شهادات ومذكرات
زيارة الرئيس شكري القوتلي لألمانيا .. من مذكرات محمد حسن بوكا (33)
زيارة الرئيس شكري القوتلي لألمانيا .. من مذكرات محمد حسن بوكا (33)
أثناء تدريبنا بالشركة المانية في شهر تموز عام 1957 علمنا من مدربنا الألماني بأن الرئيس السوري شكري القوتلي آتى للعلاج في منتجعات طبية بمدينة باد شافن حول بحيرة البودن سي حسب ما قرأ بالصحف الألمانية وهي قريبة جداً من مدينة كونستانز .
طلبنا من المدرس رقم هاتف المصح لنتمكن من زيارة الرئيس والاطمئنان عليه .
فاتصلنا بفخامة الرئيس على الهاتف فأجابنا ممثل سوريا الدائم بالأمم المتحدة السفير/ زهير القباني حيث كان برفقته ، واعلمناه بأننا في بعثة لدى شركة / بينتش الكترون ، ونحن سبعة من مؤسسة الهاتف وثلاثة من سلاح الاشارة .
وما هي إلا دقائق حتى وافق على زيارتنا لليوم التالي بتمام الساعة التاسعة صباحاً .
في الصباح ذهبت أنا وصديقي / نبيل كسراوى والعقيد / علاء الدين مهنا و المدرب الألماني بالسيارة الى المنتجع الصحي في باد شافن ، وما أن وصلنا الفندق حتى طل علينا الرئيس بهيبته ووقاره ..
قائلا : أهلا أهلا … وهو نازل من على الدرج ، وبعد السلام عليه والاطمئنان على صحته سـألنا عن بقية الزملاء الموفدين وسـبب عدم وجودهم معنا .
فاجبناه بأننا لانريد ازعاجه . فقال : هذا لايصح ويجب حضوركم جميعاً مع المدرب الماني غداً لتناول طعام الغداء ، اطمأنيّنا على سيادته وتمتعنا بالحديث معه ورجعنا تملؤنا الغبطة والاعتزاز .
في اليوم التالي ذهبنا جميعاً لتلبية دعوة فخامته على الغداء ، ووجدناه في الصالون ينتظرنا وبرفقته ابنته / هدى القوتلي ومندوب سوريا الدائم بالأمم المتحدة / زهيرالقباني ، والطبيب واللغوى / حسني سـبح وضيف الماني صديق الرئيس لا أعلم من هو .
وبعد جلسة قصيرة تكلم سيادته عن الأحداث السياسية الراهنه وطمأننا على عدم الخوف من الحشود التركية على الحدود السورية ، وأن الوضع جيد ، وطلب منا الاهتمام في الدراسة والجد والنشاط ، ثم دعانا على طاولة الطعام .
جلسنا جميعاً حول المائدة وفخامته يتوسطها وعلى يمينه الدكتور/ حسنى سـبح وابنته هدى وعلى يساره السفير/ زهير القباني وصديقه الألماني ونحن جميعنا نجلس مقابل الرئيس . وجلس بجانبي شخص أجنبي لم أعرف عنه شيئاً .
كانت المائدة غنية بأشهى الأطعمة الشامية التي تليق برئيس الجمهورية ولكن الملفت للنظر هو وقوف فخامته على خدمتنا ، يسكب لنا من الحساء في أطباقنا وهو يرش الطاولة ذهابا وإيابا نظراً لارتعاش يديه لكبر سنه ، ويغرف لنا من الأطعمة الفاخرة مع وجود الخدم حولنا لخدمتنا وذلك ايمعاناً في اكرامنا .
سألني الشخص الأجنبي الذى كان يجلس بجانبي بالانكليزية : من يكون مضيفكم هذا ؟!
فقلت له : ألا تعرفه ؟. قال : لا .
قلت له : أنه رئيس جمهورية سوريا ونحن موظفين بالحكومة وقد علمنا بوجوده في الفندق فاردنا الإطمئنان عليه فدعانا الى الغداء .
قال ومن هذه الفتاة ؟ قلت : ابنته هدى .
فسألته من أنت ؟ قال أنا طبيب أمريكي أتيت الى هنا لاجراء مقابلات في المصح ولجمع معلومات طبية ، وبالصدفة اجتمعت بالحديقة مع هذه الفتاة ودعتني الى تناول الغداء ، ولم تذكرلي بأن والدها رئيس الجمهورية . ولكن كيف يدعوكم الى الغداء وأنتم موظفين عاديين ؟.
فقلت : هذا شرف لنا وهو يحب أبناء وطنه فلو فرضنا أن رئيسكم كان خارج البلاد وكنت موفدا كحالنا الم يكن ليدعوك الى ضيافته !… فأجاب طبعا لا ، ولا حتى السـلام عليه .
بعد الغداء أجرى السيد الرئيـس مؤتمراً صحفياً مع من جاؤوا لزيارته ، وعدنا تصحبنا نشـوة العزة والكرامة من اهتمام رئيـس الجمهورية بنا .
أخبر مدربنا الماني الذى كان برفقتنا مدير الشركة والادارة على مدى الديموقراطية والتواضع والسماحة للرئيس السوري وحبه لشعبه فاعجبوا بذلك ، وطلبوا منا الاتصال به ودعوته لزيارة الشركة وهي شرف لها .
وفعلا اتصلنا بالسفير/ زهير القباني وعرضنا عليه الدعوة ووعدنا خيراً .
وبعد فترة وجيزة اتصل بنا السفير يعلمنا بموافقة السيد الرئيس للزيارة .
في اليوم التالي جهزت الشركة مكاناً يليق باستقبال فخامة الرئيس ومعه السـيد السفير وابنته هدى ونحن حوله نحفه بالحب والاجلال ونشرح له عن الأجهزة التي تدربنا عليها وأقسام المصنع وكان تارة يتكىء على كتفي وتارة على كتف أحد الأصدقاء .
وكانت زيارة وديه اعجب بها الجميع وقدمت الشركة للحكومة السورية أجهزة قياس هدية لانشاء مخبر في سورية لتطوير العمل لدينا . وودع فخامته كما استقبل بمزيد من الاعجاب والتقدير .
وفي اليوم التالي نشرت الصحف المحلية المانية على صفحتها الأولى أحداث الزيارة يسطرها تواضع وديموقراطية فخامة الرئيس ونقلا عن أحدى الصحف الالمانية بالخط العريض :
السيد شكرى القوتلى رئيس الجمهورية السورية يزور شركة بينش الكترون بلا مرافقة أو حراسة تحرسه هيبته ووقاره .
ثم نشرت هذه الزيارة جريدة الفيحاء بدمشق نقلا عن هذه الصحيفة بترجمتها ووصفت أحداث الزيارة مع بعض الصور التذكارية.
انظر:
تعريف .. من مذكرات محمد حسن بوكا (1)
مرحلة الطفولة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (2)
التاجر الصغير .. من مذكرات محمد حسن بوكا (3)
مجيد الفوال .. من مذكرات محمد حسن بوكا (4)
المرحلة الابتدائية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (5)
مرحلة الشباب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (6)
العرفان بالجميل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (7)
التلميذ المدلل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (8)
مقابلة الشيخ تاج الدين الحسني .. من مذكرات محمد حسن بوكا (9)
مرضي بذات الجنب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (10)
الحياة العائلية ما بين 1940- 1950 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (11)
رهان مقبوضة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (12)
البطل الكردي أحمد البارافي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (13)
النضال الوطني .. فترة المطالبة بالجلاء.. من مذكرات محمد حسن بوكا (14)
إلقاء القنبلة على هيئة الأركان الفرنسية.. من مذكرات محمد حسن بوكا (15)
مقابلة فارس الخوري .. من مذكرات محمد حسن بوكا (16)
هجوم الفرنسيين على المجلس النيابي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (17)
وقف الاعتداء الفرنسي 1945 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (18)
دراستي في مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (19)
عيد الجلاء .. من مذكرات محمد حسن بوكا (20)
مستشفى بحنس .. من مذكرات محمد حسن بوكا (21)
بداية حياتي العملية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (22)
إيفادي الى مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (23)
افتتاح الهاتف الآلي بدمشق .. من مذكرات محمد حسن بوكا (24)
شريكة حياتي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (25)
مقاطعة الاستفتاء .. من مذكرات محمد حسن بوكا (26)
منعطف الموت .. من مذكرات محمد حسن بوكا (27)
عزة وشجاعة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (28)
نقل عملي الى حماة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (29)
عودتي إلى دمشق والانقلاب على الشيشكلي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (30)
إضراب ساعة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (31)
العدوان الثلاثي على مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (32)