You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

خطاب سعد الله الجابري في مجلس النواب حول الإضطرابات في دمشق عام 1944

خطاب سعد الله الجابري رئيس الوزراء  حول الإضرابات في دمشق الذي ألقاه في مجلس النواب في الثاني والعشرين من عام 1944م.

نص الخطاب:


(لابد قبل البدء في الكلام من كلمة شكر للسادة النواب أصحاب الاقتراح الذين هيئوا السبب والوسيلة لأن تدلي الحكومة ببيان في هذا الظرف العصيب عن الحالة الحاضرة، وإن كان هذا البيان مرتجلاً.

ساداتي:

تعلمون جيداً الأوضاع التي انكشفت عنها البلاد من ضغط على الحريات وظلم واستبعاد إلى الحياة الحرة الدستورية التي يتمتع بها الجميع الآن بكل معانيها في هذا المجلس وخارجه، ولا أريد أن أكرر الكلام بأن هذه الحكومة التي تتمتع وحدها بالثقة كم هذا المجلس الذي يمثل الأمة أصدق تمثيل لم تشأ رغماً عن الظروف العسكرية القاسية وعن الحرب الطاحنة التي تحيط بالبلاد من جميع نواحيها إلا أن تفتح المجال للأفراد والجماعات بالحرية الكاملة بالرأي والقول والعمل “وهي تتحدى كل شخص يقول عكس ذلك” حتى تجاوز الأمر في هذا الخصوص حد المعقول وإننا لا ننكر مطلقاً أن هذه الحرية التي جاءت نتيجة لضغط شديد له أثره في تحول النفس، وفي الغلو والمبالغات، فلم تشأ الحكومة خوفاً من أن يقال أنها تعمل على الحد من الحريات أن تعمل عكس ما ترغب به، فلم يبق أحد إلا وتمتع بالحرية كاملة من قول ورأي وعمل، حتى تجاوز الأمر كما قلت حداً معقولاً وكانت الحكومة تجاه ذلك واقفة تنتظر وقد انتظرت كثيراً لكي ترى هذه النفوس التي اضطربت نتيجة هذا الإنقلاب تعود إلى طبيعتها المعقولة.

ولكن وياللأسف أخذت بعض العناصر المختلفة تلقى في روع بعض الناس بأن هذه الحرية يمكن أن تنقلب إلى تحكم في الحكم أو تحكم في الحرية نفسها وهناك حوادث كنت أتمنى أن لأتحدث وأن لا يقف رئيس الحكومة أمامكم ويصارحكم بها وهو يتألم كما تتألمون.

هذه الحوادث جاءت نتيجة لهذه الحرية التي ظن بعض الجهلة انه يستطيع بواسطتها أن يحصل على ما يرغب فيه من تجاوز على أرض أو استيلاء على ملك أو التدخل في أمر كبير أو الحد من حرية بعض الناس إلى ما هنالك.

فقد استثمر بعض أصحاب الغايات هذا الجهل فجعلوا يغررون بالجاهل والذي لا يقدر المسؤولية ومن قال بعدم الحد من الحرية فأخذوا يعملون لإنفاذ غاياتهم الدنيئة. حتى كانت هناك اضطرابات في الصحراء وأخرى في المدن وغيرها في الجماعات يحق لها أن تتحكم في الجماعات الأخرى وتسيرها حسب مشتهاها وتجبرها على اعتناق مبادئها.

فإذا كان هذا هو المبدأ الذي يجب أن تسير عليه البلاد فقد كان للحكومة وهي أولى الناس بتأييد بعض الجماعات لها أن تسير على هذه الخطة وتعمل على تنظيم هيئات وأشخاص يؤيدونها ويلتفون حولها فتحكم كيفما شاءت وتستخدم مؤيديها في الأغراض التي تريدها.

ولكن الحكومة لم تشأ أن تعمد إلى مثل هذا العمل ولم تستخدم وسائلها وأسبابها بالضغط على الحريات وكيف تسمح إذاً لهؤلاء الناس بأن يحدوا من حريات بعضهم بعضاً ويضغط البعض على حريات البعض الآخر المكفولة بالقانون والمصونة بالدستور “تصفيق” وهنالك كثير من الناس ويشجعون في الخفاء ومن وراء الستار أولئك الذين قاموا بهذا العمل دون يدركوا نتائجه الخطيرة هؤلاء المتصيدون بالماء العكر انهم شهد الله ليسوا من أهل الإيمان وأصحاب العقائد ولا من أصحاب الفهم بل هم دائماً أهل نقمة ولؤم وبغض لكل ما يقال له استقلال لأنهم نشأوا تحت ظلال العبودية، ولأن معنى الحرية الصحيحة للبلاد لم يعرف طريقه إلى نفوسهم الشريرة “تصفيق”.

لقد كان الأولى بهؤلاء أن يدركوا هذه النعمة التي تنعم بها البلاد بالنسبة لهذه الظروف الاستثنائية التي تذهب بها الأرواح وتتطاير الأشلاء دفاعاً عن الحرية أننا نحن هنا في حياة ملؤها النعيم نتمتع بحريتنا كاملة تقريباً بالنسبة لغيرنا من البلدان وننعم بعيشنا وأموالنا. فأبت نفوسهم الدنيئة إلا أن تدس في كل مكان في حماه وعربين ومعلولا وحلب وحمص وفي دمشق أيضاً. فعملوا على اثارة مسائل كانت من أقبح ما يمكن أن يثار، ولكن نحمد الله ألف مرة على أن الأكثرية الساحقة من هذه الأمة لها ضميرها الحي الثابت فلم تقبل بفسح المجال لمثل هؤلاء الشذاذ ليفرقوا بين صفوفها ويعملوا على إيجاد الضغائن بين الجماعات والطوائف والأحزاب “تصفيق” فقاموا شيوخاً وعلماء وقساوسة ووجهاء وكهولاً وشباباً يناضلون ويجادلون في سبيل الحد من أعمل هؤلاء الشذاذ.

وكانت الحكومة رغم ذلك تأخذ الأمور بالحكمة والتروي والانتظار ظناً منها أن هذه الأمور سوف تقف عند حد لا تتجاوزه وأنا لا أقول لكم ان هذه الوزارة التي يتمتع أعضاؤها مسلماً ومسيحياً بالتدين التام والعقدة الثابتة لا يوجد بينها من هو متأهب على الدين أو العقيدة أو الإيمان.

نعم أيها السادة لم يكن الدين يوماً من الأيام إذا لم يستثمره بعض أصحاب الغايات الشريرة شراً على الإنسان بل كان دائماً هو الناصح والداعي لحفظ الأخلاف والفضيلة ويمكنكم أن ترجعوا جميع الكتب السماوية فلا تجدون فيها إلا الخير والفضيلة والأخلاف وعلى هذا كانت الحكومة تشجع بقدر المستطاع جميع نواحي الفضيلة والتقوى والأخلاق في كل طائفة من الطوائف أقول لكم هذا وعندي من الوسائل والإحصاءات ما يؤكد أن الفسق والفجور والدعارة لم يكافحها دور من الأدوار السابقة التي مرت على البلاد كما كافحناها نحن ونتحدى كل دور منذ خمس وعشرين سنة حتى الآن ان قام بها قمنا به من الأعمال في سبيل مكافحة الفسق والفجور وتدني الأخلاق ولكن اسمحوا لي يا سادتي ان أقول لكم اننا لا نستطيع ان نفرض على الزوج ارادتنا بضرورة دعوته لعمل هو أولى به وقد امره الشرع به كما أننا لا نستطيع التغلب على امرأة تتعاطى الفجور بصورة سرية ولكننا اذا توقفنا للقبض عليها فالجزاء صارم واذا لم نتوفق فهل يمكننا أن ندخل بيوت الناس ونفتش عما يجري فيها؟ اعطوني دليلاً واحداً أو مثلاً في أي بلد من البلاد الإسلامية في أيام الخلافة وفي مصر أو العراق وحتى البلاد العربية السعودية هل دخل أحد بيوت الناس ليبحث عن النساء أو البنات لندخل نحن ونبحث باسم حماية الأخلاق؟ هذا غير ممكن مطلقاً، أما واجبنا فهو حماية الأخلاق بالقضاء على كل ما يؤدي إلى افسادها من وجود جمعيات سرية أو علنية أو غير ذلك الأمر الذي يخولنا حينئذ اقتحام الدور والتدخل بالقوة للقضاء على هذه الجمعيات.

ان هذا التساهل أيها السادة ورحابة الصدر التي أظهرته الحكومة بمناسبات عدة لم يكن السبب المباشر لها الا ان تظهر البلاد وحدة لا تتجزأ ونحن في دور استلام جميع الصلاحيات التي يجب علينا ان نمارسها نعم، نحن لا نريد أن يرى العالم ان في بلادنا غلواً أو كفراً أو الحاداً لا نريد أن يكون هناك مظهر من مظاهر تصادم الأحزاب أو الطبقات أو الطوائف وهذا ما حدا بنا إلى السكون في مناسبات عدة دينية واجتماعية عملنا على دفع شرورها دون أن يعلم أحد بذلك ولكن ويا للأسف يظهر ان بعض الأيدي الخفية التي لم ترغب أن تبقى مثل هذه الأعمال عند هذا الحد ارادت أن تجعل من هذه الحرية تحكماً وعندنا من المعلومات الكافية عن هؤلاء ما يؤيد ذلك ولكنني لا أريد أن أجسم الحوادث وسأنقل اليكم ما جرى من الأمور في هذين اليومين بقدر ما استطيع أن أكون حيادياً لقد راجت بعض الشائعات بأن المرأة المسلمة تبغي السفور فراقبنا الأمر من كل جهاته فلم نجد دليلاً على ذلك لا في الشارع ولا في الأزقة ولا في المحلات العامة سوى ما تعهده ولكننا لم نكتف بذلك بل أخذنا نتساءل هل هناك جمعيات تعمل في الخفاء لمثل هذا العمل أم هل هناك أشخاص يقومون فجأة وفي الشوارع بعمليات السفور فلم نجد شيئاً من ذلك ولكن جل ما في الأمر وجدنا أن الشكوى تنحصر في مسألة مر عليها عشرات السنين وهي تطبق وهذه المسألة هي التي يقال لها “نقطة حليب” هذه الجمعية ياسادتي جمعية إنسانية تقوم على جمع المال لشراء الحليب وتعقيمه توزيعه على فقراء الأطفال الذين فقدوا أمهاتهم لكي يشروا حليباً نقيباً معقماً يحول دون سوء صحتهم وهذه الجمعية التي مر على تأسيسها أكثر من عشرين سنة قام بها افرنسيون وعاونهم المسيحون وأكثر الأولاد الذين يستفيدون منها هم مسلمون وقامت بعض السيدات المسلمات بمشاركة هذه الجمعية العمل وأكثر هؤلاء المسلمات من السيدات المتقدمات في السن اللواتي يضعن على وجوههن الحجاب ويلتحفن بالملاءات وهن يشاركن هذه الجمعية بالأعمال الخيرية البحتة لجمع المال ولا يشاركنها في الحفلات الراقصة التي يخصص ريعها لهذه الجمعية التي تعتني كما قلت بفقراء أطفال المسلمين ولم نجد من غضاضة على هؤلاء في عملهن وقد جرت العادة ان تقام حفلات سنوية بنادي الضباط الافرنسيين لجمع التبرعات لهذه الجمعية الخيرية وإذا بنا نفاجأ بأسئلة وأبحاث عن هذا الموضوع.

لم نكن نتوقعها فقامت وزارة الداخلية واتخذت جميع الوسائل لاقناع السائلين بأنه سوف لا يشترك بهذه الحفلة من لا يجيز له دينه الاشتراك فيها وبرهنت بالمحسوس والملموس بأنه ليس هناك من امرأة مسلمة سافرة تشترك بهذه الحفلة ورغم كل هذه التأكيدات فوجئنا في اليوم الثاني     بأن هناك اجتماعاً في جامع دنكز يضم كثيراً من الطبقات من علماء وتجار وغير ذلك وتجاه هذا الاجتماع وجدت وزارة الداخلية من اللياقة والواجب أن تدعو القائمين عليهم لتعطيهم المعلومات ولتفهمهم الحقائق لتخفيف ما يجول في نفوسهم من إمكانيات أو غيرها عن هذه الحفلة وقد ذهب مدير الشرطة العام السيد أحمد اللحام بنفسه وهو المعروف لدى المجلس الكريم بتدينه وأخلاقه ونبله وصراحته وهو الذي كان زميلاً للكثيرين منكم في المجلس الماضي ذهب بنفسه كما قلت وأعطى القائمين بالاجتماع التأكيدات اللازمة باعتباره رجلاً مسؤولاً أنه لا يوجد هناك في الحفلة ما يسيئ للأخلاق العامة وأن الشرطة سوف لا تسمح لأحد مشبوه بالدخول وقد جاء قسم من هؤلاء المجتمعين وبينهم واحد ممن أشك بحسن نواياه وأخذ يشنع بالحكم والدور الوطني وقد اجتمع هذا الوفد إلى وزير الداخلية فأقنعهم الوزير بالتدابير التي اتخذت لحماية الأخلاق فقنعوا بذلك مع أنهم هم الذين أثاروا هذه القضية وألقوا الخطب العديدة في المجلس والجوامع لهذه الغاية وذهبوا بأنفسهم وطلبوا إلى الناس الأخلاد إلى السكينة والذهاب إلى أعمالهم وعدم التظاهر في الأسواق.

 ولكن في الوقت الذي كان هذا الوفد يباحث وزير الداخلية ويتفق معه على فتح الأسواق والأخلاد إلى الهدوء والسكينة كان هناك أشخاص يعملون في الخفاء فخرجوا قبل أن يخرج الوفد من عند الوزير ولم ينتظروا النتيجة ليعرفوا ما آل إليه الأمر وما تم الاتفاق عليه خرجوا بمظاهرة مسلحة مهددين شاتمين ناعتين الدور الوطني والحكم بشتى النعوت وقصدوا الجامع وفي الجامع رغماً عن التهدئة والتسكين الذي قام به أفراد الوفد.

 عاد بعض الناس وأرسلوا اتباعهم ووجهوهم لتهديد المتاجر والأسواق وإقفالها مستصحبين معهم بعض الأولاد المأجورين لتكسير الزجاج وتخريب واجهات المحلات التجارية وقد تجمهر هؤلاء الأشخاص مع من يلف لفهم من الرعاع وجاؤوا إلى دار الحكومة وأخذوا يلقون الخطب وينعتون الحكومة بنعوت لو نقلتها لكم لنهضتم جميعاً وقلتم بصوت واحد فليسقط هؤلاء الرعاع ومن العار على هذه البلاد أن يكون فيها أشخاص كهؤلاء يعرقلون الاستقلال ويتلفظون بألفاظ دنيئة تمس مستقبل الوطن واستقلاله والتضحيات والدماء التي أريقت في سبيل هذا الاستقلال وعزة الوطن “تصفيق”، ولكننا نحن رغماً عن كل ذلك سكتنا وصبرنا وذلك اتقاء للشر وحقناً للدماء وأنا الأشخاص الذين دفعوا الناس للقيام بهذا العمل فهم معروفون وسيلقون جزائهم العادل، نعم لقد قبلنا هذه الأقوال خشية أن تتجه الأمور إلى مجرى آخر تتحمل البلاد مسؤوليته الخطيرة وعندها لا نعرف إلى أين سنصل وقد ظننا أن الأمر منته عند هذا الحد فيتفرق هؤلاء وتعود المياه إلى مجاريها والناس إلى أعمالهم وإذا بنا نعلم بعد قليل أن هذه الشرذمة قد اتجهت إلى شارع الصالحية جهة نادي الضباط الفرنسيين بغية الاعتداء على هذه المؤسسة الأجنبية ومن فيها.

تصوروا أيها الأخوان هل هناك حكومة افرنسية كانت أم إنكليزية، أو أميركية، أو بلجيكية أو بولونية تسمح بالاعتداء على حرية مؤسسة حكومية أخرى في بلادها فكيف نسمح نحن بالاعتداء على هذه المؤسسة ونحن المسؤولون والموكل إلينا صيانتها تصوروا أن حكومة قد تقع في حال حرب مع حكومة أخرى ولكنها تحافظ بكل ما لديها من القوة على حرمة مؤسسات الحكومة العدوة فكيف بنا ونحن في حالة سلم أليس من واجبنا المحافظة على هذه المؤسسة.

ففرنسا تخلت لنا عن جميع الحقوق التي كانت تمارسها في هذه البلاد وتسلمنا منها كل شيء حتى الجيش وقد أخذنا السيارات المصفحة “تصفيق حاد” وإذا كان هناك حتى الجيش وقد أخذنا السيارات المصفحة “تصفيق” وإذا كان هناك بعض التأخير من ناحية استلام الجيش فهو ناتج من ناحيتنا لأننا نريد أن نعرض جميع أعمالنا على مجلسكم الكريم فكيف نستطيع إذن أن نفسح المجال لهؤلاء الرعاع لكي يذهبوا باسم الدين ويعتدوا على هذه المؤسسات الأجنبية الصديقة ويخربوها وعندما وصلت هذه الشرذمة إلى سينما لا أعرف اسمها. أصوات سينما الأمير.

رئيس الوزراء وهذا دليل على فسق الوزراء كما يدعون لأنهم يعرفون أسماء السينمات، وعندما وصل هؤلاء إلى السينما وكانت تقام بها حفلة خاصة بالسيدات المسلمات ولا يوجد فيها رجل واحد لم يكتفوا بالصراخ من الخارج بل دخلوا واستعملوا الحجارة والنار فأغمي على أكثر النساء فتصوروا الحالة المفجعة التي كان يمكن أن تحدث كنتيجة لدخول هؤلاء الغوغاء على النساء في ظرف كهذا، وبعد ذلك أخذوا يتجهون إلى النادي فهل يمكننا أن نفسح لهم المجال كلا ثم كلا فالحكومة أخذت على عاتقها المسؤولية الكاملة مهما كلفها الأمر لحفظ الأمن والنظام حتى ولو كان هناك دستور يمنعها أو إرادة تحد منها ولابد لها من المحافظة على هذه المؤسسات فأعطت أمراً بالضرب  ولكن بعد أن تجاوزوا على الشرطي وجرجروه وأخذوا سلاحه وراحوا يطلقون الرصاص فاضطر رجال الشرطة مع الأسف لاستعمال السلاح وعددهم لا يزيد على العشرة دفاعاً على أنفسهم فقتل واحد وأصيب ولد فقضى ايضاً ولما وجدت الحكومة أن الأمر أصبح على هذه الصورة رأت أن تتخذ التدابير التي لابد منها لأننا أيها السادة نحن الآن في الحكم ولا اسأل عن المستقبل الذي ينالنا لأننا حتى هذه الساعة مكلفون من قبل رئيس الجمهورية وممنوحون الثقة من مجلسكم ونحن الحكومة الشرعية الوحيدة التي خولت تحمل المسؤولية عند وقوع الحوادث بهذا الحق أخذنا المسؤولية على عاتقنا لصيانة الأمن والنظام كي لا يتقدم غيرنا لصيانته، هناك ظروف حرب وهناك جيوش تتطلب صيانة مواصلاتها وسلامة أمنها هناك أشخاص من هذه الجيوش يأتون بالأذن أو يأتون إلى هذه البلاد ليقيموا فيها مدة هذه الحرب ونحن الآن في ظرف لا نستطيع معه التصريح بكل شيئ ولكنني أقول أننا قد تسلمنا كلما نريد أن نتسلمه ولم يبق إلا القليل فلا يمكننا في حالة الاستقلال وتحمل المسؤوليات أن نفسح المجال لمثل هذه الأمور ولذلك جهزنا قوانا وقررنا الاقتحام وكل تحد قابلناه بالضرب، ولكن بعد الإنذار ثم الإنذار ثم الإنذار ثم الضرب هذا الذي أقدمنا وسنقدم عليه لأننا بعد جهاد كلفكم جميعاً خمساً وعشرين سنة من العمر وسيلاً من الدماء وملايين من الذهب وحرمان كثير من الأشياء حتى وصلتم إلى هذا الحد لا نستطيع نحن الذين بإرادتكم وبإرادة الرئيس الأول أخذنا على عاتقنا مسئولية الحكم إلا أن نضحي بواحد أو اثنين في سبيل حماية الاستقلال “تصفيق”.

هذا الاستقلال الذي تناقشون فيه كل يوم وكل ساعة وتحملون علينا لأجل صيانته وتأمينه والحصول عليه فلا يمكننا أن نفرط فيه ولا بدافع من ضمائرنا وعقائدنا ولا بالتسويغ الذي حملتمونا إياه وحملنا إياه الرئيس. ولذلك نحن الذين تحملنا هذه التبعة سنتقدم للدفاع عن هذا الموضوع وسنمضي فيه حتى النهاية لا نتساهل ولا نتهاون إلا في الخضوع التام للقانون.

ولا نريد في حال قيام الدستور والحياة النيابية أن تكون عرضة دائماً لحملات في الشوارع والأزقة فلا بد من أحد أمرين إما أن نفسح المجال لأن تكون الأزقة والشوارع هي صاحبة الأمر والبت في الحوادث وإما أن يكون مجلسكم ورئيس الجمهورية هي أصحاب هذا الحق ولا يوجد فاصل بين هذين الأمرين ابداً.

أنا لا  أنكر أننا في يوم من الأيام استعملنا الشوارع ولكن الذين استعملوها كانوا رجالاً يعرفون كيف تستعمل الشوارع فلم نترك الأمر لرجال غير مسؤولين بل لرجال مسؤولين قادوه وتحملوا أعبائه ومصائبه بكل صبر وبكل قوة. وأما أن نفسح المجال الآن لاحتمالات ليس لها علاقة بالحريات ولا بالاستقلال ولا بالأمن بل هي قائمة على الاضطراب والفوضى فهذا ما لا نستطيعه ولا يمكن أن نسمح به ونحن على رأس الحكم ولا يمكن أن نتساهل به قط بل سنقمعه وسنقمعه.

نحن نعرض عليكم بصريح العبارة أننا لم نكن إلا متساهلين مع هؤلاء وقد أعطيناهم كل ما يمكن أن نعطيهم إياه لأننا كنا نظن أن الخير رائدهم ولكن عندما وجدنا أن الأمور لا تقف عند حد وان الاضطراب سيسود وأن الحكمة ستكون ضائعة وان الأمر سيكون للشارع والأزقة صار هذا مما لا يجوز أن نسلم به البتة وسنوقف كل شخص عند حده وقد أوقفنا البعض ونقوم الآن بتحقيق دقيق وعند ظهور نتيجة وظهور المسؤولين عما حدث سننظر في أمرهم وقد اتخذنا تدابير في كل مدينة وفي كل مكان لقمع كل حركة يمكن أن تصطبغ بصبغة من هذه الأنواع أما بالتعدي على الحريات أو بالطعن في الأديان أو بالتجاوز على الأمن الخاص والأمن العسكري، فمع ذلك نريد أن نشجع على الفضيلة وأن نفسح المجال لكل جامع وكنيسة لأن يدعو المعتقدون والمؤمنون مسيحيين كانوا أو مسلمين أو يهوداً لأن يقوموا بالدعوة والتبشير لإقامة أسس الفضيلة والدين فهؤلاء ليس لنا اعتراض عليها بل بالعكس نشجعهم على المضي في هذه السبيل ولابد أن هناك من يعرف كم من أعضاء الحكومة الذين شجعوا أمثال هذه الدعوات الفاضلة أصبحت القضية تحكم بأنه إذا لم يعين مفتي أو لم يعين أمام أو مدرس تستغل هذه الأمور من هذه الناحية فال نستطيع نحن أن نساعد كل هذه الطلبات ولكننا نرحب بكل طلب ضمن نطاق استطاعتنا تسمح به ظروفنا ونظامنا وقوانيننا ولكن إذا كنت لأعين لك مفتياً أو لم أعين لك موظفاً أو مدرساً تقوم باضطرابات في مقابل ذلك فهذا ما سنقمعه وسنقمعه في كل ناحية. هذا ما فعلناه عرضته عليكم وأنتم أصحاب الأمر أولاً وآخراً “تصفيق”.

الرئيس- هل اكتفى أصحاب السؤال بهذا الجواب “أصوات نعم اكتفينا” ولدي اقتراح آخر مقدم من بعض النواب يتلوه عليكم أمين السر.

أمين السر – “يتول الاقتراح وهذا نصه”:

(ان المجلس بعد أن سمع إيضاحات رئيس الوزارة عن حوادث يومي السبت والأحد يعلن ان حماية الحرية الشخصية من اقدم الواجبات التي تقع على عاتق الحكومة ومجلس النواب.

وهذا يدعو الحكومة إلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة التي تؤول إلى منع الاعتداء على الحريات الشخصية مادامت ضمن حدود القانون والدستور

نائب اللاذقية   نائب حمص  نائب دمشق

محمد سليمان الأحمد    عدنان الأتاسي    أحمد الشرباتي

الرئيس – سمعتم هذا الاقتراح فالموافقون عليه يشيرون برفع الأيدي “رفعت الأيدي” هل من مخالف “سكوت” إذا قبل بالاجماع والآن هل من بحث آخر.


انظر:

الاضطرابات في دمشق أيار عام 1944

بيان مديرية المطبوعات والإذاعة حول الأحداث والمظاهرات في دمشق أيار – 1944

المصدر
الجريدة الرسمية، عام 1944م، صـ 222



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى