You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

أنطون سعادة: محافظة اللاذقية وحق المنتصر

أنطون سعادة: محافظة اللاذقية وحق المنتصر

رأي النهضة الذي كتبه الزعيم أنطون سعادة ، العدد 23 الصادر في بيروت في التاسع من تشرين الثاني عام 1937م


 نص المقال:

منذ أيام أرسلت برقيات تحمل توقيع السيد إبراهيم الكنج أحد أقطاب العلويين وغيره إلى المفوضية وإلى وزارة خارجية فرنسة وفيها روح انفصالية شديدة سببها عدم رضى السيد الكنج ومن والاه عن النتيجة التي صارت إليها محافظة اللاذقية بعد الانتخابات النيابية. وقد دفع السبب عينه السيد إبراهيم الكنج ليأتي بيروت ويأتي معه صقر خير “بك” والنائب محمد إسماعيل وعلي محمد كامل والأستاذ نوفل الياس، بقصد مقابلة المفوض السامي.

ونشرت النهضة في عدد أول أمس خبر وصول هذه الفئة ومقابلتها المفوض السامي، وبسط أفراد هذه الفئة للمفوض المرامي التي يقصدونها وهي توسيع نطاق الاستقلال المالي والإداري وجعل المحافظ منتخباً.

وواضح أنّ القصد من هذه السياسة إثارة مشاكل تتعب الحكومة المركزية في دمشق انتقاماً منها للسياسة التي اتبعتها في محافظة اللاذقية أو حملاً لها على الإذعان لمطالب هذه الفئة التي بينها من هو متنفذ في منطقته.

إذا رجع القارىء إلى العدد الأول من النهضة وجد أنّ هذه الجريدة قد تكهنت بالمصاعب التي ستولدها السياسة التحزبية الكتلوية في محافظة اللاذقية. وإثارة مشاكل انفصالية في هذه المنطقة ليست من المسائل الهينة في هذا الوقت الذي تقطع فيه الإسكندرونة من جسم الوطن وتثار مشاكل انفصالية في لواء الجزيرة. ولكن سياسة الضيعة التي تقرر الاتجاه السياسي الكتلوي أبت أن تنظر في نتائج الأمور.

إنّ سياسة التحزب الكتلوي سياسة خرقاء ضيقة. وهذه السياسة لضيقها، أصبحت مانعة من التطور القومي ونموّ الدولة، لأن نظرة واحدة ضيقة هي التي تسيطر وهذه النظرة هي الاحتفاظ بالحكم.

تستند الكتلة في هذه النظرة على مبدأ لا يصحّ في مثل هذه الأحوال هو مبدأ حق الفتح أو حق النصر. و”الكتلة الوطنية” تعدّ نفسها منتصرة لأنها فازت بالمعاهدة فوزاً أولياً ومركزت الحكم في الداخل مركزة إسمية.

ومعلوم أنه لا مبرر لنظرية “الكتلة الوطنية” القائلة بحزب واحد هو حزب الكتلة سوى هذا المبدأ. فـ”الكتلة الوطنية” لم تعالج القضايا القومية ولم تضع برنامجاً قومياً جامعاً يتناول جميع الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، ولذلك لا وجه مطلقاً لهذه النزعة الكتلوية القائلة بالقضاء على كل حزب غير حزب الكتلة.

كان أحد النواب الكتلويين يناقش زعيم الحزب السوري القومي في نظرية الكتلة. فقال ما ملخصه إنّ البلاد اليوم في حاجة إلى توحيد الصفوف. فتعدد الأحزاب في هذه الظروف يضر المصلحة العامة. فقال الزعيم: كيف يمكن أن تتوحد الصفوف من غير جامع وخطة يمكن أن يقبلها القوميون؟ إنّ الحزب السوري القومي يقول بتوحيد الأمة كلها في حزب واحد هو الحزب السوري القومي. وهذا الحزب هو الوحيد من بين كل الأحزاب الذي وضع مبادىء تعيّن مصالح الأمة وإرادتها ونظام العمل، وهو من هذا القبيل الحزب الوحيد الذي يجد مبرراً للقول بتوحيد الكلمة، لأنه تقدم إلى الأمة بعقيدة واضحة وتمثيل مصالح معينة وخطة جلية ونظام دقيق. أما أنتم الكتلويين فتريدون منا أن نسلّمكم أعناقنا ومصير القضية الوطنية من أجل أنكم وطنيون طيبو القلب، ومعالجة القضايا الوطنية لا تتم بطيبة القلب.

إنّ تثبيت الدولة على أُسُسٍ راسخة أمر لا يتم بالوطنية وطيبة القلب، فلا بد لتأسيس الدولة من نظرة قومية صحيحة فاهمة تضع الخطط الناجحة لإيجاد التجانس بين مصالح الأمة الداخلية وبين جماعات الأمة. أما الأخذ بنظرة إيجاد حزب حاكم وإلغاء كل حزب آخر، ففكرة عقيمة، ليست في مصلحة الأمة التي تحتاج إلى حزب جديد يعرف حاجاتها ويُخرج قواها من مكامنها ويولد فيها حيوية تستطيع أن ترفعها إلى مراتب الأمم الحية الراقية.

تحتاج الأمة إلى حزب مبادىء وبرامج قومية مستمدة من مصلحة الأمة التي ينبثق منها. ولكن “الكتلة الوطنية” تقول لا حاجة للبلاد بهذا الحزب، وتمضي في معالجة القضايا القومية على أساس التحزب فتنفر العناصر التي يجب استمالتها.

أما خطة السيد إبراهيم الكنج وجماعته في الجواب على سياسة الكتلة فليست خطة قومية ولا تتفق مع الكرامة القومية. إنّ عهدنا بإبراهيم الكنج أنه وطني. ولو أنه اعتمد على وطنيته وحدها لوجد فيها خير سند لرد الكيل للكتلة.

والظاهر أنّ إبراهيم آغا الكنج قد أصغى لناصح سوء، فقام يسعى لدى مفوضية الدولة المنتدبة ضد الحكم الوطني، وهذا ليس عملاً قومياً.

إنّ أمورنا الداخلية يجب أن تبقى من شؤوننا نحن. ولا يفتح الطريق للأمة غير عمل الأمة معتمدة على نفسها.


انظر:

أنطون سعادة: آمال الوطن

أنطون سعادة: الوطنية

أنطون سعادة: الوحدة السورية ومخاوف اللبنانيين

أنطون سعادة: غورو وسورية

أنطون سعادة: السوريون والاستقلال

أنطون سعادة: السوريون في عالم الاقتصاد

أنطون سعادة: الفاتح العربي الجديد

أنطون سعادة: القضية الوطنية .. الصهيونية وامتدادها

أنطون سعادة: سورية تجاه بلفور

أنطون سعادة: الجنسيات السورية واللبنانية والفلسطينية    

أنطون سعادة: بدء النهاية – ثورة الشرق

أنطون سعادة: نص كتاب استقالة أنطون سعادة : إلى «محفل نجمة سورية» 

أنطون سعادة: المناطق الأجنبية المستقلة في سورية.. سورية صين جديدة

أنطون سعادة: معرض التلوين الصوري

أنطون سعادة: ذكرى الهدنة

أنطون سعادة: موقف فرنسة من سورية .. الحدث الجديد

أنطون سعادة: عصران يتصارعان.. مبادىء أساسية في التربية القومية

أنطون سعادة: الصحافة السورية

أنطون سعادة: المقالات الاقتصادية الأزمة الاقتصادية في بلادنا 

أنطون سعادة: المقالات الاقتصادية أزمتنا الاقتصادية عوامل أخرى

أنطون سعادة: بعث الأدب السوري

أنطون سعادة: المقالات الاقتصادية المهاجرة وتأثيرها الاقتصادي

أنطون سعادة: البلاد السورية سيدافع عن سلامتها جيش سوري لا جيش تركي

أنطون سعادة: السياسة الخارجية – العقبة بين سورية والمملكة العربية

انظر ايضاً:

أنطون سعادة: الغول الروسي مشروع السنين الخمس

أنطون سعادة: السوريون والاستقلال

أنطون سعادة: غورو وسورية

أنطون سعادة: الوحدة السورية ومخاوف اللبنانيين

 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى