شهادات ومذكراتمقالات
من مذكرات أمين أبو عساف (51): نقلي من فوج المدرعات إلى الكتيبة الأولى
من مذكرات أمين أبو عساف (51): نقلي من فوج المدرعات إلى الكتيبة الأولى – وإلغاء الأمر
في الخامس عشر من تموز عام 1948 تلقيت أمراً هاتفياً بتسليم قيادة الفوج إلى أقدم ضابط ريثما يصل الأمر، والتوجه إلى القنيطرة لمقابلة القائد العام، أثناء مروري من بناية الجمرك مقر قيادة اللواء، قابلت العقيد “أنور بنود” وطلبت مساعدته على عدم نقلي والبقاء في قيادتي، قال: هذا أمر القيادة، لم يأخذوا رأيي به، يجب تنفيذه.
وصلت إلى القنيطرة وقابلتُ الزعيم “حسني الزعيم” في قيادته ومعه المقدم “محمد ناصر” والمقدم “عبد الرحمن مردم بك” من أركانه. قال: قررت نقلك إلى كتيبة الدروز قائداً لها!.
أجبته لقد استلمت الفوج حديثاً وكان مضعضعاً وضعته على الطريق الصحيح وأظن أني أقوم بواجبي وأرغب البقاء فيه. قال ننقلك لصالح الخدمة، وأعدك بإعادتك إلى المدرعات عندما تسير أمور الكتيبة. لأنك نجحت بقيادة الفوج. أذهب وأستلم قيادة الكتيبة، يجب القضاء على جماعة آل الأطرش وتريحني منهم.
أجبت نحن في حالة حرب والجندي الذي يسلم دمه إلى رئيسه ويؤمنه على نفسه، يجبُ على هذا الرئيس أن يقدرَ الأمانة ولا يخونه!.
إذا استلمت قيادة الكتيبة لن أفرق بين جندي شعبي وجندي من حزب آل الأطرش وكل ينال نتيجة عمله. قال: سوف أسلمك الكتيبة لإصلاحها واستراجاع تل العزيزيات.
أجبت : الكتيبة موزعة على طول الجبهة من حدود الأرض في الحمة إلى حدود لبنان شمال بانياس في مخافر معزولة أحياناً، المخفر يؤمن الاتصال بين قطعتين مختلفتين.
وكل آمر قطعة ينسب المسؤولية إلى هذا المخفر. كيف يمكنني تحمل مسؤوليتها في هذا الوضع.
أطلبُ أن تجمع الكتيبة خلف الجبهة خلال شهر لإعادة تنظيمها وتدريبها. قال: لا يمكن؟ قلت خلال أسبوع! قال: لا يمكن – كررت عليه ورجعت إلى ثلاثة أيام!. ورفض أيضا. طلبت جمع الكتيبة وإعطائي مكان الفوج الذي يستلم أصعب مهمة في الجبهة. قال: لا يمكن، وخرج وكان كعادته يخرج أثناء الحديث.
قال الضباط “ناصر” و”مردم”: كيف تناقش الزعيم وهو يتحملك وليس من عادته؟
سألت: وأنتما ما رأيكما؟ لماذا لا تتدخلان وتبديان رأيكما؟
قالا: لا يمكننا التدخل. قلتُ: أفضل أن يودعني السجن الآن أثناء نقاشنا لأسباب انضباطية،.. من أن يودعني السجن أثناء العمليات بسبب الخيانة المزعومة!. إن ما يطلبه تعجيز وأنتما لا تبديان رأياً؟ وقد رجع.
صممتُ ألا أستلم قيادة الكتيبة للأسباب التالية:
– حتى لا أكون شريكاً في الانتقام بدون حق من جنود بإمرتي من الذين ينتمون لحزب آل الأطرش أو غيرهم. ولا أقدر على حمايتهم إذا صدرت أوامر مخالفة للقانون.
– واجباتي العسكرية التي أقدسها تقضي بأن أكون عادلاً في معاملة العسكريين الذين تحت إمرتي. وعدم إعطائهم ما يستحقون! أكان مكافأة أو عقوبة تعتبر خيانة!
– حتى لا أكون شاهد زور!.
عندما طلبت أن يجمع الكتيبة أو يعطيني أصعب مهمة يستلمها فوج في الجبهة.
وبعد رفضي المساومة على حقوق جنود حزب آل الأطرش كنت أرغب في استلام القيادة لأني واثق من شجاعة الدروز وأخلاقهم. لكن لا يمكن السير على طريق.. لا تُعرف نهايته، وسأكون مسؤولاً عن كل مخالفة ضد القانون يرغبون تطبيقها.
قررت ألا أستلم قيادة الكتيبة. لأنهم لا يريدون إصلاحها! بل الانتقام من الجميع بدون تفريق بين (طرشاني أو شعبي) الظلم الذي لا يمكنني وقفه.
انتحلت العذر التالي وقلت له:
سيدي الزعيم: نحن في الجبل نطبق العادات العشائرية حتى الآن. ويوجد ضباط أقدم مني وضباط برتبتي من عائلات تأتي في الترتيب العائلي قبل عائلتي لا يمكنني قيادتهم. أعفني من هذه المهمة.
أجاب: إذن تكون معاوناً ونحن نختار آمر الكتيبة. وافقت على أهون الشرّين. (استلمت خلال خدمتي مهمات خطرة وصعبة وكنت أقوم بها نظراً لثقتي برؤسائي ولأن المهمات عسكرية وصريحة وضمن القانون. إلا هذه القيادة لم أجرؤ على تحمل مسؤوليتها).
عُين المقدم (جميل ماميش) وهو من الضباط الذين بدأت خدمتهم أيام تركيا. آمراً للكتيبة وأنا معاون له.
ذهبنا إلى بانياس بعد أن تبلغ المقدم “حمد الأطرش” الأمر بتسليم قيادة القطاع إلى المقدم “خليل حلو” آمر فوج المشاة. وقيادة الكتيبة إلى المقدم “جميل ماميش” وأنا معاون معه ويلتحق هو تحت تصرف القيادة.
وصلنا بانياس إلى مقر القيادة، وجدنا المقدم “حمد” والمقدم “حلو”، كان المقدم “حمد” منفعلاً. وجّه الكلام إليّ وسألني: ماذا سيفعلون بي؟ أجبته” لا أعلم؟ قال: لقد هاجمنا تل العزيزيات وفشلنا ثم هاجموه مع سرية هجانة وفشلوا. وقد طلبوا مني تحضير خطة هجوم حضرتها.. انظر.. سألته: ما هي القطعات التي تهاجم بها؟ أجاب عناصر الكتيبة الموجودة هنا. أجبته: عناصر الكتيبة غير كافية هاجمت وفشلت وذهب منها قتلى وجرحى. كيف تقبل تحضير هجوم بعناصر غير كافية لتحقيق النجاح؟
لماذا لم تهاجموا بالهجانة والعناصر الموجودة من الكتيبة في وقت واحد؟. قال: الزعيم كان حاضراً وهذه أوامره!
أجبتُ: تل العزيزيات حصين يلزمه قوة كبيرة لاحتلاله؟ . قال: هكذا يريدون.
وأخيراً توجهنا الضباط الأربعة إلى ك1 مركز الكتيبة الأولى مقابل تل العزيزيات المحتل من قبل العدو. وقبل وصولنا يوجد جسر وجدنا عليه حاجزاً من الحجارة وعدداً من جنود الكتيبة حيث أوقفوا السيارات وترجلنا.
قالوا: قائدنا “حمد الأطرش” لن نتخلى عنه ولا نقبل سواه. حملوه على الأكتاف وبدون رضاه! بدأ الحداء (تايه الشور يللي يحاربنا…) ونحن وراءهم. عند وصولهم مركز الكتيبة الأولى قابلهم الملازم “أبو حسن الصباغ” رئيس النقطة قائلاً: ما هذا .. (خربتوا بيت المقدم حمد الأطرش) ما هذا العمل؟
دخلنا الغرفة الكبيرة. بقي الجنود مصرين على الاحتفاظ بموقفهم. لا نقبل قائداً إلا المقدم “حمد” وجاء بعضهم قائلاً لي: ليس لنا اعتراض على بقائك معاوناً! قال لهم المقدم “حمد”: أنا منقول إلى قيادة أفضل من هذه! يجب أن تبقوا تحت قيادة المقدم “جميل ماميش” لم يوافقوا رغم تنبيهنا بمخالفة الأوامر.
قال المقدم “جميل” كيف أستلم قيادة جنود ثائرين؟ هذا غير ممكن؟ ذهب المقدم “حلو” إلى الهاتف وطلب قيادة الجبهة أجابه المقدم “ناصر” طلب المقدم “حلو” بقاء المقدم “حمد” في قيادته وكرر القول يجب بقاؤه في قيادته لمصلحة الخدمة. لم نسمع، جواب المقدم “ناصر” ولكنه طلب أن يكلمني.
سألني ما رأيك؟ قلت: لا يمكن النقاش على الهاتف؟ تبقى الأمور على حالها وأحضر مع المقدم “حلو” إلى القنيطرة نناقش الموضوع وتقررون ما يجب عمله؟ وهكذا كان. ذهبت مع المقدم “حلو” كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة ليلاً. وصلنا القنيطرة. لم يكن موجوداً إلا المقدم “ناصر” شرح له المقدم “حلو” الوضع بالتفصيل. وطلب بقاء المقدم “حمد” في قيادته. سألني المقدم “ناصر” عن رأيي.
قلت : إن الجنود خالفوا القانون العسكري، اعترضوا على نقل قائدهم. ثم قاموا بمظاهرة في الخطوط الأمامية وعلى مرأى من العدو وهذا لا يجوز.
إذا كان عندكم قوة تستلم مكانهم أحيلوهم على المحاكمة وإذا كانت القوة غير موجودة، اختاروا الحل المناسب!.
المقدم “ناصر” ذكي وسريع البديهة قرر الآتي:
يبقى المقدم “حمد” آمراً للكتيبة والقطاع ويبقى معه المقدم “جميل” معاوناً.
المقدم “حلو” يبقى آمر فوجه. وأنا أعود إلى قيادتي..
كانت الساعة حوالي الواحدة من صباح / 16/ منه. طلب مني المقدم “ناصر” أن أمضى الليل في القنيطرة حتى الصباح. نظراً لصعوبة السير ليلاً بدون أضواء.
لم أوافق؟ وعدتُ إلى كعوش وصلتها في الصباح وأنا لا أكاد أصدق أني تخلصت من هذه الورطة!.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة
من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين
من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين
من مذكرات أمين أبو عساف (37): وصول “راكان بن مرشد” وتحريض العسكريين
من مذكرات أمين أبو عساف (38): كتاب إلى آمر قوى البادية عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (39): تشكيل فوج البادية بتدمر عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (40): العيد الوطني لاستقلال سورية عام 1946
من مذكرات أمين أبو عساف (41): نقلي إلى كتيبة الفرسان الأولى في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (42): مقابلة “سلطان باشا الأطرش”
من مذكرات أمين أبو عساف (43): عودة “حمد الأطرش” آمر لكتيبة الفرسان في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (44): تعييني قائداً لمنطقة جبل العرب عام 1947
من مذكرات أمين أبو عساف (45): تعيين “عارف بك النكدي” محافظاً للسويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (46): أوضاع الضباط السوريين في قوات المشرق الخاصة
من مذكرات أمين أبو عساف (47): حشد الجيش على حدود فلسطين
من مذكرات أمين أبو عساف (48): تعيين حسني الزعيم رئيساً للأركان
من مذكرات أمين أبو عساف (49): فوج المدرعات الثاني وتعيني آمراً له
من مذكرات أمين أبو عساف (50): معركة كعوش