You dont have javascript enabled! Please enable it!
شهادات ومذكرات

من مذكرات أكرم الحوراني –  لجنة الإصلاح في حماة 1943

من مذكرات أكرم الحوراني (11 /98)

من مذكرات أكرم الحوراني –  لجنة الإصلاح في حماة 1943:

ولنا أن نتساءل الآن: من هم هؤلاء أعضاء لجنة الإصلاح؟

كان الشيخ سعيد النعسان- الذي ظل مفتياً للمدينة حتى وفاته عن عمر نيف على المائة- رجلاً مصلحاً ينتمي لمدرسة الشيخ طاهر الجزائري، عالماً، واسع الإطلاع، منفتح الذهن على قضايا العصر وكان صديقاً لوالدي ثم توطدت بيننا أواصر المعرفة والمحبة وكنت أعجب بأحاديثه وهو الشيخ المسن إذ تعبر عن أفق عقلي يتجاوز كثير من الشباب الذين يعتبرون أنفسهم تقدميين. كان مستوعباً التراث واعياً ثقافة العصر.. وكان يشبه الدكتور صالح قنباز، مع اختلاف السن والثقافة. وقد قضى حياته منصرفاً للعلم والتدريس. فأنشأ مدرسة “عنوان النجاح” في زمن كانت فيه المدينة بأحوج ما تكون إلى مدرسة. وكان ذا بنية جسدية قوية حبارة. وقد أصيب بكسر في الحوض بعد أن نيف على المئة. ولشد ما كانت دهشتي عظيمة عندما زرته بعد خروجه من المستشفى فوجدته ينتصب معافى بقامته الفارعة. أما المطران أغناطيوس حريكة فقد كان دوماً بجانب القضايا الوطنية والقومية وأما الأشخاص الآخرون فقد كانوا موضع ثقة المدينة واحترامها. وكان أبناؤهم من حركة الشباب.

كان تشكيل هذه اللجنة تعبيراً عن وجهة نظر الكبار بعد أن بلغت المعركة حدود الاقتتال. لكنها أوقعتنا – نحن الشباب- في موقف محرج، فنحن نثق بأعضائها ونحبنهم ونحترمهم، ونحن في الوقت ذاته نرفض أسلوب المساومة ونعتبر أن أسوأ الاحتمالات، خروجه من المستشفى فوجدته ينتصب  معافى بقامته الفارعة. أما المطران أغناطيوس حريكة فقد كان دوماً بجانب القضايا الوطنية والقومية وأما الأشخاص الآخرون فقد كانوا موضع ثقة المدينة واحترامها. وكان أبناؤهم من حركة الشباب.

كان تشكيل هذه اللجنة تعبيراً عن وجهة نظر الكبار بعد أن بلغت المعركة حدود الاقتتال. لكنها أوقعتنا- نحن الشباب- في موقف محرج، فنحن نثق بأعضائها ونحبهم ومحترمهم، ونحن في الوقت ذاته نرفض أسلوب المساومة ونعتبر أن أسوأ الاحتمالات، وهو اخفاقنا في الانتخابات، هو نجاح عظيم للفكرة الشعبية لأنه يقرب أجل الإقطاعية ويقضي عليها.

بينما جاء تشكيل لجنة الإصلاح مخرجاً لرئيف الملقي الذي كانت علائم التعب تبدو عليه وعلى بعض رفاقه، كانت النيابة في نظره هي الغاية، وهذا ما كلفه وكلف الحركة الشعبية في المستقبل ثمناً غالياً وجعل منه عنصراً سلبياً بدلاً من أن يكون من قادة الحركة الجديدة.

قرار لجنة الإصلاح

صدر قرار اللجنة بأن يكون للمدينة قائمة انتخابية موحدة من : رئيف الملقي، نجيب البرازي، أكرم الحوراني، غالب العظم، فريد مرهج.

وروي آنذاك أن نجيب البرازي اجتمع بأعضاء اللجنة ورجاهم أن ينتخبوا الأشخاص الصالحين. فقال له أحدهم: لو كنا طلقاء من الاعتبارات لما كان اسمك في عداد المرشحين.

قام الشباب من أبناء أعضاء اللجنة وأقربائهم بنشاط كبير لاقناعهم، بعد أن أصبحوا محكمين، بأن تكون القائمة الشعبية خالية من أي ممثل “للذوات”.. ولكن هذا الطلب كان في نظر أعضاء اللجنة طلباً صبيانياً.

وقبل أن تذاع الأسماء على الناس بمنشور اجتمعنا نحن الشباب اجتماعاً موسعاً جداً وتداولنا في الأمور، وكان معظم  المجتمعين يميلون إلى التسليم بالأمر الواقع. أما أنا فقد أصررت على الانسحاب، وبعد نقاش وجدل طويلين اقترح واحد منهم تأجيل الانسحاب إلى ما بعد إعلان قرار اللجنة، لأن دلالته تكون أقوى وأثره أعظم. أما الرفاق الآخرون فقد أصروا على عدم الانسحاب.. وهكذا انزويت في البيت. فزارني أعضاء اللجنة تباعاً محاولين إقناعي ولاسيما المطران حريكة. فلم أعط جواباً ملزماً.

هنا لابد لي من التوقف قليلاً.. إذ إنني لأول مرة أتعرض لأزمة الضمير التي أكثر ما يعانيها القادة الشباب عندما يتعرضون بمواقفهم للتناقض بين الممكن وغير الممكن، بين المبدأ والتطبيق، بين التصور والواقع.

لا شك أن أعضاء اللجنة، والقيادات الشعبية الأخرى بالمدينة، كانوا أكثر تجربة وتمرساً وواقعية. لأن نجاحي بالنيابة كان بداية فتح صفحة جديدة. ولو إنني بقيت مصراً على الانسحاب من معركة انتخابات عام 1943 لارتكبت أفدح الأخطاء- ليس بحق نفسي- بل بحق القضية.


انظر :

من مذكرات أكرم الحوراني (97) – موقف الكتلة الوطنية من انتخابات حماة عام 1943

من مذكرات أكرم الحوراني (96) – طبول فتنة دامية

من مذكرات أكرم الحوراني (95) – انفجار الشعار الحاسم

من مذكرات أكرم الحوراني (94) – ترشيحي للانتخابات النيابية عام 1943

من مذكرات أكرم الحوراني (93) – ترشيح عثمان الحوراني لانتخابات عام 1943

من مذكرات أكرم الحوراني (92) – جولة شكري القوتلي الانتخابية عام 1943

من مذكرات أكرم الحوراني (91) –  بدء النفوذ البريطاني في سوريا

من مذكرات أكرم الحوراني (90) – القوتلي ينطلق من سياسة التعاقد مع فرنسا

من مذكرات أكرم الحوراني (89) –  عودة الحياة الدستورية للبلاد

من مذكرات أكرم الحوراني (88) – انهيار الكتلة الوطنية في عهد الشيخ تاج


 انظر ايضاً مذكرات أكرام الحوراني:

 مذكرات أكرم الحوراني



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى