ملفات وقضايااختيارات المحرر
إنقلاب 23 شباط 1966
إنقلاب 23 شباط 1966
القيادتان القطرية والقومية مطلع عام 1966
تميز المشهد السياسي السوري الداخلي في أواخر عام 1965 بجملة تناقضات ظهرت بين تيارين سياسيين.
الأول ضم : الرئيس أمين الحافظ ووزير الدفاع محمد عمران، واعضاء القيادة القومية مثل صلاح البيطار وميشيل عفلق ومجموعة من الساسة والعسكريين.
أما الثاني أطلق عليهم أعضاء القيادة القطرية. وضم هذا التيار مجموعة من قيادات البعث والعسكر وعلى رأسهم:
عزمت القيادة القومية المتحالفة مع أمين الحافظ في أواخر كانون الأول 1965 على اتخاذ عدة اجراءات هدفها الحد من تنامي نفوذ التيار الثاني.
ونشر صلاح الدين البيطار في تلك الأثناء سلسلة مقالات في صحيفة البعث على تسلط العسكر على الحكم وعلى حزب البعث العربي الاشتراكي.
وايضا في تلك الفترة انضم محمد عمران إلى جماعة القيادة القومية إثر عودته من سفارة مدريد إلى دمشق فجأة لمجابهة أعضاء القيادة القطرية ومحاولة انتزاع السلطة منهم. وبالاتفاق مع الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي ميشيل عفلق ومنيف الرزاز عضو القيادة القومية وصلاح الدين البيطار وأمين الحافظ، أصدرت القيادة القومية قراراً بحل تعديلات في التشكيلات الحزبية والعسكرية، وتكليف صلاح الدين البيطار بتاريخ الرابع من كانون الثاني 1966 بتشكيل الحكومة مجدداً.
وفي محاولة لكسب التأييد الشعبي وتأكيداً لما أعلن من انفتاح على الجماهير، أطلق الرئيس أمين الحافظ سراح جميع السجناء من الاشتراكيين العرب وجميع معتقلي السجون من مختلف الفئات السياسية.
وبعد أسبوع من تشكيل حكومة صلاح الدين البيطار جرت محاولات للمصالحة بين القيادة القومية وبين القيادة القطرية باءت بالفشل.
ثم أصدرت القيادة القومية قراراً بتاريخ الرابع عشر من شباط يقضي بإعادة تشكيل المجلس الوطني لقيادة الثورة الذي سبق أن شكل في تاريخ الثالث والعشرين من شباط 1965، واستبعدت القيادة القومية من عضوية هذا المجلس أعضاء القيادة القطرية السابقين. وأشركت فيه ممثلين من مختلف الفئات المهنية الذين بلغ عددهم 143 عضواً.
بدأت على أثر تلك التطورات لجنة عسكرية من جماعة القيادة القطرية، وتألفت من خمسة أعضاء هم : ( صلاح جديد – حافظ الأسد – عبد الكريم الجندي – مصطفى طلاس– سليم حاطوم )، بدأت التخطيط لإقصاء الجناح اليميني في حزب البعث العربي الاشتراكي المتمثل في القيادة القومية.
الإنقلاب
جاءت الفرصة للقيادة العسكرية في قيامها بالحركة عندما حاول محمد عمران وزير الدفاع أن يختبر سلطاته الجديدة، حين أصدر أمراً بنقل ثلاثة من كبار ضباط الجيش،وهم اللواء أحمد سويداني مدير المخابرات العسكرية السابق، مدير إدارة شؤون الضباط، والعقيد عزت جديد من سلاح الدبابات، والرائد سليم حاطوم الذي كانت وحدته الفدائية تقف في حراسة القصر الجمهوري ومحطة التلفزيون، ونقاط إستراتيجية أخرى.
وعلى أثر قرار وزير الدفاع هذا قررت اللجنة العسكرية التحرك والرد على خطوة وزير الدفاع الرامية إلى إضعافهم وبدأت بتنفيذ الإنقلاب.
كانت بداية التحرك العسكري عندما قام قائد الجبهة الضابط عبد الغني إبراهيم بالاتصال بقيادة الجيش في دمشق ليفيد بأن شجاراً قد نشب بين ضباط خط المواجهة، وأنهم سحبوا السلاح، وشهروه في وجه بعضهم. جعلت هذه الخدعة رئيس الجمهورية الفريق أمين الحافظ، ووزير الدفاع محمد عمران ورئيس الأركان، يهرعون ليحلوا هذه المشكلة.
وبعد أن طاف الرئيس أمين الحافظ وصحبه على الوحدات واشتركوا في نقاشات مطولة، عادوا إلى دمشق منهكين، واتجهوا إلى منازلهم في الساعة الثالثة صباحاً يوم الثالث والعشرين من شباط. وبعد ساعتين فقط استيقظوا على سماع البلاغ رقم (1) الذي أعلن الإنقلاب الجديد والقبض على كل من: أمين الحافظ، ميشيل عفلق، منيف الرزاز، محمد عمران، منصور الأطرش، صلاح البيطار، شبلي العيسمي. كما أشار البيان أنهم سيقدمون للمحاكمة أمام محكمة حزبية خاصة لمحاكمتهم على ما اقترفوه بحق الحزب والثورة.
ويذكر مصطفى طلاس في مذكراته مرآة حياتي تفاصيل اقتياد أمين الحافظ ومحمد عمران، والقادة الموالين لهم إلى سجن المزة في اليوم الأول للحركة، واعتقال ثلاثين آخرين في قصر الضيافة في شارع حلب بينهم صلاح الدين البيطار ومنصور الأطرش وشبلي العيسمي، وكذلك أعضاء آخرين في القيادة القومية.
قرارات القيادة القطرية المؤقتة
اجتمعت القيادة القطرية المؤقته فور تنفيذ العملية وقررت تسمية الدكتور نور الدين الأتاسي رئيساً للدولة، وتسمية الدكتور يوسف زعين رئيساً للوزراء وضمت هذه الوزارة لأول مرة في تاريخ سورية وزيراً يمثل الحزب الشيوعي السوري، إضافة الى وزراء ناصريين واشتراكيين ومستقلين.
وأصدرت القيادة القطرية مباشرة القرار رقم (1) الذي تضمن ما يلي : (قررت القيادة القطرية المؤقتة لحزب البعث في جلستها المنعقدة بتاريخ الثالث والعشرين من شباط ما يلي :
مادة أولى – وقف العمل بالدستور المؤقت وحل المجلس الوطني لقيادة الثورة.
مادة ثانية – يعين اللواء حافظ الأسد وزيراً للدفاع ويباشر عمله فوراً.مادة ثالثة –يرفع العقيد أحمد سويداني إلى رتبة لواء، ويعين رئيساً للأركان العامة، ويباشر عمله فوراً ) .
وقررت القيادة دعوة المؤتمر القطري الثاني، وكانت صلاحيته لا تزال قائمة، لعقد دورته الاستثنائية الثالثة في 10 آذار 1966، وحضر هذه الدورة الأكثرية المطلقة من أعضاء المؤتمر، وقاطعها أنصار القيادة الموسعة وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد، وانتخب المؤتمر في نهاية دورته قيادة قطرية جديدة ، من: نور الدين الأتاسي – صلاح جديد – يوسف زعين – حافظ الأسد – محمد الزعبي – عبد الكريم الجندي – جميل شيا – مصطفى رستم – محمد رباح الطويل – مروان حبش – محمد عيد عشاوي – فايز الجاسم – إبراهيم ماخوس – أحمد سويداني – حبيب حداد – كامل حسين. وكان باكورة قراراتها البدء باتصالات مع المنظمات القومية للحزب من أجل تشكيل لجنة اتصال قومي مهمتها الإعداد لمؤتمر قومي للحزب(1).
وبعد أيام من نجاح الحركة عينت القيادة القطرية المؤقتة الدكتور نور الدين الأتاسي أكبر أعضاء القيادة القطرية المؤقتة سناً رئيساً للدولة حيث كلف الدكتور يوسف زعين بتشكيل الوزارة الأولى بعد قيام الحركة.
(1) مروان حبش: حركة 23 شباط .. انتصار منطق الحسم العسكري وتنفيذ الحركة
اقرأ:
البلاغ رقم 3 لحركة 23 شباط 1966
بيان ميشيل عفلق حول إنقلاب 23 شباط 1966
محمود جديد : المقدمات والأسباب المباشرة لحركة 23 شباط 1966
صحيفة المنار 1966- التنافس الروسي – الصيني في سورية
اقرأ ايضاً:
مروان حبش: حركة 23 شباط – الدواعي والأسباب – المقدمة (1)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الحزب في السلطة (2)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. سقوط حكم حزب البعث في العراق (3)
