من مذكرات أمين أبو عساف (43): عودة المقدم “حمد الأطرش” آمر لكتيبة الفرسان الأولى في السويداء
كان من المتفق عليه أن يعين المقدم “تركي عامر” آمراً للكتيبة وأكون معاونه. ولكن في أواخر عام 1946 نقل المقدم “توفيق بشور” ليعود المقدم “حمد الأطرش” آمراً للكتيبة مكانه. هذه المرة بواسطة الأمير “حسن الأطرش”.
طلبت نقلي لم توافق القيادة. ولكن المقدم سيبقى مؤقتاً. لا يوجد أي خلاف شخصي بيني وبين المقدم “حمد” وإنما هو لا يفعل أي شيئ من أجل إعادة الانضباط والتدريب إلى الكتيبة. يتصرف بعيداً عن القانون. مثلاً يومياً يوجد عنده سخرة في داره تصل إلى ثلاثين جندياً وأكثر. هؤلاء الجنود يفضلون هذا العمل على النقل خارج المحافظة لأسباب مادية. يستعمل سيارات الجيش لنقل الحجارة إلى الخارج والعودة محملة بالتراب. وكان بيته في سفح جبلي استصلحه وشجره ولم أتمكن من إقناعه بإلغاء هذه السخرة حتى انتهى العمل.
كنت معاوناً له ورغبته أن أبقى بدون عمل حتى لا أتدخل بشؤون الكتيبة يحل قضايا الكوكبات مباشرة عن غير طريقي. اعترضت وقلت له: القانون بيننا.
كل موضوع أدرسه وأعطي رأيي فيه من ترفيع ونقل واتباع دورات. القرار النهائي له وهو يرى أني تحت تصرفه أنفذ ما يرغب إحالته إليّ دون التقيد بالقانون.
كنت أرغب في انفتاح الكتيبة على الجيش السوري من أوسع الأبواب رأيت أن عناصر الكتيبة الشابة عندها إمكانيات. والتعليم الابتدائي منتشر في الجل وإمكانية الجنود ممتازة للتعليم والانخراط في الجيش وأن ظروف عزلة أبناء محافظة السويداء قد انتهى أمرها مع ذهاب الفرنسيين.
أتى الملازم “جميل زهر الدين” من قبل القيادة ليأخذ عناصر من أجل تشكيل فوج المدرعات الأول. عملنا اجتماع للعناصر الموجودة في السويداء.
طلب الملازم “جميل” من المقدم “حمد” ومن آمر الكوكبة أن ندعم طلبه في الاجتماع.. بدأ الحديث المقدم “حمد” قائلاً: إن الملازم “جميل” يرغب الحصول على رتبة على ظهركم وأنتم أحرار في الذهاب معه، أو عدمه.
أوشك أن يتكهرب الجو. استلمتُ الحديث ومما قلته: إن خدمتنا عند الفرنسيين في زمن الانتداب كانت مرحلة للحصول على التدريب العسكري وتطبيقه في خدمة الوطن. والمهمة التي كانت تقوم بها الكتيبة في السويداء لا وجود لها اليوم بعد الوحدة المباركة. ولا يمكن أن يبقى هذا العدد الكبير من العسكريين في الجبل. والجندي يخدم في المكان الذي يعين له وهذا واجبه. ومن مصلحتكم الانتقال إلى هذا الفوج الذي يشكل حديثاً. وكونوا سباقين لخدمة الوطن المفدى في فجر استقلاله.
بدأ العسكريون يسجلون أسماءهم وزاد الطلب عن الحاجة. كانوا نواة هذا الفوج الذي لعب دوراً هاماً في العمليات ووقت السلم.
عندما عدنا إلى المكتب قلت له: إن كلمتك فيها تحريض على الملازم “جميل” لو تعرض له الجنود ماذا سيكون موقفك؟.. بدأ يجمع العناصر التي تنسجم سياستهم مع سياسة عائلته في كوكبة قيادة الكتيبة وفي المراكز الحساسة. يعنيهم لدورات الترفيع دون التقيد بآراء آمري كوكباتهم.
والجدير دخول الأمير “حسن الأطرش” على الخط بصورة واضحة. وهو الذي عيّن كل رؤساء الدوائر في المحافظة من عائلة “الأطرش” ومراكز محدودة لأعوانهم الذين يماشون سياسته مثلاً: الأشغال العامة، الداخلية، والدرك وغيرها.. وهو يضّيف الجيش الآن!.
كانت حركة المعارضة تنمو في الجبل من أجل وضع حدّ لتصرفات الأمير “حسن” التعسفية وإجباره على إتباع طريق أكثر ديمقراطية وإعطاء الوظائف لمستحقيها بدون الاعتبارات العائلية. على هذه الصورة انتهى عام 1946م.
في السادس من شباط عام 1947 زار السويداء رئيس مجلس الوزراء جميل مردم بك لدراسة أوضاع المحافظة. يصحبه مدير الداخلية وقائد الدرك العام ومدير الصحة ومحافظ حوران وحضر “سلطان باشا”. اجتمعوا مع المحافظ وفتشوا الدوائر كلّ باختصاصه وعادوا.
في العاشر من شباط زار قطعات السويداء آمر اللواء الأول العقيد الركن “عبد الوهاب الحكيم”، ثم ذهب إلى القريّا لمقابلة “سلطان باشا الأطرش” وعاد مساء.
من السادس وحتى التاسع من آذار حضر العقيد “زهران” والرئيس “صباح الدين البزري” حيث فتشا الثكنات في السويداء وصلخد وشهبا.
وفي العاشر من نيسان توجهت الكوكبة الأولى والسادسة على الجياد إلى حمص للإشتراك في أعياد الجلاء.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة
من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين
من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين
من مذكرات أمين أبو عساف (37): وصول “راكان بن مرشد” وتحريض العسكريين
من مذكرات أمين أبو عساف (38): كتاب إلى آمر قوى البادية عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (39): تشكيل فوج البادية بتدمر عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (40): العيد الوطني لاستقلال سورية عام 1946
من مذكرات أمين أبو عساف (41): نقلي إلى كتيبة الفرسان الأولى في السويداء
