مقالات
الحكومة العربية في دمشق.. محاولة بناء الدولة في خضم التحولات والتحديات 1918-1920
يأتي إصدار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أخيرا، كتاب “الحكومة العربية في دمشق: التجربة المبكرة للدولة العربية الحديثة (1918-1920)” ليسد ثغرة معرفية كبيرة في المكتبة العربية، المحدودة أصلاً بالكتب التي تتناول تاريخ الحركة العربية الحديثة، وخصوصا هذه المرحلة الوجيزة، ولكن المفصلية منها، التي تبدأ بإعلان الحكومة العربية في دمشق في 30 أيلول/ سبتمبر 1918، وتنتهي بوقوع سوريا تحت الانتداب الفرنسي في 25 تموز/ يوليو 1920، وما شهدته من محاولة بناء أول دولة حديثة ديمقراطية علمانية في المشرق العربي بعد نهاية المرحلة العثمانية، وأول مشروع لدولة سورية في التاريخ السوري الحديث.
ويضمّ هذا الكتاب الجماعي، والذي تولّى تحريره والمشاركة فيه المؤرخ السوري، محمد جمال باروت، بين دفتيه خلاصة جهود باحثين مختصّين شاركوا، بأوراقهم البحثية، في مؤتمر الدراسات التاريخية السنوي الذي عقده المركز، بشأن موضوع الحكومة العربية، في بيروت قبل عامين. ويشتمل على 18 ورقة بحثية محكّمة، اجتازت التحكيم التوجيهي للمؤتمر، ثم جرى الاعتناء في تحريرها في مسارات مختلفة، وفقًا لسياسات المركز، إلى أن أبصرت النور مطلع العام الحالي (2021). وتكمن أهميته في أنه يعرض لوجهات نظر بحثية مختلفة، تناقش هذه التجربة التأسيسية المبكرة من تاريخ العرب المعاصر، يمثّلها الباحثون المشاركون في تأليفه، ويعالج جوانب غير مدروسةٍ بشكلٍ واف في تاريخها، ويستكشف جوانب أخرى، تتعلق بتاريخها الاجتماعي – الاقتصادي.
مراجعة نقدية للدراسات المنجزة
يوفر جمال باروت، في تقديمه المطول والمركز، للكتاب، مراجعة نقدية لما كتب عن تجربة الحكومة العربية في الدراسات العربية، مستعرضاً أيضاً القراءات الغربية المهمة لهذه التجربة التي أنجزها مؤرخون تجاوزوا المصادر الغربية ورؤيتها، بالاعتماد على رؤية المصادر العربية للأحداث أيضاً، مثل مالكولم راسل وجيمس غيلفين وإليزابيث تومبسون، مشيرا إلى أنه على الرغم مما صدر من دراسات، تتناول الحكومة العربية عربياً وغربياً، إلا أنه ما زالت هناك حاجة لمزيد من الدراسة بشأنها في ضوء تطوّر منهجيات البحث التاريخي.
التحولات المحلية والإقليمية والدولية
يشتمل القسم الأول، “الحكومة العربية في خضم التحولات الإقليمية والدولية” على ثلاثة فصول. ويقصد الأكاديمي المصري محمود غزلان في الفصل الأول، “دور نفط الموصل في تعديل الاتفاقيات التقاسمية 1918–1920″، بـ “التعديل”، تعديل اتفاقية سايكس – بيكو الأصلية، متتبعاً عبر مدخل منهجي تاريخي تحقيبي تحليلي بروز مشكلة الموصل في الاتصالات البريطانية – الفرنسية الأولى بشأن هذه الاتفاقية، والتعديل الذي طرأ عليها بصورة شفوية، في أوائل ديسمبر/ كانون الأول 1918، بين رئيسي الحكومتين، البريطانية والفرنسية، لويد جورج وكليمنصو، على أساس أن الموصل وفلسطين لبريطانيا، وسورية لفرنسا، في مقابل حصة لفرنسا في نفط الموصل. بيد أن هذا التعديل كان إيذاناً ببداية نزاع فرنسي – بريطاني انتهى بالاتفاق على حل مسألة الموصل في مؤتمر سان ريمو (أبريل/ نيسان 1920)، مترافقًا مع حل مسألة الانتدابات.
ويسلط المؤرخ الكوسوفي السوري، محمد الأرناؤوط، في الفصل الثاني، “النظرة الأميركية/ الولسونية إلى “الدولة العربية” في بلاد الشام خلال 1918-1919: الكتاب الأسود ومآله”، الضوء على جوانب مجهولة من هذا “الكتاب” الذي كان دليل عمل الوفد الأميركي في مؤتمر الصلح، ويتضمّن نتائج دراسات لجنة علمية سرية، كلفها الرئيس ولسون بوضع خريطة دقيقة جديدة للعالم، في إطار مفهومه لسلمٍ قائم على العلم، استعدادًا لعقد مؤتمر الصلح بعد نهاية الحرب وبناء نظام عالمي جديد. وعُرف هذا التقرير لاحقًا بـ”الكتاب الأسود”؛ نسبةً إلى لون غلافه. ويركز البحث على الخريطة التي صمّمتها اللجنة لقيام دولة عربية في بلاد الشام على أساس كونفدرالي أُطلق عليها اسم “سوريا”، وشملت سورية الغربية ولبنان وشرق الأردن، بينما خصصت فلسطين لإنشاء دولة يهودية.
وفي الفصل الثالث، “حكومة دمشق العربية بين المحلي والإقليمي والدولي”، يقدم الباحث والأكاديمي اللبناني، محمود حداد، تحليلاً لثلاث معضلات مترابطة، واجهت هذه الحكومة الوليدة. أولاها محلية، تمثلت في التوفيق بين القيادة الآتية من خارج دمشق والقيادات المحلية الشعبية، إضافة إلى الأعيان. وثانيتها محلية إقليمية سورية تمثلت في التوفيق بين أمل تحقيق الوحدة الجغرافية السورية ومعالجة وضع جبل لبنان ذي الاستقلال الذاتي منذ العام 1861. وثالثتها التغيّر الذي أحدثه وعد بلفور في تماسك القيادات العربية السورية التي تعتبر بريطانيا حليفًا لها. ويرى أن تحالف الحكم العربي مع حركة المقاومة الأناضولية في تركيا جاء ردّاً على تصميم فرنسا وبريطانيا على تطبيق اتفاقية سايكس – بيكو، ولكن ما لبث أن تخلى الكماليون عن عرب سوريا بعدما عقدوا تسويتهم مع الفرنسيين.
بناء الدولة العربية
يتضمن القسم الثاني، “في بناء الدولة العربية”، خمسة بحوث. ويقدم المؤرخ والأكاديمي اللبناني، خالد زيادة، في الفصل الرابع، “الحكومة العربية وتطور فكرة العروبة”، تمهيدًا مكثفًا لإشكاليته بشأن تطور فكرة العروبة في ميراث النهضة العربية الحديثة، وصولًا إلى قيام الحكومة العربية بدمشق، وتحولها إلى مركز للقوميين والعروبيين، مركزاً على دورهم بشرائحهم الثلاث -الإصلاحيون المسلمون العروبيون اللامركزيون، والمثقفون العروبيون ذوو النزعة العلمانية ممن درسوا في الغرب، وخريجو معاهد إسطنبول العصرية، في الالتفاف حول الحكومة العربية، وعلى أثرهم في تطوير فكرة العروبة، وأبعادها الإصلاحية التعددية في مجتمع مركّب الهوية. ويتوقف عند ثلاثة إنجازات لهذه الحكومة: تأسيس المجمع العلمي العربي، والنهضة التعليمية والتعريب، والدستور السوري الذي يعد الأكثر علمانية وديمقراطية في الشرق الأوسط حتى الآن.
ويقارب الأكاديمي والمؤرخ السوري، عمار السمر، في الفصل الخامس، “الحكومة العربية وبناء الدولة”، هذا الموضوع، من زاوية أن ما قام في دمشق لم يكن دولة، وإنما حكومة اتبعت الأنظمة القانونية العثمانية السابقة، وورثت أجهزتها، وانطلقت منها لبناء الدولة العربية المنشودة قبل تقلصها إلى الدولة السورية، مستندًا في ذلك إلى قرارات ومراسيم صادرة عن أعلى المراكز في الحكومة، صُنّفت خطأً في السجل رقم 4 محاكم مختلطة في مركز الوثائق التاريخية بدمشق، وجرى العمل بالوثائق التي يتضمنها السجل إبان مرحلة الحكومة العربية، واستمر استخدامها في حقبة الانتداب الفرنسي أيضًا.
ويحدد الأكاديمي السوري، أحمد قربي، في الفصل السادس، “أثر النخبة السياسية والثقافة الدستورية السائدة في دستور سوريا لعام 1920″، تأثر الدستور في سوريا بعوامل عدة، أهمها التكوين الفكري للنخب الممثلة في المؤتمر السوري العام – البرلمان التي شاركت في صياغته، والسياق الدستوري السائد عبر تحليل أقسامه، ومن ثم مقارنتها مع الدساتير السابقة واللاحقة التي أثر وتأثر بها. ويضيء نقطة قلّما اهتمت بها دراسات الدستور السوري، وهي تحليل مضبطة دواعي وضع الدستور، والجدالات التي دارت بشأن مواده، ومنها النص على مصطلح “مدني”، ليحلله في مجاله التداولي والسياسي، دلالة على الديمقراطي العلماني النيابي، مبرزاً روح التوافق بين النخب السورية على محاولة حل الإشكاليات الخلافية.
ويتوقف الأكاديمي اللبناني، فاروق حبلص، في الفصل السابع، “الحكومة العربية في دمشق وعلاقتها بالمؤتمر السوري الأول وبالملك فيصل كما رآها رشيد رضا”، عند تحليل رؤية رشيد رضا للحكومة العربية والمؤتمر- البرلمان، مبينًا رأي رضا الإيجابي في الحكومة العربية، ومركزاً بدرجة رئيسة على المؤتمر – البرلمان، وتشكيلته وهيكليته المؤسسية. ويحلل أيضًا مدى تباين الآراء بين رضا وفيصل إزاء صلاحيات الحكومة، وأن تكون مسؤولة أمام المؤتمر -البرلمان كحكومة دستورية، ثم تقويم رضا لفيصل نفسه. ويبرز الدور الإصلاحي التقدّمي الذي اضطلع به رضا في صوغ دستور عصري متقدّم، وبناء إجماع قومي سوري على بناء سوريا المستقلة إلى حين الاحتلال الفرنسي دمشق.
ويستعرض الأكاديمي الأردني، بسام البطوش، في الفصل الثامن، “محمد رشيد رضا والحكومة العربية 1918-1920: جدل الفكر والسياسة”، تاريخ رشيد رضا السياسي والفكري، ومصادره التكوينية، وموضوعات خلافه مع الشريف حسين بعد اندلاع الثورة العربية، مستعرضاً محطات تحوُّلية فكرية وسياسية مهمة في حياة رضا حتى دوره الفكري والحركي والسياسي في المسألة السورية في مصر، وصولًا إلى بحث إشكاليته الأساسية، المتمثلة في تحليل جدل الفكر والسياسة في العلاقة بين رضا والحكومة العربية، ومع الملك فيصل، في إطار الأحزاب والجمعيات السياسية والمؤتمر- البرلمان.
العلاقات التركية – العربية
يشتمل القسم الثالث، “علاقات الحكومة العربية بتركيا”، على بحثين، فيحلل المؤرخ والأكاديمي العراقي، فاضل بيات، في الفصل التاسع، “الحكومة العربية في دمشق في وثائق الأرشيف العثماني”، بعض أبرز الوثائق العثمانية التي توصل إليها بشأن المتابعة العثمانية لما كان يجري في سوريا إبّان مرحلة الحكومة العربية. ويعتبر الأهم في وثائق بيات التقرير الموسع بخصوص الوضع السوري بعد اتفاق 15 سبتمبر/ أيلول 1919، الذي ستنطلق اعتبارًا منه الاتصالات العربية السورية – التركية العثمانية الحقيقية، مما يشكل تعمقًا في معرفة الآثار الشاملة لذلك الاتفاق الذي دشن مواجهة الحكومة العربية مع فرنسا وانتهى بالاحتلال الفرنسي.
وفي الفصل العاشر، “العلاقات التركية – العربية السورية: مشروع اتفاقية فيصل – مصطفى كمال”، يتناول جمال باروت نص هذه الاتفاقية، واتجاهات الجدل المهني التاريخي بشأن مدى حقيقتها، بالاعتماد على أوفر المصادر عنها في الأرشيفات، وبعض الدراسات التاريخية التركية والعربية. وينتهج باروت، على عكس ما اتجهت إليه المناقشات في دراسة العلاقات التركية -العربية بعد وضع مشروعها، إلى البحث في ما قبلها، واعتبارها في النتيجة البحثية مشروعَ اتفاقية وضِعت بالفعل لكنها لم توقَّع، مركزاً على تحليل السياق التاريخي الذي سمح بوضعها بالتزامن مع إعادة تعريف فيصل للثورة العربية تجاه مأزق المسألة العربية في مؤتمر الصلح، بوصفها قامت ضد الاتحاديين فحسب، في محاولة استعادة التحالف العربي – العثماني التركي في مواجهة الخطر الاستعماري المشترك.
مواقف واتجاهات وأدوار
يضمّ القسم الرابع، “مواقف واتجاهات وأدوار”، خمسة بحوث. ويهتمّ الأكاديمي الجزائري أحمد محمد بوسعيد في الفصل الحادي عشر، “مواقف آل الأمير عبد القادر الجزائري من الحكومة العربية في دمشق”، بالدور الذي اضطلع به الأميران سعيد وعبدالقادر الجزائري في إعلان أول حكومة عربية تحت الراية الهاشمية، بعد انسحاب القوات العثمانية من سورية، بوصفه جزءًا من دور أعيان دمشق، ليخلص إلى أن مواقف أفراد تلك الأسرة الأميرية المندمجة في سورية، هي جزء من منظومة ردات فعل سياسية، تداخل فيها أداء الحكومة العربية بالمؤثِّرات السياسية الأجنبية الفاعلة في دمشق خلال تلك الفترة. ويقدم الأكاديمي المصري أيمن أحمد محمود، في الفصل الثاني عشر، “موقف السوريين في مصر من تطورات القضية السورية في ضوء الصحافة المصرية (1918 – 1920)”، أول دراسة متكاملة عن الحكومة العربية من خلال الصحافة المصرية في الفترة المدروسة، مثل “المقطم” و”الأمة” و”المنار” و”الأهرام”، التي أدت دورًا بارزًا في التعبير عن آراء الجالية السورية الكبيرة والنشطة في مصر فكريًا وسياسيًا، وكذلك في التأثير فيها من خلال أحزابها وأنديتها وجمعياتها المتعددة الاتجاهات في القاهرة والإسكندرية.
ويعرض الباحث الفلسطيني، بلال شلش، في الفصل الثالث عشر، “حرية الأمة بيدها: الفلسطينيون والحكم العربي في دمشق – الحضور والمواقف (1918–1920)”، إشكاليته بشأن دراسة حضور الفلسطينيين ومواقفهم، نخبًا وعوامًّا، من الحكم العربي في دمشق، وكيفية تبلور هذه المواقف وتجذّرها في ظل المخاطر والتحولات السياسية التي شهدتها المنطقة عمومًا، وفلسطين خصوصًا، بعد الاحتلال البريطاني، وإعلانه دعم المشروع الصهيوني فيها، بالاعتماد على مصادر أولية تجاوزت تلك المرتبطة بالنخب بشكل مباشر، لتشمل مواقف عموم الفلسطينيين التي ستساهم في تطور الفكر السياسي الوطني الفلسطيني.
ويعالج المؤرّخ والأكاديمي العراقي، سيّار الجميل في الفصل الرابع عشر، “الضباط العراقيون الشريفيون ودورهم في الحكومة الفيصلية في دمشق (1918–1920)”، الأبعاد التاريخية لنخبة من الضباط العراقيين السابقين، الذين التحقوا بالثورة العربية، وتَسمَّوا بــ”الشريفيين” الذي كان مصطلحهم جاريًا في العراق، على العكس من سوريا التي ارتبط فيها استخدامه بالفرنسيين. ويركز البحث على القسم العراقي من جمعية العهد الذي شكّل ضباطه القوام الأساسي للأجهزة العسكرية والمدنية في مرحلة الحكومة العربية، راصداً أصولهم الاجتماعية، وأنشطتهم، وانقساماتهم، وخلافاتهم وصولاً إلى تشتتهم بعيد إجهاز الفرنسيين على الحكومة العربية.
وفي الفصل الخامس عشر، “تطور موقف مجلس الإدارة اللبناني بين الممارسات العسكرية الفرنسية وسياسة اللامركزية السورية، 1918–1920″، يتوقف الأكاديمي اللبناني، سيمون عبد المسيح، عند إشكالية العلاقة بين مجلس إدارة جبل لبنان والحكومة العربية في دمشق من جهة، والفرنسيين من جهة أخرى، مستعرضاً تطور أدوار المجلس السياسية بعد انعقاد مؤتمر الصلح، في ظل سياسة اللامركزية التي انتهجتها الحكومة العربية، وراصداً التوتر بين المجلس والإدارة العسكرية الفرنسية، وأثره في حدوث انقسامات معقدة في المجلس تجاه الوجود الفرنسي وتدخلاته.
العوامل الداخلية للانهيار
يشتمل القسم الخامس، “في العوامل الداخلية لانهيار الحكومة العربية” على ثلاثة بحوث. ويقدّم جمال باروت في الفصل السادس عشر، “الأوضاع المالية والنقدية في منطقة الحكومة العربية وآثارها الاجتماعية: من فورة النمو السريع إلى الأزمة المالية – الاجتماعية”، تحليلاً لفورة النمو السريع الاستثنائية في العام 1919 من جرّاء توافر كتلة ذهبية عثمانية كبيرة في البلاد، ثم انتكاستها إلى كساد وركود ترافق مع قطع العائدات الجمركية للحكومة العربية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 1919 عن الواردات المسماة زعمًا بـ”المعونة البريطانية”، واضطرار الحكومة إلى انتهاج سياسات ضريبية توسعية شاملة، لتوفير موارد إدارة الدولة والمجتمع، وتلبية متطلبات السياسة الدفاعية السورية التي انتهت بالاحتلال الفرنسي.
وفي الفصل السابع عشر، “حكومات العهد الفيصلي ’خزائن الرياح‘”، يسلط الأكاديمي اللبناني، منذر جابر، الضوء على الحكومات المحلية في المناطق السورية المختلفة التابعة للحكومة العربية، متتبعاً الانقسامات والتصدعات الاجتماعية – السياسية الداخلية، وبروز العصبيات المحلية الكيانية، وأكبرها في دمشق وحوران، وتحدّيها الحكومةَ المركزية، داعيًا إلى إعادة دراسة الشخصيات والأدوار التي طمستها المدونات والسرديات المذكراتية اللاحقة في سبيل تكوين معرفة أعمق بتلك التصدعات.
أخيرًا، يحلل الأكاديمي التونسي فتحي ليسير في الفصل الثامن عشر، “وقعة ميسلون (24 تموز/ يوليو 1920): قراءة في الأسباب الداخلية لهزيمة متوقعة”، موقع هذا اليوم في الإجهاز على أول تجربة لبناء دولة عربية مستقلة بعد نهاية المرحلة العثمانية، مركّزاً على العوامل والمؤثرات الداخلية التي تسبّبت في هزيمة ميسلون، بوعي من الفاعلين العرب، أو بغير وعي منهم، مبرزاً الأخطاء السياسية والعسكريّة، والمؤثرات الأخرى التي قادت إلى الهزيمة، أو تسبّبت فيها.
كتاب “الحكومة العربية في دمشق: التجربة المبكرة للدولة العربية الحديثة (1918-1920)”، لا غنى عنه لكل مهتم أو باحث أو دارس معني بتاريخ الحركة العربية الحديثة عموماً، والتاريخ السوري المعاصر خصوصاً. ويفتح أفقاً مهماً من آفاق استمرار البحث في تجربة تأسيسية لا تزال دراستها مفتوحة، وتتطلب مزيدًا من البحث. لذا يستحق ركناً بالغ الخصوصية في مكتبتك.
انظر: