مقالات
د. عادل عبدالسلام (لاش): هاجس مزمن .. وواقع معاش
د. عادل عبدالسلام (لاش) – التاريخ السوري المعاصر
تقضي التقاليد الأدغية / الشركسية إلقاء كلمة في ختام كل حفل رقص أديغي مهما كان سبب إقامته. فبعد أداء مدير الحفل ومديرته: (ХьэтыякIо)رقصة الختام، يدعوان كبير الحفل وراعيه (التحماته) إلى إلقاء كلمة تتفق مع مناسبة إقامة الحفل يختتمها عادة بالدعاء بما تجود به قريحة المتكلم….وقد يحدث أن يكلف كبير القوم أحد المشاركين بالحفل من المثقفين المرحب بسماع كلمته لينوب عنه في إلقاء الكلمة. ومما يشرفني وأعتز به قيام البعض من رجالاتنا في قريتنا مرج السلطان بتكليفي في كثير من المناسبات بهذه المهمة نيابة عنهم، وذلك منذ انتسابي للجامعة السورية في خمسينات القرن المنصرم.
وانطلاقا من هذه المقدمة الثقافية والتعريفية بهذه العادة الحميدة، أولاً، وتذكير من غابت عن ذاكرته ثانياً، انتقل بالقارئ الكريم إلى جانب من موضوع مهم يشغل تفكير أديغة/شركس العالم عامة، وتفكير شركس سورية خاصة منذ عام 2011، ألا وهو مسألة العودة من بلدان المهاجر والشتات، إلى وطن الأجداد والأسلاف. والتي أعالجها حالياً في بحث موسع لعلي أنشره قريباً.
إذ كان الحرص في كل المناسبات على الدعاء بجمع شمل الشركس في العالم على أرض وطنهم الأم بارزاً، بالقول أن شعباً مظلوما كالشركس لابد له إن يعيش يوماً من الأيام ظروفاَ تدفع به للعودة إلى موطنه الأم…. فكان أول تلك الظروف مناسبة النزوح لنحو 20.000 من شركس الجولان السوري سنة 1967، الذي توقع الكثيرون أن هول المصيبة سيعجل بعودتهم… لكن الأهل في الوطن وسلطة الاتحاد السوفييتي لم يحركا ساكناً بالسماح لمن يرغب بالعودة إلى شركيسيا ولو تحت حكم السلطة السوفييتية… با ستثناء بعض الأفراد ذوي الخلفية الشيوعية. لكننا وبالمقابل شاهدنا الغرب (أمريكا) ينشط بتحويل خطوط هجرة كثيرين من النازحين الشركس إليها بجهود منظمة تعرف بمنظمة (تولستوي)…. بعدها وبعد سنة 1989-1990سنحت فرصة جديدة لمن يفكر بالعودة إلى الوطن الأم، حملها الانقلاب على الدولة السوفييتية الذي توسمنا بمن أزالها الخيربفتح باب عودة مئات الآلاف من شركس المهاجر إلى وطنهم، لكن الجهات المسؤولة اقتصر تجاوبها على قبول بضعة آلاف منهم فقط ، ووضع جملة من العراقيل في إعاقة العودة، والتي دفعت بالعديد إلى تفضيل الهجرة إلى بلدان أوروبية …. ويشذ عن ذلك عودة بضع مئات من شركس اقليم كوسوفو، الذين عادوا إلى الوطن سنة 1998 بجهود مسؤولين في جمهورية الأديغيي، نتيجة ظروف الحرب في يوغوسلافيا السابقة… أما اليوم فلقد توقع الشركس الذين يعيشون الوضع الخطير الذي تعيشه سورية منذ 2011، أن يلقوا المساعدة من الجهات المسؤولة في روسيا وفي الوطن وغيره، وتلبية رغبات من يود العودة….لكنها آمالهم تبخرت….. فلم يتجاوز عدد العائدين عدة آلاف، غادر عدد منهم إلى بلدان أوروبية غربية، أمام أعين المسيطرين على (الجمعية الشركسية العالمية) في الوطن،وتقصيرهم وعجزهم .
وبالمقابل فإن أفكار العودة التي كانت متداولة في أوساط شركسية محدودة سابقاً، أصبحت مسالة العودة إلى الوطن الأم طرحاً متداولاً وهاجساً لايفارق شركس بلدان التهجير والمنافي….باستثناء البعض ممن فقد هويته ونبذ أصوله، وذلك بفضل وسائل الإعلام والتواصل العالمية. ويدرك الجميع أن وطنهم لا يمكن تحريره والعودة إليه إلا بالطرق الدبلوماسية والسلمية، في ظروف وأوضاع محلية أو عالمية تمهد السبيل لإعادة الحقوق لأهلها….. خاصة والجميع يعرف أن المسألة الشركسية لم تلق ولا تلقى ولن تلقى أي سند أو دعم من أية جهة دولية قوية أو اقليمية أو حتى إسلامية، وليس لأصحابها إلا الاعتماد على أنفسهم في مواقع يخضعون فيها للالتزام بقوانين وأنظمة البلدان التي يستوطنونها ويحملون جنسيتها، بل وحتى في وطنهم الأم.
يعد الدعاء في الديانات المختلفة بلسماً للراحة النفسية والشعوربالاطمئنان وبأن (الوليد سيأتي ورزقه معه…..) لمن يعتقد أن دعوته ستستجاب وستحقق له رغبته…لكن الواقع يقول (اعقل….ثم توكل)، وأن الدعاء لن يجلب للمرء رغيف خبز واحد، إن لم يعمل لكسب ثمنه وإن لم يذهب إلى المخبز لشرائه……فليس أمام الشركس من معين ومنقذ ومحقق لتطلعاتهم وعودتهم إلى موطنهم سوى العمل في سبيل نيل: العلم والعلم والعلم والعلم والعلم….. والمال…. فالعالم المتحضر لم يوصل الإنسان إلى القمر ومركباته إلى المريخ… بصكوك الغفران الكنسية، والموبايل وجهاز اللاب-توب الذي انقرعلى أزراره الآن لم يكن نتاج طقوس تعبد البوذيين والشنتو والقساوسة….أومعرفة بأي القدمين: اليسرى أم اليمنى..يدخل المرء المرحاض…. بل بالعلم (المطلوب ولو بالصين). لقد تجاوز عدد المسلمين اليوم المليار ونصف المليار، وهم للأسف الشديد يحتلون مستوى دون القاع في كل المجالات… ما عدا مجال الدعاء والابتهال، والتفاخر بالماضي، وتضخيم رصيد أموال مصانع الأسلحة كي يقتل المسلم أخاه (كذا؟؟؟) المسلم.
عادل عبدالسلام لاش
دمشق 6 – 9 – 2021
انظر:
د. عادل عبدالسلام (لاش): مع عمر بهاء الدين الأميري .. الشاعر الإنسان
د. عادل عبدالسلام (لاش): خروج فرنسا من القنيطرة ووالدي يرفع العلم السوري
د. عادل عبدالسلام (لاش): السفر برلك .. سنوات المجاعة والهلاك
د. عادل عبدالسلام (لاش): كوشباي أسعد .. مجاجة الأسطورة
د. عادل عبدالسلام (لاش): صفحة وطنية مشرفة للقائد الشركسي ناظم بيك سنجر
د. عادل عبدالسلام (لاش): أحكام إعدام فرنسية لجنود شراكسة في سورية 1945
د. عادل عبدالسلام (لاش): معسكر جغرافي في الجزيرة العليا – شمال شرقي سورية 1981
د. عادل عبدالسلام (لاش): المواقيت والأزمنة عند الشركس
د. عادل عبدالسلام (لاش): العرس الأديغي (الشركسي) التقليدي في سورية
د. عادل عبد السلام (لاش) : تهجير الشركس إلى سورية وتوطينهم في شريط الليمس الشركسي
د. عادل عبد السلام: من جعبة الذاكرة.. المظاهرات الطلابية السورية
د. عادل عبد السلام: ظاهرة لغوية اجتماعية أديغية (شركسية)
د. عادل عبدالسلام (لاش) : بدايات كرة القدم في مرج السلطان
د. عادل عبد السلام : آداب الطعام و قواعد المائدة الشركسية
د. عادل عبد السلام : الحاتيون أسلاف الشركس
د. عادل عبد السلام : حول الأمير الأديغي ينال الكبير، والسلطان الأديغي (الجركسي) الأشرف ينال العلائي
د. عادل عبد السلام (لاش) : على هامش أحداث الجزائر
د. عادل عبد السلام : أول مسجد في مرج السلطان
د. عادل عبدالسلام (لاش) : بين الجامعة والكلية الحربية وقاسم الخليل
د. عادل عبدالسلام (لاش) :مرج السلطان وعيد الأضحى
د. عادل عبدالسلام (لاش): في ذكرى إبادة الشركس
د. عادل عبدالسلام (لاش): نزوح الشراكسة من الجولان في صيف 1967
د. عادل عبدالسلام (لاش): رحلة مجانية أحن إلى مثلها
د. عادل عبد السلام (لاش) : يوم الحداد الشركسي
د. عادل عبد السلام (لاش) : رحلة شتوية إلى جبال صلنفة
د. عادل عبد السلام (لاش) – مسيرة تربوية تعليمية.. زرعنا فحصدنا
عادل عبد السلام (لاش): حكمت شريف حلمي شاشأه في ذكرى رحيله
د. عادل عبد السلام (لاش): غياض الحَور في مرج السلطان
د. عادل عبد السلام (لاش): اللواء محمد سعيد برتار رجل المهمات الصعبة والملمات الإنسانية
د. عادل عبد السلام (لاش): الضائقة المالية وقرار طردي من معهد غوتة
د. عادل عبد السلام (لاش) – حسن يلبرد
د. عادل عبدالسلام (لاش) : شكري القوتلي في مرج السلطان
د. عادل عبد السلام لاش- مراحل رسم الحدود السياسية لسورية منذ زوال الإمبراطورية العثمانية
د. عادل عبد السلام (لاش) : من رجالات الشركس .. الفريق الركن أنور باشا أبزاخ
د. عادل عبد السلام (لاش) : صورة….. واعتقال