شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – إنشقاق في صفوف الكتلة الوطنية بحماه
من مذكرات أكرم الحوراني (9 /71)
من مذكرات أكرم الحوراني – تشكيل حزب الشباب عام 1938 – الأمة الخالدة ورسالتها الإنسانية السامية
قضية الدكتور محمد السراج تولد جرحاً عميقاً في القاعدة الشعبية الكتلوية في حماه.
كانت الانتخابات التي جرت عام 1936 أحد أسباب الانقسام الذي أشرت له سابقاً في صفوف شباب مدينة حماه وطليعتها المثقفة، ففي تلك الانتخابات تطلعت الأنظار إلى محمد السراج بعد أن عاد من فرنسا وهو يحمل شهادة دكتوراه في الحقوق. فكانت الظروف مؤاتية لأمل بعض العناصر الشعبية داخل صفوف الكتلة لترشيحه للانتخابات النيابية، فقد كان شاباً خلوقاً متواضعاً من بيت شعبي متعلماً، له نشاط في حقل العمل الوطني.
وخلال سنواته الدراسية في فرنسا كانت الصحف السورية تنشر بعض الأخبار عن نشاطاته السياسية هناك بصفته رئيس لجنة الطلاب العرب في مدينة تولوز. فحاول الدكتور توفيق الشيشكلي احتضانه وتبنيه. وإنني لا أزال أذكر تلك الحفلة التي أقامها الدكتور توفيق في بيته للسراج، عند مجيئه لقضاء العطلة الصيفية بحماه سنة 1934. فقد امتدحه الدكتور توفيق وأثنى عليه. كما ألقى السراج خطاباً وطنياً كان موضع إجاب المحتفلين به.
استمر احتضان الدكتور توفيق للسراج إلى ما بعد عودته نهائياً من فرنسا. وكان الالتفاف الشعبي حول هذا الشاب المتعلم القريب إلى الأوساط الشعبية يزداد يوماً بعد يوم، خصوصاً بعد أن أصبح عضواً في اللجنة العليا للشباب الوطني، وهو التنظيم الذي تحدث عنه فبذل نشاطاً كبيراً فيه، ولكنه نشاط انحصر بإقامة الاحتفالات للمجموعات الكبيرة من الشباب الوطني، واستضافة أفواج منهم من دمشق وحمص وحلب، والبذل بسخاء، وإنني لا أزال أذكر ذلك الاحتفال الكبير الذي أقامه في فناء خان جده “أبي بكري” في حينا – وهو أكبر خان في حماة – حيث غص الكان على رحبه بالضيوف المدعويين إلى الغذاء، وقد زاد عددهم على الأربعة آلاف، فكانت تلك الوليمة حديث المدينة، وقبل إن الدكتور محمد السراج أنفق عليها مبلغاً من ماله، كان يعتبر كبيراً في ذلك الزمن، وكان الدكتور يملك قرية بيصين، إرثاً عن جده.
إنشقاق في صفوف الكتلة الوطنية بحماه:
وفي الانتخابات التي جرت أواخر عام 1936، عقب عودة الوفد السوري وعقد المعاهدة، دعت الكتلة الوطنية بحماه لتأييد قائمتها الموحدة المؤلفة من الدكتور توفيق الشيشكلي ونجيب البرازي ومحمد البارودي – وهو رجل وطني طيب متواضع – غير أن لفيفاً من الشباب الشعبي والمتنور الملتف حول محمد السراج طالب بترشيحه بدلاً من محمد البارودي، لكن قيادة الكتلة بحماه رفضت هذه الرغبة الشعبية التي كان يقودها الشباب بحماسة وإصرار، وكان قسم كبير من القاعدة الشعبية يعطف على السراج ويشعر بأنه أقرب إليه من الزعماء الآخرين، ويأمل منه خيراً.
كانت قيادة الكتلة مؤلفة من بضعة عشر شخصاً، منهم الدكتور توفيق ونجيب البرازي، ورئيف الملقي، ومحمد البارودي، ومصطفى الحوراني، وعبد الحسيب الشيخ سعيد وعثمان الحوراني، وعدد من وجهاء الزعامات الشعبية في الأحياء، وكان نفوذ الدكتور توفيق فيها أقوى من نفوذ البرازي لأنه أقرب إلى الشعب بينما يعتبر البرازي من الذوات، وهذا هو وضع الكتلة المتناقض كما تبلور بعد انتخابات 1932م.
كان الدكتور توفيق يهدف من تشجيعه للسراج أن يجعله من أنصاره، لا أن يكون مزاحماً له في قيادة المدينة وزعامتها، ولذلك أصرت الكتلة على ترشيح محمد البارودي، وأصر الشباب الشعبيون والمتنورون على ترشيح محمد السراج، وكانت التسوية التنازل عن الاثنين معاً وترشيح الدكتور عمر الدلال.
لم يخف نجيب البرازي تأييده لهذه التسوية، ظناً منه أن الدكتور الدلال الذي لم يكن له سابق نضال سياسي، سيكون في معيته تجاه نفوذ الدكتور توفيق ولكن الدكتور الدلال – وهو ابن الشعب الذكي – لم يحقق رغبة نجيب آغا، فكان موقفه في مجلس النواب على عكس ما أمل البرازي وانتظر.
ولدّت قضية السراج جرحاً عميقاً في القاعدة الشعبية الكتلوية بحماه، وشرخاً في بناء وحدتها زاد في تطلع العناصر الشعبية والمتنورة الشابة إلى تنظيم جدي بعد أن انسحب الدكتور حمد السراج من المعركة إثر التسوية وغادر حماه إلى دمشق فلبنان، وأرسل إلى أنصاره عشية الانتخاب البرقية التالية:
“انسحب باختياري احتراماً لقرار مكتب الكتلة الوطنية العام، أرجوكم التصويت غداً لقائمة الكتلة بكاملها، المصلحة الوطنية فوق الجميع”.
غادر السراج حماه، وبقيت العناصر الشابة التي التفت حوله تتطلع إلى تنظيم وقيادة جديدة وكان انشقاقها داخل صفوف الكتلة لا يزال في حالة التململ والتأزم.
اقرأ:
من مذكرات أكرم الحوراني (1) – من ذكريات الطفولة
من مذكرات أكرم الحوراني (2) – يا حوراني يا أكحل
من مذكرات أكرم الحوراني (3) – لماذا لم ينجح أبي في الانتخابات؟
من مذكرات أكرم الحوراني (4) – خلفیة الأوضاع الاجتماعیة بحماه في أواخر العھد التركي
من مذكرات أكرم الحوراني (5) – في مدرسة ترقي الوطن وأيام كئیبة عند الشیخة
من مذكرات أكرم الحوراني (6) – صفعة ظالمة من جندي الماني وحاكم سورية في ضیافتنا
من مذكرات أكرم الحوراني (7) -الأمير فیصل يتبرع لانشاء مدرسة في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (8) – مرحبا يا ابن الحسین
من مذكرات أكرم الحوراني (9) – طائرة ترمي منشورات في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (10) – الإنكليز والفرنسيون في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (11) – الثورات والأمل
من مذكرات أكرم الحوراني (12) – في قصر العظم
من مذكرات أكرم الحوراني (13) – الثورة الوطنیة والثورة الاجتماعیة معاً
من مذكرات أكرم الحوراني (14) – الحسین بن علي
من مذكرات أكرم الحوراني (15) – ثورة عام 1925 في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (16)- عثمان الحوراني يتحدث عن ثورة حماة عام 1925
من مذكرات أكرم الحوراني (17) – فظائع الفرنسیین في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (18) – البطل رزوق النصر ينتقم
من مذكرات أكرم الحوراني (19) – من ھم مواطنونا الدروز؟
من مذكرات أكرم الحوراني (20) : بدء تفتح الوعي السیاسي للقضیة الوطنیة
من مذكرات أكرم الحوراني (21) : فرنسا تصطنع الشیخ تاج
من مذكرات أكرم الحوراني (22): التعرف على الشعراء والزعماء الوطنیین في دمشق
من مذكرات أكرم الحوراني (23) – فجیعة سوريا باغتیال الغزي
من مذكرات أكرم الحوراني (24) – في الكلیة الوطنیة بعالیه في لبنان
من مذكرات أكرم الحوراني (25) – ذكريات من مكتب عنبر
من مذكرات أكرم الحوراني (26) – تأسیس أول ناد رياضي في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (27) – الصدمة الأولى في الجامعة الیسوعیة
من مذكرات أكرم الحوراني (28) – في لبنان عام 1931
من مذكرات أكرم الحوراني (29) – الشعب السوري يثور ضد تزيیف الانتخابات
من مذكرات أكرم الحوراني (30) – محاولة اغتیال صبحي بركات
من مذكرات أكرم الحوراني (31) – جذور الحركة الشعبیة في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (32) – أهل الصفة
من مذكرات أكرم الحوراني (33) – لقاء مع ابراهیم هنانو
من مذكرات أكرم الحوراني (34) – وفاة الملك فیصل بن الحسین
من مذكرات أكرم الحوراني (35) – وحدة القضیة السورية الفلسطینیة
من مذكرات أكرم الحوراني (36) – في معھد الحقوق بدمشق
من مذكرات أكرم الحوراني (37) – تخلف معھد الحقوق
من مذكرات أكرم الحوراني (38) – التراث عامل تطوير لا تجمید
من مذكرات أكرم الحوراني (39) – مقال لم ينشر
من مذكرات أكرم الحوراني (40) – “الرجل” الذي ينتقم من النساء ومعركة الحشيش
من مذكرات أكرم الحوراني (41) – أولئك المحجبات الباسلات
من مذكرات أكرم الحوراني (42) – العید الألفي لأبي الطیب المتنبي
من مذكرات أكرم الحوراني (43) – الوباء
من مذكرات أكرم الحوراني (44) – سلطة الانتداب تجمد نادي أبي الفداء
من مذكرات أكرم الحوراني (45) – بوادر صراع النفوذ السعودي والھاشمي في سورية
من مذكرات أكرم الحوراني (46) – عصبة العمل القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (47) – الكتلة الوطنية تتجه نحو التنظيم الحزبي
من مذكرات أكرم الحوراني (48) – إيطاليا تهاجم الحبشة
من مذكرات أكرم الحوراني (49) – وهوى الصقر .. الزعيم إبراهيم هنانو
من مذكرات أكرم الحوراني (50) – الحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (51) – إهانة الشيخ تاج في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (52) – منير الريس ينتقم من حسني البرازي
من مذكرات أكرم الحوراني (53) – أربعون الزعيم هنانو عام 1935
من مذكرات أكرم الحوراني (54) – الإنفجار الكبير .. إضراب الستين يوماً في سوريا
من مذكرات أكرم الحوراني (55) – الإضراب الستيني .. والكتلة الوطنية
من مذكرات أكرم الحوراني (56) – كيف انتهى الإضراب الستيني؟
من مذكرات أكرم الحوراني (57) – المظاهر الخادعة
من مذكرات أكرم الحوراني (58) – تنظيم الشباب الوطني
من مذكرات أكرم الحوراني (59) – مفاوضات باريس عام 1936
من مذكرات أكرم الحوراني(60)- ثورة 1936 في فلسطين
1936- ثورة الشعب العربي على الاستعمار في سورية وفلسطين ومصر
من مذكرات أكرم الحوراني (61) – ثورة عام 1936 في فلسطين تأخذ مداها القومي العربي
من مذكرات أكرم الحوراني(62) – المعاهدة السورية -الفرنسية 1936
من مذكرات أكرم الحوراني (63)- مجلس عام 1936 وانتخاب الأتاسي رئيساً للجمهورية
من مذكرات أكرم الحوراني (64)- تهاون الكتلة الوطنية بقضية لواء الاسكندرون
من مذكرات أكرم الحوراني (65)- الشهبندر يعارض من منفاه ويدافع عن عروبة لواء الاسكندرون
من مذكرات أكرم الحوراني (66) – تنازلات جميل مردم .. وتراجع فرنسا عن تصديق معاهدة 1936
من مذكرات أكرم الحوراني (67) – التجربة والخطأ في الحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (68) – حملة في حماة ضد الحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (69) – لبنان والحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (70) – التجربة والخطأ