You dont have javascript enabled! Please enable it!
مختارات من الكتب

ميشيل عفلق:البعث العربي إرادة الحياة

من كتاب في سبيل البعث، الجزء الأول، الباب الثاني (13)

اننا لسنا الا نتاج امتنا(1)، واننا اذا استطعنا ان نعمل حتى الآن شيئا وأن نقترب من بعض الفضائل وان نطمح الى المزيد من هذه المثالية فليس ذلك العمل خاصا بنا كأفراد، وليس ذلك العمل لتفوق فردي، وانما يرجع الفضل في ذلك كله الى هذه الارادة المستيقظة في امتنا التي تفرض نفسها على طليعة ابنائها. لنؤمن دوما بأن ما نعمله وما نفكر به وما نستطيع تحقيقه في نفوسنا وفي المجتمع ليس الا صدى باهتا، وليس الا حقيقة ناقصة، بالنسبة إلى حقيقة أمتنا الخالدة. لنضع أمتنا المثالية فوق كل اعتبار وفوق كل شخص، ولنضع حزبنا الذي هو صورة الامة المثالية فوق أشخاصه وقادته، فإذا أردتم ان تحيوا أحدا فحيوا حزب البعث العربي الذي استطاع في مثل هذه المرحلة الحرجة القاسية في حياة أمتنا أن يسمو بالفكرة فوق الواقع وفوق الأشخاص. وما قيمة الاشخاص الا بمقدار ما يتمثلون هذه الفكرة وبمقدار ما يكونون صورة قريبة منها وتعبيرا صادقاً منسجما معها، أي بمقدار ما يطيعونها. فالقادة الحقيقيون هم الذين يعرفون ان يطيعوا الفكرة، كما ان الاعضاء المخلصين هم الذين يطيعون الفكرة من خلال توجيه القادة. . .

تتلخص فلسفة البعث العربي في هذه الكلمة: ثقة الأمة العربية بنفسها، واعتمادها على قواها، ومعنى ذلك ان البعث العربي الذي يريد أن يكون طليعة هذه الامة عليه أن لا ينشد أية مساعدة، وأية قوة خارجية عن نفسه وعن ذاته. لقد قام حزبنا على هذا الأساس، على هذا الشعور، على هذا الواقع، على هذه العقيدة. اذا وثقنا بأنفسنا، اذا وثق فرد عربي واحد بنفسه فالأمة كلها ستثق بنفسها.

سرنا بهذه العقيدة، ولم تخيب الحوادث أملنا ولم تخيب أمتنا أملنا. اننا نبني عملنا على عقيدة لا تمت إلى الوهم او السحر بصلة وانما ترتكز على أقوى دعائم الواقعية العلمية والعلم وهي ان مصلحة المجموع العربي هي في اتجاه هذه الحركة ان حياة المجموع العربي هي في اتجاه هذه الحركة، لهذا يكفي أن تنشأ حركة مهما تكن بسيطة حتى يكون مجرد ظهورها ومجرد تقدمها خطوات في الطريق، حافزا وموقظا لهذه المصلحة التي يشعر بها المجموع بهذه الارادة الكامنة، حتى يتم هذا التجاوب وهذا التعاون المستمر بين الحركة الرائدة وبين المجموع الغافي الذي يستيقظ يوما بعد يوم وفي آخر هذا التجاوب الذي لن يكون طويلا، يتحقق البعث العربي.

اننا نمثل الحرية والاشتراكية والوحدة. هذه هي مصلحة الأمة العربية، واقصد بالأمة العدد الأكبر ولا أقصد بها تلك الأقلية المشوهة الشاذة المنكرة لذاتها، المستعبدة لأنانيتها ومصالحها الخاصة، لأنها لم تعد من الأمة. فما دامت هذه الأهداف هي التعبير عن مصلحة العدد الأكبر فلنثق ولنؤمن بأن العدد الأكبر سيأتي الينا. وأقول اكثر من ذلك بأنه يمكننا أن نعتمد ليس فقط على العدد الأكبر من الشعب العربي في هذا الوقت، بل نعتمد على العرب وعلى تاريخ العرب وعلى تلك الارادة التي تشع من العرب الأحياء والأموات، على تلك الروح التي تسري عبر الزمن في الأرض العربية، تلك الروح وان شابتها الشوائب في فترات من الزمن فانها لا تزال ذات إرادة ولا تزال تريد الحياة والانبعاث.

فقوتنا إذن ليست قوة العدد الأكبر من مجموع العرب في هذا الوقت فحسب وانما هي قوة التاريخ العربي أيضا لأننا نسير في إتجاه الروح العربية الأصيلة، لأننا نسير وفق ما يتمنى أجدادنا الابطال ان تسير الامة العربية في كل وقت وزمن.

واننا نعتمد ايضا على قوة اخرى لا يستهان بها، ما دمنا نعتقد بأن القومية الصحيحة هي الانسانية الصحيحة، وأن بعث امتنا هو بعث للانسانية بكاملها، هذه القوة هي قوة التاريخ الانساني. فنحن نسير في اتجاه التقدم والتحرر والعدل ولسنا ندير ظهورنا ونعمي ابصارنا عن هذه الحقيقة الانسانية. فاذن نحن محاطون بقوى ثلاث أساسية تكفى لكي تملأ قلوبنا بالثقة والعزم: قوة مصلحة الشعب العربي في حاضره، والتاريخ العربي في ماضيه، والتاريخ الانساني في تقدمه نحو الحرية والاشتراكية والوحدة.

نيسان 1950

(1) من حديث ألقي في مكتب الحزب في دير الزور.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى