You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

خالد محمد جزماتي : الشيخ سعيد عبد الغني الجابي (6)

خالد محمد جزماتي – التاريخ السوري المعاصر

الـشـيـخ سـعـيـد عـبـد الـغـنـي الـجـابـي (6)

 (1879″ 1872″ –1948)

كان الشيخ سعيد الجابي من كبار مشايخ حماة الذين وُلدوا في سبعينات القرن العشرين مثل الشيخ بدر الدين الكيلاني والشيخ حسن رزق والشيخ أحمد الصابوني ..

وقد نال اجازات متعددة من كبار مشايخ عصره في ذلك الزمان مثل الشيخ أحمد الدباغ (1837–1902 )، وشافعي عصره الشيخ محمد حسن طربين ( 1844–1908 ):

وبهذا نستطيع القول أن الشيخ سعيد الجابي أخذ العلم الشرعي من مشايخ عصره الشوافعة والأحناف قبل أن يتأثر بمشايخ عصره السلفيين ( الاصلاحيين ) وخاصة الشيخ محمد رشيد رضا ( 1865–1935) .

أما من الناحية السياسية فقد كان وطنيا يدعوا وبكل جرأة الى رفض الانتداب الفرنسي والانكليزي على بلاد الشام والعراق، ويدعوا الى وحدة النضال الشعبي وتعزيزه عن طريق التاّلف بين جميع مكونات الوطن الشعبية  وكان في هذا المجال ينسجم مع جميع مشايخ بلاد الشام بغض النظر عن منهجهم الفقهي ومدارسهم وطرقهم الصوفية المعروفة في حماة وهي القادرية والرفاعية والنقشبندية وكان رحمه الله على علاقة متينة بزعماء الاصلاح من السياسيين كالدكتور صالح قنباز والدكتور توفيق الشيشكلي والشيخ نورس الكيلاني ، وتذكر بعض المصادر أنه من الداعمين لثورة حماة على الفرنسيين عام 1925 ، وهو على علاقة قوية مع قائد تلك الثورة فوزي القاوقجي ( 1890–1977) ، وبعد فشل تلك الثورة واخمادها لاحقتته السلطات الفرنسية مدة طويلة من الزمن قتوارى عن الأنظار حتى صدور العفو عنه .

أما في أحداث انتخابات (1931–19329) فقد كان موقفه واضحا على منابر المساجد بتأييد قائمة الكتلة الوطنية وشخصية رئيسها الدكتور توفيق الشيشكلي …أما موقفه في أحداث الاضراب الخمسيني ( الستيني ) عام 1936 فكان داعما وقويا، حيث كان ينشط من خلال المساجد داعيا الناس الى تأييد الحركات الشعبية الوطنية متحالفا مع جميع المشايخ المهتمين بالشأن العام صوفيين كانوا أم سلفيين اصلاحيين ، وكان يكرر في خطبه أن نجاح كل ثورة يعتمد على ركنين أساسيين هما : توحبد الصفوف ، والمحافظة على النظام العام ..

وربما يذكر كثير من الحمويين موقفه الصارم الشديد حين اعتقل الفرنسيون زعيم الكتلة الوطنية في حماة الدكتور توفيق الشيشكلي في الثكنة العسكرية ( الشرفة ) وأخضعوه للتعذيب، وكان ذلك سببا ماديا لاصابته بمرض السل، والذي أودى بحياته عام 1940…

أما الموقف العظيم الذي قام به فهو أثناء ثورة الاستقلال في حماة أواخر أيار 1945 ، فقد كان وأقرانه من المشايخ وعلى رأسهم ابن اخته الشيخ محمد الحامد ، وأيضا مطران حماة الشهير أغناطيوس حريكة ( 1894–1969) ومواطنية من الأسباب الرئيسية التي أنجحت الثورة على الفرنسيين والتي اشترك فيها جميع الرجال في المدينة وجمع غفير من النساء ، وأيضا قيام زعماء العشائر في المحافظة وقضاء السلمية بارسال الرجال المقاتلين مع كامل أسلحتهم وعتادهم ، حيث تم حصار الفرنسيين في ثكنة وحيدة بعد استيلاء الثوار على جميع مقراتهم.

ولما اقترب اقتحام الثكنة من قبل الثوار سارع الجيش التاسع البريطاني الى التدخل لايقاف القتال وانقاذ الفرنسيين في حماة من الثوار ….وهكذا زادت شعبية الشييخ سعيد الجابي واشتد لمعان نجمه ، ويدل على ذلك عظيم استقباله من قبل مشايخ دمشق ووجهائها لما زارها.

ويؤيد ذلك ما قاله العالم الشيخ محمد بهجت البيطار بعد القاء الشيخ سعيد الجابي درسا في المجامع الأموي : ” أسعدني الحظ والتوفيق فسمعت مثالا رائعا من دروس الشيح سعيد الجابي الاصلاحية في جامع بني أمية فشرفنا بدمشق ورجوته أن يتفضل بقراءة درس في الأموي ، فأذكرني بموعظته السلفية ، وأخلاقه الرضية عهد سلفنا الصالح وكان يذكر الحقائق على الناس بأسلوب سهل واضح ، ويورد من الشواهد القراّنية والأحاديث ما يتعلق بموضوعه ، ولا يزال كذالك حتى لا يُبقي في نفس سامعه حاجة لزيادة الايراد والاستشهاد ، ولهذا كانت أبحاثه مقنعة مشبعة ، ولا تحتمل شيئا من المراء والجدال ….” ……

ومن المفيد ذكره أن كثيرا من مشايخ حماة المشهورين استفادوا من سلوكه الاجتماعي وطرائقه في التعامل مع مختلف الشرائح الشعبية ، والأهم من كل ذلك حسن ادارته للخلاف مع الاّخرين وأخص بالذكر ما يتعلق بالمنهج الديني الاصلاحي ، وقد استفاد منه الكثيرين من المشايخ وعلى رأسهم الشيخ محمد الحامد ( صاحب الحقيقة السلفية والتقوى الصوفية ) ، والشيخ خالد الشقفة والشيخ ابراهيم الطنجير والشيخ بدر الدين الفتوى والشيخ محمد علي الشقفة وغيرهم …

بقي أن نذكر بأن الشيخ سعيد الجابي بالرغم من ضيق الوقت وانشغاله بالتدريس في مدرسة دار العلوم الشرعية كان غزير التأليف ، وأيضا كان شاعرا رقيقا ، وأكثر شعره كان حول أفكاره الاصلاحية وجوهر الدين الاسلامي الحنيف ، والرد على أصحاب البدع والمشعوذين ، وأيضا نظمه للشعر في المناسبات الوطنية ، فقد قام برثاء الزعيم الوطني الدكتور توفيق الشيشكلي عند وفاته عام 1940 ، وأيضا رثاء المجاهد عبد الرحيم الغزي بعد وفاته في حادث سير عام 1946…

ولقد أسعده الله أن يرى جلاء الأجنبي عن بلاده التي جاهد مع الاّخرين على تحقيق ذلك عام 1946 ، حيث شارك في الاحتفالات العظيمة بعيد الجلاء ….

ترك لنا الشيخ سعيد الجابي مؤلفات كثيرة منها المطبوع ومنها المخطوط ..فالكتب المطبوعة هي : –النقد والتزييف ( في الرد على كتاب الدر اللطيف )

–كشف النقاب ( في الرد على كتاب السفور والحجاب )

–البيان والتبيين في الرد على المبشرين

— القول المعتبر في انشقاق القمر

— هداية العصريين الى محاسن الدين

والكتب المخطوطة هي :

–فضيحة الـمـفـتـريـن

— دفع الشبه عمن اشتبه

— كشف الأوهام

— التاريخ العام في سيرة سيد الأنام ( شعر )

— ديوان الجابي

— مجموعات في أحاديث المعاملات والفرائض

— ابحاث في اللغة والفقه والتجويد

— مجموعة من الفتاوى

—تاريخ مدينة أبي الفداء

— الصواب في الاّداب

والكتب المخطوطة السابق ذكرها هي موجودة عند ورثته ( ابنه وابنته ) …

أخيرا أقول للقراء الكرام أني بذلت جهدا كبيرا في تقصي المعلومات عن شيخنا الكبير سعيد الجابي وكتبت ستة مقالات متسلسلة ومتواضعة عنه ، وأعترف أني لا أستطيع الاحاطة بتفاصيل سيرته العظيمة فهو من رجالات الاصلاح ومن مشايخ عصر النهضة الكبار الذي جمع أهل بلده على عقيدة التوحيد ..أما خلافه مع المتصوفة فيتوجب دراسته بشكل علمي من قبل متخصصين وعلماء في مختلف العلوم الشرعية وبحيادية كاملة ، واذا حدث ذلك فسوف تكون الفائدة عظيمة جدا لتوحيد الرؤى وادارة الخلاف ” أي خلاف ” بشكل يغلب الصدق فيه على جميع التفاصيل …وأخص بالذكر في هذا المجال قصة الخال وابن الأخت ، وأعني يذلك علاقة شيخنا الكبير سعيد الجابي وابن أخته العلامة الشيخ محمد الحامد …حكايتهما اذا تمت دراستها من قبل متخصصين كبار يبتغون وجه الله فسوف تكون مثالا عظيما يحتذى به ، وأنا وأمثالي لا يستطيعون ذلك ….سوى المساعدة المتواضعة ..

وفي الختام أقول أن الشيخ سعيد الجابي أدى الأمانة وبلغ الرسالة ، ولقد فاضت روحه الى بارئها ليلة الجمعة الخامس من ربيع الأول من عام 1367هجري الموافق السادس عشر من كانون الثاني عام 1948م ..وفي اليوم التالي أي السبت تم تشييعه في جنازة مهيبه الى مقبرة باب البلد ، وقد شارك في جنازته كثيرا من الوفود التي قدمت الى حماة لوداع رائد الاصلاح الديني في حماة ….في العام 1999 بدأ بناء جامع ضخم في حي البعث بحماة تمت تسميته بجامع الشيخ سعيد الجابي رحمه الله وطيب ثراه .


انظر:

خالد محمد جزماتي : الشيـخ سعيـد عبد الـغني الجابي (1)

خالد محمد جزماتي : الشيخ سعيد عبد الغني الجابي (2)

خالد محمد جزماتي : الشيخ سعيد عبد الغني الجابي (3)

خالد محمد جزماتي : الشيخ سعيد عبد الغني الجابي (4)

خالد محمد جزماتي : الشيخ سعيد عبد الغني الجابي (5)



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى