You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

عمرو الملاّح: كيف واجه “الآباء الدستوريون السوريون الكبار” محاولة الملك فيصل الانفراد بالسلطة؟

 عمرو الملاّح – التاريخ السوري المعاصر

تمثل أول تحد واجهه “الآباء الدستوريون” المؤسسون للدولة السورية الأولى مع فيصل الأول بعد مبايعتهم له ملكاً على البلاد في محاولة مليكهم الجديد الاحتفاظ بالسلطة الحقيقية وتركيزها بين يديه والانفراد بالقرار، وذلك بالقبض على السلطتين التنفيذية والتشريعية في المملكة العربية السورية الوليدة.

والواقع أن هذا التطور في العلاقة بين الملك والسلطة التشريعية يكتسي أهمية خاصة ضمن السياقين السياسي والتاريخي؛ إذ إنه طرأ بالتزامن مع تحول المؤتمر السوري العام -البرلمان في ثالث أدواره التشريعية في الفترة الممتدة بين شهري آذار/ مارس وتموز/ يوليو من العام 1920 من مجلس تمثيلي سياسي إلى مجلس نيابي تشريعي يضطلع بوظيفتي “الجمعية التأسيسية” لوضع أول دستور للبلاد يقوم بموجبه نظام الحكم الملكي الدستوري المنشود، و”المجلس النيابي” لمراقبة أداء الحكومة في آن معاً.

وكان التوتر بين “الآباء الدستوريين السوريين الكبار” من جهة والملك فيصل من جهة أخرى قد تصاعد جراء رفض فيصل الأول إعطاء نواب المؤتمر-البرلمان حق طرح الثقة بالحكومة العتيدة التي شكلها الفريق علي رضا باشا الركابي.

فما كان من نواب المؤتمر- البرلمان إلا أن اعترضوا على ذلك وأصروا على أن تُدعى حكومة الركابي للمثول أمامهم وأن تقدم بيانها الوزاري لتنال بموجبه الثقة.

وانبثق عن المؤتمر- البرلمان وفد لمقابلة الملك فيصل والتباحث معه في شأن بيان الحكومة العتيدة.

كان اللقاء عاصفاً، فقد أراد الملك أن ينتقص من الدور الرقابي للمؤتمر- البرلمان وصلاحياته المتمثلة في المصادقة على تعيين الوزراء ومنح الثقة للحكومة، وخاطب أعضاء الوفد قائلاً: “إن مؤتمركم ليس هيئة دستورية لتمنح الحكومة الثقة”.

فاعترض الشيخ رشيد رضا الذي نهض ليلقي خطاباً، قال فيه: “إن المؤتمر أعظم سلطة من المجلس النيابي لأنه بمثابة جمعية تأسيسية”.

فأجابه الملك وقد أثار حنقه: “أنا الذي أوجدته فلا أعطيه هذا الحق الذي يعرقل عمل الحكومة”، معتبراً أن مهمة المؤتمر- البرلمان تنتهي بتتويجه ملكاً.

مما جعل الشيخ رشيد رضا يقول له: “نعم إن لك فضلاً بالسماح بجمعه إذ كنت تحكم هذه البلاد… أما وقد اجتمع – المؤتمر- باسم الأمة وهي صاحبة السلطان الأعلى بمقتضى الشرع الإسلامي وبمقتضى أصول القوانين العصرية… أن تكون الحكومة مسؤولة تجاهه”.

غضب الملك وأنهى اللقاء، لكنه لم يصل إلى مبتغاه. وطوال ثلاثة أيام متواصلة، كانت هيئة جمعية العربية الفتاة تأتي إلى القصر لتجتمع به في حديقته كل صباح لكي تقنعه بضرورة الاستجابة لمطلب المؤتمر- البرلمان، وتجنيب البلاد الدخول في أزمة سياسية.

واضطر الملك فيصل إلى أن يرضخ في نهاية الأمر، لأنه خشي أن تتخذ المواجهة بينه وبين المؤتمر- البرلمان منحى تصاعدياً يمس شرعية حكمه في ظل إصرار “الآباء الدستوريين السوريين الكبار” على أن تكون “السلطة المقيدة” شرطاً من شروط النظام الملكي الدستوري الذي ينشدونه، وأن يضطلعوا بدورهم الرقابي، وأن تكون الحكومة مسؤولة أمامهم.

********

مراجع للاستزادة:

==========

– محمد رشيد رضا، رحلتان الى سورية 1908 – 1920، حررها وقدم لها: زهير أحمد ظاظا (بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 2001).



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

عمرو الملاح

كاتب ومترجم وباحث في التاريخ السوري المعاصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى