مقالات
مروان حبش: حول اللجنة العسكرية
مروان حبش- التاريخ السوري المعاصر
بعد قيام الوحدة بين سورية ومصر، طلب عبد المحسن أبو النور _ الملحق العسكري في السفارة المصرية قبل الوحدة ومعاون قائد الجيش الأول (الجيش السوري) بعد الوحدة _ من العقيد البعثي مصطفى حمدون قائمة بأسماء البعثيين من الضباط في الجيش، بهدف تسليمهم مراكز حساسة في القطعات العسكرية حسب وعده، أو كما أوحي إليهم، وانطلاقاً من ثقتهم به، أُعْطِي قائمة تضم الضباط البعثيين المعروفين بنشاطهم_ أي ليس أسماء كل الضباط البعثيين _ ولكن هؤلاء الضباط فوجئوا بصدور أوامر نقلهم على دفعات إلى الجيش الثاني (الجيش المصري) وتهميشهم، دفع هذا الأمر بالبعض منهم إلى البحث عن الوسائل التي تمكِّنهم من استمرار التواصل بين بعضهم والمحافظة على معنوياتهم، ووجدوا أنه لا بد من تشكيل لجنة من بينهم لتحقيق ذلك الأمر. لم يكن الهدف من تشكيل اللجنة العسكرية في الإقليم الجنوبي “مصر” القيام بتنظيم هؤلاء الضباط المنقولين، بل حماية لهم خوفاً من أن يقعوا فريسة أجهزة مخابرات دولة الوحدة، أو يحبطوا نتيجة التهميش الذي عوملوا به. تشكلت اللجنة العسكرية من الضباط البعثيين : بشير صادق، رئيساً، ومزيد هنيدي، وممدوح شاغوري , وعبد الغني عياش، ومحمد عمران.
وبعد فترة نقلوا جميعهم – باستثناء محمد عمران – إلى السلك الدبلوماسي، وبعدها بادر عمران إلى الاتصال برفاقه لتشكيل لجنة جديدة، وللأسباب نفسها التي دفعت إلى تشكيل اللجنة السابقة، وتألفت اللجنة الثانية من: محمد عمران، صلاح جديد، عبد الكريم الجندي، حافظ الأسد، منير الجيرودي، أحمد المير محمود، عثمان كنعان.
إن الذين أسسوا اللجنة العسكرية لم يرد بذهنهم إلا انتماءهم السياسي، أما الانتقاء فقد تم على أساس مراعاة السلاح الذي يخدمون فيه ومراعاة تواجدهم في القاهرة أو بقربها.
في بداية فترة الانفصال، أصدرت قيادة الجيش قائمة بتسريح حوالى 63 ضابطاً من البعثيين، ومن بينهم كل أعضاء اللجنة، مما دفع باللجنة العسكرية إلى زيادة عدد أعضائها بإضافة الضباط «الرائد حمد عبيد _ الرائد موسى الزعبي_ النقيب محمد رباح الطويل» إلى عضويتها، وهم من الضباط الذين لم تشملهم قوائم التسريح، والنقيب حسين ملحم (مسرح)، وقررت تطوير نشاطها بالبدء بتنظيم العسكريين البعثيين (العاملين والمسرَّحين)، بعيداً عن التيارات البعثية المدنية التي كانت تتحاور حول الأسس التي يجب إتباعها لإعادة تنظيم الحزب.
في أعقاب أحداث 28 آذار 1962، اعتقل عدد كبير من الضباط المسرحين والعاملين ومن بينهم أكثرية أعضاء اللجنة العسكرية، وتم إطلاق سراح بعضهم، وفي شهر تموز 1962 تمّ، أيضاً، اعتقال عدد من الضباط الوحدويين (بعثيين وناصريين) بتهمة القيام بانقلاب، ومن بين المعتقلين كان المقدم المسرّح محمد عمران والرائد عئمان كنعان من أعضاء اللجنة العسكرية _لم يفرج عنهما إلا في منتصف شهر شباط من عام 1963_، وفي هذه الفترة استلم أقدم الضباط، المقدم المسرّح صلاح جديد رئاسة اللجنة، وكان له مع المقدم المسرّح عبد الكريم الجندي والرائد المسرّح أحمد المير محمود، والرائد موسى الزعبي، الدور الرئيس في كل الترتيبات التي قادت إلى انقلاب الثامن من آذار 1963.
بعد انقلاب آذار، أُضيف إلى اللجنة العسكرية كلٌّ من النقيب سليم حاطوم والنقيب مصطفى الحاج علي والنقيب توفيق بركات، ثم أضيف إليها العميد أمين الحافظ الذي أصبح رئيسًا لها والرائد أحمد سويداني.
واعتَبَرتْ هذه اللجنة نفسها قيادة حزبية للتنظيم الحزبي في القوات المسلحة، وركزت همَّها الرئيس على الاهتمام بالقوات المسلحة وعلى وضع ثقلها، أحياناً، في حسم الصراعات التي كانت تقع بين قيادات الحزب والحكم.
لقد ضعف الدور السياسي للجنة بعد اتهامها لأحد أعضائها، اللواء محمد عمران عضو القيادتين القومية والقطرية ونائب رئيس الوزراء، بالقيام باتصالات مع قوى وشخصيات سياسية دون أخذ قرار منها أو اطلاعها على أسباب نشاطاته تلك، وقررت في أواخر عام 1964 إبعاده وتعيينه سفيراً فوق العادة في إسبانيا، وتسفيره فوراً، دون الرجوع إلى القيادات الحزبية المسؤولة، وبعد فترة وجيزة من ذلك، وبسبب الاتجاهات المتعددة التي بدأت تتصارع في الحزب والتي شملت أعضاء اللجنة العسكرية، وتبلورت في الاتجاهين اللذين تمثلا في الجيش بشخص كل من الفريق أمين الحافظ واللواء صلاح جديد، يمكن القول: إن دور اللجنة قد انتهى تماماً.
قرر المؤتمر القومي الثامن الذي انعقد في أول شهر مايس 1965، حل اللجنة العسكرية، وفي شهر حزيران 1965 اجتمع مؤتمرٌ حزبي للضباط البعثيين في معسكر القابون وانتخب مكتباً عسكريًا مرتبطاً بالقيادة القطرية, ويعمل تحت إشرافها كأي مكتب من مكاتبها، وتم انتخاب كل من المقدم موسى الزعبي، المقدم مصطفى طلاس، المقدم حسين ملحم، الرائد محمد رباح الطويل، الرائد جمال جبر، الرائد طالب خلف، الرائد عبدو الديري، ويضم المكتب في عضويته، أيضاً، وبحكم مناصبهم، كلاً من قائد الجيش، ورئيس الأركان، وقائد القوى الجوية، وقائد القوى البحرية، وقائد الجبهة، ومدير إدارة المخابرات العسكرية، ومدير إدارة شؤون الضباط، وأصبح هذا المكتب بأعضائه لجنةً لشؤون الضباط في قيادة الجيش، وعضواً في مجلس الدفاع.
ولقد تم تعيين كل أعضاء اللجنة العسكرية، من كانوا قد انتخبوا إلى عضوية القيادة القطرية أو إلى عضوية المكتب العسكري أو من لم يكونوا في هاتين المؤسستين، أعضاءً في المجلس الوطني للثورة الذي عُقد في 1 أيلول 1965.
انظر:
بطاقة مروان حبش عضو المجلس الوطني للثورة عام 1965
اقرأ:
قانون تشكيل المجلس الوطني للثورة وتسمية أعضائه عام 1965
اقرأ ايضاً:
مروان حبش: أزمات حزب البعث بعد الوحدة (19)
مروان حبش: حل حزب البعث عام 1958 (18)
مروان حبش: السير نحو الوحدة (17)
مروان حبش: البعث وانتخاب القوتلي لرئاسة الجمهورية عام 1955(16)
مروان حبش: البعث والانتخابات النيابية عام 1954 (15)
مروان حبش:البعث والانقلاب على نظام حكم الشيشكلي (14)
مروان حبش: البعث والقيادة القومية (13)
مروان حبش: قضية انسحاب جلال السيد من حزب البعث (12)
مروان حبش: قضية الضابط داود عويس (11)
مروان حبش: قضية البعث وحسني الزعيم (10)
مروان حبش: دمج الحزبين وزواج لم يُعمِّر (9)
مروان حبش: الدمج بين حزبي البعث العربي والعربي الاشتراكي (8)
مروان حبش: صدور جريدة البعث والمؤتمر التأسيسي عام 1947 (7)
مروان حبش: معارك حركة البعث 1943- 1947 (6)
مروان حبش: تكون حلقة شباب البعث العربي 1942- 1943 (5)
مروان حبش: زكي الأرسوزي وتأسيس الحزب القومي العرب عام 1939 (4)
مروان حبش: الحزب القومي العربي (3)
مروان حبش: عصبة العمل القومي (2)
مروان حبش: نشأة وتكون حزب البعث العربي (1)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الدواعي والأسباب – المقدمة (1)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الحزب في السلطة (2)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. سقوط حكم حزب البعث في العراق (3)