بشار الموصلي:
والده المحامي نديم الموصلي.
والدته السيدة رحيلة بنت حسين الموصلي.
ولد في مدينة حمص في شهر تشرين الثاني من عام 1932.
تربى في أسرة وطنية تحت رعاية والده المحامي نديم الموصلي.
تلقى علومه الأولى في المدرسة الخيرية الإسلامية ثم المدرسة الوليدية، وكانتا مدرستي أدب ودين ووطنية، فحفظ القرآن وتكونت موهبته الشعرية منذ صغره إلى أن أصبح شاعراً يشارك في الملتقيات الثقافية وقد كتب عنه وعن أشعاره في مجلد البابطين للشعراء العرب.
تعرف منذ مطلع شبابه على الفكر الفلسفي الماركسي، واعتقد أنه طريق النهضة للبلاد والمخلص من الاستبداد ومن أنظمة الحكم العسكري الديكتاتوري التي كانت بعد استقلال سورية تسعى للسيطرة عليها، فانخرط كما كثر من أبناء جيله في الحزب الشيوعي السوري وكان دافعه إحقاق الحق والحرية والعدالة الاجتماعية، وأمضى في سبيل ذلك فترات طويلة ومتعاقبة من حياته في تدمر والمزة وقلعة دمشق.
في عام 1954 نال إجازة في الحقوق من جامعة دمشق، وبدأ بممارسة مهنة المحاماة متابعًا بذلك مهنة والده نديم الموصلي من قبله، والذي كان قد توفي وهو في سنته الجامعية الأولى، وما رباه عليه من أن تطبيق مبدأ سيادة القانون هو الطريق للوصول إلى الدولة العادلة الديموقراطية وللدفاع عن المظلومين.
تزوج في عام 1957، من السيدة نادية الأتاسي المعروفة باسم بادية وهي حفيدة الرئيس الجليل هاشم الأتاسي من ابنه البكر محمد سري الأتاسي الذي توفي أبان الفترة الرئاسية الأولى لوالده ( 1937)، فتولاها جدها برعايته ورباها وأنشأها وأشرف على تعليمها، وعلى الرغم من الخلاف الكبير بين المنهج الفكري للرئيس هاشم الأتاسي وبين الأفكار الشيوعية التي كان يعتنقها زوج حفيدته، وأيضًا بعضا من أحفاده ومنهم السيدة بادية، إلا أنه بارك هذا الزواج واحتفل به لإيمانه بحرية الاختيار وحرية التعبير عن الرأي أولاً، وبأن ذاك الجيل الشاب وإن اختلف معه فكريّا فهو اختلاف ناتج عن التطور وأنه جيلٌ وطني بامتياز. أما الجد من طرف الوالدة وهو المفتي توفيق الأتاسي، فقد أخضع الشاب بشار لامتحان في الفقه والقرآن فأعجب برجاحة عقله وحججه ومقدار حفظه، وما إن خرج الشاب بشار من ذلك الامتحان حتى أرسل للرئيس هاشم بموافقته ومباركته للزواج.
في مطلع السبعينيات، بدأت الخلافات والانقسامات والتحزبات داخل الحزب الشيوعي، وكانت سورية تحت مظلة حكم حزب البعث القائد للدولة والمجتمع، فأدرك أن طريق النضال الذي بدأه ضد حكم العسكر ولأجل مجتمع اشتراكي تسوده العدالة الاجتماعية، عبر عمله في الحزب الشيوعي الذي سيطرت عليه الخلافات الداخلية السلطوية، هو طريق مسدود، فقرر وزوجته السيدة بادية الانفكاك عنه، واتجه للنضال عبر عمله الحقوقي للمطالبة بتطبيق مبدأ سيادة القانون، ولإرساء قواعد للعمل النقابي، فوضع عدة كتبٍ تناول فيها حقوق العمل والعمال، وشروحاً للقوانين المدنية والعمالية، ومبادئ للعمل النقابي، كما وضع قوانين أنظمة التعاون والتكافل والإسعاف لنقابة المحامين ومن ثم أخذتها وطبقتها بقية النقابات المهنية.
عمل محام متفرغ للمهنة منذ عام 1955 وحتى وفاته. وكان عضوًا في نقابة المحامين بحمص وفي المؤتمر العام لنقابة المحامين بدمشق منذ بداية تأسيس النقابة في سورية ولسنوات طويلة من حياته، كما كان مشاركاً دائما في مؤتمرات المحامين العرب حاملًا راية الدفاع عن قضايا وطنه وشعبه.
إبان حصار العراق أسس مع مجموعة من رجالات سورية “لجنة دعم الشعب العراقي”، وقام بزيارة العراق مرات عديدة تحدياً للحظر المفروض عليه.
كان شاعرًا وطنيًا وجدانيًا، له مجموعة كبيرة جدًا من المقالات في القضايا الوطنية والاجتماعية والقانونية نشرت في مختلف الصحف والمجلات العربية. كما نشرت سيرته في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين.
له ديوانان مخطوطان هما: العشق القديم، عينا حبيبتي .تناول النقاد شعره بالدراسة والتحليل ومنهم فراس السواح في جريدة العروبة وغازي التدمري في جريدة الأسبوع الأردنية وفي كتابه الحركة الشعرية المعاصرة في حمص.
كان رائداً في الحركة الثقافية في حمص ومشاركا بارزاً في مختلف الأنشطة الثقافية والفكرية.
انتقل إلى رحمته تعالى في 12 كانون الثاني 2002م، وشارك في تشييع جثمانه عدد كبير من أبناء سورية وحمص ومثقفيها.
من أشعاره:
قصيدة (وهل لي عليك سوى الابتسامة)
وهل لي عليك سوى الابتسامة
ليعرف قلبي لديكِ مقامه
فقد خاض من أجل هذا الهوى
دروب الأسى والأذى والكرامة
…………
فهل تذكرين الذي بيننا؟
وعهداً شددنا يدينا أمامه
وكنا بمعبده عاشقين
نصلي وندعي له بالسلامة
وما كان إلا جموح الهوى
تركناه حتى فقدنا زمامه
……………..
وغابت ليال وحلت ليال
وعمر مضى في طريق بعيد
وكنت الشهيدة وكنت الشهيد
والعشق يطلب منا المزيد
فما ملّ صدرك بذل الحنان
ولا ملّ جسمي صراع الحديد
……………….
وسرت.. إلى أين تمضين
والدرب دوني عصيٌ عنيد
وتلك وحوش الليالي أفاقت
على وقع خطوٍ خفيف وئيد
لقد أيقظ العطر سمّ الأفاعي
لتبذله في ماء الوريد
…………………………..
قصيدة (الحلم الأسمر)
لا تغلق نافذة خضراء على حلم أسمر
فلعل شعاع الشمس يودك لو تحلم أكثر
……
شطآن الدنيا واسعة للناس بكل الألوان
فلماذا شاطئك الفضي ترفرف فيه الأحزان
ورمالك تلك الوردية، تتمايل فيها الحيتان
لم يبق فيها من صنعة إلا الاسم وشكل الشطآن
…………
يا فاتنة التاريخ الأولى
يا قبلة كل العشاق بكل الأزمان
ألقاكِ ولا أخشى إلا
كسل الحساد ونار الأضغان
حسدوني أني لا أهوى
إلاكِ ووجه الإنسان
….
لو قلت لهم: تشرق شمس من حضن الشرق
وتغرب دون استئذان
أو قلت لهم: إن ظلام الليل
ونور القمر وظل الأغصان
يهبُ العشاق لهيب العشق
ويطفئ من نار الأبدان
أو قلت لهم:
الدرب المقفر من أحذية الناس
يسير عليه الشيطان
قالوا: صدق الشاعر فيما قال
فيما أبدع
فيما أعطى
لكن، لو قلت لهم:
أنا بشرٌ من لحم ودمٍ
نحتاجكم كي نمسح هذي الأحزان
كي نحطم هذا القيد المؤلم في القدمين
كي نمضي بدروب الدنيا
لا نخشى الخوف ولا الطوفان
قلتم: هذر هذا الشعر
فهذا الشعر بلا أوزان!
قصيدة: إلى القدس
كيف يكون العشق
وما هي أحوال العشاق
لا أسألكم، كيف يدق القلب
وكيف تثور به الأشواق
لا أسألكم، كيف تقوم الشمس
وتنهض كعروس كسلى
تتثاءب من تلك الأعماق
لا أسألكم كيف يغني القمر
ويحلو السهر
بظلّ الضوء الخافت
عند الشاطئ
أو أسأل كيف تدور الراح
وتسكر منها الأرواح
وتجلو الصدأ الأفراح
فأنا أدرك معنى العشق
وأعرف كيف يدق القلب
وكيف تقوم الشمس الكسلى
وكيف يكون السهر الممتع
كيف تدور الأقداح
………..
لا أسألكم كيف يغنى الشاعر
أو ماذا يشدو الشعراء
فالشعر كثير وغزير
كمياه النيل ورمل الصحراء
لكن أسأل
عن حال القبة
تلك الصخرة
تلك المعجزة السمراء
كيف يصير الحجر سلاحا”
في أيدي الناس البسطاء
كيف يمرغ جيش القهر
ويبني أمجاد البؤساء
……………
لا أكتمكم.. إني أسأل
تلك الصخرة
ذاك الحجر الرابض
تحت سماء القدس
كيف يرى الأرض الصماء
كيف يرى الأرض العمياء
كيف يرى الأرض البكماء
أو كيف نمزق أنفسنا
فنصير بعالمنا أشلاء
أو كيف يجفُّ النبعُ
ويفنى الضرع
وتصلب في الشمس الآراء
أو كيف تحول ذاك النفط
فأضحى إذلالا” وبلاء
وغدا في جيب أعادينا
حربا” غذاها بسخاء
كي يغدو السيف بأيدينا
خشبا” يتدلى بحياء
………
لا أسألكم مني الإصغاء
فالقول طويل وطويل
والأذن تملُّ سماع النصح
وتأنف تكرار الترتيل
…….
يا أطفال القدس اتحدوا
يا أطفال العرب اتحدوا
إنّــا نحيا عام الفيل
فطيور الوطن العربي
الممتد من الطوروس لنبع النيل
ستلقن شارون الدرس
ليصبح كالعصف المأكول