من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
كان “سليمان المرشد” من محافظة اللاذقية من أعوان الفرنسيين يحركونه كما يرغبون. ولديه قوة محلية سلموها له. وقد أعلن العصيان على السلطة في دمشق. فأرسلت هذه قوة من الدرك للقضاء على التمرد.
في أواخر شهر آذار /1945/ تقلت الكوكبة الرابعة من الكتيبة الدرزية بقيادة الرئيس “سعدو عامر” أمراً بالتحرك إلى محافظة اللاذقية – جوية البرغال تحت تصرف قيادة المنطقة لحماية “سليمان المرشد” والوقوف بجانبه ضد الدرك والحكومة.
عندما وصلت الكوكبة إلى النبك في طريقها لتنفيذ مهمتها لحق بها الأستاذ “طرودي عامر” قائمقام قضاء شهبا وزعيم المنطقة وبالاتفاق مع الحكومة لكي يعيدها حتى لا تصل لمساعدة “المرشد”.
تمكن من التأثير على ابن عمه الرئيس “سعدو” وأعلنا حركة تمرد على الأوامر وعادا مع ثمانين فارساً إلى الجبل. عارض هذه الاتجاه وبقي مع الفرنسيين المساعد “يوسف أبو لوح” مع رعيله وبعض الأفراد ومن صف الضباط الرقيب الأول “بادي النهار” والرقباء “جرجس بيطار” “مهنا الحلبي” “فارس عزام” تابعوا سفرهم إلى حمص وعددهم /45/ فارساً.
إن العمل الذي قام به الأستاذ “طرودي عامر” والرئيس “سعدو” هو الأول من نوعه أي أول حركة تمرد تنفذها وحدة من جيش الشرق الخاص في سوريا. جرى التنفيذ في النصف الأول من نيسان عام /1945/ – أي لم يمكنوا كوكبة ذاهبة بمهمة ضد الحكم الوطني من تنفيذ مهمتها وسحبها من الخدمة في الجيش وإلحاقها بالدرك السوري.
في السابع عشر من نيسان عُينت لقيادة بقايا هذه الكوكبة. كنتُ في السويداء وأتاني الكابتن “نايف الأطرش” يطلب مني قبول المهمة – ما الفائدة من رفض الأمر والوقت غير مناسب. رافقني الرقيب “محمد الحمدان” الذي عين محاسباً للمفرزة.
إن هذا التعيين كان صدمة لي. كيف يمكنني تنفيذ مهمة ضد مصالح الوطن وقد رفضها الأستاذ “طرودي” والرئيس “سعدو عامر” بدأتُ أفكر كيف أحلّ هذا المأزق دون رفض الأوامر. وصلت حمص كانت المفرزة في المعسكري البولوني مع باقي القطعات السورية والفرنسية منها حضيرة حرس أمام بيت المستشار.
إن المعسكري البولوني يضم كلّ القطعات المتمركزة في حمص وسمي البولوني لأنه جُهز لاستقبال القطعات البولونية التي بقيت مع الحلفاء، بعد سقوط بولونيا في أول الحرب.
مثلت أمام قائد المعسكر. قال لي: مهمتك أن تذهب في أول فرصة إلى “جوبة برغال” كم يلزمك من الوقت يوم أو يومين، أجبت لا يمكن تحديد الوقت لأن حالة الجنود لا تسمح بذلك. قال أنا بانتظار جوابك.
وجدت مفرزة ينقصها الانضباط متمسكة بفرنسا وناقمة على الحكم الوطني!.
اهتديت إلى حل وهو أن أتصل بمسؤول الحزب الوطني في حمص. ولكن كيف يتمّ ذلك ونحن محجوزون في المعسكر لا يمكن مغادرته! طلبت من الوكيل “حمد المعاز” الممرض البيطري في الكتيبة النظامية والذي يسكن حمص منذ مدة وله معارف أن ينزل خفية إلى المدينة ويؤمن لي إجتماعاً. في بيته مع الأستاذ “سليمان المعصراني” رئيس فرع الحزب الوطني في حمص.
في اليوم التالي أثناء الليل، خرجت والمساعد “حمد” إلى حمص خلسة، واجتمعت بالحاج “سليمان المعصراني” وعدنا ليلاً.
أخبرته عن وضع الكوكبة وكيفية انسحاب آمرها بواسطة الأستاذ “طرودي عامر” بعلم الحكومة، وتعييني لقيادة بقاياها. وإنني أرغب بتكليفه بمهمة إلى رئيس الوزارة!.
أعلن عن سروره لمقابلتي. قال في الماضي: كنا نخشى أن نبوح بأي كلمة لصالح الوطن أمام ضباط قطعات الشرق الخاصة. الآن صار الضباط الوطنيون يطلبوننا لبحث هذه المواضيع. أنا حاضر لكل طلب.
قلت: أرجو أن تبلغ رئيس الوزراء “جميل مردم بك” عن استعدادي لتنفيذ رغبة الحكومة وأعرض المقترحات التالية، وتنفيذها عند الإيعاز:
1- التمرد على الذهاب مع الأفراد أو منفرداً ورفض الالتحاق بالمكان المعين.
2- الذهاب إلى المكان المعين والعمل في مصلحة الحكومة السورية وحسب أوامرها.
3- تنفيذ أي مهمة تطلبها الحكومة.
4- الجواب بأسرع ما يمكن لأنهم يطلبون مني تنفيذ المهمة.
سجل هذه الطلبات واجابني إذا لم يكن رئيس الوزراء غائباً يصلك الجواب بعد غدٍ إن شاء الله. هنا في مثل هذا الوقت. وعدنا إلى المعسكر كما خرجنا.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
