دراسات وترجماتسلايد
الجهود الدعائية لمشروع (سورية الكبرى) داخل سورية 1945
شهد عام 1945 جهوداً حثيثة بذلها أمير شرق الأردن عبد الله لتنفيذ مشروع سورية الكبرى داخل سورية نفسها، بعد الإحباطات التي تعرض لها الأمير، وبعد أن أدرك أن بريطانيا لن تسانده في مشروعه.
ضمن هذه الجهود والمساعي، اضطر إلى أن يقوم بتحركاته الخاصة، ويدعم مشروعه بنفسه، ومن خلال رجاله ومؤيديه داخل سورية، كما أنه حاول أن يستميل بعض المسؤولين الفرنسيين، ويتصل بهم من أجل المناداة به ملكاً على سورية، مقابل موافقته على عقد المعاهدة التي تريدها فرنسة حينذاك[1].
قام الأمير عبد الله بتوزيع جهوده الدعائية داخل سورية، في مختلف الجهات، وحاول أن يستغل الخطاب الذي ألقاه الرئيس شكري القوتلي في السادس والعشرين من شباط 1945، في مجلس النواب، والذي أعلن فيه : (إننا نرحب، ترحيباً لا محاباة فيه، بأن تكون سورية الكبرى جمهورية عاصمتها دمشق).
وكان القوتلي قال في حديثه مع وزير مصر المفوض في سورية، إن شروطه لقبول سورية الكبرى أن تكون جمهورية، وأن يكون ذلك باختيار أبنائها، وألا يتسرب إليها الطغيان الصهيوني، وهو مالم يعجب الأمير عبد الله.
استغل الأمير عبد الله خطاب القوتلي، وقام بالاتصالات بالجماعات المؤيدة لمشروعه داخل سورية، عن طريق قنصل الأردن في دمشق، عبد المنعم الرفاعي، الذي قام بجهود عديدة من أجل تعبئة هذه الجماعات لصالح الأمير ومشروعه.
اصدرت عدة هيئات وأحزاب في سورية على أثر ذلك منشورات وبيانات انتقدت فيها خطاب القوتلي وهاجمته. ولعل من أهم هذه المنشورات بيان (الحزب العربي) في دمشق الذي أعلن أن خطاب الرئيس وحديثه عن سورية الكبرى على أساس أن تكون جمهورية عاصمتها دمشق، هو عبارة عن فكرة خاصة بالقوتلي، لأن الوحدة السورية هي هدف جميع أبناء الأمة. كما أصدرت جماعة (الأحرار) بياناً آخر هو نفس المضمون.
على الرغم من الرقابة الشديدة، فإن نشاط تلك الجماعات كان يزداد، مدعوماً من الأمير عبد الله، الأمر الذي أقلق الحكومة السورية، وقد أذاع صبري العسلي وزير الداخلية، بياناً هاجم فيه هذه الجماعات، وأعلن رفض الحكومة للمنشورات التي تصدر عنها.
لم تتورع الحكومة الأردنية عن إعلانها تأييد تلك الجماعات، والوقوف وراءها، واتضح ذلك في خطاب رئيس وزراء شرق الأردن في العاشر من آذار 1945 الذي أبدى سروره لازدياد عدد الذين يعملون لتحقيق مشروع (سورية الكبرى).
حاول وزير الخارجية السورية، جميل مردم بك، أن يوقف هذه الحرب الكلامية التي عملت على توتير الأوضاع بين الأردن وسورية في وقلت لا يحتمل الخلاف، أثناء وضع ميثاق جامعة الدول العربية. فالتقى بقنصل الأردن في سورية، عبد المنعم الرفاعي، وأبلغه أنه اتفق مع سمير الرفاعي رئيس الحكومة الأردنية في القاهرة، على عدم القيام بأي عمل يسبب الخلاف. وقد لاحظ مردم بك في لقائه أن الرفاعي لم يكن بعيداً عن هذه الحملة. كما أجاب الرفاعي بأن الحرب الكلامية كانت نتيجة خطاب القوتلي الذي اشترط النظام الجمهوري في مشروع سورية الكبرى، مما يعتبر هجوماً مباشراً على الهاشميين.
لم يقتصر تأييد (سورية الكبرى) والتخلي عن النظام الجمهوري على هذه الجماعات، وهذه المنشورات، بل وصل إلى داخل مجلس النواب، وصار له مؤيديه مثل حلمي الأتاسي نائب حمص، وحسن الحكيم الذي قدم كتاباً إلى رئيس الوزراء، تضمن الحقائق التاريخية لوحدة سورية، مؤكداً فيه أن شكل الحكم أمر ثانوي.
لم تقتصر الدعاية للمشروع في تلك الفترة على نشاط بعض السوريين، بل إن الأمير عبد الله كان يتحرك في جهات أخرى أيضاً. فأثناء هذه الخلافات داخل سورية بسبب المشروع، سعى الأمير إلى استمالة وزير العراق المفوض في سورية، للعمل لصالح المشروع. وقد طلب الأمير عبد الله حينها من ابن أخيه، الأمير عبد الاله الوصي على عرش العراق، وألح في طلبه، مما جعل الوزير العراقي يطلب من حكومته أن تعفيه من منصبه، لأنه يرفض وبشكل قاطع التعاون مع الأمير عبد الله[2].
[1] وثائق وزارة الخارجية المصرية، الأرشيف السري الجديد، محفظة 1498، ملف 37 / 50 / 53 ج1، القنصلية المصرية في القدس من القنصل العام لوكيل الخارجية في 8 شباط 1945م,
[2] مكاوي (نجلاء)، مشروع سورية الكبرى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، 2010، صـ 138-139
اقرأ:
الجهود الدعائية لمشروع (سورية الكبرى) داخل سورية 1945
الموقف الأردني من سلخ لواء اسكندرون 1939
بطاقة هوية من لواء اسكندرون – 1937
صحيفة الجزيرة 1939 – مصير أملاك اللاجئين في لواء اسكندرون
صحيفة الجزيرة 1939- السلطات التركية تسلمت مقدرات لواء اسكندرون
مهند الكاطع: تغييرات الحدود السورية – التركية (1916-1939)
جميل مردم بك .. لواء إسكندرون واسطة العقد السوري
عمرو الملاّح:سنجق الاسكندرون لا يفصل عن حلب
