مقالات
خالد محمد جزماتي : ثورات المنطقة الشمالية على الفرنسيين (2 / 5)
خالد محمد جزماتي – التاريخ السوري المعاصر
مختصر نداء ابراهيم هنانو باعلان الثورة
” مـن الـعـرب الـى الـعرب “
ما بالكم ترضخون صاغرين لحكم المستعمر الجائر وأنتم خير أمة خلقت لأن تحكم بالعدل ولا تحكم بالظلم ، يتسلط عليكم الفرنسي بنقض عهد وخيانة ، سودت وجه التاريخ ولا سيما تاريخ فرنسا الذين يدعون مجده وهو يقول لكم أنه جاء منتدبا لحفظ بلادكم وصيانة استقلالكم وما ذلك الا افك مبين.
بعدما حاربتم معه كتفا لكتف في سبيل استقلالكم خانكم وهزأ بدماء شهدائكم وما كانت جريمتكم الا أنكم من أبناء الشرق المسلمين.
أبناء الشرق أحط من البهائم في شرع المستعمر الفرنسي يقتلون ويقتلون لتقام فوق أجسادكم عروش السفاهة في منتزهات الشانزيليزيه في باريس وأنتم غافلون.
استولى على بلادكم، أجلى ملككم، أقفل مؤتمركم، بدد جندكم، اعتقل وجهاءكم، هتك أعراضكم، أحرق قراكم، ثم باللامركزية فرق شملكم، كل هذا، وأنتم بمواعيده تثقون، ولولايته عليكم راضون، ومن يوله منكم فانه منهم، أفلا تتذكرون.
يتخذ الأديان الطاهرة ستاراً لمطامحه ويقول لاخوانكم المسيحيين، أنه جاء لينقذهم من الظلم قي الوقت الذي يسجن الملايين من النصارى في ألمانيا وروسيا واوستريا (النمسا) اذ هو لمن أشد الملحدين.
ابراهيم هنانو .. ايلول 1920
بعد هذا النداء وصل وفد ثورة الساحل بقيادة الشيخ صالح العلي وعلى رأسهم أنس أبو فرد وهزاع أيوب الى مقر قيادة ابراهيم هنانو وتم الاتفاق على السيطرة على بلدة جسر الشغور وما يحيط بها من فرى وتلال استراتيجبة لتكون نقاط استناد لكلا الثورتين ، ومن أجل هذا تقدم ابراهيم هنانو في أواخر شهر تشرين الثاني 1920 باتجاه جسر الشغور على رأس قوة تتألف من ثلاث سرايا من المجاهدين، وكانت على الشكل التالي :
– سرية تضم مجاهدي منطقة حلب وكفر تخاريم بقيادة المجاهد نجيب عويد عددهم 250 مجاهدا .
– سرية مجاهدي منطقة القصير بقيادة الشيخ يوسف السعدون وتضم 400 مجاهدا .
– سرية مجاهدي جبل صهيون ومفرزة من مجاهدي ثورة الشيخ صالح العلي الساحلية وعددهم 150 مجاهدا بقيادة المجاهد عمر البيطار .
تقدمت قوات الثورة تلك الى بلدة جسر الشغور، ولما وصلت الى مزرعة “الشغارنة” ليلة 28 تشرين الثاني 1920 تلقت قيادة تلك القوات خبراً يفيدهم بأن كوكبة من الجند الفرنسيين ترابط في المزرعة المقابلة لهم وهي مزرعة “السيجري”، فاستدعى ابراهيم هنانو قادة سراياه للتشاور معهم، فأبدى الضابط ابراهيم الشغري (من أبناء تلك المنطقة) رأيه بتطويق القوات الفرنسية وأسرهم.
وافق هنانو على رأي الشغري وأعطى أوامره الى الشيخ يوسف السعدون بالهجوم بسريته على موقع العدو من الخلف، والى باقي القوات بالهجوم من الأمام وتم تنفيذ الأوامر بمنتهى الدقة وعظيم شجاعة المجاهدين فأصيب جند العدو بالذهول وكانت الصدمة شديدة جدا فأجبرتهم على الاستسلام.
تم أسر قائد الجند الفرنسي ومعه 25 جندياً، وأيضاً تم أسر ضابط فرنسي اّخر تحت أمرته جنود من الأقليات عددهم 57 فرداً، بالاضافة الى غنائم تضم مدفعي رشاش وأربعين بغلاً وكميات كبيرة من صناديق الذخيرة والأرزاق المحفوظة ….
ونتيجة لهذه العملية استسلمت أيضاً حامية بلدة جسر الشغور للمجاهدين بدون قتال …
ولما وصلت الأنباء باستسلام حامية جسر الشغور الى أسماع الفرنسيين جن جنونهم وسيروا حملة عسكرية قوامها لواء معززا عديده 2500 جندي لاستعادة البلدة ..
لما تناهى خير تلك الحملة الى سمع القائد ابراهيم هنانو، أوعز الى نجيب عويد بالتصدي لتلك الحملة وفوضة اتخاذ ما يراه مناسبا ..
قام نجيب عويد بالتنسيق مع أفراد سريته وهنا تجلت عبقريته وبأسه الشديد، حيث أمر قواته بالاختلاط مع المدنيين ساعة مرور القوات الفرنسية في شوارع مدينة ادلب، وبعد تجاوز القوات الفرنسية العدوة ادلب بقليل هاجم بقواته مؤخرة تلك القوات، وأوقع فيها 63 قتيلا، ثم انسحب مع قواته، وقد خسر أربعة شهداء …
هذه المعركة جرت يوم 29 تشرين الثاني 1920م.
المصادر :
– تاريخ الجيش العربي السوري “المجلد الأول”.
– كفاح الشعب الغربي السوري ” الدكتور احسان هندي”.
– نضال شعب وسجل خلود “جميل العلواني”.
– تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي ” أدهم اّل الجندي “.
انظر:
خالد محمد جزماتي : ثورات المنطقة الشمالية على الفرنسيين (1 / 5)