مقالات
من مذكرات أمين أبو عساف (47): حشد الجيش على حدود فلسطين
من مذكرات أمين أبو عساف (47): حشد الجيش على حدود فلسطين
في العاشر من أيار 1948 عندما علمت بتحرك الجيش السوري إلى الحدود الفلسطينية وكنت قائد لمنطقة جبل العرب. اضطربت وتساءلت كيف أبقى بعيداً عن المعركة وقد اخترت العسكرية مهنة لي؟ وهل من مهمة أسمى من قتال الصهاينة والانتقام لضحايا (طبريا – دير ياسين وغيرهم) والاشتراك بتحرير فلسطين.
أرسلت برقية إلى رئيس الأركان أطلب تعييني في الوحدات التي تشترك في القتال، لم أنتظر طويلاً وصلتني البرقية رقم /398/ تاريخ 16/ 5/ 1948 بتوقيع ركن تدعوني للالتحاق بمركز الكتيبة في “فيق” تحت تصرف قائد الرتل.
التحقتُ بذات التاريخ كانت قواتنا قد احتلت معسكر سمخ وقرية السمرة جنوبي بحيرة طبريا.
تعييني ضابط ارتباط مع الجيش العراقي
أعلنت حضوري لقائد الرتل العقيد “عبد الوهاب الحكيم” استقبلني وأبلغني أني عُينت ضابط ارتباط مع الجيش العراقي، وهو إلى الجنوب من الجيش السوري يفصلهما وادي اليرموك.
سرني هذا التعيين لأنه يتيح لي مرافقة هذا الجيش حسن التنظيم وأنا معجب به وبضباطه عن بعد.
بتاريخ 17 /5 تراجعت قواتنا إلى (الكرنتينا) تحت ضغط هجوم معاكس قوي للعدو رافقت قائد الرتل لأطلع على تمركز القطعات في الجبهة، حضرت اجتماع آمري القطعات، يتلقون الملاحظات والتوجيهات على هجوم فاشل على سمخ، آمراً أفواج
المشاة هما: المقدم “حسن غانم” والمقدم “بشير حواصلي” آمرا الكتائب الرئيس “صبحي عبارة” والرئيس “قاسم الخليل” وآمر فوج المدفعية المقدم “عزيز عبد الكريم”.
زار الجبهة وزير الدفاع “أحمد الشرباتي” ورئيس الأركان الزعيم “عبد الله عطفة” والفريق “طه الهاشمي” وهو رئيس أركان الجيش العراقي سابقاً ويشغل الآن وظيفة مفتش قوى الإنقاذ في فلسطين.
جرى قصف مدفعية وتحضير لهجوم الغد.
وبتاريخ 18 /5 في الساعة الرابعة والنصف ابتدأ الهجوم بعد قصف المدفعية. كان الهجوم ناجهاً وأسفر عن احتلال سمخ بكاملها والوصول إلى نهر الأردن، وتقهقر العدو وراء النهر. وكانت خسائر الجيش السوري ثلاثة قتلى وثلاثين جريحاً. وخسائر العدو مائة واثني عشر قتيلاً وثلاثة أسرى.
بتاريخ 19 / 5 وصلتُ صباحاً إلى الجيش العراقي. امتثلت أمام الزعيم قائد الرتل. طلبت منه إذا أمكن مرافقته في جولاته على القطعات ومعرفة خطته، أجاب لا يمكن وأحالني إلى رؤساء شُعب أركانه لدراسة تفاصيل المهمة معهم. اتفقت مع الرئيس “عبد اللطيف” رئيس شعبة العمليات على شيفرة خاصة للاتصال بين الجيشين. – (يمنع الاتصال باللغة الدارجة).
واتفقت مع الرئيس “محمد فايق” على الدعم من قبل المدفعية. يجب إعطاء الإحداثيات والوقت الكافي للتحضير – ضابط رصد- مسح- وكيفية طلب المساعدة – الدعم من قبل الطيران يُتفق عليه حين اللزوم.
طلبت أن يتمّ تنظيف المنطقة من بحيرة طبريا حتى جسر المجامع على نهر الأردن والقضاء على جيوب المقاومة بالتعاون بين الرتل السوري والرتل العراقي حتى نهر الأردن.
19 / 5 كان جسر المجامع محروساً من قبل سرية من جيش الأردن ولكنها تركته قبل وصول الجيش العراقي، ودمره الصهاينة.
احتل الجيش العراقي مشروع روتمبرغ لتوليد الكهرباء وهدمه، وحاصر قلعة كيشر الجبارة.. تبين أن المدفعية لا تؤثر إلا مكان الضربة.
هجمت دبابة يقودها ضابط وضربت الباب بقذيفة فأعطيته دون جدوى! .. أُتبعت بأخرى فتحت القلعة دون إمكان احتلالها. تقرر الرجوع عن دخولها ومحاصرتها وعزلها. وقد تم احتلال باب الهوى وإخلاؤها عندما تأجل احتلال القلعة.
يتساءل الضباط العراقيون لماذا وضع الجيش العراقي في هذه المنطقة المحصنة وجسر المجامع المهدم وهو الطريق الوحيد في منطقة صعبة المسالك. والجيش السوري جنوبي بحيرة طبريا والطريق الوحيد المتعرج عند منحدر الحمة وصعوبة السير عليه وعلى السهر جنوبي البحيرة يوجد ثمانية مستعمرات محصنة تحصيناً قوياً. وخط إيدن القوي حضره البريطانيون لرد أي هجوم ألماني يأتي من الشمال باتجاه مصر. عندما توغّل الألمان في روسيا خشيت بريطانيا أن يأتي الألمان عن طريق تركيا حليفتها ويهاجموا مصر من الشرق بينما يهاجمها “رومل” من الغرب.
بتاريخ 20 / 5 قدّمتُ إلى قائد الرتل السوري معلومات وجدتها في القيادة العراقية عن المستعمرات الصهيونية الموجودة حالياً أمام الجيش جنوبي طبريا وهي ثمانية على أن أنقل معلومات باقي المستعمرات فيما بعد وفيها معلومات وافية عن قوة المستعمرة من رجال وأسلحة وتحصين. سأذكر فيما يلي المعلومات عن مستعمرتين على سبيل المثال حتى يتبين القارئ استعداد الصهاينة:
1- إشدوت يعقوب إحداثياتها / 205 -229/ سكانها 1218 اشتراكيون، تسليحها 180 بندقية / 60 – 70 / رشاشة تومي /8-10/ هاون وكمية من الذخائر يوجد بها /3/ أب و /4/ شاحنات نقل. تحصينها أسلاك شائكة حولها، أكياس من الرمل /4/ مخافر تضم /48/ حارساً.
ملاحظات : يتفرغ الطريق إليها وعلى بعد /6/ كيلو مترات جنوب سمخ – على طريق سمخ – جسر المجامع. على هذا الطريق يوجد جسران نسفهما يعرقل تموين هذه المستعمرة. في هذه المستعمرة مصنع لتصليح السيارات وربما لتصفيحها، كما يحتمل أن يكون بها مصنع للذخائر والأسلحة ويظن أن بها مستودعاً كبيراً للأسلحة والذخيرة.
2- انكيب – عين غيف إحداثياتها /210 – 223/ سكانها /400-550/ اشتراكيون. تسليحها /40/ قطعة فردية – رشاشات- مدفع هاون – مدافع جبلية وذخائر كافية. تحصينها: سور من الأسلاك الشائكة- خندق مائي – أبراج للدفاع- /4/ مخافر للحرس بها /40/ خفير / كاشف كهربائي.
ملاحظات: فيها ثلاثة مخازن للسلاح اثنان تحت الأرض وواحد قرب المطعم – بها سراديب تستعمل كملاجئ ومنها واحد يصل إلى شاطئ البحيرة حيث ترسو الزوارق. تعتبر هذه المستعمرة نقطة ارتكاز هامة للصهاينة على الشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا.
وبنفس التاريخ أيضاً أي في 20/ 5 شُن هجوم إسرائيلي عنيف على سمخ وجوارها. وقد تمّ الجلاء عن سمخ بدون انتظام.
هاجم الجيش السوري دكانيا “أ” ودكانيا “ب” ولكن دون نتيجة وفشل الهجوم.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة
من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين
من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين
من مذكرات أمين أبو عساف (37): وصول “راكان بن مرشد” وتحريض العسكريين
من مذكرات أمين أبو عساف (38): كتاب إلى آمر قوى البادية عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (39): تشكيل فوج البادية بتدمر عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (40): العيد الوطني لاستقلال سورية عام 1946
من مذكرات أمين أبو عساف (41): نقلي إلى كتيبة الفرسان الأولى في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (42): مقابلة “سلطان باشا الأطرش”
من مذكرات أمين أبو عساف (43): عودة “حمد الأطرش” آمر لكتيبة الفرسان في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (44): تعييني قائداً لمنطقة جبل العرب عام 1947
من مذكرات أمين أبو عساف (45): تعيين “عارف بك النكدي” محافظاً للسويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (46): أوضاع الضباط السوريين في قوات المشرق الخاصة