من مذكرات أمين أبو عساف: نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
في الأول من أيلول عام 1940 نقلت إلى الكوكبة الثالثة في حمص مدرباً لطلاب الضباط الفرسان في الكلية العسكرية. حضرنا للاشتراك في سباق الخيول في بيروت، أثناء التدريب على قفز الحواجز سقط عن الحصان ثلاثة ضباط فرنسيان وأنا حيث كسر عظم الترقوة. حتى ذلك الوقت كان الكسر ليس له دواء في الطب الرسمي.
في الصورة رأيت تبدلاً شديداً في الكسر. وضع الطبيب القطن وربط اليد بوضع معين ولم يمس الكسر، سألته: كيف سيعود العظم إلى حالته الطبيعية؟ أجاب : مهمة العصب تعيده كما كان.
أخذت نقاهة شهر ونصف وعليّ أن أراجع الطبيب في نهاية الشهر.
كنتُ أسمع عن “المجبُر” المشهور” أحمد ميدعه” طلبت من المرشح “فيصل أتاسي” أن يأتي به، ذهب إلى قريته من حمص وأحضره.. عندما رأى الكسر قال: بسيطة بإمكاني تجبيره ولكن السلطة مانعة عنّي العمل تحت طائلة المسؤولية والعقاب. وعدنان أن يبقى الأمر سراً بيننا. طلب أربعة أربعة جنود وبيض وصابون.. أما الجنود فقد أمسكوا بيدي وبإشارة منه شدوا إلى الخارج وهو ممسك بالكسر فأرال التبدّل وأحسن ربطه. وقال: يجب أن يبقى الجبار أطول مدة ممكنة بعد الشهر. في نهاية الشهر بدأ الطبيب مدير المستشفى يلحُ عليّ لأحضر إليه. بقيت أماطله خلال عشرة أيام، راجعته بعد أن نزعنا الجبار العربي وبقيت ثلاثة أيام بدون تغيّر اللون مكان الجبار، وأعدنا رباط المستشفى كما كان. كان الطبيب مسروراً من النتيجة وقال: ألم أقل لك إن العصب يقوم بواجبه؟ أحد الضباط الفرنسيين وكان كسره في عظم الترقوة كون عقدة بحجم الجوزة مكان الكسر.
أما السباق فقد أُلغي بسبب الظروف الراهنة واحتلال فرنسا. كانت العادة أن يقوم الضابط المعين من قبل القيادة من الكوكبة الثالثة بالإضافة إلى وظيفته بتدريب طلاب ضباط الفرسان دورة التخرج باختصاصهم وإعطائهم دروس المعلومات العسكرية العملية والفروسية التي تؤهلهم الحصول على شهادة آمر رعيل.
تقدم الكوكبة رعيل التدريب لهذه الغاية. كما وتقدم الكوكبة ومرزها حمص الخيول اللازمة لدروس الفروسية لكل دورات الكلية العسكرية.
خلال المناورات السنوية التي تشترك فيها الكلية العسكرية والكوكبة الثالثة وقطعات من كل صنوف الأسلحة “مشاة- فرسان- مدفعية – هندسة” في النبك عادة. يفرز طلاب ضباط الفرسان إلى الكوكبة الثالثة أثناء المناورة وينتقلون معها على الخيول.
ويشتركون في أعمال الكوكبة تحت إشراف الضابط المدرب، يعودون بعد انتهائها إلى الكلية العسكرية.
قمت بتدريب الدورة التي تخرجت عام 1941 باختصاص الفرسان ونجح طلابها الأربعة.
افتتاح دورة مؤهلة للترفيع – وتعييني مديراً لها
أصدر آمر الكتية النظامية أمراً بافتتاح دورة للعرفاء والجنود مؤهلة للترفيع إلى رتبتي (رقيب وعريف).
مدير الدورة : الملازم الأول “أمين أبو عساف”
معاون مدير الدورة :المرشح فيصل الأتاسي
يتبع هذه الدورة /8/ عرفاء و/12/ جندياً، بدأنا التدريب حسب البرنامج المقرر.
بعد مدة أتى لمقابلتي في المنزل العريف “عايد فلوح” من الكوكبة الرابعة، بعد جلوسه قال: أقدم هذا المبلغ قيمة فنجان قهوة ومد يده بالمبلغ!
سألته كم المبلغ؟
أجاب أنت تستحق الطرد من الدورة لقاء تقديم هذه الرشوة ولكن لن أفعل ذلك شفقة على عائلتك على أن لا تعود أنت وغيرك إلى مثلها مرة ثانية. تبقى في الدورة إذا أخذت العلامات المطلوبة تنجح وتستحق الترفيع.
وإذا كانت علامتك دون المعدل ترسب. وهذا ما يطبق على كل أفراد الدورة.
أنا استلم راتب مقداره سبعون ليرة سورية وأنا عازب وما نقوم به من تدريبكم هو واجبنا ليعلم الجميع هذا!
بعد انتهاء الدورة نجح /7/ عرفاء و /11/ جندياً ورسب اثنان، وكان العريف “عايد فلوح” من الناجحين وترتيبه السادس.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف: الثورة العربية الكبرى (1)
من مذكرات أمين أبو عساف : بدايات الحكم الفرنسي في السويداء (2)
من مذكرات أمين أبو عساف : أسباب الثورة السورية الكبرى 1925 (3)
من مذكرات أمين أبو عساف: اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى (4)
من مذكرات أمين أبو عساف: متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص (5)
من مذكرات أمين أبو عساف: الدخول إلى الكلية العسكرية (6)
من مذكرات أمين أبو عساف: الدراسة في الكلية العسكرية (7)
من مذكرات أمين أبو عساف: التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة (8)
من مذكرات أمين أبو عساف: نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/ (9)
من مذكرات أمين أبو عساف: إجراءات السفر إلى “سومير” (10)
من مذكرات أمين أبو عساف: مدرسة سومير للفرسان والمدرعات (11)
من مذكرات أمين أبو عساف: زيارة باريس (12)
من مذكرات أمين أبو عساف: إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية (13)
