وهمٌ يجب محاربته وناتج عن سكوت الجريدة ومسؤولية جهاز الدعاية.

الأستاذ أكرم: يجب إعلان أسماء المرشحين بصورة مستعجلة. وأقترح:
– أن يكون موقف الحزب إيجابياً كمنع استمرار إضراب القضاة وجر الحزب الوطني إلى عدم المقاطعة.
– إيجاد جو من الاطمئنان وعدم تأزيم الوضع.
– على القيادة بما أوتيت من قوة أن تبعد الجيش عن استلام الحكم.
– محاولة تأخير عودة شكري القوتلي.

انتهى نص محضر الاجتماع، وهو محضر لم يُنشر من قبل.

و لابد من إلقاء الضوء على بعض المواضيع التي ناقشها المجتمعون:
1 – موضوع مقاطعة حزب الشعب للانتخابات: فوجئ الوسط السياسي بإعلان حزب الشعب عن امتناع أعضائه الترشيح للانتخابات، وأشاع أن أسباب هذا الموقف تعود إلى نية الجيش التدخل ضد مرشحي حزبهم وعدم التزام بعض الضباط ذوي الميول الحزبية بعدم تدخل الجيش بالسياسة.
أدرك البعثيون وغيرهم هدف تلك المناورة التي يقوم بها حزب الشعب، وأنها ترمي إلى:
– المساومة على تأمين حد أدنى من المقاعد في المجلس القادم.
– الضغط على الجيش لإيقاف التحقيقات في مؤامرة العقيد محمد صفا.
– الضغط لعودة شكري القوتلي إلى البلاد قبل الانتخابات.
– العمل لإسقاط حكومة سعيد الغزي الحيادية.

ولتحقيق بعض هذه الأهداف، وبدعم مطلق من الرئيس هاشم الأتاسي، طلب الرئيس من رئيس الوزراء تأجيل آخر موعد لتقديم طلبات الترشيح من 5 آب إلى 10 أيلول، تحت التهديد باستقالته من الرئاسة، وتعريض البلاد إلى فراغ دستوري إذا لم تنفذ رغبته، مع احتمالات استلام الجيش الحكم.

استجابت الحكومة لطلب رئيس الجمهورية وبذلك أخذ حزب الشعب الفرصة الكافية كي يعود عن قرار المقاطعة، وهذا ما حصل بالفعل.

2 – موضوع إضراب القضاة: أراد حزب الشعب تفجير الأزمات أمام الحكومة الحيادية، فأوعز إلى أنصاره في مجلس القضاء الأعلى تحريك القضاة للإضراب بذريعة رفع رواتبهم، وكان من بين المضربين القضاة المكلفون بالبت في الدعاوى المقدمة من قبل المرشحين المرفوضة ترشيحاتهم، وكان هذا الأمر، أيضاً، من ذرائع تأجيل موعد قبول طلبات الترشيح، حتى لا يحرم المعترضون من ترشيح أنفسهم.

3 – موضوع عودة شكري القوتلي: كانت القوى التقدمية في سورية، وبعض ضباط قيادة الجيش، وبعض قياديي الحزب الوطني، يريدون تأخير عودة القوتلي إلى ما بعد الانتخابات حتى لا يلعب دوراً في تكتل القوى الرجعية، ولكن جهودهم فشلت، وكانت عودته قد ترافقت مع إشاعات وأقاويل عن نية حزب الشعب بالتراجع عن قراره بمقاطعة الانتخابات.
في خضم هذه المناورات، وجلّها موجه ضد حزب البعث، شعر البعثيون، وخاصة العسكريون منهم بالغبن الذي تحاول القوى الأخرى إيقاعه بحزب البعث وهو الحزب الذي كان العمود الفقري بإسقاط حكم الشيشكلي، كما تولّد شعور عند ضباط الجيش التقدميين بأنهم مستهدفون للتصفية من القوات المسلحة، وهذا كان سبباً في تفكير بعض الضباط البعثيين في مصارحة قادة الحزب بضرورة استلام البعث السلطة في سورية. وفي هذا الصدد يذكر الأستاذ الحوراني في الصفحة 1672 من مذكراته:
(بعد الظفر الشعبي المنقطع النظير الذي لاقيناه خلال عملنا في المعركة الانتخابية، أخبرني الدكتور فيصل الركبي بأن الملازم محمد عمران ينتظرني في منزله ليحدثني بأمر خطير، فاستغربت مجيء عمران المفاجئ وتركه لقطعته العسكرية في دمشق، قال محمد عمران:

إن الدولة ستُزوِّر الانتخابات لمصلحة الإقطاعيين، وإنه بات من الضروري أن نقطع عليهم الطريق بانقلاب سريع قبل الاقتراع، وأن الجيش على استعداد تام…. واختتم الأستاذ الحوراني المناقشة مع الملازم محمد عمران بقوله: نحن لا نريد منكم أن تقوموا بانقلابات… نحن نريد منكم إحباط كل مؤامرة انقلابية… هذا ما هو مطلوب من القوى التقدمية في الجيش، والشعب كفيل بدحر القوى الرجعية والرأسمالية بالوسائل الديمقراطية).


اقرأ :

مروان حبش:البعث والانقلاب على نظام حكم الشيشكلي (14)

مروان حبش: البعث والقيادة القومية (13)

مروان حبش: قضية انسحاب جلال السيد من حزب البعث (12)

مروان حبش: قضية الضابط داود عويس (11)

مروان حبش: قضية البعث وحسني الزعيم (10)

مروان حبش: دمج الحزبين وزواج لم يُعمِّر (9)

مروان حبش: الدمج بين حزبي البعث العربي والعربي الاشتراكي (8)

مروان حبش: صدور جريدة البعث والمؤتمر التأسيسي عام 1947 (7)

مروان حبش: معارك حركة البعث 1943- 1947 (6)

مروان حبش: تكون حلقة شباب البعث العربي 1942- 1943 (5)

مروان حبش: زكي الأرسوزي وتأسيس الحزب القومي العرب عام 1939 (4)

مروان حبش: الحزب القومي العربي (3)

مروان حبش: عصبة العمل القومي  (2)

مروان حبش: نشأة وتكون حزب البعث العربي (1)

حزب البعث

مروان حبش: حركة 23 شباط – الدواعي والأسباب – المقدمة (1)

مروان حبش: حركة 23 شباط – الحزب في السلطة (2)

مروان حبش: حركة 23 شباط.. سقوط حكم حزب البعث في العراق (3) 

                                



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

مروان حبش

وزير وعضو قيادة قطرية سابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى