You dont have javascript enabled! Please enable it!
مختارات من الكتب

جميل مردم بك .. لواء إسكندرون واسطة العقد السوري

تميم مردم بك- صفحات من حياة جميل مردم بك (13)

لواء إسكندرون واسطة العقد السوري

الاسكندرون منطقة سورية معروفة باسم “لواء اسكندرون”، ضُمت إلى تركيا عام 1938، وباتت تحمل اسم “محافظة هاتاي”. ويقع هذا اللواء في أقصى الشمال الغربي من سورية وتبلغ مساحته 18 ألف كم 2. كان يسكنه عام 1939 حوالي 220 ألف نسمة منهم 87 ألف فقط من الأتراك، ويقع على سفوح جبال طوروس الجنوبية، وتتألف أراضيه من سهول خصبة لا يصيبها الجفاف أبداً. يجري في القسم الغربي منه نهران كبيران هما سيحان وجيحان.

وتبدأ قصة سلب لواء إسكندرون منذ اتفاقية أنقرة أي اتفاقية الصلح الفرنسية ـ التركية في الحادي والعشرين من تشرين الأول 1921  م، تلك الاتفاقية التي أقر الجانب الفرنسي في مادتها الأولى بالتنازل لتركيا عن 18 ألف كيلو متر مربع من الأراضي السورية. وكان قد تم التوافق على أنها أرض سورية في مراسلات حسين ـ مكماهون، كذلك أصرّ الملك فيصل بن الحسين في مؤتمر الصلح عام 1919 على المطالبة بها؛ فالمادة السابعة من المعاهدة نصت على نظام خاص للّواء يتمتع فيه سكانه الأتراك بتسهيلات خاصة لإنماء ثقافتهم التركية، وإعطائها الصفة الرسمية إلى جانب العربية.

على الصعيد الاجتماعي: فقد كان الأتراك يملكون الثروة والنفوذ في اللواء، استناداً للسلطة العثمانية السابقة الممتدة لأربعة قرون، لكن في معاهدة عام 1936 عزز الجانب السوري سلطته على اللواء، استناداً إلى البند الخاص المتعلق بالاعتراف بالوحدة السورية لكل المناطق، على أساس اللامركزية الإدارة والمالية. وبموجب ذلك اعترف الجانب السوري بنظام مالي وإداري للّواء، معتبراً أن ذكر اللواء في معاهدة 1936 هو نصر دبلوماسي يجدد الحوار حوله وينفي قطعية الالتزامات الفرنسية للأتراك.

وقد انزعج الأتراك جداً من تلك الاتفاقية، وحاولوا الحصول من الجانب السوري على تنازل أو تصريح بهذا الشأن بُعيد توقيعها، وذلك أثناء عودة الوفد من باريز ومروره بتركيا.
كان جواب مردم بك للأتراك يومها، بأنهم تحت الانتداب، وأن التوقيع على أي اتفاقية أو معاهدة ليس من صلاحية الوفد، كما وأنه والسيد سعد الله الجابري خارج الحكم.

أعادت تركيا مفاوضاتها مع الجانب الفرنسي، واتُفق على عرض الموضوع على عصبة الأمم في 14/12/1936 لأن فرنسا غير مخولة بالتنازل عن أراضي الدولة المنتدبة عليها بموجب مادة واضحة في صك الانتداب. وتقرر إرسال مراقبين دوليين إلى اللواء، مع تعهد فرنسي بعدم تصديق المعاهدة مع سورية إلا بعد البت بقضيته في عصبة الأمم، مع إنقاص الوجود العسكري الفرنسي في اللواء.

سعت كل من فرنسا وبريطانيا إلى كسب الود التركي. فوافق رئيس الحكومة الفرنسية ليون بلوم على تعيين مفوض سامي خاص باللواء عام 1937 مما فصله سياسياً عن سورية، على أن تصادق على ذلك عصبة الأمم.
قام السوريون في اللواء بتحرك لمواجهة الأتراك، فقام زكي الأرسوزي بتأسيس “عصبة العمل القومي” التي أصدرت جريدة “العروبة” في تشرين أول 1937 وأنشأت نادي العروبة في أنطاكية ثم في الإسكندرون، وذلك في محاولة للتصدي للدعاية التركية.

سارع جميل مردم بك إلى توضيح عدم شرعية الاتفاق الفرنسي ـ التركي لتعارضه مع صك الانتداب للخارجية الفرنسية، وتوجه إلى تركيا محاولاً إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فتقدم باقتراح تقسيم اللواء وتبادل للسكان بين المناطق التركية والعربية تبقى بموجبه أنطاكية سورية نظراً لمكانتها المعنوية الهامة كعاصمة قديمة لسورية المسيحية، ويصبح ميناء إسكندرون تركياً مع بقائه ميناءً حراً للتجارة السورية.

وافق رئيس الوزراء التركي عصمت إينونو من حيث المبدأ على اقتراح مردم بك لكنه لدى عرض اقتراحه على أتاتورك استشاط هذا الأخير غضباً، فأقال إينونو وأبعده بشكل كامل عن الحياة السياسية التركية آنذاك.
اجتاح الجيش التركي اللواء في الخامس والعشرين من تموز 1938 وأعلنه سنجقاً مستقلاً تحت اسم “هاتاي”، تحت سمع وأنظار العالم وعصبة الأمم.

وهكذا سُلخ اللواء نهائياً عن سورية على مذبح الحرب العالمية الثانية. وقد عبّرت سورية عن رفضها لهذا الظلم بمظاهرات جماعية حاشدة شاركت فيها النساء بقوة وفعالية تميزت بظهورهن سافرات الرأس والوجه.

في تلك الفترة كانت الكتلة الوطنية عاجزة (كما كان الشعب السوري كله) عن القيام بأي عمل فعّال لمنع اقتطاع هذا الجزء من الوطن الغالي، فكانت استقالة جميل مردم بك، وتشكلت عدة حكومات بِدءاً من لطفي بك الحفار ثم نصوح بك البخاري، ثم استقال هاشم بك الأتاسي رئيسي الجمهورية في الرابع من تموز 1939م.

وذهبتْ واسطةُ العِقْدِ من جيد سورية إلى الأحضان التركية، وتقطعت شغاف قلوب السوريين أسفاً وحسرة على اللواء السليب. ومهما مرت الأيام وطُويت الذكريات فلواؤنا قطعة منا وسيبقى في ذاكرتنا وفي نفوسنا وفؤادنا. وهل تنسى الأم وليدها وإن سُلب منها؟…

وتمرّ الأيام، ويأتي الحكم الوطني عام 1943، ولم يعترف هذا الحكم بانتقال اللواء إلى الأتراك. وحتى يؤكد عدم اعترافه، فقد منع الأتراك من التصرف بعقاراتهم في سورية. وفي المحافل الدولية العربية سجلت قضية اسكندرون كأول قضية من قضايا الوطن العربي الدائمة!!…

وخلاصة القول: فإن الحكومة التركية استغلت سلب لواء اسكندرون، وسورية لم تكد تنفض عنها غبار الاستعمار الفرنسي وتتحرر من قيوده؛ فكانت الحكومة السورية لا تستطيع أن تتخذ سياسة مستقلة في معالجة هذه المشكلة الخطيرة، كما أن ساسة الأتراك وجدوا الظروف الدولية ملائمة لغايتهم العدوانية فانقضوا على فريستهم الضعيفة وسلبوها وعيون أهلها تنظر إليهم!!!…



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى