من مذكرات أكرم الحوراني – صفعة ظالمة من جندي الماني وحاكم سورية في ضیافتنا
صفعة ظالمة من جندي الماني
شاھدت في أواخر الحرب العالمیة الأولى انسحاب الجیش الألماني بآلیاته التي كنت أراھا لأول مرة، فحاولت ذات يوم أن أقف على جانب الطريق في حینا لمشاھدة تلك الآلیات عن قرب، وكان بعض الأطفال قد وضعوا قبل مجیئي حاجزا من حجارة صغیرة في الطريق، فتوقفت إحدى السیارات أمامي ونزل منھا جندي ألماني وصفعني على وجھي ورفسني برجله وكاد يقضي علي.
طفولة سعیدة مع أبناء القرية
كان أھلي، في أثناء الحرب وبعدھا، يقضون فصل الصیف من كل عام في قرية البیاضیة، فكنت أتحرق شوقا لقدوم الصیف لألتقي بأطفال القرية نصطاد الزرازير بالفخ، ونجمع العلك من بعض النباتات، ونسبح في “غبابیط” النھر عندما يقل جريانه، وكانت روحاتي وغدواتي للكروم مع الكبار أمتع ما بقي في نفسي من ذكريات الطفولة، لقد صادقت مبكرا جدا الفلاحین، وعرفت مبكرا جدا أوضاعھم وعلاقاتھم بالملاكین مما كان سببا في تفتح وعیي الوطني والاجتماعي جنبا إلى جنب.
حاكم سورية العسكري في ضیافتنا
1919 أتى عمي – في أحد الأيام الماطرة من شتاء 1918 ياسین يخبر والدتي بأن برقیة وردت إلى محافظ حماه بدر الدين الكیلاني من رضا باشا الركابي حاكم سورية العسكري يطلب إلیه فیھا أن يخبر والدي بأنه سیحل ضیفا في منزله، فأجابه الكیلاني على برقیته بأن والدي قد توفي أثناء الحرب، فاحتج عمي على برقیة المحافظ وطلب منه أن يرسل برقیة ثانیة يرحب فیھا بالضیف، ولعل الصداقة التي عقدت بین والدي ورضا باشا الركابي كانت بسبب انتسابھما إلى العربیة الفتاة.
خرج فرسان حماه على صھوات جیادھم الأصیلة لاستقبال رضا باشا حتى الرستن، منتصف طريق حمص، ثم رافقوا الموكب حتى وصلت السیارة إلى بیتنا، وقد نزل رضا باشا [1] في بیتنا إكراما لذكرى والدي، فقد كانا صديقین حمیمین، وكان بصحبته الشاعر خلیل مردم الذي ظل اسمه يتردد على لسان عمي بعد انتھاء تلك الزيارة التي شغلت المدينة والناس، أما بالنسبة إلي فإن أھم مكتسباتي من الزيارة أنھا أتاحت لي أن أرى السیارة عن كثب، وقد تأملتھا طويلا بتفحص وإمعان وإعجاب.
[1] في لیلة 30 أيلول 1918 وصلت القوات العربیة والانكلیزية إلى ضواحي دمشق، بینما تسربت ) إلى العاصمة قوات نظامیة من جیش الثورة العربیة، إلا أن الدخول الرسمي للقوات العربیة النظامیة وقوات الجنرال اللنبي كان في أول تشرين الأول 1918 … وفي 3 تشرين أول وصل اللنبي إلى دمشق وثبت الإجراءات التي اتخذت حول الإدارة المؤقتة للمنطقة الداخلیة تحت حكم رضا الركابي وبإمرة الأمیر فیصل القائد العام للمنطقة الداخلیة … وكان رضا الركابي من عائلة سورية معروفة وضابطا في الجیش التركي وقد بلغ زمن العثمانیین مناصب عسكرية وإدارية عالیة، وكان عضوا في الحركة العربیة برغم أنه ظل في منصبه في الجیش العثماني، وقد كلفه فیصل قبل وصوله إلى دمشق بتشكیل الحكومة العربیة التي تتسلم الأمور من السلطات العثمانیة، فقد كان الركابي يتولى قیادة القوات التركیة التي تدافع عن دمشق. 1920 – المؤسسة العربیة – (خیرية قاسمیة – الحكومة العربیة في دمشق بین 1918 .49 ،51 ، للدراسات والنشر – بیروت – الطبعة الثانیة 1982 ، ص 47
اقرأ:
من مذكرات أكرم الحوراني (25) – ذكريات من مكتب عنبر
من مذكرات أكرم الحوراني (24) – في الكلیة الوطنیة بعالیه في لبنان
من مذكرات أكرم الحوراني (23) – فجیعة سوريا باغتیال الغزي
من مذكرات أكرم الحوراني (22): التعرف على الشعراء والزعماء الوطنیین في دمشق
من مذكرات أكرم الحوراني (21) : فرنسا تصطنع الشیخ تاج
من مذكرات أكرم الحوراني (20) : بدء تفتح الوعي السیاسي للقضیة الوطنیة
من مذكرات أكرم الحوراني (19) – من ھم مواطنونا الدروز؟
من مذكرات أكرم الحوراني (18) – البطل رزوق النصر ينتقم
من مذكرات أكرم الحوراني (17) – فظائع الفرنسیین في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (16)- عثمان الحوراني يتحدث عن ثورة حماة عام 1925
من مذكرات أكرم الحوراني (15) – ثورة عام 1925 في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (14) – الحسین بن علي
من مذكرات أكرم الحوراني (13) – الثورة الوطنیة والثورة الاجتماعیة معاً
من مذكرات أكرم الحوراني (12) – في قصر العظم
من مذكرات أكرم الحوراني (11) – الثورات والأمل
من مذكرات أكرم الحوراني (10) – الإنكليز والفرنسيون في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (9) – طائرة ترمي منشورات في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (8) – مرحبا يا ابن الحسین
من مذكرات أكرم الحوراني (7) -الأمير فیصل يتبرع لانشاء مدرسة في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (6) – صفعة ظالمة من جندي الماني وحاكم سورية في ضیافتنا
من مذكرات أكرم الحوراني (5) – في مدرسة ترقي الوطن وأيام كئیبة عند الشیخة
من مذكرات أكرم الحوراني (4) – خلفیة الأوضاع الاجتماعیة بحماه في أواخر العھد التركي
من مذكرات أكرم الحوراني (3) – لماذا لم ينجح أبي في الانتخابات؟
