الخوري عيسى أسعد
هو عيسى بن أسعد بن ناصيف الشيخ، والدته السيدة مريم شعاع.
وأسرتا والديه من المقعبرة في حمص، وهما أسرتان من الأسر الحاكمة في وادي النصاري ومنحدرتان من أصل غسّاني، وهم أنسباء مشايخ العازار في الكورة وآل الخازن في كسروان.
النشأة والدراسة:
ولد في حمص عام 1878م.
تلقّى علومه الابتدائية في المدرسة الارثوذوكسية في حمص، ثم درس على نفسه وعلى علماء حمص مختلف العلوم، وتعلّم اللغات اليونانية والعبرانية والسريانية والروسية، وتعمّق في دراسة اللغة العربية وآدبها وحفظ من القرآن والإنجيل.
سيم كاهنًا من قِبل مطران حمص اثناسيوس عطالله في 17 تموز 1905م، ثم تقدّم الكهنة ونال رتبة “بروتوباباز” أي الكاهن الأول.
انتدب للتدريس في الكُلية الأرثوذوكسية عقب بنائها عام 1908م، فدرّس مواد التاريخ وآداب اللغة العربية وفلسفة الدين المسيحي. كما كان معلمًا لأولاد السريان في مدرسة صدد.
جريدة حمص:
بعد حالة الانفتاح التي عاشتها السلطنة العثمانية عقب إعادة تفعيل الدستور العثماني عام 1908م، برزت فكرة تأسيس جريدة خاصّة بمدينة حمص، فتكون ناطقةً بلسان حالها وحال أهلها وصلة وصل بينهم وبين الحماصنة المغتربين. وتبلورت الفكرة عندما تبرّع المغترب الحمصي بشارة محرداوي المقيم في البرازيل بمطبعة خاصة بالجريدة، وحصول مطران حمص اثناسيوس عطالله على الرخصتين الرسميتين للمطبعة والجريدة في 7 آذار 1909م.
وكان الخوري عيسى أسعد أحد أعضاء لجنة الجريدة المنتخبة من قِبل المجلس الملّي الأرثوذوكسي، برفقة الدكتور كامل لوقا، انطون طرابلسي، الدكتور إيليان الحلبي، يوسف شاهين، حبيب سلامة، شاكر سلّوم، عطا الله عطالله، جرجس ناصر، سابا مبيّض، داوود خوري، أمين صبّاغ.
وصدر بالفعل العدد الأول من الجريدة بتاريخ 13 تشرين الثاني 1909م، وكان صاحب امتيازها المطران اثناسيوس عطالله، والمدير المسؤول الدكتور كامل لوقا، والمحرّر قسطنطين يني.
وقد تسلّم الخوري عيسى رئاسة تحرير جريدة حمص من عام 1920م وحتى نهاية عام 1931م.
الحكومة العربية المؤقتة بحمص:
كان الخوري عيسى من معادي سياسة جمال باشا في سورية، وفي عام 1916م طلبه الأخير فتوارى عن الأنظار، وكان للسيد حسني الجندي رئيس بلدية حمص آنذاك الفضل في إنقاذه.
وعقب الانسحاب العثماني من سورية تشكّلت في حمص حكومة مؤقتة بتاريخ 12 تشرين الأول 1918م، فكان الخوري عيسى أسعد من أركانها برفقة حسني الجندي، طاهر الأتاسي، علاء الدين بك الدروبي، رفيق بك الحسيني، أنطون طرابلسي، وصفي بك الأتاسي، رفيق رسلان، سليم ختن.
وعند دخول عمر بك الأتاسي حمص وتسلّمه زمام الأمور تولّى الخوري عيسى أمانة سر الحكومة المؤقتة التي شكّلها عمر بك، وتألفت من رفيق الحسن الأتاسي، صبري بك الدروبي، أنطون طرابلسي، شكري الجندي، صالح الجندلي.
الفصل الأخير من حياته ووفاته:
كان الخوري عيسى من دعاة الخير والتآلف والاتحاد في خدمة العروبة والوطن؛ عُني بالمعاهد والمؤسسات التعليمية والثقافية بحمص، وسافر إلى مصر عام 1927م للإطلاع على معاهدها وجمعياتها، وله فضل كبير في تأسيس الكلية الأرثوذوكسية بنظامها الحالي (المدرسة الغسانية).
جمع مكتبة فيها مئات المجلدات في عدة لغات، وكتب في عدة جرائد كالمنار وعهد المحبة في بيروت والمقتطف والهلال والصخرية في مصر.
وفي الأربعينات ترأس لجنة تسمية شوارع حمص التي شكّلها فيضي بك الأتاسي رئيس البلدية، كما كان على رأس عدة جمعيات في حمص أهمها محفل إميسا الماسوني.
انتدبه البطريرك ألكسندروس إلى أنطاكيا عام 1933م فتولّى المعتمدية البطريركية فيها لمدة سنتين، كما نال رتبة واعظ الكرسي الأنطاكي. ثم تولّى وكالة المطرانية الأرثوذوكسية في حمص إلى نهاية حياته.
الأوسمة والتكريم:
نال في حياته عدة أوسمة، منها نيشان (وسام) سانت آن من الدرجة الثالثة والمقدّم من القيصر نيقولا الثاني عام 1911م.
مؤلفاته:
“تاريخ حمص” وبقية مؤلفاته:
يعدّ كتاب “تاريخ حمص” للخوري عيسى أسعد أول محاولة تأريخ شاملة لمدينة حمص من النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية. وهو مؤلف في مجلّدين، أولّهما عن تاريخ حمص منذ نشاتها الأولى إلى ظهور الإسلام، والثاني منذ الإسلام وحتى العصر الحديث وأتمّه ابنه منير الخوري.
ورغم أن المجلّد الأول عليه ما عليه من النقد العلمي والتاريخي، إلا أن المجلّد الثاني مليء بالمعلومات الفريدة عن حمص وتاريخها ورجالها مما لا يوجد في أيّ مرجع آخر كون كاتبه معاصر للأحداث وطرف فيها.
ومن مؤلفاته الأخرى:
الطرفة النقية في تاريخ الكنيسة المسيحية، الجواب الهادي، سلاسل تاريخية لبطاركة الشرق، تاريخ القديس الحمصي إيليان، الخلاصة الجليّة، تاريخ الأفغان، زفرات القلوب، أساس الأسرة، آثار النصرانية في الديار الشامية، لماذا أنا أرثوذوكسي، نحن وشهود يهوه، نغمات الإلهام في أناجيل الآلام، بوارق الآمال، تاريخ أرمينيا، ابن رشد فيلسوف الحكمة والمنطق، نحن العرب وفرنسا في التاريخ، وغيرها.
وفاته:
توفي في الثامن من تشرين الثاني 1949م إثر مرض أصابه في أعوامه الأخيرة ودفن في باحة كنيسة الأربعين في مدفن خاص بعد جنازة حافلة، وأقيمت له حفلات تأبينية كبرى في حمص والمهجر، وأطلقت بلدية حمص اسمه على ساحة في حي الحميدية وأحد شوارع المدينة.
انظر:
من الأرشيف العثماني 1911- نيشان “سانت آن” الروسي لمؤرخ حمص الخوري عيسى أسعد