You dont have javascript enabled! Please enable it!
شهادات ومذكرات

من مذكرات أمين أبو عساف (44): تعييني قائداً لمنطقة جبل العرب عام 1947

من مذكرات أمين أبو عساف (44):  تعييني قائداً لمنطقة جبل العرب عام 1947

نقل قيادة الكتيبة إلى دمشق وتعييني قائداً لمنطقة جبل العرب ومهماتي خلال الأحداث الشعبية وآل الأطرش وأعوانهم المؤسفة

انتقلت قيادة الكتيبة إلى دمشق مع المقدم “حمد الأطرش” ونقل معه ثلاث كوكبات.وبقي في الجبل ثلاث كوكبات تابعة إدارياً للكتيبة.

أرسلت التقرير التالي: إلى الزعيم رئيس الأركان – الشعبة الأولى.

لي الشرف أن أعرض ما يلي:

إن الأمر الإداري رقم .. تاريخ.. القاضي بتعييني قائداً لمنطقة جبل العرب يجعلني مسؤولاً دون إعطائي أية واسطة لتحقيق هذه المهمة. وقد جاء الأمر غامضاً جداً لم أتمكن من فهمه.

يشير الأمر فق الفقرة الأولى.. بصدور الأمر بتشكيل اللواء. بينما تشير الفقرة الأخيرة .. ريثما يصدر الأمر بتأليف اللواء!.

يفهم من ذلك أن الكتيبة تبقى بقيادة المقدم “حمد: وهل يمكنني التدخل مباشرة إذا حدث نقل أو تعيين لغير صالح الخدمة؟ معنى ذلك أن آمر الكوكبة مسؤول أمام رئيسين آمر الكتيبة وآمر المنطقة.

لماذا هذا التعقيد؟ لم يعد خافياً على أحد في القيادة أننا مختلفون في الآراء مثلاً بينما يرى المقدم إبقاء الكوكبة الثالثة في صلخد. أرى أنه يجب تغييرها. والدليل على ما أقول عمله الأخير!.. لقد أقدم على تعيين رتباء لاتباع دورات بدون علم آمري كوكباتهم. واعتراضاتهم ذهبت أدراج الرياح وبقي كل شيئ كما أراد.

إن منطقة الجبل نقطة حساسة جداً ووجودها على الحدود يزيد من أهميتها ولا يمكن لرئيس قيادتها إن لم يكن آمراً للكتيبة والمنطقة معاً. وبدلاً من الأوامر الغامضة بالإمكان إعطاء قيادة المفرزة الثانية إلى الرئيس الذي ينال ثقتكم وحل الكتيبة الأولى ريثما يتم تأليف اللواء.

إن كل يوم يمرّ نتأخر به لنجد الحل النهائي يزيد من الفوضى في الكتيبة. وضعها الحاضر لا يدعو إلى الاطمئنان. وهذا شيئ يسيئ إلى المصلحة العامة نظراً لوجود الكتيبة على الحدود.

أطلب من القيادة أن تضع الحل النهائي الأخير الذي يرتضيه القائد لنفسه وإلاّ  أرى نفسي غير قادر على متابعة أعمالي بهذه الصورة وأطلب نقلي من الجبل لأنه لا يمكن أن نغمض أعيننا على القذى والحدود المفتوحة.

في الرابع عشر من حزيران ألقيت قنبلة على دار “يوسف باشا” وهي دار “سارازان” سابقاً وقد احتلها أيام المقدم “بشور” على أساس أنها مبنية في أملاكهم.

في الثالث والعشرين من حزيران هجم “آل أبو عسلي” وأتباعهم على دار الحكومة وخربوا الأبواب والنوافذ لأن المحافظ لم يقبل ترشيح الأستاذ “جميل أبو عسلي” وكان موظفاً جرح بعض الأشخاص وحدثت أضرار.

اتصل المحافظ هاتفياً وأعلمني أنهم احتلوا السرايا وقصدهم احتلال بيته يطلب حماية البيت من قبل الجيش والكتاب على الطريق.

كان الجنود مستنفرين في القلعة جاهزين للاجتماع والحركة وسلاحهم معهم أعطيتُ الأمر إلى الملازم “إسماعيل جبور” للقيام بهذه المهمة وحماية دار المحافظ. لم يكن متحمساً. قلت : هذا أمر عسكري وعدم تنفيذه يستوجب المسؤولية. وصل الجنود بسرعة إلى دار المحافظ في الوقت الذي بدأ المهاجمون فيه بتسلق سور الحديقة وتمكنوا من ضدّ الهجوم وحماية البيت- إن السرعة في تلبية الطلب ووجود الجنود ووصولهم بسرعة حال دون تعقيد الأمور.

استدعيت الرعيل الموجود في القريا تحت تصرف “سلطان باشا” ووضعته كاحتياط في الثكنة.. جمعت في القلعة كل العسكريين الموجودين في السويداء وقلت لهم نحن نمرّ بأيام حرجة والمطلوب منا هو إنقاذ الشرف العسكري دعوا السياسة لأهلنا وليس لنا دخلّ بهم ولنحافظ على التقاليد العسكرية والانضباط والنظام. على كلّ جندي أن يقوم بواجبه وينفذ أوامر رؤسائه فقط. وكلّ مخالف يُحال إلى المحاكم العسكرية. وكنت قد رددت ذلك دائماً وبقيتُ أعيده.

في الثالث والعشرين من حزيران علمت أن دورية مسلحة بقيادة الرقيب “إسماعيل جربوع” من الشرطة العسكرية خرجت من القلعة بدون أمر منيّ. بعد فترة أتى الرقيب الأول “حسن الحجلي” منفعلاً واحتج على مراقبة بيته من قبل جنود بقيادة “إسماعيل جربوع” وإنهم قد أحاطوا البيت وأطلوا عليه من عدة جهات وإذا كان الجيش لا يؤمن حماية عائلاتنا سنذهب لحماية أنفسنا.

طلبت إليه التريث حتى أحقق بالموضوع. وكانت الدورية قد عادت. طلبت الرقيب “إسماعيل جربوع” أتى وأعتذر فور وصوله وقال: أعلمني الرقيب الأول “نجيب الأطرش” أن الضباط مجتمعون في دار الرقيب الأول “حسن الحجلي” مع الملازم الأول “أمين أبو عساف” يخططون لمساعدة الشعبيين ذهبنا إلى هناك ولم نر أحداً؟ تسرعت وموقفي مخالف للقانون وأفعل ما تريد.

سألته كيف تصدّق “نجيب الأطرش” وأنا هنا في القلعة؟ وتخرج بدون موافقتي؟ قال: أخطأت ولن أعيدها وأفعل ما تريد أنا تحت الأمر.

قلت: تعتذر إلى الرقيب الأول “حسن الحجلي” وبحضوري تمّ الاعتذار وانتهى الموضوع بينهما. طلبت الرقيب الأول “نجيب الأطرش” وسألته عن هذه الوشاية. قال: هكذا سمعت! نبهته إلى التقيد بالنظام والتعليمات التي أعطيها.

في الرابع والعشرين من حزيران بتنا في القلعة جميعاً، حضر “سلطان باشا” باللباس الحربي “سلاح وجنادات” وحلّ في دار  المحافظ وكان الجنود لا يزالون هناك يحرسون الدار. حضرتُ للسلام على “الباشا” وعند خروجي من عنده وجدت جنوداً من رعيل “القريا” على باب الدار. سألتهم ماذا تفعلون هنا؟ وقد أعطيتكم أمراً بالبقاء في الثكنة. قالوا أعطانا الأمر “نجيب الأطرش” وقال هذه أوامرك!. وكان نجيب حاضراً يسمع الكلام.

قلت له: ما هذا التصرف؟ قال هؤلاء مكلفون بحماية “سلطان باشا” وهو هنا الآن وعليهم أن يكونوا معه. قلت له: يجب ألا تتدخل بما لا يعنيك.

بالأمس عملت فتنة والآن تعطي أمراً عن لساني. وقلت للجنود : كان عليكم أن ترفضوا أوامره. أخذت “نجيب” معي ودخلنا أمام “الباشا” وقلت له إن “نجيب” يتدخل بما لا يعنيه. وأخبرته أن رعيل “القريّا” بقي احتياط في الثكنة بإمرتي. أتى “نجيب” وأعطاه أمراً بالقدوم إلى هنا. كرر “نجيب” قوله.

قال “الباشا” له: ما معك حق يا “نجيب” يجب أن تطيع رؤساءك؟ عدت إلى باب الدار أعطيت أمراً إلى أفراد الرعيل بالعودة إلى القلعة وتنفيذ أوامري فقط.

أرسلت طلباً بتسريح الرقيب الأول “نجيب الأطرش” من الخدمة في الجيش مع بيان الأسباب – وسرح فيما بعد.

أرسلت عائلتي إلى قريتي “سُليم” اجتمع آل الأطرش وأعوانهم في السويداء وقرروا إجتماعاً في عرى نهار الاثنين /30/ منه أي حزيران. عدتُ مساء إلى القلعة. كان عندي في الدار من أجل الحراسة الجندي “إسماعيل الأعوج” والجندي “سليمان العفيف” والجندي “سلمان سرايا” على أساس أنهم من الحيادين! وقد أتى أخي “أسد أبو عساف” من القرية عند وصول العائلة إليها وبعدما علمَ بالأوضاع. أتى شباب من حزب الأطارشة ومعهم “نجيب الأطرش” وعند وصولهم أمام الباب الخارجي قال لهم الجنود لا نسمح بدخولكم. لم يعبؤوا بالأمر – وقالوا يوجد جواسيس في الداخل نرغب التفتيش عنهم. نفى الجنود ذلك؟

عبأ أخي “أسد”البندقية وقال : كل من يدخل من الباب دمه مهدور.

ثم جاء جارنا أبو عادل “أمين جبور” وولده “عادل” وقال: لا يوجد في الدار سوى هؤلاء ولا نوافق على دخولكم الدار. أخذ الجنود وضعية القتال وعبؤوا بنادقهم. عندها وصل أبو هايل “أسعد عزي” وقال: ماذا تفعلون هنا؟ لا نقبل بدخولكم الدار اذهبوا من هنا. عندها غادروا المكان باتجاه الإنشاءات. وجدوها محروسة. قال لهم الرقيب رئيس الحرس: معي أوامر مشددة بحمايتها وإطلاق النار على كل من يحاول الدخول. داروا حولها، وجدوا الحراس من كل الجهات. عاد المشاغبون بدون نتيجة!.

أعلمني رئيس مخفر الإنشاءات عما جرى عنده، أما موضوع الدار لم أعلم به إلا في صباح اليوم التالي عندما نزلتُ من القلعة حوالي الساعة العاشرة.

بتاريخ 25/ 6 علمت ما حدث الليلة الماضية. إنها خطةٌ من أجل الفوضى! هل هي على أعلى مستوى. وعلى فرض وجود أي كان في الدار ما هي صفتهم حتى يفتشوها؟

حضر عمنا أبو محمد “داود أبو عساف” من “ولغا” وبعض أفراد من العائلة وكان حيادياً. بحثنا في الأوضاع. ثم أتى لزيارتي “يوسف باشا الأطرش” معتذراً عما حدث.

لم أقبل العذر وقلت: كان عليكم أن تحولوا دون هذا العمل ولا أظن أن شباب الطرشان ورفاقهم يقدمون على هذا العمل دون معرفتكم ولولا وجود “أخي” والجنود وتدخل الجيران واتخاذهم موقفاً حازماً، كان نُهب البيت والإنشاءات ووقع عدد من القتلى. إني أقوم بواجبي مع الجنود الباقين معي ونحافظ على مؤسسات الدولة.

بالأمس حمينا بيت المحافظ عندما طلب منا ذلك لن أتخلى عن واجبي ولن أنحاز لأحد، تدخّل عمي أبو محمد “داود”، وقال : “الباشا” أتى ليعتذر وأنت تستعمل لغة التهديد والتأنيب لا لزوم لإهانته في بيتنا!

قلت يجب أن أطلعه على حقيقة الموقف حتى نتعاون للقضاء على هذه الفتنة. اعترف الباشا بالخطأ وأكد عدم معرفته بما حدث إلا بعد وقوعه. وإنهم لا يوافقون على ذلك. سحبنا الجيش من المدينة بناء على طلب المحافظ.


اقرأ:

من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى

من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء 

من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925 

من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى 

من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص

من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية 

من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية 

من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة 

من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/ 

من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير” 

من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات

من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس 

من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية 

من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية 

من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز” 

من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني

من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية

من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق

من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس

من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم

من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق

من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941

من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية

من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات

من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية

من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942

من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية

من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع

من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت

من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع

من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة

من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة

من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين 

من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945

من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م

من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين

من مذكرات أمين أبو عساف (37): وصول “راكان بن مرشد” وتحريض العسكريين

من مذكرات أمين أبو عساف (38): كتاب إلى آمر قوى البادية عام 1945

من مذكرات أمين أبو عساف (39): تشكيل فوج البادية بتدمر عام 1945

من مذكرات أمين أبو عساف (40): العيد الوطني لاستقلال سورية عام 1946

من مذكرات أمين أبو عساف (41): نقلي إلى كتيبة الفرسان الأولى في السويداء

من مذكرات أمين أبو عساف (42): مقابلة “سلطان باشا الأطرش”

من مذكرات أمين أبو عساف (43): عودة “حمد الأطرش” آمر لكتيبة الفرسان في السويداء



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

أرشيف أمين أبو عساف

لواء في الجيش السوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى