You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

خالد محمد جزماتي: حــكــايــات مـن الذاكرة (1)

خالد محمد جزماتي – التاريخ السوري المعاصر

 الله جل وعلا الذي أحسن كل شيء خلقه، جعل الاختلاف بين بني البشر كاختلاف بصمات الأصابع بين شخص وآخر ..

وهكذا الاختلاف في السياسة وفي الأعراف المجتمعية، وعند التحدث عن تلك الاختلافات نهدف الى ابراز ايجابيات الماضي مع الاعتراف بوجود حوادث سلبية مؤسفة نقذف بها الى عالم اّخر لا نريده، وكل ذلك من أجل تحسين حاضرنا المليء بالعثرات والمصائب، ولنستشرف المستقبل الذي نحلم بولوج أجياله اليه.

ولقد دخلت مجتمعاتنا العربية والاسلامية دوائر الصراعات المحلية والاقليمية والدولية وهي مُجبرة من قبل الدول العظمى الاستعمارية الطامعة بالتحكم الأبدي ببلادنا وبمجتمعاتنا تحت ذرائع أكثرها شيطانية لا تقرها شرائع سماوية كانت أم انسانية.

ولقد حاول القادة المحليون في بلادنا الحصول على الممكن بنتيجة تلك الصراعات العسكرية منها أو الدبلوماسسة. ونتيجة التآمر الدولي بنهاية الحرب العالمية الأولى كانت طموحات العرب هي قيام الدولة العربية الواحدة شرقي البحر الأبيض المتوسط.

ولكن الفرنسيين والبريطانيين سيطروا على القرار الأممي وأنجزوا لعبة الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان ، والانكليزي على فلسطين والعراق ، وثار أهل بلاد الشام والعراق على حكامهم الأجانب وعلى المتعاونين معهم من أبناء جلدتهم.

ولقد قامت الثورة السورية الكبرى في صيف عام 1925 وانتهت باخمادها بعد سنتين ، وبدأ العمل السياسي بتأسيس الكتلة الوطنية عام 1928 ، ومن مؤسسيها رجال من حماة كالدكتور توفيق الشيشكلي ونجيب البرازي ومصطفى الحوراني وعبد القادر الكيلاني وغيرهم وكان رئيس فرعها في حماة الدكتور توفيق الشيشكلي ..

وحتى لا نخرج عن سياق عنوان هذا المقال وعنوانه ، لا بد لي من القول بأن أكثر الحركات الوطنية وأحزابها التي تشكلت ، قد وُلدت من رحم الكتلة الوطنية ، ومثالي على ذلك ولادة حزب الشباب في عامي 1937 و 1938 من الكتلة الوطنية في حماة بعد انشقاق المجاهد عثمان الحوراني عن الكتلة وتأسيسه لهذا الحزب وهنا أروي أول حكاية.

بعد وفاة زعيم الكتلة الوطنية الدكتور توفيق الشيشكلي ، تسلم زعامتها المحامي رئيف الملقي عام 1940 ، وتحالف مع حزب الشباب بزعامة المرحوم عثمان الحوراني ، وكانت هناك قوة سياسية قوية في حماة مقابل الكتلة الوطنية وحزب الشباب تحت زعامة ملاك الأراضي الضخمة في حماة كعائلة البرازي والعظم والكيلاني وغيرهم.

وعندما تقدمت المفاوضات الوطنية مع الفرنسيين ولاح تحقيق الاستقلال في الأفق بدأ التحضير لانتخابات عام 1943 .. في ذلك الزمان اشتدت الصراعات في حماة بين الجبهة الشعبية والقوى الأخرى المحافظة المعتمدة على نفوذ العائلات الكبرى.

وفي أحد أيام النشاطات الانتخابية والعراضات قائمة في حماة من الجانبين صعد المرحوم “علاء الدين الحريري” (من رجالات حي الفراية الأقوياء) على الأكتاف ونادى بالهتاف التالي : ” هات القفة والكريك …لنقش الاّغا والبيك ” ..

وسرى هذا الشعار بسرعة غريبة في المدينة وأصبحت العراضات الشعبية التي تمثل حزب الشباب وجماعة رئيف الملقي تهتف به ، مما أدى الى غضب شديد للقوى المحافظة المقابلة ، وكادت أن تقع فتنة كبيرة قد تكون ضحاياها لا يقدر ..!

وفي اليوم التالي تجمع أهل حي (العليليات) و (الفراية) يتزعمهم علاء الدين الخريري وسعيد طرابلسية ، استعدادا لملاقاة تجمع من بعض أحياء (الحاضر) عند قصر المرحوم فريد العظم ، وكادت أن تقع الفتنة وتأتي على الأخضر واليابس ..

عند ذلك سارع الرجال العقلاء الى الاجتماع في مدرسة دار العلم والتربية ، وشكلوا ما سموه بلجنة الاصلاح مكونة من السادة :

مفتي حماة الشيخ محمد سعيد النعسان ، ومطران أبرشية حماة أغناطيوس حريكة ، والشيخ محمود الشقفة ، والحاج محمد الأشقر عدي ، والحاج محمد نور عدي ، والحاج محمد نور حميدان.

وعقدت هذه اللجنة الوطنية اجتماعات عدة قررت في نهاية تداولها لما يجري في حماة قرارا وطنيا تاريخيا لم يحدث مثله من قبل ولا من بعد ، وهو تشكيل قائمة لنتخابية واحدة للمدينة ضمت كل من السادة :

نجيب البرازي – غالب العظم – رئيف الملقي – أكرم الحوراني – فريد مرهج ..

وقد نجحت هذه القائمة نجاحا عظيما بدون تزوير. وفي هذه الحكاية تفاصيل مثيرة من المستحيل الاحاطة بها ضمن هذه السطور…..

الحكاية الثانية …….

في احدى مداخلات أحد الأصدقاء من اّل البرازي أعلمني فيها أن المرحوم شريف اّغا البرازي كان على صلة صداقة عظيمة بالمرحوم رشيد الحوراني والد السياسي المعروف أكرم الحوراني ، وتلك الصداقة الحميمية شجعته على بناء قصره المعروف بالقرب من مبنى اّل الحوراني ( حاليا هو مطعم بيت الشرق ) ، وأيضا ولده ابراهيم اّغا البرازي كان على علاقة طيبة بأخوة أكرم الحوراني ..ومن المعروف أن عائلة الحوراني جاء جدهم الشيخ عثمان سائحا الى حماة منذ أكثر من خمسة قرون من بلدة ” جاسم ” في حوران وهو من اّل الحلقي ، أما اّل البرازي فقد قدمو الى حماة ابتداءَ من عام 1780 ، وكان بعضهم قادة عسكريين ..وتلك المقدمة المقتضبة لأحكي حكايتي الثانية أن التوافق والانسجام الاجتماعي قد يؤثر عليه العمل السياسي على مسارح مختلفة والذي يؤدي الى الاختلاف في وجهات النظر محدثا الكراهية عند البعض ، ومن هذا البعض من يورث الكراهية للأبناء والأحفاد ، وذلك يعتبر لدي احدى عوامل الضعف التي تضر بالمصالح العامة التي نرنو جميعا الى تعزيزها بنشر الوداد والتمكن من ادارة الخلاف لصالح الجميع ، واليكم ما أملكه من معلومات موثقة عن بعض الروابط الاجتماعية ….

–زوجة المرحوم محي الدين الحوراني هي السيدة ” ســهـيـلـة بنت أحمد اّغا البرازي بن محمد اّغا بن باكير اّغا البرازي رحمهم الله جميعا وغفر لهم

— زوجة المرحوم واصل رشيد الحوراني هي السيدة ” بـهـيـرة ” بنت شريف اّغا البرازي بن محمد اّغا بن باكير اإا البرازي ..رحمهم الله جميعا وغفر لهم .

— زوجة المرحوم محي الدين اّغا الشيشكلي هي السيدة ” نـوريـة ” بنت رشيد الحوراني الرفاعي ، أولادهما غالب ومحسن ورياض ..رحمهم الله جميعا وغفر لهم ..

وحكاية الجوار بين السيد حسن اّغا الشيشكلي والسيد رشيد الحوراني فيلزمها تفصيل كثير ، ولكن أجمل الأحداث أن الكابتن الفرنسي السيء الذكر ” ميك ” بمجرد وصوله الى حماة بعد تعيينه حاكما عسكريا للواء حماة ، قام باحتلال منزلي الحوراني والشيشكلي ، وجعل من دار الشيشكلي مقر اقامته ، ومن دار المرحوم رشيد الحوراني ( كان قد توفاه الله قبيل مغادرة الأتراك البلاد ) أقام مستشفا عسكريا ..ثم اعتقل السيد حسن الشيشكلي والد الرئيس الأسبق أديب الشيشكلي وعذبه عذابا شديدا بتهمة دعم ثورة الشيخ صالح العلي …بعد ذلك تخرج الاثنان أكرم الحوراني وأديب الشيشكلي من مدرسة دار العلم والتربية ، وكان الاثنان عضوان في كشاف العاصي وهو أول الأفواج الكشفية في حماة ، وبالاختصار تفرق الاثنان دراسيا فأكرم أصبح محاميا وأديب أصبح ضابطا وتعاطف الاثنان في فترة معينة مع الحزب القومي السوري الاجتماعي ، وحاربا سوية في جيش الانقاذ ، وساهما في الحيااة السياسية وهنا أنا لا أعني بالتفاصيل ، ولم يختلف الاثنان سياسيا الا في أواخر عام 1951 ، حتى أن تأثير مبادىء الحزب العربي الاشتراكي كانت في بيت الرئيس أديب الشيشكلي بشخصية ابنه النقيب احسان الشيشكلي وهو ضابط وطني جدي محترم …رحم الله الجميع وغفر لهم …نورد تلك المعلومات للاستفادة منها واستخلاص العبر ، ومن أجل التفريق بين الحدث التكتيكي وبين اّمال الأمة الاستراتيجي…ولنعترف بأن الوداد هو أصل لكل محبة .


انظر:

خالد محمد جزماتي: ثــورات حــمــص على الفرنسيين (1)

خالد محمد جزماتي: ثــورات حــمــص على الفرنسيين (2)

خالد محمد جزماتي: ثــورات حــمــص على الفرنسيين (3)

خالد محمد جزماتي: ثــورات حــمــص على الفرنسيين (4)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (1)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (2)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (3)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (4)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (5)

خالد محمد جزماتي: تأسيس الدولة العربية في دمشق 1918- 1920

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (1)

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (2)

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (3)

خالد محمد جزماتي: مـعـركـة مـيسـلـون.. خسائرالطرفين (4)

خالد محمد جزماتي : مـعـركـة مـيسـلـون.. فيصل الأول وفوزي القاوقجي (5)


الدكتور توفيق الشيشكلي .. زعيم حماة و رئيس الكتلة الوطنية

أحمد سامي السراج .. أعلام وشخصيات من حماة

هاشم صيادي .. أعلام وشخصيات من حماة

المحامي رئيف الملقي .. أعلام وشخصيات من حماة

عبد الرحمن آغا الشيشكلي وأبناؤه الثلاثة

نورس الكيلاني



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى