شهادات ومذكرات
من مذكرات أمين أبو عساف (39): تشكيل فوج البادية بتدمر عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (39): بعض تصرفات مستشار العشائر الفرنسي وشيخ القبيلة
كان مستشار العشائر الفرنسي حاكما مستبداً ومطلق الصلاحيات يرتبط به مباشرة. رئيس القبيلة أي الشيخ الذي يتحكم في قبيلته كما يشاء بالاتفاق مع المستشار. خلافات أفراد العشيرة أو الأفراد يحلها المستشار كما يرغب بذلك شيخ العشيرة أي لا يمكن لأي كان المطالبة بحقوقه الخاصة أو بخلافاته مع جيرانه إلا عن طريق العلاقة أن يخبر الشيخ أولاً ثم الشكوى إلى المستشار. وكذلك خلافات القبيلتين يحلها المستشار مع رؤساء القبيلتين.
القبائل الكبيرة تستخدم العبيد وهي الشرطة التنفيذية الظالمة بيد الشيخ لا يوجد قانون يحّد من سلطاتها. بالإضافة إلى سلاحها من البنادق والمسدسات يحمل الأفراد الخيزرانة من أجل جلد كل من يتقاعس في تنفيذ الأوامر أو ينتقدُها.
خلال فصل الربيع تستحقّ ضريبة حمع الذبائح إلى بيت الشيخ يكلف العبيد بجبايتها وهناك أيضاً ضرائب أخرى – نعجة حائل أو أكثر حسب عدد المواشي في البيت وهي العملة الرائجة تطرح حسب رغبة الشيخ ولا أعلم إذا كان المستشار يشارك في ذلك.
وإذا علمنا وكما ذكرت سابقاً أن ثلاث قبائل في بادية تدمر يزيد عدد البيوت في كلّ منها عن الألف لأمكننا تقدير فداحة الضرائب المقتطعة.
في أوئل الربيع طلب منّي بعض شيوخ القبائل أن أقبل هدية من الخراف جرت العادة أن تقدم للمستشار. رفضت ذلك وطلبت منهم إعلام القبائل بهذا الرفض. وأمنعُ تقديمها لأي من حرس العشائر أو المخافر.
علمتُ أن المستشار الفرنسي ضمن تعداد المواشي في قبيلتين “السبعة بطينات” و”السبعة عبدة” وبالتعاون مع رئيس القبيلتين. فأعطوا الحكومة بواسطة المسؤولين عن تعداد المواشي مبلغاً مقطوعاً يعادل الربع أو الخمس والباقي تقاسمه شيخ القبيلة مع المستشار وقدره مائة وعشرون ألف ليرة سورية من القبيلة الأولى ومائة وتسعون ألف ليرة سورية من القبيلة الثانية.
لا يمكن لعملية عدّ المواشي أن تتم بدون مساعدة مدير العشائر وقوى الأمن على تلك المساحات الشاسعة وقد جرى التعداد عام 1946 بصورة طبيعية.
وبالنسبة للمراجعات وحل الخلافات صارت تقدّم مباشرة إلى مكتب العشائر ويُبت بها بصورة مباشرة بدون تدخل أحد وسارت الأمور على ما يرام.
تشكيل فوج البادية بتدمر
في الأول من تشرين الأول عام 1945 وبعد استلام الجيش من قبل الحكومة السورية صدرت الأوامر لتشكيل لواء البادية. قيادته في دمشق والأفواج في (الضمير، وتدمر، ودير الزور).
تم تشكيل الفوج الثاني لقوى البادية في تدمر من سرية الهجانة الأولى وحرس العشائر. وعُينت آمراً للفوج وهو يتألف من سرية القيادة – سرية المصفحات- سرية الصحراء- وسرية العشائر.
نقل إلى الفوج أربع ضباط هم: الملازم الأول “برهان حسن” و”أنور تامر” والملازم “حمود الخطيب” والملازم “فايز حديفة”.
أمكن تعيين ضابط لكل سرية، باشرنا باستلام التجهيزات والأسلحة والآليات. انصرفنا إلى التديب بجدية مع القيام بمهام الأمن في مضارب البدو وحل الخلافات ضمن العشيرة الواحدة مع العشائر الأخرى. وتمكنا من حسم الخلافات قبل تطورها والسيطرة التامة رغم كثرة المشاكل. كنا نطبق العدالة دون تمييز، ندين الاعتداء، ونصون حق الضعيف.
ذهبت لاستلام الراتب من دمشق، لم يكن في صندوق البادية ما يكفي لدفع الراتب في تدمر، إذ أن الملازم “عرنوق” الضابط المحاسب كان قد فرّ وأخذ معه مبلغاً من المال. مدير العشائر الذي دفع في الماضي سلفاً من ماله الخاص رواتب ثلاثة أشهر توقف عن الدفع خوفاً من المسؤولية، اقترح قائد قوى البادية ومدير العشائر أن أحسم جزءاً من راتب كل جندي حتى يبت بأمر النقص وندفعه فيما بعد. رفضت هذا الحل وقلت: على الدائرة المالية أن تتحمل المسؤولية وتدفع بالكامل إلى الجنود خصوصاً ونحن في بدء العهد الوطني. حتى لا يأخذ الجنود فكرة خاطئة. طلبوا مني أن نعرض الموضوع على وزير الدفاع وكان الأستاذ “سعد الله الجابري” رئيس الوزراء – ووزيراً للدفاع.
عندما عرضنا الإشكال عليه أيد وجهة نظري. وكان الحل أن أعود فوراً إلى تدمر أدفع كامل الراتب. وعندما يتم تأمين باقي المبلغ. أستلمه من حمص لأدفع لمخافر سلمية وجبل البلعاس.
على أثر فرار الضابط المحاسب وهو المسؤول عن قوى البادية في الضمير وتدمر ودير الزور كان ذلك قبل استلام الجيش حضرت لجنة تفتيش مدنية على لواء البادية. كانت خطتي منذ استلامي القيادة في تدمر باعتباري المسؤول الوحيد ماليا حتى ذلك التاريخ. ذكرت سابقاً إن الذي يحضر جداول الرواتب ليس لديه شهادة محاسبة، أستلم الراتب من الضباط المحاسب حسب الجدول وبموجب وصل وبعد الدفع أعيد الباقي وأستلم وصلاً به أيضاً. ولدي حتى الآن سجل صندوق نموذج خاص.
عندما حضرت اللجنة إلى تدمر وكانت قد قامت بعملها في الضمير ودير الزور لم تجد عندي أية ملاحظة. إذ إني لم أدفع لغائب عن الخدمة! وكانوا كثر!. وعندما يعود الغائب أعمل له استدراك على جداول الدفع ومنهم من لم يعد. أعجبت اللجنة بهذا الأسلوب وقالت إنه المركز الوحيد الذي ليس لنا ملاحظات عليه.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة
من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين
من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين
من مذكرات أمين أبو عساف (37): وصول “راكان بن مرشد” وتحريض العسكريين
من مذكرات أمين أبو عساف (38): كتاب إلى آمر قوى البادية عام 1945