You dont have javascript enabled! Please enable it!
عام

قلعة جعبر في الرقة

قلعة جعبر في الرقة

تتربع قلعة جعبر فوق هضبة صخرية هشة واقعة على الضفة اليسرى لنهر الفرات مشرفة على بحيرة الأسد التي تشكلت خلف سد الفرات في عام 1975. وتبعد نحو 15كم عن السد المذكور، و50كم عن مدينة الرقة غرباَ.

تنسب هذه القلعة إلى جعبر بن سابق القشيري الملقب سابق الدين، ولا يُعرف شيء من أخبار هذا الشخص سوى أنه كان قد أسنَّ وعمي.

ويذكر «ابن خلّكان» في وفيات الأعيان، أن هذه القلعة كانت تعرف قبل نسبتها إلى جعبر القشيري بالدوسرية، نسبة إلى دوسر غلام النعمان بن المنذر ملك الحيرة.

مما تقدم يُلاحظ أن ثمّة اسمين اثنين لهذه القلعة يقعان في فترتين متباعدتين، أولهما الدوسرية؛ ويرجع لما قبل الإسلام، وثانيهما جعبر؛ ويرقى للقرن 5هـ/11م، ولم يرد بين هذين التاريخين ذكر كبير لهذه القلعة سوى شذرات قليلة بين صفحات التاريخ.

يبدأ تاريخ قلعة جعبر الواضح من سقوطها في يد السلطان السلجوقي ملكشاه، وقد ملكها وهو في طريقه من أصفهان إلى حلب للاستيلاء عليها، فحاصرها يوماً وليلة، ثم فتحها، وقتل من بها من بني قُشير، ولما وصل ملكشاه إلى حلب تسلم المدينة بعد أن رحل أخوه تُتُش عنها إلى دمشق، وكان في قلعتها سالم بن مالك بن بدران، فامتنع بها أولاً، لكنه ما لبث أن سلمها للسلطان ملكشاه، فعوضه منها قلعة جعبر، وأقطعه معها الرقة وضياعاً عدة.. وظلت جعبر بيده وبيد أولاده من بعده حتى أخذها منهم نور الدين محمود بن زنكي سنة 564هـ/1168م.

وعندما قامت الدولة الأيوبية دخلت جعبر في ظلها، وكان من أهم أمرائها في تلك الفترة الملك الحافظ نور الدين أرسلان شاه بن الملك العادل، ملكها قرابة اثنيـن وأربعيـن عاماً.

وعندما تعرض العالم الإسلامي لغزوات المغول كانت جعبر إحدى القلاع التي امتدت إليها أيديهم، فزرعوا فيها الخراب، وذلك حين عبر هولاكو الفرات بجموعه قاصداً حلب في عام 658هـ/1260م.

وظلت قلعة جعبر خراباً، حتى جُددت في عصر السلطان المملوكي الناصر بن قلاوون، حيث وصل إليها في عام 735هـ/1334م، الأمير سلف الدين أبو بكر الباشري مبعوثاً من قبل الأمير تـنكز حاكم الشام مصطحباً معه الرجال والصناع، وشرع بعمارتها. ثم أخذت مكانة القلعة تضعف تدريجياً حتى عفا عليها الزمن في العصر العثماني، وأصبحت ملاذاً لبعض أفراد القبائل وماشيتهم.

قلعة جعبر مستطيلة الشكل تقريباً، يبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب 320م، ومن الشرق إلى الغرب 170م، يحيط بها سوران ضخمان؛ أحدهما داخلي، والآخر خارجي قريبان من بعضهما بعضاً، ولا يفصل بينهما سوى بضعة أمتار تشكل ممراً بين السورين، وهما مبنيان بالآجر، ويضمان عدداً كبيراً من الأبراج الدفاعية يزيد عددها على خمسة وثلاثين برجاً، ولهذه الأبراج أشكال هندسية مختلفة، منها المربع ونصف المسدس ونصف المثمن أو نصف الدائري.

تقع بوابة القلعة في الجهة الغربية منها، وهي مبنية بالآجر كباقي أجزاء القلعة، وهي تفضي إلى ممر صغير يؤدي إلى باحة، تنتهي إلى برج دفاعي ضخم يسمى حالياً برج عليا، يبعد نحو 100م عن البوابة، ومن هذه الباحة ينعطف المشاهد نحو اليسار؛ ليواجه نفقاً محفوراً في الصخر يؤدي إلى سطح القلعة، مدخله مبني بالحجارة، وكان هذا النفق البالغ طوله نحو 50م مكسواً بالآجر، وقد زال معظم هذه الكسوة ولم يبق منها سوى أجزاء بسيطة تشير إلى وجودها.

أنشئ في وسط القلعة مسجد جامع، لا زالت مئذنته شامخة في أعلى نقطة، مطلة على كل ما يحيط بها، كما أُنشئت في الزاوية الجنوبية الغربية من القلعة مبانٍ على جانب كبير من الأهمية؛ لعلها كانت بيوت أصحاب القلعة وأمرائها. وقد امتلأت جوانب القلعة بمبان غطتها الرمال اليوم وأصبحت أثراً بعد عين.

جرت أعمال تنقيب أثرية في منطقة الجامع وما حولها، وفي المباني الجنوبية الغربية، كشفت عن أقسام الجامع وعن المباني الواقعة شماله، وتبين أن أحدها مكون من باحة في الوسط، يتوسطها صهريج ماء محفور في الصخر، وحولها غرف كثيرة ومبان وبئر ماء وأوان فخارية مزخرفة.

كما عثر على عدد من المدافن المنحوتة في الصخر في السفح الغربي للقلعة، معظمها يرجع إلى العصر البيزنطي، أهمها مدفن واسع يتألف من فناء مستطيل (16.95× 8.85 م) نحت به في الشمال والجنوب والشرق تسعة إيوانات يغطي كلاً منها قبو أسطواني الشكل، حيث توجد شارات صليب منحوتة في واجهة هذه الإيوانات، أو في داخلها.

كان لهذه القلعة قيمة عسكرية كبرى في العصور الزنكية والأيوبية والمملوكية، وكانت واحدة من أهم القلاع وأمنعها كما وصفها المؤرخون، ونظراً لقيمتها التاريخية والأثرية فقد قامت مديرية الآثار السورية بكشف أسوارها، كما قامت بأعمال ترميم كثيرة في هذه الأسوار وبتقوية كثير من أبراجها، وبكسوة السفوح الغربية للهضبة التي تقوم عليها القلعة بقميص إسمنتي؛ حماية لها من تأثير الأمواج التي تحدثها مياه البحيرة في هذه الجهة.

 

 


قلعة جعبر في الرقة عام 2000 

المراجع والهوامش:

(1). عبد الرزاق زقزوق، الموسوعة العربية



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى