مقالات
من مذكرات أمين أبو عساف (63) الوضع العام قبيل إنقلاب الزعيم “حسني الزعيم”
من مذكرات أمين أبو عساف (63): الفصل الثالث- الإنقلاب الأول بقيادة الزعيم “حسني الزعيم”.. الوضع العام قبيل إنقلاب الزعيم “حسني الزعيم”
اشترك السيد “شكري القوتلي” بمقاومة الاستعمار مع الرعيل الأول منذ نعومة أظفاره، ومن خلال الكتلة الوطنية التي نظُمت وقادت الكفاح الوطني منذ إنشائها في أوائل الثلاثينيات وكان عضواً بارزاً فيها. عرفت الكتلة كيف تحرك الجماهير من تجار وفلاحين وعمال وطلاب ضد الانتداب الغاشم.
تعتبر الكتلة الوطنية أول تشكيل سياسي يتزعم مطالب الجماهير ويوجّه نضالها. أمكن لسلطات الانتداب أن تستميلَ بعض الشخصيات للتعاون معها.
والحكم حسب مشيئتها ضد مصالح الوطن. لكن الكتلة الوطنية كانت تسيطر على الشارع في كل المدن السورية وبعض الريف- كانت تمثّل الوجه الحقيقي لسوريا. تمكنت من إثبات وجودها وإجبار الانتداب الفرنسي على الرضوخ لمطالبها في ظروف كثيرة.
قبل دخول فرنسا الحرة إلى سوريا بالتعاون مع بريطانيا عام /1941/ كانت قد وعدت بإعطاء الاستقلال إلى سوريا- وبعد أن أستتب لها الأمر واستلمت مسؤولية الدولة المنتدبة تنكرت لوعودها- عرضت على الرئيس السابق “هاشم الأتاسي” وكان رئيساً للكتلة الوطنية تعيينه رئيساً للجمهورية. رفض إلا عن طريق الانتخاب. المجلس النيابي المنتخَب ينتخب رئيس الجمهورية كما جاء في الدستور.
عينت سلطات الانتداب رئيساً للجمهورية من الموالين لها وهو “تاج الدين الحسيني” وهو بدوره يعين رئيس الوزارة ووزراء من أتباعهما. ولكنه مات مسموماً عندما طالب فرنسا أن تفِ بوعودها من أجل الاستقلال. عندما عجز الانتداب عن متابعة الحكم الذي أختاره وامتناع كثير من السياسيين من التعاون معه لبى مطالب الشعب وعلى رأسه الحزب الوطني الذي خلف الكتلة الوطنية.
عين السيد “عطا الأيوبي” في أوائل عام /1943/ ليرأس وزارة انتقالية لإجراء انتخابات. فاز بها الحزب الوطني بالأكثرية المطلقة. وكان الحزب الوحيد في المجلس والباقي تجمعات وأفراد مستقلون.
في 18/ 8 / 1943 اجتمع المجلس النيابي وانتخب السيد “شكري القوتلي” رئيساً للجمهورية وبدأ الحكم الوطني في سوريا مع تأييد مطلق من الشعب وبدون قيود خارجية – سارت الأمور سيراً حسناً إلى أن أوشك الحرب على الإنتهاء. ووقعت ألمانيا الهدنة في 8 / 5 / 1945 واستسلمت إلى الحلفاء. ضغطت فرنسا على الحكومة السورية من أجل عقد معاهدة معها قبل تسليم قوات الشرق الخاصة، مع امتيازت قواعد جوية وبحرية- ربط العملة السورية واللبنانية بالفرنك الفرنسي- الإشراف على معاهدها الثقافية مع وجود جيش دائم لها في سوريا ولبنان.
جرت مظاهرات وصدامات بين الجيش الفرنسي والمتظاهرين في كل المدن السورية. وفي دمشق قصفت المدفعية الثقيلة المجلس النيابي وكل دوائر الحكومة.
رفضت قطعات الشرق الخاصة الاشتراك في قمع المظاهرات وانسحب عدد كبير من ضباطها. وبصورة خاصة الشباب منهم ووضعوا أنفسهم تحت تصرف الحكومة للدفاع عن الاستقلال حتى تدخلت بريطانيا وطلبت إلى فرنسا تنفيذ بيان الاستقلال، ووقف عدوانها المسلح والتزام الجيش ثكناته. وبعد مفاوات شاقة بدأ الجيش الفرنسي طريق العودة جرى الحشد في لبنان ثم إلى قواعده عن طريق مرفأ بيروت على أن يتم الجلاء قبل 17 نيسان 1946م.
17 نيسان اعتبر عيداً وطنياً بخروج آخر جندي أجنبي عن أرض سوريا كان مهرجاناً عظيماً شهدته وفود الدول العربية جميعها، وفصائل من جيوشها اشتركت بالعرض مع الجيش السوري. كان مشهداً رائعاً فحماس الجماهير شديد والسرور عام وشامل.
دافع رئيس الجمهورية أثناء العدوان الفرنسي رغم مرضه عن الاستقلال وصانه. كان “القوتلي” من المجاهدين الصابرين معروفاً بنزاهته ووطنيته وإخلاصه. ولكن هل حقق وحده جلاء المستعمر؟.
بدأت اليقظة العربية من أيام الحكم العثماني، واستمرت قوافل الشهداء، والمناضلون يخططون داخل الوطن، والمبعدون خارجه يعملون لاستقلال الوطن.
معركة الجلاء خاضها الشعب بكل فئاته ومراحلها المختلفة من ثورات وإضرابات ومظاهرات وسجون ونفي وتشريد.
مع ذلك أصيبَ الرئيس بداء العظمة والغرور ولم يقتنع بالتطور، لم يكن على مستوى العصر. كان حكمه بعد ذهاب الفرنسيين رجعياً. ظهرت أحزاب تقدمية وأجيال مثقفة- لم يشعر بكل هذا بل أراد أن يحكمَ بأسلوبه الخاص وأنه الوحيد الذي يحق له أن يحكم. لم يقتنع بولاية واحدة عدّل الدستور، انتُخب لولاية ثانية. بدأها في نهاية ولايته الأولى.
لا يوجد انسجام في الحكم، فهو لا يثقُ برفاق الجهاد كلهم. يُقال إن الملك “عبد العزيز آل سعود” قد نصحه أن يترك الولاية الثانية لـ “جميل مردم” أو غيره لكنه تمسك بالحكم. عند تشكيل الوزارات يفرض أفرادها ويدُخلُ فيها البعض ممن ينفذون رغبته، وينسحبون بإيعاز منه. لتسقط الوزارة عندما يرغب بذلك. لم يكن موفقاً في اختيار معاونيه ولطيب قلبه خانه أكثرهم.
عَمت الفوضى والسرقات، وفقد الحكم هيبته. فلا يوجد برنامج للعمل لا داخلياً ولا خارجياً ولا سياسة موجهة بعيدة المدى.
انظر ايضاً:
الفصل الأول – الثورة العربية الكبرى وسوريا تحت الانتداب
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة
من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين
من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين
من مذكرات أمين أبو عساف (37): وصول “راكان بن مرشد” وتحريض العسكريين
من مذكرات أمين أبو عساف (38): كتاب إلى آمر قوى البادية عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (39): تشكيل فوج البادية بتدمر عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (40): العيد الوطني لاستقلال سورية عام 1946
الفصل الثاني- فجر الاستقلال وحرب فلسطين:
من مذكرات أمين أبو عساف (41): نقلي إلى كتيبة الفرسان الأولى في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (42): مقابلة “سلطان باشا الأطرش”
من مذكرات أمين أبو عساف (43): عودة “حمد الأطرش” آمر لكتيبة الفرسان في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (44): تعييني قائداً لمنطقة جبل العرب عام 1947
من مذكرات أمين أبو عساف (45): تعيين “عارف بك النكدي” محافظاً للسويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (46): أوضاع الضباط السوريين في قوات المشرق الخاصة
من مذكرات أمين أبو عساف (47): حشد الجيش على حدود فلسطين
من مذكرات أمين أبو عساف (48): تعيين حسني الزعيم رئيساً للأركان
من مذكرات أمين أبو عساف (49): فوج المدرعات الثاني وتعيني آمراً له
من مذكرات أمين أبو عساف (50): معركة كعوش
من مذكرات أمين أبو عساف (51): نقلي من فوج المدرعات إلى الكتيبة الأولى
من مذكرات أمين أبو عساف (52): استلامي قيادة الهجوم على خان يردا
من مذكرات أمين أبو عساف (53): قصف للطيران اللإسرائيلي وإصابتي بجراح
من مذكرات أمين أبو عساف (54): تعييني رئيساً للشعبة الثالثة في أركان اللواء الثاني
من مذكرات أمين أبو عساف (55): نقلي معاوناً لآمر كتيبة الفرسان الأولى
من مذكرات أمين أبو عساف (56): المعارك التي اشتركت بها كوكبات الكتيبة الأولى أو مخافرها
من مذكرات أمين أبو عساف (57): استلام قطعات الشرق الخاصة
من مذكرات أمين أبو عساف (58): زج الجيش السوري بالمعركة أمام “خط إيدن” عام 1948
من مذكرات أمين أبو عساف (59): احتلال كعوش
من مذكرات أمين أبو عساف (60) التعاون العربي لتشكيل قيادة القوات العربية
من مذكرات أمين أبو عساف (61) وضع الجيوش العربية خلال معركة فلسطين
من مذكرات أمين أبو عساف (62) نقلي إلى اللواء الرابع رئيساً لأركانه
المراجع والهوامش:
المراجع والهوامش: