You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – مرحلة الأردن

مروان حبش– التاريخ السوري المعاصر

بعد أن وصل العصاة إلى الطريق المسدود، وفشلوا في كسب أي دعم من الوحدات العسكرية -عدا دعم  الملازم فواز أبو الفضل من مؤيديه،  والنقيب إبراهيم نور الدين وبعض الضباط من مؤيدي الفريق أمين الحافظ في معسكرات ازرع-  وأدركوا أنهم أصبحوا محاصرين من القوات العسكرية، أطلقوا سراح الأمين القطري المساعد اللواء جديد(1).

وهنا تأتي الروايات على لسان العصاة من أنصار حاطوم- سردوها بعد عودتهم من الأردن_  فإحداها، أن الرائد حاطوم اتصل بوزير الدفاع قائلا: إنه سيحضر إلى دمشق مع بقية العصاة لتسليم أنفسهم، ولكن وزير الدفاع حذره من الوقوع بيد عبد الكريم الجندي فيما إذا جاء بالطريق البري، وأنه، أي وزير الدفاع سيرسل حوامة لتنقلهم إلى دمشق، وحينما تأخر وصول الحوامة، توجسوا ولم يجدوا أمامهم إلا الهرب نحو الأردن(13).

أما الحقيقة ، وتجاوزاً للروايات، فهي أن العصاة كانوا ينتظرون نتيجة الاتصال مع المسؤولين في الأردن، وحينما تلقوا الضوء الأخضر لجؤوا إليه، وهذا ما يؤكده أحد أبرز عناصرهم نبيل الشويري في كتاب “سورية وحطام المراكب المبعثرة ” لصقر أبو فخر، إذ يقول: “كان هناك خط مع الأردن، رصدتُه فيما بعد، له صلة ببعض الأشخاص من آل الأطرش، وكان همزة الوصل مع سليم حاطوم شخص يدعى صابر المعاز “.

ورد نبأ فرار حاطوم مع بعض أعوانه، ومنهم من قاده تحت التهديد، باتجاه الحدود الأردنية، حيث كان بعض المسؤولين الأردنيين باستقبالهم، وتبين، بعد فرار حاطوم، بأنه أثناء اجتماعه مع بعض الضباط في 8 أيلول، كان قد أجابهم على تساؤلهم: ما مصيرنا في حال الفشل؟ فرد عليهم: إننا مضمونون، واللقاء في الأردن وكل شيء مرتب. ومما يلفت

الانتباه أن بعض المتورطين في منطقة الجبهة قريباًمن الحدود اللبنانية، لم يتسللوا إلى لبنان،

 وإنما قطعوا مسافة طويلة حتى وصلوا إلى منطقة الحمة ومنها عبروا إلى الأراضي الأردنية.

 وصل الفارون إلى المقر العسكري في مدينة المفرق الأردنية، وبعد وقت قصير من وصولهم جاء الشريف ناصر خال الملك حسين واجتمع مع سليم حاطوم على انفراد وأبلغه ترحيب الحكومة الأردنية به، ثم اجتمع مع بقية الفارين في نادي الضباط بمدينة الزرقاء، ومكثوا بالنادي بضعة أيام حيث توارد بقية الضباط المتورطين ومن بينهم العقيد طلال أبو عسلي، وبعض المدنيين.

 وصلت بعثة إعلامية أردنية إلى الزرقاء وطلبت من حاطوم عقد مؤتمر صحفي، وعليه أن يركز على ثلاث نقاط أساسية وهي:

1 – التركيز على الوضع الطائفي في سورية.

2 – التركيز على أن الحكام الحاليين هم ماركسيون وشيوعيون.

3 – التركيز على فشل النظام الاشتراكي في سورية.

 بعد عقد المؤتمر الصحفي، وتلاه مؤتمر آخر عقده النقابيان العماليان خالد الحكيم ونذير النابلسي هاجما فيه النظام الاشتراكي في سورية، بدأ ت الحكومة الأردنية باستخدامهم  للتآمر على نظام الحكم في سورية، إذ اجتمع رئيس الحكومة الأردنية وصفي التل، في النادي، بعدد منهم من بينهم طلال أبو عسلي وسليم حاطوم، وأبلغهم عن الاستعداد لتقديم كل عون شريطة العمل على إسقاط نظام الحكم في دمشق.

 ورد في بيان صدر عن القيادة القطرية يوم 9 أيلول:

(إن سليم حاطوم نفذ المغامرة الطائشة التي حرض عليها هلال رسلان وخالد الحكيم ونبيل الشويري وغيرهم ….

إنه تم اعتقال بعض مدبري المغامرة، بينما تمكن آخرون من الفرار باتجاه الحدود الأردنية.

إن المؤامرة الأخيرة حلقة من المؤامرة الرجعية اليمينية السابقة الفاشلة.

إن هدف المؤامرة هو تنفيذ  المخطط الاستعماري الذي تموله بعض الفئات الحاكمة العربية العميلة.

إن سليم حاطوم لغم تفجر على نفسه).

 بدأ الفارون إلى الأردن التخطيط للتآمر بضرورة الاتصال بأعضاء القيادة القومية السابقة  الذين لجأوا إلى لبنان بعد حركة 23 شباط، وعرضوا الأمر على وصفي التل لأخذ موافقته، وتبلغوا الموافقة من الملك حسين الذي اجتمع مع عدد منهم ورحب بهم وأمر وصفي التل بتسهيل مهمتهم.

 سافر طلال أبو عسلي والنقيب إبراهيم نور الدين إلى بيروت، وفي بيروت طلب طلال أبو عسلي من السفارة المصرية قبول لجوئه إلى مصر، وعقد في القاهرة مؤتمراً صحفياً كشف فيه أبعاد مؤامرة سليم حاطوم والسلطات الأردنية.

 أما إبراهيم نور الدين لم يستطع الاتصال بأي من أعضاء القيادة القومية المذكورة لرفضهم مقابلته، وعدم رغبتهم بالتعاون مع سليم حاطوم، وطُلب منه الابتعاد عنه، وعاد إلى الأردن وأبلغ ما حدث معه إلى الضباط الفارين.

 وخلال هذه الفترة عرض سليم حاطوم على بعض أركانه خطة التآمر التي وافقت عليها المراجع الأردنية، وهي من شقين:

  – مرحلة تحضيرية تبدأ بجمع الفارين ومن سيلحق بهم، في معسكر في المفرق ومباشرة التدريب. وكان يطمح أن يُجند جيشاً عدده ما بين 4000 – 5000 عنصر، كما كان يزرع الأمل في نفوس من وهنت عزيمتهم أو يئسوا مما هم فيه بأن يضرب مثلاً بالثورة الكوبية التي انطلقت بسبعة أشخاص.

  وزودت السلطات الأردنية المعسكر بأسلحة مشتراة من اسبانيا، كما كلفت أحد ضباط مخابراتها بالإشراف على المعسكر.

   – مرحلة تنفيذية تنطلق من جبل العرب.

 بعث سليم من الأردن إلى الفريق أمين الحافظ المعتقل في سجن المزة رسالة ورد فيها:

 (إنني ورفاقي نعمل ليلاً نهاراً وقطعنا شوطا كبيراً بالعمل من أجل تحرير الشعب… ومن أجل ذلك نرى أن تؤمنوا لنا رسالة توضحون فيها رأيكم سليماً واضحاً، مع الأخذ بعين الاعتبار وضعنا في الأردن ودعم السلطة هنا لنا في إفساح المجال لعملنا المقبل …).

 وكان جواب الفريق أمين الحافظ له: (ليس بالأمر السهل أن أبدي رأياً وأنا على جهل تام بوضعكم في القطر العربي الشقيق ومعلوماتي لا تزيد عن ما أسمعه من الإذاعة، وأن على أي قائد يريد أن يبدي رأياً أن تكون لديه معلومات واضحة وجلية ليحسن تقدير المواقف ولتكن آراؤه على جانب كبير من الصحة، هذا وأنا على يقين أنكم وجدتم وإخوانكم في القطر العربي الشقيق، كل ما يجده العربي من أخيه العربي من كرم أصيل ورعاية حقة … الأفضل أن تأخذوا رأي القيادة في لبنان. شكراً لك ولإخوانك مع سلامي وتحياتي للجميع).

 لم يكن الأستاذ صلاح البيطار على وئام مع  الأستاذ ميشيل عفلق وبعض أعضاء القيادة القومية السابقة الذين لجأوا إلى بيروت، وانقطع التواصل بينهم، وللتنويه، فإن الأستاذ صلاح أنهى  في العاشر من تشرين الثاني عام 1967  علاقته بتنظيم الحزب الذي كان الأستاذ ميشيل أمينه العام(2).

 كما أن المجموعة، من الهاربين إلى بيروت،  المرتبطة بالفريق أمين الحافظ لم تلق ترحيباً من الأستاذ ميشيل عفلق وتنظيمه.

 قرر حاطوم بعد موافقة وصفي التل، أن يتصل بالرائد الهارب بدر جمعة والوليد طالب، وهما من أنصار الفريق أمين الحافظ، وتم اللقاء بينهم في باريس في أول شهر كانون الأول 1966، بعد أن أمّنت السلطات الأردنية بطاقات ونفقات السفر، واتفق المجتمعون وبحضور ضباط من الأمن العام والمخابرات الأردنية، على العمل معاً ضد حكم البعث في سورية، وعملت عناصر من مجموعة الشوفي: “خالد الحكيم ومحمود نوفل ونبيل الشويري …”، على التقارب بين بدر جمعة والأستاذ البيطار، وتم ذلك بعد مباركة السلطة الأردنية.

 بعد لقاء في الأردن بين بدر جمعة والوليد طالب مع سليم حاطوم وبحضور وصفي التل وراضي العبد الله رئيس المخابرات الأردنية، دار الحديث حول الأوضاع في سورية وما يمكن للأردن أن يقدمه لتغيير النظام، واتفق الحاضرون على أن تعمل جميع الكتل السياسية في سورية ضمن جبهة وطنية، كما عُقدت اجتماعات عدة بين وصفي التل وسليم حاطوم، أكد فيها التل أن هذا الحل هو مطلب الفئات السياسية داخل سورية وخارجها، وكان التل يطرح في أحاديثه ومناقشاته من أسماهم الرعيل الأول والجبهة الدستورية وبعض السياسيين القدامى، وجماعة الأخوان المسلمين.

 أوعزت السلطة الأردنية لجيوبها في سورية “عناصر ما عرف بالجبهة الدستورية، ولورانس الشعلان شيخ عشيرة الرُلا وشريك الشريف ناصر في تهريب المخدرات والسلاح، وكان الشعلان من الجيوب التي يعتمد عليها التاج الأردني ليحركها دعماً لإنجاح التآمر، والشعلان إضافة لعلاقته مع الأردن، فهو على علاقة وثيقة مع السعودية، وأنه، حسب إفادة سليم حاطوم، من شدة حقده على الحكم في سورية وتآمره عليه، قال لسليم: (إنه مستعد للذهاب إلى السعودية إن لم تكن الأردن جاهزة للقيام بعمل ضد الحكم في سورية،  وأنه هناك سيقنع المسؤولين أن سليم وجماعته هي القوة الوحيدة التي يجب الاعتماد عليها).

 أشرفت السلطات الأردنية على تشكيل الجبهة الدستورية من بعض المدنيين والعسكريين السوريين المسرحين من جماعة الانفصال، وكان من تنظيم الجبهة الدستورية في دمشق، المحامون عبد الغني النابلسي وغسان بابيل وغسان محاسنة  ورشيد هارون وعصام طيفور ورشيد الساطي وحسان محاسنة . وفي حلب، فايز عويرة وفاروق المسلاتي وفاروق سالم وغسان بارودي وأمين الغوري، واشترك هؤلاء بالبحث في توسيع الجبهة وكسب أعضاء جدد لها.

 ومن أعضاء الجبهة من الفارين خارج الوطن، عبد الكريم النحلاوي وصدقي العطار وخليل بريز وكمال سفر ويحيى محمود وعبد الوهاب البكري وراتب عرموش ومصطفى البرازي وطلال الفاعور ومحمد علي السعدي…، وعرض هذا الأخير على النحلاوي رئاسة الضباط المسرحين في لبنان وقيادتهم. وسُمي كمال سفر  ممثلا للتنظيم العسكري، ويحيى محمود  ممثلاً للتنظيم المدني لدى سليم حاطوم. وكُلف أحمد راتب عرموش بالاتصال مع المدعو عادل عيسى المتعاون مع المخابرات السعودية ليبحث معه إمكانية تمويل الجبهة من الحكومة السعودية.

 أرسل سليم حاطوم بعض الضباط الفارين معه من أبناء محافظة السويداء إلى جبل العرب لتحريض بعض الشباب على الالتحاق بمعسكر التدريب في المفرق لقاء رواتب مغرية.

 أجرى مصطفى البرازي من الجبهة الدستورية اتصالاً بكل من ليون زمريا وميخائيل ليان في مصيفهما في سوق الغرب في لبنان وبحث معهما التعاون للعمل ضد الحكم في سورية. وبعد المقابلة أبدى أمام أحمد راتب العرموش انطباعاته الجيدة عنهما، وقال: (لقد أصبحنا أقوياء في كل من جبلي الزاوية والأكراد وحلب وحماة ، وشرح له خطة العمل بقيام تمردات داخلية في المحافظات الشمالية وإجبار الجيش على التوزع لإخمادها وإضعافه ومن ثم إعلان حكومة مؤقتة خارج القطر).

 وأكد العرموش للبرازي أن وزير الإعلام الأردني، وهو زميل له بالدراسة في الجامعة الأميركية، وعده بتأمين السلاح والمال اللازمين لتنفيذ الخطة.

 وخلال اجتماعات متعددة لبعض أعضاء الجبهة الدستورية المتواجدين في لبنان، بحثوا حول نشاط الجبهة وتقويتها وضرورة الاتصال بالتجار والطلاب في المحافظات وتنظيمهم في عضويتها، وادعى البرازي أمامهم أنه استطاع أن ينظم خمسمائة مسلح في حماه وحي الأكراد في دمشق وعرض تزويدهم بالسلاح.

 لم يكن كل العسكريين الذين تورطوا وهربوا إلى الأردن على وئام مع الرائد سليم حاطوم، ولا من مؤيديه، وازداد الشرخ بينهم حينما أدركوا مدى الدور الذي تعهد بتنفيذه لصالح النظام الأردني، وترسخت لديهم هذه القناعة بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده العقيد طلال أبو عسلي، ومن بعده الضابط السوري أحمد مصطفى في القاهرة، وكذلك ما صرح به الضابط الأردني الرئيس الركن محمد يوسف الحمارشة الذي لجأ إلى القاهرة في أوائل شهر شباط 1967 وأدلى في مؤتمر صحفي بأن الملك حسين قال له: (نريد ضمان نجاح عمليات التخريب ضد سورية). تعززت لدى هؤلاء القناعة  بأن حاطوم يطبق فعلاً، مقولته: (سأتعاون مع الشيطان لقلب نظام الحكم في دمشق)، وانعزلوا عن الآخرين المرتبطين بحاطوم وناهضوا أوامره وقاطعوا اجتماعاته، كما أن بعض من خابت آمالهم من الذين التحقوا به فيما بعد والطامعين بتكوين ثروة مالية، أبدوا ندامتهم عما قاموا به وبدؤوا يرسلون معلومات عما يقوم به حاطوم ومجموعته إلى السلطات في سورية.

 في مواجهة هذا الواقع بين الفارين إلى الأردن بدأ سليم حاطوم يهددهم ويدس عليهم لدى السلطات الأردنية التي كانت تأخذ بأقواله، والدور التهديدي نفسه، بقتل كل من لا يشارك في التنفيذ ساعة الصفر، مارسه الضابط عبد الرحيم بطحيش الذي كان يعتبر نفسه الساعد الأيمن لحاطوم، ولعب دوراً بالاتصال والتنسيق بين بدر جمعة ومجموعته في لبنان وسليم حاطوم ومجموعته في الأردن، كما أن البطحيش كان يرى أنه لا شيء يمنع من التعاون مع المخابرات المركزية الأميركية، كما كان على اطلاع من الحاطوم على الاتصالات بين وصفي التل والمخابرات الأميركية بشأن تعاون الحاطوم معها.

 نشرت جريدة البعث في عددها الصادر يوم 22 /11/1966 عن أبعاد هذا التآمر الاستعماري الجديد، وأن الأجهزة الاستعمارية  الأنكلو – أميركية ترمي بثقلها في الأردن وتحوله إلى ثكنة للأسلحة وملجأ للمتآمرين، والمؤامرة وفق خطة المتآمرين، تبدأ بتحرك الرجعية في الداخل يتبعه تدخلاً أردنياً – صهيونياً وغزو القطر من الخارج للإجهاز على جذوة المد الثوري التقدمي.

 كانت السلطات السورية مطلعة على ما يجري بين الفارين، وعمل عضو القيادة القطرية رئيس مكتب الأمن القومي العقيد عبد الكريم الجندي على تشجيع هذه العناصر للعودة إلى

الوطن وجند لهذه الغاية بعض أقاربهم للسفر إلى الأردن والاتصال بهم لهذا الغرض، وكان من أبرز من قام بهذه المهمة المحامي محمد الكسار، زوج والدة امرأة البطحيش.

 قامت أجهزة الأمن الأردنية، وبناء على طلب الرائد سليم حاطوم باعتقال بعض الضباط منهم: النقيب إبراهيم نور الدين وعلي المقداد وسبعة آخرون وتم تسفيرهم في أول الشهر الخامس من عام 1967، إلى لبنان، ولكن السلطات اللبنانية، بوشاية من البطحيش والوليد طالب، اعتقلتهم بعد أيام من وصولهم وأعادتهم قسراً إلى الأردن، حيث تم توقيفهم لأيام ثم وضعوا تحت المراقبة.

 اجتمع بقية الضباط الفارين المناوؤن لحاطوم وقسّموا أنفسهم إلى مجموعتين هادفين العودة إلى سورية، ونفذت المجموعة الأولى خطتها بتاريخ 6/5/1967، ولسوء حظهم اعترضهم كمين من الجيش والأمن الأردنيين وأمطرهم بوابل من الرصاص، فتوفي الملازم

جورج أنطي وجُرح آخر وتمكن ضابط واحد من الوصول إلى الوطن واعتقل الآخرون بمن فيهم أفراد المجموعة الثانية،  وسُفّروا إلى لبنان. و عاد جميع هؤلاء إلى سورية أيام حرب حزيران 1967.

 عندما بدأت حرب الخامس من حزيران نشط وصفي التل في عقد اجتماعات مغلقة مع سليم حاطوم وبدر جمعة، وفي يوم 7/ 6 وصلت وحدات عسكرية سورية “اللواء 17” بقيادة المقدم صلاح نعيسة إلى الأردن، بناء على تعليمات قائد الجبهة الشرقية الفريق عبد المنعم رياض، لنجدة الجيش الأردني وقدم التل لحاطوم وبدر جمعة أسماء ضباط كتائب اللواء وقادة سراياه بهدف الاستيلاء على اللواء للدخول به إلى سورية والعمل على قلب نظام الحكم(3).

 كلف الرائد حاطوم أحد الفارين ويدعى مسلط أبو عاصي بالتوجه إلى مكان تمركز اللواء في منطقة الصويلح للتعرف وجمع المعلومات، وشاهد المذكور قريبه طلال أبو عاصي من عناصر اللواء وحاول إغراءه بالذهاب معه إلى عمان لمقابلة الرائد حاطوم، كما حاول أخذ معلومات منه عن اللواء،  ولكن المحاولة فشلت لأن طلال رفض التجاوب معه وأخبر رؤساءه بذلك، وصدرت الأوامر بعودة اللواء إلى سورية لانتهاء الحاجة إليه في الأردن الذي دخل في مرحلة وقف إطلاق النار مع “إسرائيل”.


(1) بعد أن أيقن سليم فشل ما قام به، وأن الركب انفض من حوله، اجتمع مع اللواء صلاح في مكان اعتقاله في السويداء في منزل عبد الكريم عزة وسأله ما هو مصيري؟ أجابه اللواء صلاح: تذهب معي إلى دمشق وتضع نفسك تحت تصرف القيادة. ورد سليم: لكي يكون مصيري الإعدام ؟ وبعد برهة من الصمت، نصحه اللواء صلاح بألاّ يلتجئ إلى الأردن. وهذا يدل على مدى حرص اللواء صلاح لكي لا ينزلق سليم إلى مسارات خاطئة جديدة.

 – من الجدير بالتنويه، أن عصيان سليم حاطوم، قد تم إنهاؤه بسرعة بسبب موقف بعض الواعين من قواعد الحزب وجماهير المحافظة ضد هذا العصيان، وأظهروا عدم رضاهم عما يقوم به حاطوم وتنصلوا من كل تصرفاته المعادية.

(2) مقتطفات من نص البيان الذي نشره الأستاذ صلاح البيطار في جريدة )الجريدة ( اللبنانية بتاريخ 10/11/1967 ويعلن فيه قطع علاقته بحزب البعث:

   “ليسوا قلةً أولئك الذين يعرفون أني ابتعدت منذ مدة غير قصيرة عن حزب البعث العربي الاشتراكي، وعن جميع قياداته

ومؤسساته ولا سيما بعد الثامن من آذار.

    ففي أيلول من ذلك العام وعند انعقاد المؤتمر القومي السادس أدركت أبعاد الخطة ضد الحزب، ضد حقيقته وأصالة تاريخه وضد بنيته وتنظيمه القومي وضد قادته الذين يمثلون قيمه، تلك الخطة التي اتخذت من رغبة عامة في تجديد الحزب سبيلاً لإقامة حزبٍ جديد.

لقد كنت أول من حذر إلى حتمية سقوط الحزب في متاهات الفكر والسياسة والتنظيم، ولكن تحذيري لا يعني تبرئة نفسي من حملي نصيبي من المسؤولية.

   لقد عدت إلى رئاسة الحكومة مرتين فيما بعد، وقد كانت المحاولة الأولى عقب حوادث حماه ودمشق في أيار 1964، ولم تدم أكثر من أربعة أشهر عندما طوح بالحكومة التي كنت أرأسها، وكانت المحاولة الثانية في أواخر كانون الأول عام 1965 بعد حل اللجنة العسكرية وعقب حل القيادة القطرية، ويومئذٍ توليت رئاسة الحكومة وأعلنت في بيانٍ أذعته على الشعب ضرورة انكفاء الجيش عن المواقع السياسية وضرورة عودته إلى عسكريته، وضرورة عودة الحزب إلى الشعب وإلى حقيقته القومية الجماهيرية، غير أن الانقلاب الذي وقع في 23/2/1966 قضى على هذه المحاولة.

   وبعد تحليلٍ موضوعي للأحداث التي أعقبت نكسة الثالث والعشرين من شباط ونكبة الخامس من حزيران رأيت أن الواجب القومي يفرض أن أعلن استقلالي عن حزب البعث العربي الاشتراكي بجميع منظماته وقياداته على مختلف أشكالها وألوانها.

   إن النكبة القومية، نكبة حزيران، لم تكشف عن عجز حزب البعث وحده، فالأحزاب والمنظمات العقائدية الأخرى لم تكن أحسن حظاً.

(3)لم تكن الجبهة الأردنية بحاجة إلى قوات سورية لقبولها قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، ولكن وصفي التل ضلل الفريق رياض لطلب هذه القوات كي يسيطر سليم حاطوم عليها ويدخل دمشق بها.


انظر:

بطاقة مروان حبش عضو المجلس الوطني للثورة عام 1965

مرسوم منع منح امتياز استثمار الثروة المعدنية والنفطية في سورية

قانون تشكيل المجلس الوطني للثورة وتسمية أعضائه عام 1965

انظر ايضاً:

مروان حبش: نشأة وتكون حزب البعث العربي (1)

مروان حبش: عصبة العمل القومي  (2)

مروان حبش: الحزب القومي العربي (3)

مروان حبش: زكي الأرسوزي وتأسيس الحزب القومي العرب عام 1939 (4)

مروان حبش: تكون حلقة شباب البعث العربي 1942- 1943 (5)

مروان حبش: معارك حركة البعث 1943- 1947 (6)

مروان حبش: صدور جريدة البعث والمؤتمر التأسيسي عام 1947 (7)

مروان حبش: الدمج بين حزبي البعث العربي والعربي الاشتراكي (8)

مروان حبش: دمج الحزبين وزواج لم يُعمِّر (9)

مروان حبش: قضية البعث وحسني الزعيم (10)

مروان حبش: قضية الضابط داود عويس (11)

مروان حبش: قضية انسحاب جلال السيد من حزب البعث (12)

مروان حبش: البعث والقيادة القومية (13)

مروان حبش:البعث والانقلاب على نظام حكم الشيشكلي (14)

مروان حبش: البعث والانتخابات النيابية عام 1954 (15)

مروان حبش: البعث وانتخاب القوتلي لرئاسة الجمهورية عام 1955(16)

مروان حبش: السير نحو الوحدة (17)

مروان حبش: حل حزب البعث عام 1958 (18)

مروان حبش: أزمات حزب البعث بعد الوحدة (19)

مروان حبش: حل حزب البعث عام 1958 وكلمة ميشيل عفلق (20)

مروان حبش: استقالة الوزراء السوريين في عهد الوحدة (21)

مروان حبش : إنقلاب الانفصال 28 أيلول 1961 (22)

مروان حبش: إنقلاب 28 آذار 1962 (23)

مروان حبش: مؤتمر شتورا عام 1962 (24)

مروان حبش: عصيان كتلة النحلاوي العسكرية 1963 (25)

مروان حبش: انقلاب 8 آذار 1963(26)

مروان حبش: المحادثات من أجل الوحدة عام 1963 (27)

مروان حبش: ما بين اللجنة العسكرية واللواء زياد الحريري (28)

مروان حبش: حركة 23 شباط – الدواعي والأسباب – المقدمة (29)

مروان حبش: حركة 23 شباط – الحزب في السلطة (30)

مروان حبش: حركة 23 شباط.. سقوط حكم حزب البعث في العراق (31) 

مروان حبش: بعد سقوط حكم حزب البعث في العراق 1964 (32)

مروان حبش: أزمات ما بعد المؤتمر القومي السابع لحزب البعث 1964 (33)

مروان حبش: المؤتمر القومي الثامن لحزب البعث عام 1965 (34)

مروان حبش: خلاف على مفهوم ودور الحزب والسلطة عام 1965  (35)

مروان حبش: شرخ في القيادة القطرية وبين القيادتين (36)

مروان حبش: حركة 23 شباط.. انفجار الأزمة (37)

مروان حبش: حركة 23 شباط.. رؤية القيادة القطرية المؤقتة للمستقبل (38)

مروان حبش: حركة 23 شباط.. دواعي التفكير بالعمل العسكري (39)

مروان حبش: حركة 23 شباط .. انتصار منطق الحسم العسكري وتنفيذ الحركة (40)

مروان حبش: حزب البعث بعد حركة 23 شباط وحتى المؤتمر القومي التاسع (41)

مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – المقدمات (42)

مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – التنظيم العسكري السري (43)

مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – احتجاز وفد القيادة في السويداء (44)


مروان حبش: الشركة النفطية التي كانت تتدخل لإسقاط وتعيين حكومات

مروان حبش: حول اللجنة العسكرية

مروان حبش: استثمار النفط وطنياً .. بترول العرب للعرب

حزب البعث



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

مروان حبش

وزير وعضو قيادة قطرية سابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى