You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

خالد محمد جزماتي: القوى البحرية السورية وحرب تشرين الأول 1973 (1)

خالد محمد جزماتي – التاريخ السوري المعاصر

بعد حرب حزيران 1967 بين العرب ودولة اسرائيل ، واحتلالها لشبه جزيرة سيناء والضفة الغربية ومرتفعات الجولان ، والتي أدت الى استمرار الصراع العربي الاسرائيلي ، وبدأ التفكير الجدي من قبل القيادتين العربيتين السورية والمصرية بشن الحرب لاسترجاع الأراضي المحتلة ، والوصول الى حلول مقبولة من قبل العرب وخاصة الفلسطينيين باقامة الدولة العربية الفلسطينية ، وبعد اجتماعات مطولة بين الرئيسين حافظ الأسد وأنور السادات تم اتخاذ قرار الحرب يوم 25 شباط 1973 ، وأعطيت الأوامر الى القيادتين العسكريتين السورية والمصرية لإعداد الخطط اللازمة للهجوم وتحرير الأراضي المحتلة ، فكان قرار الهجوم الساعة 14 يوم 6 تشرين الأول عام 1973 بعد استعراض كافة الخيارات ، وتم تنفيذ الخطة بكاملها ..وفي هذه العجالة سأنقل فقط ما سجلته القيادة السورية العسكرية عن المعارك البحرية الأربعة التي خاضتها القوى البحرية السورية مع القوى البحرية الاسرائيلية طوال أيام حرب تشرين 1973 ……… خاضت القوى البحرية في الجمهورية العربية السورية لأول مرة في تاريخها الحديث معارك ضارية في حرب تشرين التحريرية بدأت في اليوم الأول لبداية هذه الحرب وانتهت في اليوم الذي انتهت فيه الحرب بين العرب وإسرائيل.

هذه الأعمال القتالية التي دارت في البحر وعلى الساحل جديرة بالاهتمام والدراسة، لأن طبيعة الصراع المسلح في البحر وعلى الساحل لها خصائصها المختلفة كل الاختلاف عن الصراع المسلح في البر والجو، وأهم هذه الخصائص:

1- سعة مسرح العمليات البحري.

2 -طبيعة مسرح العمليات البحري (الوسط، الأنواء، الأعماق، إلخ…)

3- استخدام المناورة على نطاق واسع.

4 – أهمية الأهداف الساحلية من الناحية الاستراتيجية وارتباطها بمسرح العمليات البحري الواسع.

وإذا علمنا أن البحرية السورية خاضت جميع معاركها ضد عدو متفوق في العتاد من الناحيتين الكمية والنوعية، وفي زمان ومكان كان العدو يختارهما، فإننا ندرك أهمية الدور المشرف الذي قامت به البحرية السورية في الدفاع عن مياهنا الإقليمية.

لقد قاتل رجال البحر بشرف ورجولة ولم يمكنوا العدو الإسرائيلي من تلويث شواطئ بلادنا. وفيما يلي تفاصيل المعارك الأربع التي جرت بين القوات البحرية السورية وقوات البحرية الإسرائيلية، وهي خير دليل على بطولات هؤلاء البحارة:

المعركة البحرية الأولى:

الزمان: ليلة 6- 7 تشرين الأول عام 1973.

المكان: منطقة البحر المتوسط الواقعة بين جزيرة قبرص غرباً، ورأس البسيط إلى بانياس على الساحل العربي السوري شرقاً.

سير المعركة:

في الساعة 21,00 من يوم 6 تشرين الأول 1973، كانت الوحدات البحرية في مواقع انتشارها في الموانئ والمراسي، وكانت الزوارق والسفن المخصصة لأعمال المرور والدورية قد أخذت مكانها على خطوط الدورية، إلا زورقاً واحداً كان عليه أن يقوم بالتواجد على خط المرور بيروت – رأس جريكو، غير أنه لم ينجح في اتخاذ موقعه لعطل طارئ في أجهزة الاتصال. كانت معلومات الاستطلاع تشير إلى أن وحدات بحرية معادية تبحر نحو الشمال دون أن يكون هناك أي تحديد لحجم هذه القوات ونوعها، وما هي وجهتها الحقيقية والأعمال القتالية التي ستنفذها.

انطلاقاً من هذه الحقائق وبعد حساب الزمن المتوقع لوصول هذه الوحدات إلى السواحل السورية، أعطيت الأوامر لقيادة زوارق الطوربيد والصواريخ بوضع الوحدات في درجة الاستعداد القتالي رقم واحد والخروج إلى البحر إلى نقاط التجمع الأكثر ملاءمة لخوض الأعمال القتالية. أبحرت المجموعة الصاروخية المتمركزة في الموانئ الشمالية (اللاذقية وميناء البيضاء الحربي) باتجاه طرطوس، وعندما كانت هذه المجموعة في الموقع جنوب غرب اللاذقية مسافة 5ـ6 أميال أعلن قائد زورق الطوربيد الذي يقوم بالدورية على خط المرور رأس البسيط – رأس أندريا، عن اشتباكه بثلاثة زوارق معادية بالمدفعية. واستمر في إعلان الموقف حتى فُقد الاتصال به، عندها أعلن مركز القيادة الرئيسي للقوى البحرية عن وجود وحدات بحرية معادية والاشتباك مع هذه الوحدات المعادية بزورق الدورية على خط البسيط – رأس أندريا، وأبلغ ذلك جميع الوحدات البحرية وصدر الأمر إلى كاسحة الألغام الموجودة غربي اللاذقية بالانسحاب باتجاه الشاطئ لتكون تحت حماية المدفعية الساحلية وبعيدة عن مسرح الاشتباكات البحرية القادمة بين الزوارق السورية ووحدات العدو البحرية المقتربة.

وفي الوقت ذاته، أعلنت مجموعة زوارق الصواريخ بقيادة المقدم البحري قاسم بيضون عن اكتشاف مجموعة أهداف باتجاه 275 مسافة 27 ميلاً من اللاذقية ومجموعة أهداف جنوب غربي اللاذقية، على مسافة 18 ميلاً. وكان واضحاً كل الوضوح أن مجموعة الأهداف الأولى هي نفسها التي كانت قد اشتبكت بزورق الدورية.

صدرت الأوامر من مركز القيادة الرئيسي إلى المجموعة الضاربة (مجموعة زوارق الصواريخ) بتدمير مجموعة الأهداف المكتشفة على مسافة 27 ميلاً اتجاه 275. قامت المجموعة الضاربة بتوجيه ضربة صاروخية على مجموعة الأهداف المعادية، ونفذت هذه الضربة بكل ثقة وتصميم. غير أن أحد صواريخ الزورق الرباعية لم ينطلق في أثناء المسير على خط سير القتال. فعزم قائد المجموعة وقائد الزورق على أن يصبا صواريخهما كلها على وحدات العدو فأعادوا الكرة وأطلقا الصواريخ رغم معرفته بما في ذلك من خطر كبير على انسحابها لاقتراب المسافة بينها وبين العدو. وقد أعلن قائد المجموعة بكل ثقة وتأكيد عن أن نتيجة الضربة التي وجهت قد دمرت خمسة أهداف بحرية معادية رصدت إصاباتها على شاشة الرادار.

وأخذت تظهر بعد ذلك مجموعات الأهداف البحرية المعادية على شاشات الرادارات الساحلية حيث رصدت مجموعة أهداف سريعة مكونة من ثلاثة أهداف على مسافة 18 ميلاً شمال غربي اللاذقية، ومجموعة أخرى مكونة من عشرة أهداف يسير كل هدفين منها، أحدهما قرب الآخر. وكانت هذه المجموعة بطيئة الحركة، والمجموعتان تسيران باتجاه ميناء اللاذقية. وأعلن في الوقت ذاته عن وجود ثلاث طائرات عمودية فوق مربض المدفعية الساحلية قرب قرية الشامية شمال اللاذقية، كما أعلن عن وجود أربع طائرات عمودية فوق منطقة جبلة. وأفادت المشاهدات البصرية أن صواريخ تطلق باتجاه منطقة وجود الكاسحة.

بدأت المدفعية الساحلية اشتباكها بالأهداف المعادية المتقدمة نحو ميناء اللاذقية بينما كانت هذه الأهداف تدخل المدى الأقصى للمدفعية الساحلية. وعند وصولها إلى مسافة9 – 10 أميال من الميناء، وتحت ضغط رمايات المدفعية الساحلية التي كانت كفاءتها في العمل عالية ومردودها ممتازاً، غيرت خط سيرها الجنوبي الشرقي واستمرت المدفعية بقصف الأهداف البحرية المعادية المتقدمة. انقسمت هذه الأهداف إلى مجموعتين، إحداهما مكونة من 6 أهداف سريعة خط سيرها باتجاه الجنوب الشرقي متحاشية رمايات مدفعيتنا الساحلية. وقد رصدت في المنطقة رمايات صواريخ معادية واشتباك بالمدفعية الخفيفة بين زوارقنا وزوارق العدو جنوب غربي جبلة وعلى مقربة من الساحل، وأثناء ذلك قطع الاتصال بمجموعة الزوارق الصاروخية.

في الساعة 00,40، بدأت الوحدات البحرية المعادية بالانسحاب من مسرح العمليات البحري. ثم رُصد عدد من الطائرات العمودية المعادية تعمل في منطقة الضربة التي قامت بها الزوارق الصديقة لمدة تزيد على الساعة بعد انسحاب الوحدات البحرية. كما رصدت وحدة بحرية كبيرة في المنطقة نفسها إلى جانب وحدة بحرية أخرى على مسافة 40 ميلاً شمال غربي اللاذقية.

الاستنتاج:

من تشكيل وحدات العدو البحرية والجوية وتقدير الموقف يمكننا أن نستنتج ما يلي:

1ـ أشرك العدو في هذه العملية 18-20 قطعة بحرية ومن 6- 8 طائرات عمودية. كان تقديرنا أن العدو يستهدف أحد الغرضين التاليين:

? اقتحام ميناء اللاذقية وتدمير الوحدات البحرية الموجودة فيه وتدمير المنشآت وتعطيل المرفأ لفترة زمنية ثم الانسحاب.

? القيام بإنزال بحري في جنوب اللاذقية، وهو الاحتمال الأضعف، لاسيما أن القوات التي يمكن أن يحملها العدو على السفن والزوارق التي رصدت على مسرح العمليات لا تتيح له القيام بمثل هذا العمل.

2ـ إن قيام العدو بهذه العملية وإشراك هذا العدد من القطع البحرية في اليوم الأول لبدء الأعمال القتالية دليل واضح على أنه قد حضَّر لهذه العملية قبل زمن لا يقل عن 48 ساعة في أي حالٍ من الأحوال.

3ـ استخدام العدو الطائرات العمودية على نطاق واسع لأغراض متعددة منها الاستطلاع، ومعرفة أماكن الوحدات البحرية الصديقة وكشفها، وإشغال القيادة البحرية السورية في أماكن بعيدة عن مسرح العمليات، إلخ…

4ـ فقد العدو بعض وحداته. وهو أمر رصدته وأثبتته الوحدات البحرية الصديقة التي نفذت الضربة، كما رصدت البحرية الصديقة أثناء انسحاب العدو أن محطته اللاسلكية الرئيسية تنادي خمس وحدات بحرية من وحداته، وتسأل الوحدات الأخرى التي اشتركت في المعركة عنها، إلا أنه لم يردها أي جواب من الوحدات الخمس المذكورة، وأجابت بقية الوحدات البحرية المعادية في آن واحد بأنها لا تعرف شيئاً عنها، كما التقط على الشاطئ السوري رداءا إنقاذ لبحارين إسرائيليين عليهما دماء.

5ـ سواء كان العدو سينفذ الاحتمال (أ) أو الاحتمال (ب)، فمما لا شك فيه أن مفاجأته بضربة صاروخية قوية من وحدات البحرية بعد أقل من 30 دقيقة من تماسه بها وهي تقوم بالمرور، ومن اتجاه غير متوقع، قد جعله في وضع حرج كل الحرج. كما أن نيران المدفعية الساحلية التي أسرعت بصب قذائفها على تشكيلاته بعنف وغزارة أثرت تأثيراً كبيراً على قراره، لاسيما أن دقة النيران وغزارتها كانتا تزدادان كلما اقترب العدو من الشواطئ.

إن هذه المعركة البحرية الصغيرة بحجمها، كانت كبيرة بنتائجها. فعلى الصعيد العسكري، لم يحقق العدو أهدافه العسكرية من هذه العملية على الرغم من اشتراك العدد الكبير من وحداته البحرية بها. كما أن القوات البحرية استطاعت في هذه المعركة أن تعرف الكثير عن تكتيك العدو وتشكيلاته وطريقة تنفيذه للأعمال القتالية، وعلى ضوء هذه المعركة غيرت أسلوبها في القتال معه. أما على الصعيد المدني، فقد كان ارتياح المواطنين واطمئنانهم، واضحين عندما شاهدوا وسمعوا صواريخ بحريتنا ومدفعيتها تصب الحمم على الأعداء وتدمر وحداته المعتدية. وكانت القوات التي اشتركت من البحرية السورية : زورق طوربيد واحد و3 زوارق صاروخية وكاسحة ألغام وأربع كتائب مدفعية ساحلية ..أما القوات المعادية البحرية فكانت : 4 – 6 زوارق صواريخ وعشر كاسحات ألغام وتسعة عشر وحدة بحرية غير معروفة وطائرتان عموديتان … المصدر : تاريخ الجيش العربي السوري ” المجلد الثالث ( باشراف العماد حسن تركماني ) من الصفحة 183 الى الصفحة 187 . أ — كان قائد القوى البحرية أثناء حرب 6 تشرين الأول 1973 ، اللواء البحري فــضــل مــحــمــد حــســين ( كان برتبة عميد أثناء الحرب )،أما رئيس أركان القوى البحرية فكان اللواء البحري ” مــصــطــفــى وجيه طــيــارة ” ( كان برتبة عميد أثناء الحرب ) وكان الاثنان قد تسلما مهمتهما القيادية في القوى البحرية السورية عام 1971 وكل منهما كان برتبة ” عقيد ” ، بعد احالة قائد القوى البحرية العميد البحري الركن مصطفى شوكت شومان على التقاعد ، ونقل نائبه العقيد البحري الركن عدنان العبد الله ورئيس أركان القوى البحرية العقيد البحري الركن محمد عبد القادر الأمير الى قيادة الأركان في دمشق ….أما قائد لواء زوارق الطوربيد والصواريخ فكان العميد البحري الركن مصباح الشهابي ، وقائد لواء سفن السطح فكان العميد البحري الركن أحمد رضا مسيلماني .


انظر:

خالد محمد جزماتي: ثــورات حــمــص على الفرنسيين (1)

خالد محمد جزماتي: ثــورات حــمــص على الفرنسيين (2)

خالد محمد جزماتي: ثــورات حــمــص على الفرنسيين (3)

خالد محمد جزماتي: ثــورات حــمــص على الفرنسيين (4)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (1)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (2)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (3)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (4)

خالد محمد جزماتي: تأسيس جيش الإنقاذ (5)

خالد محمد جزماتي: تأسيس الدولة العربية في دمشق 1918- 1920

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (1)

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (2)

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (3)

خالد محمد جزماتي: مـعـركـة مـيسـلـون.. خسائرالطرفين (4)

خالد محمد جزماتي : مـعـركـة مـيسـلـون.. فيصل الأول وفوزي القاوقجي (5)

خالد محمد جزماتي: حــكــايــات مـن الذاكرة (1)


الدكتور توفيق الشيشكلي .. زعيم حماة و رئيس الكتلة الوطنية

أحمد سامي السراج .. أعلام وشخصيات من حماة

هاشم صيادي .. أعلام وشخصيات من حماة

المحامي رئيف الملقي .. أعلام وشخصيات من حماة

عبد الرحمن آغا الشيشكلي وأبناؤه الثلاثة

نورس الكيلاني



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى