بطاقات بحث
المبعوث الجزائري وجولة بسيارة حافظ الأسد في شوارع دمشق 1967
قبيل حرب حزيران 1967م، أرسل الرئيس هواري بومدين شريكه في الإنقلاب على الرئيس بن بله وقائد مجلس الثورة في الجزائر، العقيد طاهر زبيري لزيارة دمشق والقاهرة للتأكد من حقيقة أوضاع المنطقة التي تتجه إلى الحرب، بينما كان الهدف الغير معلن للزيارة هو الرغبة في تلطيف الأجواء السياسية بعدما رفض هواري بومدين وساطة كل الأطراف العربية للإفراح عن بن بله.
كانت زيارة المبعوث الجزائري إلى دمشق ايضاً أول زيارة لمسؤول رفيع بعيد إنقلاب 23 شباط عام 1966م.
وصل زبيري إلى دمشق في أيار 1967م، واستقبله في القصر الرئاسي الرئيس نور الدين الأتاسي ومجموعة من الضباط على رأسهم وزير الدفاع حافظ الأسد وأحمد السويداني، ومصطفى طلاس .
يذكر العقيد زبيري في مذكراته أنه سأل الرئيس الأتاسي خلال الاجتماع عن الوضع على الجبهة السورية فأجاب الأتاسي بأن “المصريون مستعدون للحرب، ونحن مستعدون أيضا، ويجب أن نتعاون وننسق جهودنا في الحرب”.
كما أوضح الأتاسي والضباط في أثناء العشاء الذي أقيم على شرف الضيف في القصر الجمهوري بأن سورية تعيش مرحلة تنظيم الجيش وإعادة تأطيره.
حاولت القيادة السورية عدم التطرق إلى موضوع تنحية بن بله أو مضايقة الضيف بأي شكل، وأوضحوا له أن ما جرى في الجزائر هو شأن داخلي جزائري.
يذكر العقيد زبيري أيضاُ في مذكراته أنه بعيد تناول العشاء : (جذبني حافظ الأسد بلطف وهمس في أذني قائلا “حبذا لو تذهب معنا في السيارة لمشاهدة دمشق”، ولم أجد مانعا في الأمر فأجبته: “بكل سرور”.
ويتابع قائلاً: (ركبت سيارة مدنية إلى جانب حافظ الأسد الذي تولى قيادتها في حين جلس كل من مصطفى طلاس وأحمد السويداني والرائد شهاب في الخلف، واستمتعنا في هذه الجولة بزيارة الشوارع والحارات الدمشقية الزاخرة بعبق الشرق الخالد، واستغل حافظ الأسد هذه الجولة ليحدثني في مسألة قال بأنها “سرية” وسألني إن كان لدينا طائرات سوخوي وثلاث غواصات لدعمهم بها في حالة وقوع الحرب، فقلت له “سأبلغ بومدين بهذا الطلب”.
في صباح اليوم التالي قام الوفد الجزائري الذي ضم السفير الجزائري بدمشق عبد الكريم بن محمود بزيارة إلى أعلى مكان في هضبة الجولان
كان برفقة الوفد الجزائري يوسف زعين الذي أكد أن “كل الأماكن مهيأة للدفاع وصد أي هجوم لليهود”.
ذكر زبيري في ملاحظاته على تلك الزيارة بأنهم فهموا أن السوريين كانوا ينوون الهجوم على اليهود انطلاقا من الجولان، كما قال انه خلال التجول في المواقع العسكرية المتقدمة للجيش السوري المرابط على أعالي الهضبة، لاحظوا نقصاً كبيراً في المدافع والصواريخ المضادة للطيران، وقال: (لم أرمق سوى ثلاث مدافع مضادة للطيران، كما أن الخنادق على طول الجبهة مع العدو لم تكن كثيرة، مما يوحي بأن الجبهة السورية لم تكن على قدر كاف من الاستعداد للحرب، فضلا عن أن الطريق الرابط بين دمشق والجولان كان يشهد ازدحاما مروريا ملفتا للانتباه).
وأضاف: (من أعلى الهضبة كنا نشاهد حركة قليلة للجيش الإسرائيلي ولم تكن تظهر أي حشود عسكرية على الجبهة السورية، وكنا نعتقد أن القوات الإسرائيلية الرئيسية متجمعة في قواعد خلفية غير بعيدة عن الجبهة استعدادا للهجوم على سوريا، لم أكن مقتنعا بالاستعدادات السورية للحرب إلا إذا كانت لهم قوات خلفية لم نتمكن من الاطلاع عليه).
ختم زبيري حديثه عن الزيارة إلى دمشق بالقول: (خلال لقائي مع بومدين قدمت عرض حال عن زيارتي لكل من مصر وسوريا، وأشرت إلى أن المصريين لم يأخذوني إلى الجبهة للاطلاع على الأوضاع هناك، أما بالنسبة للسوريين فأخبرته أنني لاحظت اختناق حركة المرور على الطريق الرابط بين دمشق والجولان.
بعد هذا الاجتماع الثنائي مع بومدين تم استدعاء مجلس الثورة وتم عرض حال الوضع في الشرق الأوسط، وطلبات كل من مصر وسوريا لمساعدتهم بطائرات حربية وغواصات قتالية، واتفقنا خلال هذا الاجتماع على مساعدة إخواننا العرب في حربهم المتوقعة ضد إسرائيل).
اقرأ:
المستقبلون في دمشق يحملون سيارة بومدين بعيد حرب حزيران 1967