مقالات
من مذكرات أمين أبو عساف (51): زيارة شكري القوتلي إلى الجبهة وتوزيع الأوسمة
من مذكرات أمين أبو عساف (51): زيارة الرئيس شكري القوتلي إلى الجبهة وتوزيع الأوسمة:
في الحادي والعشرين من حزيران عام 1948 قام رئيس الجمهورية السيد “شكري القوتلي” بزيارة الجبهة مع وزير الدفاع وقائد الجيش وجرى له استقبال رسمي.
ألقى خطاباً أشاد فيه بشجاعة الجيش وخص بالذكر بعض الضباط والشهداء اسمياً وبعض القطعات، ولم يأتِ على ذكر فوج المدرعات الثاني “والوحيد من عسكريي الفوج الذي نال وساماً هو الملازم الأول -محمد علي هلال” لا الشهداء ولا الأحياء!..
طبعاً الرئيس يتكلم حسب المعلومات التي قدمت له، مما اضطرني إلى تقديم التقرير المرفق إلى قيادة اللواء الثاني.
الجيش السوري
اللواء الثاني
فوج المدرعات
من الرئيس “أمين أبو عساف”
آمر فوج المدرعات الثاني لمقام المقدم آمر اللواء الثاني
رقم /223/ مم2
لي الشرف أن أرفع لمقامكم ما يلي:
منذ الخامس عشر من الشهر المنصرم والفوج في حالة الاستنفار التام يتلقى الليلة بعد الليلة الأمر بالمسير فلم يتوان قط عن تلبية الواجب، وإن السريتين المنقولتين كانتا دائماً في الخطوط الأمامية طيلة الأيام التي سبقت الهجوم على قرية كعوش وكم من مرة دفعنا السريتين لتكونا على مقربة من أفواج المشاة المرابطة تشجيعاً لها، ورفعاً لمعنوياتها لما لمسه فيهما حضرة آمر اللواء السابق من معنويات عالية واندفاع حتى إنه طلب ضباطاً ورتباء من الفوج ليقضوا لياليهم في وحدت أخرى مما يبرهن على المعنويات القوية التي يتحلى بها أفراد هذا الفوج ولم ينكرها عليهم آمر اللواء السابق!.
لأول مرة تخترق الجيوش السورية الحدود الفلسطينية من جهة كعوش اخترقتها فئتان من فوج المدرعات الثاني، إحدهما من الجنوب والثانية من الشمال وتمكنا من الوصول إلى مقربة من القرية وحرقتا بعض المزروعات ولغمتا خزان المياه، وللمرة الثانية هي سرية الشهيد الرئيس “برهان حسن” التي تقدمت الفوج الخامس واحتلت أماكنها حول القرية ولم تنسحب إلا بعد أن تقدم الفوج الخامس وفقاً للأوامر المعطاة.
وفي الهجوم الأخير مائة وعشرون جندياً من الفوج اشترك في عملية الاحتلال واستشهاد الرئيس “برهان” لم يؤثر على معنوياتهم بل تقدموا بقيادة الضابطين “محمد هلال” و”حكمت داية” ودخلوا القرية من الجهة الجنوبية الجهة التي لم تطأها أقدام المغاوير ولم يتراجعوا حتى المساء حيث استُبدلوا ونتيجة هذه العملية كانت استشهاد أربعة وجرح سبعة عشر ومما يجب ذكره أنه عندما وجه النداء لمن يريد الاشتراك بهذه العملية كان العدد أكثر من المطلوب، ومنهم من سريتي المصفحات وقيادة الفوج.
وفي مساء يوم الهجوم أمر فصيل مصفحات الدرك الموجود ضمن الفوج بمغادرة معسكر الفوج والمرابطة طيلة الليل في قرية كعوش وفي اليوم الثاني دخل الفوج بكامله واشترك باحتلال قرية البقارة وفي الليل أخذ مكانه من الخطوط الأمامية وصد هجوماً عنيفاً قامت به الهاغاناه، مهدت له بنيران الهاون الكثيفة كما أن فصيل الدرك اشترك في مطاردة طيلة اليوم الثاني بقيادة الملازم “عادل الميري”.
وهكذا إلى أن كان اليوم الواحد والعشرون حيث شرف فخامة الرئيس الأول ليقلد الأوسمة لمن برهن على الجرأة والشجاعة، والفوج وحده مكلف بحماية كعوش وسراياه هي التي قامت باستقبال الرئيس الأول وتحيته، والجميع واثقون من الإتيان على أعمالهم ولكم كانت دهشتهم عندما انتهت المراسيم ولم يتسلم ما أصاب غيرهم حتى إنه لم يؤت على ذكر قتلاهم، والوحيد الذي أتى على ذكره هو الملازم “محمد علي هلال” يوم لم يتقاعس أحد منهم عن تلبية الواجب لم يتردد أحد منهم عن تقديم نفسه رخيصة في سبيل إعلاء مكانة الجيش ومركز سوريا العالمي، فمحافظة على هذه المعنويات القوية التي يتحلى بها أفراد هذا الفوج أرجو أخذ اللوائح الاقتراحية المقدمة بتاريخ 8 / 6 / 1948 تحت رقم /212/ مم2 وبتاريخ 13 /6 تحت رقم 2/13 ولائحة ضابط وافراد الدرك المقدمة عن طريق آمر حامية كعوش بعين الاعتبار، وإن حضرة آمر اللواء وأركانه يدركون هذه الأشياء ويقدرون أعمال الفوج.
21 / 6 / 1948
أركان اللواء الثاني
الشعبة الأولى
التوقيع مع الختم
خاص بالضباط
رقم 429/ ى ض/ 1
يعاد لآمر فوج المدرعات الثاني
لإعلامكم بأن قيادة اللواء كانت قد اقترحت عند انتهاء المعارك الأخيرة ترفيع ومنح أوسمة لبعض عسكريي فوجكم الذين أرتهم أبلوا بلاء حسناً أثناء معركة كعوش وذلك عند تأخر ورود لوائح المستحقين لنيل المكافآت من عسكريي فوجكم.
وقد أخذت بعين الاعتبار هذه اللوائح واقترحت منح أوسمة للبعض منهم كما هو مبين بتعميمها رقم /1469/س/1/ الذي سيصلكم، ولما وردتنا لوائحكم التي تضم أسماء العسكريين الذين برزوا بأداء واجبهم، رفعناها مع موافقتنا لمقام القيادة لتقرر منح المكافآت المقترحة لكم منهم، ونأمل أن ينال كل منهم ما يستحقه، في اللوائح التي ستصدرها القيادة العامة قريباً والمشار إليها في حاشيتها المدونة على تعميمها المذكور آنفاً.
يتضح لكم مما تقدم أن قيادة اللواء لم تآل جهداً لإيصال كل عسكري إلى حقوقه ومكافأته عند الاقتضاء، ومن المحتمل أن يكون عدم إتيان فخامة الرئيس الأول على الأعمال التي قام بها فوجكم لتأخر ورود لوائحكم وعدم عرضها مع باقي اللوائح التي كانت قد رفعت للقيادة العامة عقب انتهاء العمليات مباشرة.
27/ 6 / 1948
آمر اللواء الثاني
المقدم “موسى يازجي” مع الختم.
لقد أعادت قيادة اللواء الطلب مع تعليق بعيد عن الواقع
الفقرة الأولى: كيف عرفت قيادة اللواء الذين أبلوا بلاء حسناً أثناء المعارك وهي لم تتحرك مطلقاً لزيارة الجبهة ولم نّر أي ضابط من قيادة اللواء أثناء العمليات حتي ولا آمر اللواء نفسه بالإضافة إلى أن المعركة الهامة وهي احتلال كعوش وما يليها كانت بقيادة المقدم “محمود بنيان”.
أما بشأن تأخير اللوائح لم يؤخذ بالاعتبار وجود سريتين من الفوج على خط التماس وصعوبة الاتصال معهم، وكذلك صعوبة الاتصال مع قيادة اللواء من الخطوط الأمامية.
كان على قيادة اللواء أن تحيل الطلب إلى القيادة العامة ولكنه لم تفعل، ربما لأنه يتناقض مع رأيها السابق، من واجب القيادة أن تحافظ على حقوق العسكريين أينما كانوا خصوصاً الذين يقومون بواجبهم على الخطوط الأمامية بعد معركة ناجحة، وبسبب لا مبالاتها لم يصل كثير من العسكريين إلى حقوقهم.
ومما يثبت إهمال قيادة اللواء، عدم ذكر أسماء شهداء الفوج مع الشهداء الآخرين لأن لوائح الخسائر ترسل فور انتهاء المعركة.
كان من واجب آمر اللواء أن يحقق بشأن تأخير اللوائح، وإذا ثبت الإهمال! محاسبة المسؤول عنه، وهو آمر الفوج، لا أن يعيد تقريراً يطالب بحقوق العسكريين الذين أبلوا بلاء حسناً في المعارك، ولكن قيادة اللواء هي المسؤولة ولا تخشى من يحاسبها!
إن الملازم الأول “محمد علي هلال” قام بواجبه على أحسن وجه ولا اعتراض على منحه الوسام وهو يستحقه، ولكن كثيرين غيره من الضباط وصف الضباط وعرفاء وجنود قاموا بواجبهم مثله، وربما تعرضوا لصعوبات أكثر منه.
وتقليده الوسام يدل على أنه المرشح الوحيد الذي إقترحته قيادة اللواء وأهملت الباقي، أما في القطعات الأخرى فقد لاحظنا أن ضباطاً قد حصلوا على أوسمة دون أن يقوموا بعمل، هذا مع العلم أن اللوائح قدُمت من الفوج بتاريخ 8/ 6 / 1948 و 13 /6 منه وكان مجئ فخامة الرئيس في 21 /6 /1948.
إن القائد الذي يبقى بمكتبه طيلة العمليات غير أهل للقيادة وتقييم أعمال مرؤوسيه!
استمر الهدوء في الجبهة عاد سكان البقارة إلى قريتهم وكانوا قد هجروها أثناء القتال.. يوجد قرى وأملاك عربية في المنطقة وكان من الممكن احتلالها، لكن القوة غير كافة، ومن هذه القرى (الغنامة- الحنية- طليل- بستان الخوري).
أثناء الهدنة بدأنا التدريب، استناداً إلى أساليب العدو في القتال، وإلى الأخطاء التي حدثت من العسكريين أثناء القتال، وقد جرى تبديل الألوية.
استلم اللواء الأول بقيادة العقيد “أنور بنود” القطاع الأوسط وقيادته في مبنى الجمرك.
واستلم اللواء الثاني بقيادة المقدم “موسى يازجي” قطاع بانياس، وقد بقي فوج المدرعات الثاني في كعوش تحت تصرف اللواء الأول.
وما شارفت الهدنة على الانتهاء حتى شن العدو هجوماً قوياً على تل “أبو الريش” غربي كعوش واحتل بعض المخافر، لكن هجوماً قوياً معاكساً وسريعاً تمكن من رد المعتدين، الخسائر فادحة من الطرفين- كان دور مدفعيتنا بارزاً تمكنت من أماكنها ويسدها الناري- في أراضي مكشوفة ومناسبة- منع النجدات من الوصول إلى العدو مما أجبره على التقهقر.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة
من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين
من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين
من مذكرات أمين أبو عساف (37): وصول “راكان بن مرشد” وتحريض العسكريين
من مذكرات أمين أبو عساف (38): كتاب إلى آمر قوى البادية عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (39): تشكيل فوج البادية بتدمر عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (40): العيد الوطني لاستقلال سورية عام 1946
من مذكرات أمين أبو عساف (41): نقلي إلى كتيبة الفرسان الأولى في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (42): مقابلة “سلطان باشا الأطرش”
من مذكرات أمين أبو عساف (43): عودة “حمد الأطرش” آمر لكتيبة الفرسان في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (44): تعييني قائداً لمنطقة جبل العرب عام 1947
من مذكرات أمين أبو عساف (45): تعيين “عارف بك النكدي” محافظاً للسويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (46): أوضاع الضباط السوريين في قوات المشرق الخاصة
من مذكرات أمين أبو عساف (47): حشد الجيش على حدود فلسطين
من مذكرات أمين أبو عساف (48): تعيين حسني الزعيم رئيساً للأركان
من مذكرات أمين أبو عساف (49): فوج المدرعات الثاني وتعيني آمراً له
من مذكرات أمين أبو عساف (50): معركة كعوش