محافظة حماةمقالات
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (12)
ثورة حماة - المحافظة
خالد محمد جزماتي – التاريخ السوري المعاصر
الجميع يدرك في أقاليمنا العربية أن الايمان بالقضاء والقدر هو من أهم صفات الشجاعة التي يتحلى بها انساننا، ومن هؤلاء رجال بلاد الشام ومنهم رجال حماة وبدوها وفلاحيها:
ولقد عرفت من خلال مطالعاتي أن بعض دوائر الاستخبارات الأجنبية الاستعمارية صرفت كثيراً من الأموال من أجل محاربة عقيدة الأكثرية من أهل المنطقة المؤمنين بالقضاء والقدر بدون فائدة تذكر فرجال ذلك الزمان ليس فيهم ميوعة خلال سنين شبابهم ، ولا ضلالا اذا عاشوا الى شيخوخة، واذا وجد غير ذلك فهم قلة يسيرة لا يحسب لها حساب …
وهكذا عندما تهيأ لهؤلاء الرجال ولبعض نساءهم الظروف المقبولة للثورة، حيث أسسوا لقيادة الثورة غرفة عمليات قادتها من خيرة الرجال العارفين بفنون الحرب، وأيضا انبثق عن تلك القيادة أربعة عشرة لجنة مختلفة تم ذكرها في حلقة سابقة … ولكن في هذه الحلقة الأخيرة أود ذكر بعض الحوادث وأبطالها :
– تطوع بعض الشبان السوريين في الجيش الإنكليزي لضيق العيش الذي كان من تداعيات الحرب العالمية الأولى ( 1914-1918) ومن هؤلاء المدعو كامل الشيخ سعيد السريحيني الذي كان حاضراً المباراة التي فجرت الثورة، وقد انتخى وجابه الفرنسيين الذي أساؤوا للجمهور الحموي عندما لاح فوز نادي أمية الحموي على فريق “الفرير” اللاذقاني”.
– قامت فرق خاصة بحراسة منازل الضباط الفرنسيين التي غادروها وفيها نساءهم وأولادهم، وتابع ذلك أحد القادة المشهورين “سعيد الترمانيني”، وزودوهم بكل ما يحتاجونه من طعام وشراب، وأحاطوهم بالأمان.
– أثناء الحصار الشديد الذي فرضه المجاهدون على ثكنة “الشرفة” كانت القيادة الفرنسية تأمر من دمشق بارسال قطارات من حلب ليحمل الامدادات الى الفرنسيين المحاصرين.
وفي احدى الليالي نفذ بعض الثوار أوامر قيادتهم بالتسلل الى احدى قاطرات القطار بعد أن وصل قرب الثكنة من جهة الشمال، واستولوا عليها وفيها عشرة جنود فرنسيين، أحاطوا بهم واستولوا على أسلحتهم وما معهم من عتاد.
تلك الحادثة أصبحت حديث الناس في ذلك الزمان وأصبحت حافزاً عظيماً لتوافد الشباب للاشتراك بالثورة، ويحضرني من الذاكرة أسماء بعض الرجال الذين نفذوا تلك العملية الشجاعة : علاء الدين الحريري، عوض التركاوي، غالب زيدان، جواد العيان، علي العبيد ( الجمال )، زيد الحريري، عبد اللطيف سالمة.
– اشترك أصحاب الشهادات من الرجال وحملوا السلاح ولم يكتفوا بالتشجيع والتنظير، ومن مشاهير اولئك الرجال المحامي ابراهيم الشيشكلي الذي قال أنه أسقط احدى الطائرات الفرنسية عندما حلقت فوق خان الشعبة على علو منخفض، وشهد بعض المتواجدين قربه بذلك.
– روى المحامي عثمان عدي أنه كان أثناء أحد أيام الثورة في بيت الأمة (منزل المرحوم الدكتور توفيق الشيشكلي) أن أحد الثوار المدعو ” علي مخلوطة ” جاء الى بيت الأمة جارا عدد من القنابل الكبيرة ، فصاح عليه أحد الرجال الموجودين في البيت أن يحذر من تلك القنابل، ولكن الثائر علي مخلوجة ألقى احداها على الأرض فتدحرجت مسافة محدودة ففزع البعض بعد صياح أحدهم، ولكن علي مخلوطة صاح بهم قائلاً : إن هذه القنابل لا تنفجر الا من خلال سبطانة مدفع، فساد الضحك من البعض، والسخط من البعض القليل.
– ساهم مشايخ المسلمين جميعاً بدون استثناء في الثورة وعلى رأسهم المفتي محمد سعيد النعسان والشيخ سعيد الجابي (1879- 1948) وابن أخته الشيخ محمد الحامد والشيخ عبد الله الحلاق والشيخ محمود الشقفة وعشرات غيرهم، وأيضا رجال الدين المسيحي وعلى رأسهم المطران الوطني أغناطيوس حريكة (1894 -1969).
– كانت الأكثرية الساحقة من الثوار المقاتلين من الطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة، ولكن العائلات الكبرى ملاكي الأراضي لم يتخلفوا عن القتال مع بقية الرجال وساهموا في دعم الثورة بالمال والسلاح وأيضا بالرجال الأشاوس…
ومن هؤلاء فريد بك العظم (1873-1952) الذي قدم الطعام والمال والسلاح ودفع رجال اّل العظم وشجعهم على القتال ومن هؤلاء : النائب غالب العظم، والمحامي أحمد العظم، والوجيه ناصح العظم، والوجيه بهجت العظم، والمحامي إحسان العظم، ومنذر العظم، ونوري العظم، وهشام مسعود العظم وغيرهم.
وقاتل أيضاً عشرات من اّل الكيلاني الفرنسيين وساهموا مساهمة فعالة في مختلف معارك الثورة ، وكان على رأسهم الشيخ عبد القادر الكيلاني (1874- 1948) ونقيب الأشراف الشيخ محمد المرتضى الكيلاني (1904- 1970)، والمؤرخ قدري الكيلاني والسيد فخري الكيلاني وسروري الكيلاني ورامي كيلاني ورشيد كيلاني وغيرهم .
ومن عائلة البرازي الااّغا نجيب البرازي (1877- 1967) الذي ساهم مساهمة فعالة في الثورة كما فعل مع ثورة الشيخ صالح العلي بين عام 1919 وعام 1921، وثورة الدنادشة في تل كلخ عام 1919 وشجع اخوته التسعة على حمل السلاح.
وضرب الحمويون المثل بأحمد اّغا البرازي (توسط العقد الثامن من عمره) كيف حمل السلاح وحرض اخوته وبنيه وأقاربه، وأيضا خالد البرازي حمل السلاح وابنه الدكتور الحقوقي درويش خالد البرازي، وولده الاّخر صالح ذهبوا جميعا الى القتال. وذو النظر الضعيف علي نعسان البرازي حمل رشاشه واصطحب ابنه زهير الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر ..
وأيضا أصلان البرازي ودرويش مصطفى البرازي وشريف اّغا البرازي وابنه ابراهيم وغيرهم العشرات …
ومن اّل طيفور فريد ونورس وخالد وحافظ وتوفيق وأنور وغيرهم ..ومن اّل العاشق أكرم وأنور ومظهر ومحي الدين …
أما الشهيد حسين الشقفة فكان من أشد المقاتلين بأس، وقد اصطحب ابنه عبد القادر الى المعارك وهو طالب في التجهيز ….
وأشهر الشعراء الذين كان لهم تأثير في المعارك وفي رفع المعنويات الشاعر بدر الدين الحامد وأخاه الأستاذ عبد الغني والشاعر وجيه البارودي الغني عن التعريف، والشاعر عمر يحيى والشاعر طاهر النعسان والأساتذة هاشم الصيادي وأحمد سليم الوتار وعثمان نجيب العلواني ومحمود الزعيم وعبد الكريم العطري وعبد الرحيم الغزي وأديب الطيار وعلي عدي وعبد الكريم زهور عدي وعبد الكريم حميدان ونعمت الشيخ خالد وجميل الشقفة ورامي بارودي.
أما أشهر الأطباء الذين ساهموا في الثورة فهم : الكتور عمر الدلال والدكتور فوزي فرح والدكتور محمود خضر الريس والدكتور نايف السبع والدكتور نجيب عبد الرزاق والدكتور علي عبد الرزاق والدكتور براوند كيلاجيان والدكتور فايز الأسود والدكتور سعيد موسى باشا والدكتور محمد خير السبع والدكتور ممدوح عدي والدكتور نورس عبد الرزاق عدي والدكتور زكريا مسقوف، والصيدلي عبد الحميد قنباز، والصيدلي مصطفى السبع، والصيدلي عبد الحميد عدي.
أما من الفئات الشعبية فكان الأشهر الضابط السابق خالد مراد اّغا ومحمد خير النوري ونخله كلاس وواصل الحوراني وأخوه عبد الحليم ومحمد البارودي وجميل البارودي وغالب الحوراني وفايز الحريري وظافر الحوراني ومصطفى الحوراني والدكتور الحقوقي محمد السراج وخالد الراس، ووصلاح الشيشكلي أخيرا وفي هذا السياق اذا تابعت في ذكر الأسماء وتفاصيل ما فعل أصحابها سيطول البحث وربما يمل القارىء ، ولكن لا بد لي أن أختم بحثي عن ثورة الاستقلال في حماة بذكر بعض أسماء الشهداء الذين استطعت الحصول عليها مع الأخذ بالاعتبار أن كثيرا من الضحايا والشهداء كان ذويهم يرفضون التصريح عنهم.
شــهــداء معركة الاستقلال في حماة عام 1945 :
– محمد البعيج (قياسة)، محمد حمشو، عبد الله السلوم التركاوي، يوسف خضر مدللة، عبد القادر سعيد الشامي، عبد العزيز القيمة، يوسف يوسفان، حسين قدور الشقفة، يوسف خضير (استشهد في محلة باب النهر)، سليم أسعد طعمة، سعيد أحمد الفرج، أحمد البرادعي، مصطفى هزاع، منذر رئيف علوش، دحام صقار التركاوي، أحمد سوتل البستاني، حسن العدرة، عبد المجيد الشيخ حمدون، حسن الأحمد الخالد، حمود أنيس الحامد، عبد الله فردوس العظم، نبهان رشيد الغزي، محمود نبهان الغزي، صبحي نبهان الغزي، عبد الله قندقجي، محمد اليوسف الكل حسن، حسن محمد الحسين التركاوي، محمد المحمد العليوي، المحامي عبد القادر المصري، ديبو حمدي الحلبي، محمود محمد حشيش حبوس، عبد الرحيم محمد فرهود التركاوي، علي النبهان التركاوي، إبراهيم أحمد الفرج، عمر فارس سرميني.
– فاطمة أحمد سوادي، السيدة رفيقة زوجة محمد حمشو، عائشة محمد الأصفر، فضة بنت جاسم القدور، سعاد نبهان الغزي، بهاء سالم كلاس.
ومن الدرك استشهد كل من :
– مصطفى سليمان الحاج ( من الرستن)، مصطفى طالب زراعي ( مص – البويضة).
– محمد علي نايف العريان (حماة)، عبد الرحمن التركماني الحايك (حماة)، إبراهيم محمد الحسن الحلبوني (دمشق (كفر يابوس)، خضر عبد الله العموري، فرج خضر الخضير (حمص)، محي الدين سكر (دمشق)، أحمد نقشيندي (دمشق).
أخيرا أقول أن الأستاذ المجاهد عثمان الحوراني كتب مقالة ذكر فيها أن عدد شهداء ثورة الاستقلال في حماة :
واحدا وخمسين شهيدا وشهيدة ، والجرحى بلغ عددهم 123 جريحا وجريحة .
وعند دخول طلائع الجيش التاسع البريطاني الى حماة وأنقذت الفرنسيين من الحمويين هرب الضابط الحموي نبيه الصباغ من ثكنة الشرفة ولحق به كل من الضابط ألبير كيلاجيان وسليم قباني وانضما الى القوى الوطنية، وأيضا قام الضابط الحموي فؤاد الأسود بالانسحاب من الثكنة الفرنسية في اللاذقية والتحق بالقوى الوطنية ومثله فعل الضابط الحموي بهيج كلاس في مدينة حلب وغيرهم العشرات من الضباط والرتباء والجنود .
ملاحظة هامة : أستطيع الزعم أنه لم يبق عائلة في حماة الا واشترك بعض رجالها في القتال أو الدعم المادي والمعنوي ، وأفضل مثال على صحة هذا القول : أن خمسة اّلاف من المجاهدين قاموا بعرض عسكري رائع في ساحة العاصي ، حيث استعرضهم وخطب فيهم المحافظ الوطني المحترم خالد الداغستاني بعد انتهاء المعارك والسيطرة الكاملة على المدينة .ومرافقها .
انظر:
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (1)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (2)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (3)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (4)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (5)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (6)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (7)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (8)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (9)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (10)
خالد محمد جزماتي : حماة وثورة استقلال سورية في أيار عام 1945 (11)