شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – وهوى الصقر .. الزعيم إبراهيم هنانو
من مذكرات أكرم الحوراني (49/1)
من مذكرات أكرم الحوراني- الجزء الأول 49 – وهوى الصقر .. الزعيم إبراهيم هنانو:
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم:
كان أهم حدث حدث وقع في أواخر عام 1935م، وكان له في نفسي تأثير شديد، قيام الشيخ عز الدين القسام، إمام مسجد الاستقلال في حيفا، بثورة مسلحة مع اتباعه المجاهدين في شمالي فلسطين، وكان لاستشهاده اثر عميق في سورية وفلسطين حيث أصبح رمز للتضحية والفداء.
كان القسام مثلاً رائعاً للمقارنة والتمييز بين رجال الدين الأتقياء الطاهرين المؤمنين حقاً، وبين من كان يسير في ركاب الفرنسيين والبريطانيين، فالأول مرة نسمع أن شيخاً مسلماً يبادر لقيادة ثورة مسلحة ضد الاستعمار والصهيونية، ولقد أوضحت لي ثورة القسام الخط الواضح بين الرجعية الدينية الانتهازية الخنوعة، وبين الدين الذي هو في جوهرة ثورة على الظلم والشر والطغيان.
وهوى الصقر:
فجأة توفي الزعيم إبراهيم هنانو، كان ذلك يوم 21 / تشرين الثاني 1935م، ذهلت للنبأ وبكيت، وكانت الضربة شديدة وقاسية، وكان خير عزاء لي في ذلك اليوم الأسود أن أرجع إلى بعض أقواله التي كان يتوجه بها إلى الشباب:
“إن على الشباب العربي ان يفخر بعروبته مبعث عزته، وبقومه مبعث فخره.
إن على الشباب العربي أن ينتصر الحق ويكون عوناً له وأي جور أعظم من جور الوطن على بنيه؟
إن على الشباب العربي أن يكون وطنياً، وهل تكون الوطنية صادقة مخلصة إذا لم تقترن بالتضحية؟ فاجعلوا شعاركم في خدمة الوطن لتكونوا وطنيين صادقيين.
لا تهابو ا التضحية، فانه لا يخشاها غير الجبان الرعايد، فالتضحية هي الدليل على أنكم أحياء وأنكم تعدون الحياة بكل عزيز، التضحية برهان الشجاعة وقوة النفس وسحرها، التضحية هي الحجة على قوة الحق الذي تدافعون عنه، ونبل القضية التي تحملون أعباءها، التضحية هي مقياس ما في نفوسكم من حب للحرية وتفان في سبيلها، التضحية هي الدليل على أنكم سادة تأنفون الرق، وأباة تحرصون على كرامة الحياة.. فضحوا وتنافسوا في ميدان التضحية فليست التضحية الموت ولكنها الحياة”.
هذه رسالتي إليكم فاحفظوها وحافظوا عليها واجعلوها نصب أعينكم ورددوها في كل مساء.
لقد قيلت في رثاء هنانو يوم وفاته ويوم أربعينه كلمات وأبلغ وأسمى لأن كل الناس كانوا واثقين من صدقه وإخلاصه، كانت كلماته من مستوى بطولاته، لذلك عندما مات شهر كل شاب أن أبا مات، وكل مجاهداً أن قائد قتل، وكل سياسي أن معقلاً تهدم، فعمت سوريا موجة من الحزب الصادق العميق، واتجهت الوفود الشعبية الضخمة من كافة المدن إلى حلب، لتشارك في تشييع جثمانه، بعد أن نقل إليها من قريته “ستي عاتكة” قرب حارم حيث توفي هناك.
وفي دمشق أغلقت الأسواق حداداً، فكان الأسى البليغ المخيم على العاصمة رائعاً يبعث الرهبة في النفوس، وقرعت أجراس الكنائس، ونعى المؤذنون الفقيد على المآذن بعبارات مؤثرة وتردد النعي في سماء دمشق الحزينة، وأضرب الطلاب حزناً وأسى وتفجعاً..
وفي دمشق أغلقت الأسواق حداداً على وفاة إبراهيم هنانو، فكان الأسى البليغ المخيم على العاصمة رائعاً يبعث الرهبة في النفوس، وقرعت أجراس الكنائس، ونعى المؤذنون الفقيد على المآذن بعبارات مؤثرة وتردد النعي في سماء دمشق الحزينة، وأضرب الطلاب حزناً وأسى وتفجعاً..
وفيما سافر بعض رفاقنا طلاب الجامعة إلى حلب للمشاركة بتشييع، توجه فريق آخر إلى دار البريد ووجهوا البرقية التالية إلى مصطفى النحاس باشا رئيس وزراء مصر:
“نستنكر إطلاق النار على الطلاب وإهراق دمائهم الزكية وإغلاق المعاهد العلمية بوجه الهاتفين للاستقلال، الدم المسفوح بجنبات النيل خير كفيل لنجاح قضيتكم، للباطل جولة ثم يضمحل. تحيى أرواح الشهداء الأبرار.
التوقيع:
طلاب الجامعة السورية”
لقد كانت مصر تتمخض عن ثورة 1935م، ضد الاحتلال البريطاني.
الوحدة الطبيعية للثورة العربية:
إن برقية طلاب الجامعة السورية إلى مصطفى النحاس باشا زعيم المعارضة الوطنية في مصر تدل على مدى اهتمام السوريين بما كانت تتمخض عنه ثورة مصر التحريرية ففي 13 تشرين الثاني 1935م، وبمناسبة عيد الجهاد، انطلقت في القاهرة مظاهرات شعبية كبرى مطالبة بإقالة حكومة محمد توفيق نسيم باشا، وإعادة دستور 1923م، وتسليح الجيش المصري، كما كان حزب الوفد والأحزاب الوطنية الأخرى تصدر البيانات التي تطالب إنكلترا إيجاد ضيغة تضمن لمصر حقها بالاستقلال والانتساب لعضوية عصبة الأمم المتحدة.
قامت حكومة نسيم باشا، الراضحة لأوامر المستعمرين البريطانيين، بقمع تلك المظاهرات بوحشية وعنف، فسقط عدد كبير من القتلى والجرحى، ولاسيما في صفوف الطلاب لكن ذلك لم يخمد نار الثورة بل زادها اشتعالاً، إذ استمرت المظاهرات والإضرابات عدة أسابيع، وكانت الجماهير الشعبية المصرية، والطلاب، والأزهريون، والنساء، وأبناء المدن الصغيرة في الأقاليم يعبرون بمواقفهم الباسلة عن صمود ووعي وطني رائع، وكانت سوريا متصلة بهذه الثورة الوطنية متعاطفة معها.. ولم تنته فصول تلك الثورة إلا بمعاهدة عام 1936 الشهيرة.
وسوف نرى أن الأمر ذاته سيحدث في سوريا وينتهي بمعاهدة عام 1936 مع فرنسا. وأن من يدرس وقائع تلك الفترة، ستدهشه وحدة التوقيت والأهداف والمواقف في هذين القطرين العربيين، رغم وجود أي تنظيم أو تنسيق مسبق.
اقرأ:
من مذكرات أكرم الحوراني (1) – من ذكريات الطفولة
من مذكرات أكرم الحوراني (2) – يا حوراني يا أكحل
من مذكرات أكرم الحوراني (3) – لماذا لم ينجح أبي في الانتخابات؟
من مذكرات أكرم الحوراني (4) – خلفیة الأوضاع الاجتماعیة بحماه في أواخر العھد التركي
من مذكرات أكرم الحوراني (5) – في مدرسة ترقي الوطن وأيام كئیبة عند الشیخة
من مذكرات أكرم الحوراني (6) – صفعة ظالمة من جندي الماني وحاكم سورية في ضیافتنا
من مذكرات أكرم الحوراني (7) -الأمير فیصل يتبرع لانشاء مدرسة في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (8) – مرحبا يا ابن الحسین
من مذكرات أكرم الحوراني (9) – طائرة ترمي منشورات في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (10) – الإنكليز والفرنسيون في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (11) – الثورات والأمل
من مذكرات أكرم الحوراني (12) – في قصر العظم
من مذكرات أكرم الحوراني (13) – الثورة الوطنیة والثورة الاجتماعیة معاً
من مذكرات أكرم الحوراني (14) – الحسین بن علي
من مذكرات أكرم الحوراني (15) – ثورة عام 1925 في حماة
من مذكرات أكرم الحوراني (16)- عثمان الحوراني يتحدث عن ثورة حماة عام 1925
من مذكرات أكرم الحوراني (17) – فظائع الفرنسیین في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (18) – البطل رزوق النصر ينتقم
من مذكرات أكرم الحوراني (19) – من ھم مواطنونا الدروز؟
من مذكرات أكرم الحوراني (20) : بدء تفتح الوعي السیاسي للقضیة الوطنیة
من مذكرات أكرم الحوراني (21) : فرنسا تصطنع الشیخ تاج
من مذكرات أكرم الحوراني (22): التعرف على الشعراء والزعماء الوطنیین في دمشق
من مذكرات أكرم الحوراني (23) – فجیعة سوريا باغتیال الغزي
من مذكرات أكرم الحوراني (24) – في الكلیة الوطنیة بعالیه في لبنان
من مذكرات أكرم الحوراني (25) – ذكريات من مكتب عنبر
من مذكرات أكرم الحوراني (26) – تأسیس أول ناد رياضي في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (27) – الصدمة الأولى في الجامعة الیسوعیة
من مذكرات أكرم الحوراني (28) – في لبنان عام 1931
من مذكرات أكرم الحوراني (29) – الشعب السوري يثور ضد تزيیف الانتخابات
من مذكرات أكرم الحوراني (30) – محاولة اغتیال صبحي بركات
من مذكرات أكرم الحوراني (31) – جذور الحركة الشعبیة في حماه
من مذكرات أكرم الحوراني (32) – أهل الصفة
من مذكرات أكرم الحوراني (33) – لقاء مع ابراهیم هنانو
من مذكرات أكرم الحوراني (34) – وفاة الملك فیصل بن الحسین
من مذكرات أكرم الحوراني (35) – وحدة القضیة السورية الفلسطینیة
من مذكرات أكرم الحوراني (36) – في معھد الحقوق بدمشق
من مذكرات أكرم الحوراني (37) – تخلف معھد الحقوق
من مذكرات أكرم الحوراني (38) – التراث عامل تطوير لا تجمید
من مذكرات أكرم الحوراني (39) – مقال لم ينشر
من مذكرات أكرم الحوراني (40) – “الرجل” الذي ينتقم من النساء ومعركة الحشيش
من مذكرات أكرم الحوراني (41) – أولئك المحجبات الباسلات
من مذكرات أكرم الحوراني (42) – العید الألفي لأبي الطیب المتنبي
من مذكرات أكرم الحوراني (43) – الوباء
من مذكرات أكرم الحوراني (44) – سلطة الانتداب تجمد نادي أبي الفداء
من مذكرات أكرم الحوراني (45) – بوادر صراع النفوذ السعودي والھاشمي في سورية
من مذكرات أكرم الحوراني (46) – عصبة العمل القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (47) – الكتلة الوطنية تتجه نحو التنظيم الحزبي
من مذكرات أكرم الحوراني (48) – إيطاليا تهاجم الحبشة