You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة منير غنام وزير العدل في حلب بمناسبة تأسيس حركة التحرير العربي عام 1952

خطاب منير غنام وزير العدل الذي ألقاه بمناسبة افتتاح حركة التحرير العربي في نادي اللواء  في حي العزيزية بحلب بحضور  الزعيم فوزي سلو والعقيد أديب الشيشكلي في أيلول عام 1952م.


ساداتي الأكارم..

أحييكم تحية العروبة مستهلاً كلمتي ببيت من الشعر العربي:

لكل ليل صباح نستضئ به    فلا تدوم علينا ظلمة النسق

وهاقد طلع الصبح من غسق الليل على هذه الأمة العربية التي شقت طريقها من مجاهل الظلمات لتهدي النور للعالم والتي ستستطيع في المستقبل القريب أن تؤدي رسالة العلم والمدنية، وأن تقود البشرية إلى المدنية الصحيحة والإخاء الإنساني الكامل.

“إن هذه الأمة العربية التي تنبت كل يوم سيداً إذا مات أعبقه سيد هي أمه لن تموت” ولن تفنى من على وجه الأرض بل هي خالدة خلود الزمن صامدة صمود الدهر”

إنها أمة لا تنام على ضيم وإن أغفلت العين فإنما تغفو لتستيقظ أشد قوة وأقوى مراساً لا تحتمل التسلط ولا ترضى بالدخيل ولا تقر لأي أجنبي بأي حق في التسلط عليها كجزء أو ككل.

وإذا كانت قد مرت على البلاد ما يمر ببعض الأمم من ظروف جعلت أهلها شيعاً وقلبت مفاهيم الحق ومثل الحقيقة فيها وصرفتهم عن القضايا العامة إلى الخصومات الشخصية” فإن مثل هذه الظروف لن تتكر.

ولا أحب أحمل أحداً مسؤولية ما حدث من تفرقة وبلبلة وخراج عن الطريق السوي ولا أريد أن اتهم أحداً بسوء النية إنما اعتقد أن الأمر لا يغدو عن كونه إجتهاداً اخطأ ولم يصب”.

على أن الحق لم يلبث أن ارتفع وعلى وفي هذه الأمة لن يعلو إلا الحق ولن يبقى إلا الطريق المستقيم.

إن طريق الخير والشر طريق بين واضح لا يحتاج المرء إلى عناء في تبنيه فكل ما هو خير يبدو لذي البصيرة واضحاً وكل ما هو خير وحق يتبعه صاحب الضمير العف الذي يريد لأمته رفعة ولبلده عزة وشأناً.

وفي هذا الميدان يجب أن نتسابق ونعمل لتعود أمتنا العربية قوية حرة متحررة، أجل يجب أن نعمل الحق، وفي سبيل ما هو حق، وأن نتبع دائماً الحق، فبذلك نهض وبذلك تؤدي رسالة العلم والمدنية والإخاء..

إخواني:

إننا نجتهد أن نعمل في صمت فنحن لا نحب الضجيج بل نحب أن  تسبق أفعالنا أقوالنا، ونريد أن نكون جميعاً يداً واحدة في سبيل الحق ويداً هي إيصال هذه الأمة إلى أهدافها العليا وتحقيق أمانيها الوطنية وآمالها القومية وإنقاذها مما تشكو منه من ضعف وتفرقة وجهل وقلة استعداد.. إنقاذ الفقير ورفع مستواه والقضاء على التسلط والإقطاعية وإيصال كل ذي حق هضيم إلى حقه، واستكمال الاستقلال وتعزيز الاتحاد القومي المتين بوحدة الصفوف والأهداف والمبادئ لنفرض احترامنا على العدو قبل الصديق.

لكن كيف نطلب هذا المطلب البعيد إذا كنا في التفرقة سايرين يكيد بعضنا لبعض بمثل ما يشتهي العدو وأكثر.

إننا إذ لم نجعل الاتحاد وسيلة لنا في الحياة فلن تكون لنا حياة ولن نصل يوماً إلى أمانينا إلا بالوحدة المتينة البنيان المرصوص نجابه به أعداءنا ونشد بها من آزر أصدقائنا، ولا ننسى عدواً ماكراً يجثم على جزء عزيز من بلادنا ولا ننسى أننا يجب أن نستعد للثآر.

“واستشهد غنام ببيت الشعر التالي”:

“ومن كان محتاجاً لسيف عدوه     يكون ذليلاً وقت خطب يدهمه

فكيف إذ ضن العدو بيعه   عليك بماذا اليوم أنت تقومه”

اخواني:

إننا محتاجون قبل  كل شئ إلى تنقية الضمائر وتطهير السرائر، محتاجون إلى النوايا الطيبة فليس لنا عداء مع واحد ولا نضمر حقداً على أحد.

إننا نمد يدنا مصافحين كل ضمير طاهر وميداننا متسع كبير في سبيل التعاون وتوحيد الجهود لنصل إلى ما نريد لأمتنا من رفعة وسؤدد.

إننا هنا لنعمل لا لنلهو، وإننا نعمل في سبيل قضايا عامة لا في سبيل الخصوصيات، ولا نقبل القضايا العامة لعباً أو نحتمل هزلاً وجدلاً، أجل لن يكون هناك لعب، فإن من يتلاعب بالقضايا العامة إنما يلعب بالنار ومن يلعب بالنار لا يلقى جزاء لعبه إلا النار.

وبئس رجل الحكم من يحكم ليتمتع بسلطان زائل وليتبجج فيما بعد بذكرى العز” بئس رجال الحكم إذا لم يعمل وتبت بده إذا كان كل عمله كلاماً”

هذه نظرتنا إلى الحكم منذ أن بدأنا نعمل وآلينا أن نكون مثاليين فلماذا انحرفنا ولم نرضى لأنفسنا أن تنحرف وقد ثبتنا، وأثبتنا أننا لسنا طلاب غايات شخصية، وأن الرجل منا إذ يتولى الأمر العام فهو خادم للأمة وليس سيداً عليها.

إن آذاننا مفتوحة وقلوبنا مبسوطة نقبل كل اقتراح وكل نصيحة ولكننا لا نقبل الجدل في سبيل الجدل ولا نقبل لغواً لا طائل منه.

أيها السادة:

إذا التجأ إلينا عرب فلسطين في المرة الماضية فلمن نلجأ نحن في المرة القادمة. لمن يلجأ العرب؟! إننا لا نستطيع إلا أن نلجأ إلى أنفسنا وإلا إلى وحدتنا فهي السلاح نعم السلاح ندفع به الغزي ونطرد المحتل ليس ان طريق القوة الوحيد والتسلح ووجدة الكلمة والصف والهدف.

إننا نهيب بالجميع أن يعودوا إلى ضمائرهم يستخيرونها ويستخبرونها ونناشدهم أن يمدوا أيديهم ساعين إلى الوحدة ليكونوا كالبنيان المرصوص أمام عدو لدود يتربص منا ولا نستطيع أن نقاومه إلا بوجدتنا.

إن قضية اليهود قضية كبرى لا تستهونوا أمرها وترددوا خطرها، ولكن لن يصيبكم البأس من نكسة ما كان لها أن تصيبكم لولا أن الأمة أناخت إلى قول أعدائها واستسلمت إلى فساد القيادة السياسية، إن الأمة لن تخسر المعركة ولن تخسرها، وستضمن النصر الأكيد السريع بالاتحاد.. ولكنها لن تصل إلى هذه الغاية إذا لم تكونوا بنياناً مرصوصاً ويداً واحدة تعمل للخير وتضرب على الباطل. فالبالوحدة تكتبون لأمتكم الحياة ولأعدائها الموت والفناء.

المصدر
صحيفة الجزيرة، العدد 1941 الصادر يوم الثلاثاء التاسع من أيلول عام 1952



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى