وصلت لجنة “كينع-كراين” لتقصي الحقائق بشأن مستقبل البلاد بعد الانهيار العثماني المنبثقة عن مؤتمر الصلح بباريس إلى يافا في العاشر من حزيران 1919م، وقضت في سورية 42 يوماً، زارت خلالها مختلف القرى والمدن في سورية، واستمعت إلى مطالب الأهالي.
زيارة لجنة كينغ – كراين إلى حلب في تموز 1919:
اختتمت لجنة الاستفتاء الأمريكية أعمالها في حلب، التي بقيت فيها ثلاثة أيام قضتها في مقابلة الوفود والهيئات الرسمية وممثلي الشرائح الاجتماعية كافة.
وما كادت تصل اللجنة عاصمة شمال سوريا في 24 تموز من عام 1919، حتى تحرك نواب حلب في المؤتمر السوري العام بالتنسيق مع الأمير فيصل تجاه الدعاية الفرنسية، فقاموا بتنظيم الصفوف الوطنية لجعل “برنامج دمشق” مطلب أهالي حلب وأقضيتها أمامها، واستطاعوا أن ينجحوا في ذلك نجاحاً باهراً، حيث كان هو المطلب الذي لم يكد يشذ عنه إلا القلائل، ذلك أن مطلب المؤتمر كان يمثل مطالب الأمة بأكملها.
وكان ممن قابل اللجنة في مقر إقامتها بفندق بارون وفد من ممثلي أعيان حلب ضم عشرين عضواً كان لأعضاء المؤتمر السوري حضور قوي فيه. فبمقارنة أسماء أعضاء الوفد مع أسماء نواب المؤتمر نقع على خمسة نواب هم: الباشا مرعي الملاح (النائب الأول لرئيس المؤتمر)، والشيخ عبد الحميد الجابري، والمحامي محمد المدرس، وجلال القدسي، والدكتور عبد الرحمن الكيالي. وأما بقية أعضاء الوفد فهم: الحاج مراد الجابري، وعارف إبراهيم باشا، ومحمد ويس آغا، والفريق كامل القدسي، وفؤاد العادلي، والدكتور كاظم الكواكبي، وبهاء الدين الأميري، والدكتور فؤاد حمدي عيسى، والدكتور نافع السباعي، وراغب الكيخيا، وصادق الرفاعي، ورضا الجابري، وتوفيق الحياني، وراشد المرعشي، وأسعد العينتابي. وقد جرى بينهم وبين أعضاء اللجنة الحديث التالي:
س: هل مطالبكم منطبقة مع مطالب المؤتمر السوري؟
ج: هي بعينها حرفياً إلا أن لنا بعض إيضاحات تفصيلية بخصوص الحدود نعرضها عليكم وهي مدرجة في لائحتنا هذه المقدمة إليكم. وذكروا لهم أن (وادي حوران) هو الحد الطبيعي بين حلب والعراق، وطلبوا إدخاله إلى حدود الولاية ليكون (دير الزور) داخلاً ضمنها.
س: بلغنا أنه لولا الضغط لكانت أكثرية المسلمين يطلبون فرنسا.
ج: أولاً- الضغط غير متصور وقوعه لأن حكومتنا الحاضرة عربية، وهي لسان حالنا ونحن لسان حالها.
ثانياً- طلب فرنسا لا يتصور حدوثه من المسلمين، لأنهم يطلبون استقلالهم، وفرنسا تدعي حقوقاً في البلاد وهذان أمران متناقضان لا يمكن الجمع بينهما (1).
رفعت اللجنة في نهاية الزيارة تقريراً دعت فيه إلى ضرورة المحافظة على وحدة سورية، ونقلت رغبة الأهالي في أن تعهد عصبة الأمم إلى الولايات المتحدة أمر الوصاية على سورية.
(1) عمرو الملاّح: الحلبيون ودورهم في المؤتمر السوري العام (3/2)
انظر:
بيان لجنة كينغ كراين بعيد زيارة دمشق في تموز عام 1919
مؤتمر السلام ولجنة كينغ – كراين 1919
عمرو الملاَح: الفريق كامل باشا القدسي (1849-1926) رجل دولة، وقائد عسكري