شهادات ومذكرات
من مذكرات أمين أبو عساف (59): احتلال كعوش
من مذكرات أمين أبو عساف (57): احتلال كعوش
كعوش مكان مرتفع، وقوية التحصين، بعدها عن المستعمرات من الشمال والغرب أمكن التسلل غليها ومحاصرتها واحتلالها والتقدم باتجاه الغرب إلى تل “أبو الريش” والشمال الغربي قرية البقارة والمرتفعات المحيطة بها، وشمالاً إلى مزرعة الخوري جنوب غرب بحيرة الحولة.
ولم يعد بالإمكان توسيع منطقة الاحتلال نظراً لقوة الجيش المحدودة. وقد اضطرت قيادة القطاع بتاريخ 17 تموز إلى إعطاء الأمر بإخلاء خان يردا إلى الغرب من تل أبو الريش بعد مهاجمته واحتلاله وطرد حاميته وسقوط عدد من القتلى و الجرحى لعدم إمكانية تمديد خط الجبهة. لأن احتلال الخان يستوجب التمركز في نقاط أخرى لا تستطيع قيادة القطاع تأمين حمايتها. إن القيادة التي أعطت أمر الهجموم هي التي أعطت أمر الإخلاء.
كان لاحتلال كعوش تأثير معنويّ في صفوف الجيش والمدنيين على السواء. وباحتلال قريتي البقارة ومزرعة الخوري وقريتي طليل وجليبيني بالقرب من بحيرة الحولة وشاطئها الشرقي بكامله مع جزء من الشاطئ الغربي عاد السكان العرب إليها وأستأنفوا أعمالهم كالمعتاد.
خلال العمليات كنت ألاحظ عدم وجود قيادة عليا تراقب وتوجه. كانت قوى الإنقاذ قد دخلت من لبنان باتجاه الجنوب واحتلت مساحات واسعة من الجليل واحتلت صفد والناصرة.
وكان الجيش اللبناني المدعم بفوج من الهجانة السورية قد تقدّم قليلاً في فلسطين. ومع الأسف الشديد لا يوجد تنسيق بين القطعات المتجاورة أو البعيدة.. كلّ يعمل على هواه! إذ عندما يهاجم العدو قوى الإنقاذ تكون الجبهة السورية ساكنة والعكس صحيح. وعندما يكون الجيش المصري مُهاجماً أو مُهاجّماً يكون هدوء على باقي الجبهات. إن العدو يملي إرادته على كلّ الجيوش العربية إذ لا يوجد تعاون ولا تنسيق بينها. ولا قيادة فعّالة.
على الأقل لماذا لم توحد القيادة على الجبهتين السورية واللبنانية مع قوى الإنقاذ؟
كان على القيادة العام أن تُحدث قيادة فرعية لهذه القوى تنسق عملها حتى يكون التعاون مفيداً وفعالاً. وبما أن القيادة العامة لم تنفذ أي عمل معقول. كان على القيادة السورية أن تقرر ذلك وتطلب تنفيذه.
لو كان بإمكان الجيش السوري التقدم إلى “مانهايم” وتتقدى قوى الإنقاذ من صفد إلى روشبينا، لو تمت هذه العملية بلقاء هاتين القوتين لطوقت مستعمرات الحولة بكاملها.
في ظل القيادة الراهنة للدول العربية في حرب فلسطين لا يمكن أن يجري إلا ما جرى!.
أولاً- ولكن لنفرض على سبيل المثال لو كان الهجوم على فلسطين تم على الشكل التالي:
يبقى الجيش العراقي والجيش السوري من لبنان باتجاه الجنوب ليحتلا شاطئ البحر المتوسط كما فعل الجيش المصري من الجنوب باتجاه الشمال بالتقاء الجيوش يتمُّ عزل الصهاينة ويقطع الاتصال عنهم من البحر. علماً أن مدن الساحل الهامة (عكا- حيفا- يافا) كانت بيد العرب وسكانها عرب.
رغم كلّ هذه الأخطاء المقصودة وغير المقصودة وضعف إمكانيات الجيش السوري تمكن من احتلال بعض الأراضي من فلسطين والمعينة بموجب مشروع التقسيم إلى الصهاينة والمحافظة عليها رغم هجمات العدو المتكررة، كما قام بعمليات استعراضية على بعض النقاط محاولاً إشغال العدو وتخفيف الضغط عن نقاط أخرى في الجبهات.
بالإضافة إلى منطقة كعوش احتفظ الجيش السوري بالنقاط التالية:
منطقة سمخ: مشروع الحمّة بكامله والطريق ضمناً من الحدود الأردنية حتى سمخ خارجاً. قرية السمرة العربية ثم ستة كيلومترات على ضفة بحيرة طبريا الجنوبية والجنوبية الشرقية، ومنها يمتدُ خط شمال شرق حتى كفر حارب السورية ومنها يتبع الحدود السورية – الفلسطينية حتى الحدود الأردنية إلى الشرق من الحمّة.
قرية الشمالنة: شمال بحيرة طبريا مع كامل أراضيها حتى المرتفعات غرباً ثم شريط غربي الحدود الدولية بعرض يتراوح بين /1000 – 1500/ متر أي ضعفي نهر الأردن حتى منطقة كعوش.
في أقصى الشمال إلى الغرب من بانياس- عين فيت حيث يوجد تل العزيزيات من الحدود اللبنانية حتى عشرة كيلو مترات جنوباً وبعرض كيلو مترين.
بيّنت فيما سبق طبيعة الحدود السورية من حدود لبنان، حتى الحدود الأردنية، وبعدها جنوباً حتى جسر المجامع على الحدود الأردنية الفلسطينية. هذه المنطقة قوية التحصين جنوبي بحيرة طبريا وجبال صعبة المسالك ثم في شمال الجبهة يوجد موانع طبيعية كبحيرة الحولة وأراضي مرزغية وإلى الشمال من هذه الأراض لا يوجد أي طريق يصل سوريا بفلسطين حتى حدود لبنان. وإني أتساءل كيف زجت القيادة العامة الجيش السوري والجيش العراقي في هذه المنطقة الصعبة. هل من أجل تحطيمها؟ إن هذه الخطة لا يمكن للصهاينة أني يحلموا بأفضل منها لجيوش أعدائهم.
ثانياً: كان على القيادة السورية السياسية والعسكرية أن تناقش هذا الموضوع مع المسؤولين في القيادة العامة وتختار الهجوم من لبنان مع الجيش اللبناني وقوى الإنقاذ حيث الحدود مفتوحة ولا يوجد خطوط دفاع كما أن الجليل الغربي مخصص للعرب في مشروع التقسيم. وتبقى قوات للدفاع الثابت على الحدود السورية الفلسطينية.
وكانت القيادة العراقية قد غيرت خطتها منذ الأيام الأولى للمعركة وعادت إلى الوراء واتجهت نحو نابلس في الضفة الغربية وأعلمت القيادة السورية بذلك عندما كنتُ ضابط ارتباط مع الجيش العراقي.
وبالنسبة للقيادات العربية كان عليهم أن يستفيدوا من دروس الحروب السابقة وأخصُّ بالذكر منها، الحرب العالمية الأولى وقد سميت لفترة ما بحرب الخنادق.
والحرب العالمية الثانية حيث حصنت فرنسا خط “ماجينو” القوى، وكان عملاً فنياً رائعاً، كثير التكاليف من الإسمنت المسلح وأسلحة الدفاع القوية والثابتة من حدود سويسرا حتى حدود بلجيكا استناداً إلى حياد هاتين الدولتين المعترف به دولياً. وإن الألمان يحترمون حيادهما. ولم تهاجم ألمانيا خط ماجينو بل طوقته من بلجيكا. وبما أن قوة الطرفين غير متكافئة، وجرت المعركة بعيداً عن الحصون، تغلب الألمان لأن عوامل جديدة دخلت في المعركة وهي كتل الدبابات.
إن البريطانيين كانوا في المعركة مع الفرنسيين في الحربين الأولى والثانية والجنرال “كلوب” قائد الجيش الأردني لا يجهل ذلك. وأي ضابط يعرف هذه الحقيقة من المجلات العسكرية المختصة. وفي العلم العسكري البدائي أن الموانع الطبيعية والصناعية تطوق.
كما أن لبنان دولة عربية عضو في الجامعة العربية ومشترك في الحرب. الجيش دخل القنيطرة عن طريق لبنان – والفدائيون أيضاً كان لبنان قاعدة لانطلاقهم.
القيادة العامة التي فرضت إرادتها وكان لها تأثير سيئ على سير المعركة وعلى جيوش الدول العربية. لم أعلم بمجئ مسؤول منها لتفقد الجبهة السورية، للاتصال ودراسة الأوضاع.
إن أياً من قيادة الجيش السوري أو قادة القطاعات والأولوية لم تكن حاضرة في جبهة القتال لمراقبة سير المعركة، ودراسة إمكانية الضباط ومؤهلاتهم بقيادة وحدات أعلى أو المحاسبة على الإهمال.
بعد إنتهاء القتال لم تجر دراسة لا خلال الهدنة الأولى، ولا خلال الهدنة الدائمة، لكل المعارك التي جرت. موقف قواتنا بالتفصيل، وقوات العدو وبيان الخطأ والصواب.
إطاء توجيهات بالدروس المكتسبة من هذه الدراسة وتعميمها على كافة المستويات.
الذي نعلمه أنه بعد كل تمرين قتال، كانت تجري دراسة التمرين على الأرض مع بيان النجاح والخطأ، وتصحيحه وإعطاء التوجيهات اللازمة.
انظر ايضاً:
الفصل الأول – الثورة العربية الكبرى وسوريا تحت الانتداب
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة
من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين
من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين
من مذكرات أمين أبو عساف (37): وصول “راكان بن مرشد” وتحريض العسكريين
من مذكرات أمين أبو عساف (38): كتاب إلى آمر قوى البادية عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (39): تشكيل فوج البادية بتدمر عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (40): العيد الوطني لاستقلال سورية عام 1946
الفصل الثاني- فجر الاستقلال وحرب فلسطين:
من مذكرات أمين أبو عساف (41): نقلي إلى كتيبة الفرسان الأولى في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (42): مقابلة “سلطان باشا الأطرش”
من مذكرات أمين أبو عساف (43): عودة “حمد الأطرش” آمر لكتيبة الفرسان في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (44): تعييني قائداً لمنطقة جبل العرب عام 1947
من مذكرات أمين أبو عساف (45): تعيين “عارف بك النكدي” محافظاً للسويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (46): أوضاع الضباط السوريين في قوات المشرق الخاصة
من مذكرات أمين أبو عساف (47): حشد الجيش على حدود فلسطين
من مذكرات أمين أبو عساف (48): تعيين حسني الزعيم رئيساً للأركان
من مذكرات أمين أبو عساف (49): فوج المدرعات الثاني وتعيني آمراً له
من مذكرات أمين أبو عساف (50): معركة كعوش
من مذكرات أمين أبو عساف (51): نقلي من فوج المدرعات إلى الكتيبة الأولى
من مذكرات أمين أبو عساف (52): استلامي قيادة الهجوم على خان يردا
من مذكرات أمين أبو عساف (53): قصف للطيران اللإسرائيلي وإصابتي بجراح
من مذكرات أمين أبو عساف (54): تعييني رئيساً للشعبة الثالثة في أركان اللواء الثاني
من مذكرات أمين أبو عساف (55): نقلي معاوناً لآمر كتيبة الفرسان الأولى
من مذكرات أمين أبو عساف (56): المعارك التي اشتركت بها كوكبات الكتيبة الأولى أو مخافرها
من مذكرات أمين أبو عساف (57): استلام قطعات الشرق الخاصة
من مذكرات أمين أبو عساف (58): زج الجيش السوري بالمعركة أمام “خط إيدن” عام 1948
المراجع والهوامش:
المراجع والهوامش: