مقالات
مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – التنظيم العسكري السري
مروان حبش– التاريخ السوري المعاصر
في العشر الأخير من شهر آب 1966، صرح الرائد مصطفى الحاج علي في اللاذقية أمام بعض أصدقائه من البعثيين أننا سنقضي على القيادة القطرية في وقت قريب جداً، كما تم الكشف عن تنظيم عسكري سري لقلب نظام الحكم، اعتقل على إثره الملازم كافي العباس من معسكرات قطنا، والرائد محمد أحمد النعيمي مع عدد من أفراد الخلية من القطاع الأوسط في الجبهة ورُحّلوا إلى دمشق للتحقيق معهم.
شكلت القيادة لجنة للتحقيق من بعض الضباط برئاسة العقيد أحمد المير محمود ومن أعضائها الرائدين سليم حاطوم ومصطفى الحاج علي، وكان حث القيادة على السرعة بإنجاز التحقيق لمعرفة المنضمين إلى التنظيم، دون جدوى، ولما وصلت إلى القيادة معلومات عن تورط بعض أعضاء هذه اللجنة في ذلك التنظيم، قررت تشكيل لجنة جديدة من رئيس مكتب الأمن القومي عبد الكريم الجندي ووزير الداخلية محمد عيد عشاوي وقائد الجيش الشعبي محمد رباح الطويل ورئيس الأركان اللواء أحمد السويداني، وكشف التحقيق عن تورط سليم حاطوم ومصطفى الحاج علي في هذا التنظيم، وهما ممن كانوا يلحون ويطالبون القيادة القطرية المؤقتة لاتخاذ قرار بتحرك عسكري لإنهاء الأزمة في الحزب، وهو القرار الذي نُفذ صبيحة 23 شباط.
تبين من التحقيق أن هدف هذا التنظيم العسكري السري هو القيام بحركة التفاف على حركة شباط، وبالتالي، ضربها والإطاحة بها وبكل الأسس التي قامت عليها، وتم الاتفاق بين قادة التنظيم على وضع خطة عسكرية شملت جميع المناطق والوحدات العسكرية، وأصبح كل شيء جاهزاً، ووزعوا المناصب الرئيسية في الجيش والسلطة فيما بينهم، كما أن خطتهم للتعاون مع الفئات السياسية المختلفة أصبحت منتهية، وأصبح الكل في حالة تأهب للانقضاض على الحزب وثورته.
ساعد هذا الكشف المبكر على اعتقال سريع للرؤوس المتآمرة، وأدى إلى إحباط المؤامرة الواسعة، ولكن القيادة لم تعتقل الرائدين سليم حاطوم ومصطفى الحاج علي وأنصارهما، ودعتهما إلى حضور جلسات نقد ذاتي تقوم بها القيادة، وعاملتهما كعضوين من أعضائها.
تبدأ قصة الاتصالات بين الأطراف المتعددة، بعد حركة 23 شباط بأيام، وتتحرك أياد خفية لتجمع الخيوط المشدودة لها، إذ نشط كل من خالد الحكيم ونبيل الشويري
ومحمود نوفل وأحمد أبو صالح وآخرون(3). نشط الأشخاص المذكورون، كما نشط الرائد شريف الشاقي بإقناع الرائد حاطوم للالتقاء مع الدكتور منيف الرزاز(4)، ونجحت جهودهم وتم اللقاء في منزل خالد الحكيم في دوما، وبعد اجتماعات متعددة تم الاتفاق على تشكيل مكتب سياسي برئاسة الدكتور الرزاز ومن أعضائه محمود نوفل وخالد الحكيم، ومكتب عسكري مهمته القيام بتنظيم سري لضباط الجيش –يُستبعد منه الضباط العلويون– والتحضير لانقلاب على النظام القائم.
كان الرزاز قد شكل المكتب العسكري من: (اللواء المتقاعد فهد الشاعر،، العقيد المتقاعد صلاح نمور، العقيد إسماعيل هلال، الرائد مجلي القائد، الرائد شريف سعود، النقيب علي سلطان، النقيب علي الضماد). وكان هذا المكتب مرتبطاً بالدكتور منيف الرزاز بواسطة المحامي نسيم السفرجلاني، ثم أضيف إليه الرائد سليم حاطوم، والرائد شريف الشاقي، والرائد مصطفى الحاج علي، ولقد تم الاتفاق، أيضاً، في حال نجاح انقلابهم أن يكون
اللواء الشاعر وزيراً للدفاع، والرائد الحاج علي رئيساً للأركان، و الرائد سليم حاطوم قائداً للواء السبعين المدرع المرابط في الكسوة، إضافة إلى كتائب المغاوير، وتبين أنه قد تم تشكيل مكتبين عسكريين، أحدهما دون الحاطوم والشاقي، وأن النية مبيتة عند الرزاز والشاعر على التخلص من حاطوم ومجموعته فور نجاح انقلابهم.
اجتمع الرائد سليم حاطوم مع اللواء فهد الشاعر، بناء على طلب الدكتور الرزاز، للتنسيق معه، وبعد اجتماعات متعددة وفي أمكنة مختلفة، بين اللواء الشاعر والرائد حاطوم والرائد الشاقي والرائد الحاج علي والرائد فؤاد منذر والنقيب سلامة المغوش وغيرهم من الضباط …، وُضعت خطة عسكرية تشمل جميع المناطق والوحدات العسكرية، وهي خطة مركزية مؤلفة من عشر صفحات، وتعتمد على ما يلي:
– يتحرك الرائد حاطوم بكتيبته لاحتلال الأركان والإذاعة ومبنى القيادة القطرية في المالكي وتجميد مدرسة المدرعات في القابون.
– تتحرك وحدات من معسكرات قطنا، بعد السيطرة عليها واعتقال أو قتل الضباط الموالين لقيادة الحزب، على محورين: الأول، نحو الصبورة لاحتلال أجهزة بث إذاعة دمشق. والثاني، نحو مطار المزة العسكري للسيطرة عليه. وتبقى مجموعة ثالثة في المعسكرات لحماية مركز القيادة التي ستكون مقراً للواء الشاعر وأعوانه.
– خطة الجبهة، بعد أن تتم السيطرة عليها من قبل العقيد طلال أبو عسلي، تتلخص بتحرك ثلاث مجموعات عن طريق سعسع – صحنايا- دمشق، و تستهدف هذه القوات تجميد اللواء السبعين في الكسوة واحتلال بعض المناطق والمحاور الرئيسة في مدينة دمشق.
– تتم السيطرة على اللواء المدرع الخامس في المنطقة الوسطى – بعد اعتقال آمر اللواء المقدم مصطفى طلاس وقادة الكتائب في منازلهم– بمساعدة طلاب من الكلية الحربية بقيادة أحد الضباط الموالين.
– تتم السيطرة على معسكر القطيفة، من بعض الضباط الموالين، وتتحرك كتيبة منه نحو حمص، للدعم، إذا اقتضت الضرورة.
– تجمد بقية الوحدات من داخلها لتُصبح غير قادرة على الحركة.
(3) كان هؤلاء قد قادوا تكتلاً في الانتخابات الحزبية أيلول 1963 وأسقطوا الأستاذ صلاح البيطار في الانتخابات، كما أنهم قاطعوا المؤتمر القومي السابع شباط 1964، وانشقوا عن الحزب وأسسوا بالتعاون مع كتلة علي صالح السعدي ما عُرف بحزب البعث اليساري، ولم يدم هذا الحزب طويلا إذ انشقت كتلة عنه بتاريخ 17 نيسان 964 وأسست حزب العمال الثوري العربي، بينما انفرط عقد الآخرين وتقدم حوالى 22 شخصاً من بينهم (حمود الشوفي، منذر الونداوي، محمد بصل، محمود نوفل، منير الحمش……) بمذكرة إلى المؤتمر القطري الثاني يطلبون فيها العودة للحزب. ثم عادوا أخيراً، والتفوا حول الأستاذ صلاح البيطار.
(4) أقام بعد حركة شباط، بشكل سري في دمشق واختبأ في عدة منازل لأنصار القيادة السابقة، وآخرها في منزل المهندس غسان رزق.
انظر:
بطاقة مروان حبش عضو المجلس الوطني للثورة عام 1965
مرسوم منع منح امتياز استثمار الثروة المعدنية والنفطية في سورية
قانون تشكيل المجلس الوطني للثورة وتسمية أعضائه عام 1965
انظر ايضاً:
مروان حبش: نشأة وتكون حزب البعث العربي (1)
مروان حبش: عصبة العمل القومي (2)
مروان حبش: الحزب القومي العربي (3)
مروان حبش: زكي الأرسوزي وتأسيس الحزب القومي العرب عام 1939 (4)
مروان حبش: تكون حلقة شباب البعث العربي 1942- 1943 (5)
مروان حبش: معارك حركة البعث 1943- 1947 (6)
مروان حبش: صدور جريدة البعث والمؤتمر التأسيسي عام 1947 (7)
مروان حبش: الدمج بين حزبي البعث العربي والعربي الاشتراكي (8)
مروان حبش: دمج الحزبين وزواج لم يُعمِّر (9)
مروان حبش: قضية البعث وحسني الزعيم (10)
مروان حبش: قضية الضابط داود عويس (11)
مروان حبش: قضية انسحاب جلال السيد من حزب البعث (12)
مروان حبش: البعث والقيادة القومية (13)
مروان حبش:البعث والانقلاب على نظام حكم الشيشكلي (14)
مروان حبش: البعث والانتخابات النيابية عام 1954 (15)
مروان حبش: البعث وانتخاب القوتلي لرئاسة الجمهورية عام 1955(16)
مروان حبش: السير نحو الوحدة (17)
مروان حبش: حل حزب البعث عام 1958 (18)
مروان حبش: أزمات حزب البعث بعد الوحدة (19)
مروان حبش: حل حزب البعث عام 1958 وكلمة ميشيل عفلق (20)
مروان حبش: استقالة الوزراء السوريين في عهد الوحدة (21)
مروان حبش : إنقلاب الانفصال 28 أيلول 1961 (22)
مروان حبش: إنقلاب 28 آذار 1962 (23)
مروان حبش: مؤتمر شتورا عام 1962 (24)
مروان حبش: عصيان كتلة النحلاوي العسكرية 1963 (25)
مروان حبش: انقلاب 8 آذار 1963(26)
مروان حبش: المحادثات من أجل الوحدة عام 1963 (27)
مروان حبش: ما بين اللجنة العسكرية واللواء زياد الحريري (28)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الدواعي والأسباب – المقدمة (29)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الحزب في السلطة (30)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. سقوط حكم حزب البعث في العراق (31)
مروان حبش: بعد سقوط حكم حزب البعث في العراق 1964 (32)
مروان حبش: أزمات ما بعد المؤتمر القومي السابع لحزب البعث 1964 (33)
مروان حبش: المؤتمر القومي الثامن لحزب البعث عام 1965 (34)
مروان حبش: خلاف على مفهوم ودور الحزب والسلطة عام 1965 (35)
مروان حبش: شرخ في القيادة القطرية وبين القيادتين (36)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. انفجار الأزمة (37)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. رؤية القيادة القطرية المؤقتة للمستقبل (38)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. دواعي التفكير بالعمل العسكري (39)
مروان حبش: حركة 23 شباط .. انتصار منطق الحسم العسكري وتنفيذ الحركة (40)
مروان حبش: حزب البعث بعد حركة 23 شباط وحتى المؤتمر القومي التاسع (41)
مروان حبش: محاولة عصيان سليم حاطوم عام 1966 – المقدمات (42)
مروان حبش: الشركة النفطية التي كانت تتدخل لإسقاط وتعيين حكومات
مروان حبش: حول اللجنة العسكرية
مروان حبش: استثمار النفط وطنياً .. بترول العرب للعرب