You dont have javascript enabled! Please enable it!
شهادات ومذكرات

إضراب ساعة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (31)

إضراب ساعة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (31)


صدر مرسوم جمهوري عام 1955م بارسال مجموعات من الفنيين من حملة البكالوريا الصناعية الى الولايات المتحدة الامريكية للحصول على شهادات في هندسـة الاتصالات باختيار مدير هندسة الاتصالات السلكية واللاسلكية بالهاتف ، والمجموعة تضم خمسة فنيين ، فارسلت المؤسسة أول مجموعة بالتعيين ثم أرسلت مجموعة أخرى بالسنة الثانية ، وجاء دور المجموعة الثالثة ، وكنت أنا واحداً منهم فراسلنا الجامعات الأميركية وتم قبولنا بإحدى الجامعات فيها . وعندها كان المدير العام / حلمى اللحام في مهمة خارج القطر ، ولدى عودته علم من حاشيته الإداريين بأننا راسـلنا الجامعات دون إذنه وأوغروا في صدره ، وأعلموه بوجود مؤامرة ضده مع مدير الهندسة حيث أنه يختار الفنيين دون الرجوع اليه ، فعندها رفض المدير العام الإيفاد وأوقف منحنا جوازات سفر ثم ألغى المرسوم ، رغم كل المحاولات لاقناعه بأننا لسـنا طرفاً بخلافه مع مدير الهندسة ، إلا أن طبعه المتعجرف وحبه للمديح والإطراء والنفاق التفّ حولة مجموعة من تجار الكلام والمنافقين كحسيب كيالى وصلاح الدهنه وغيرهم من الاداريين فأوقف البعثات التدريبية للفنيين ، وهذا يعكس موقفه السلبي من الادارة الهندسية .

وفي أحد الأيام من صيف 1955م كتبنا مذكرة للمدير العام طالبنا فيها تنفيذ برامج خاصة بالفنيين لرفع مستواهم الوظيفي واذا لم يوافق عليها سـنعلن اضراباً لمدة ساعة في تاريخ محدد .

فلم يكترث بذلك وتوعدّنا إن فعلنا ذلك ، وعندما جاءت الساعة 12 ظهراً من التاريخ الذى حددنا فيه موعد الإضراب توقف جميع الفنيين بكافة محافظات القطر عن العمل لمدة ساعة واحدة فقط .

فسارع المدير العام بتكليف المهندسين في المؤسسة بتغطية عملنا خلال هذه الساعة إلا أنهم رفضوا ذلك متضامنين معنا .

 ثم عاد وطلب من ادارة سلاح الإشارة بالجيش العربي السوري الذي يعمل بنفس المبنى  للتدخل وسد الفراغ  فكان الجواب الرفض أيضا .

 مما أدى الى توقف بعض الاتصالات بين المدن السورية والاتصالات الخارجية ووجود أعطال لبعض المقاسم ، واضراب في منظومة الاتصالات الداخلية والخارجية .

 بعد الساعة الواحدة ظهراً عّدنا الى أعمالنا وسارعنا لاصلاح المقاسم وعادت الأمور الى طبيعتها .

في اليوم التالي الساعة العاشرة صباحاً دعى المدير العام رؤساء الأقسام الى غرفته وكنا خمسة ، وبعد دخولنا أغلق الباب علينا ، وجدنا ضابط شرطة برتبة رائد بجانبه ويقول له : هدول هنن . وخلف كل واحد منا شرطي مكلف بالقبض علينا .

وتقدم منا الرائد وبكل لطف وقال لنا : إنكم مطلوبون لمقابلة وزير الداخلية ، فتفضلوا معنا ذهبنا جميعاً مع الرائد ولحق بنا زملاؤنا بالعمل ودخلنا النظارة ونحن ننتظر المجهول إلا أن جلبة وصوت زملائنا بالعمل من الخارج هدأ من روعنا وهم يصرخون علينا من النوافذ ويقولون :

لاتخافوا …. اذا لم تخرجوا حتى الساعة الرابعة فسوف نوقف جميع أجهزة الاتصال بالقطر ونسلم أنفسـنا للشرطة .

كان الجو حاراً وظهيرة الصيف لاترحم وزملاؤنا الذين ارسـلوا الينا كبة بالصينية لنتغدى بها زادت الطين بله ولزمنا العطش وكلما طلبنا ماءً نطفىء به حر الصيف وشراهة الكبة قال الشرطي : اشربوا من حنفية المرحاض .

وأمام ضغط زملائنا الموظفين وتبادل الآراء بين الشرطة والوزارة تقرر التحقيق معنا .

ولاثارة الرأى العام ضدنا في صباح هذا اليوم كتبت أحدى الصحف بتحريض من منافقي المدير العام مقالاً يتهمنا بأننا كسـرنا وعطلنا الأجهزة وخربنا المعدات .

كنت أول المدعوين للتحقيق معه ، فوجدت نفـس الرائد الذى استقبلنا في مكتب المدير العام كُلف بالتحقيق معي ، فبادرته بطلب الماء الى زملائي العطشى .

 فاستدعى الشرطى وسأله لماذا لم تقدموا لهم الماء فقال الشرطي : سيدى إنهم يريدون ماءاً مثلجاً . فضحك وقال : ليأت لهم رفاقهم بالخارج بالماء المثلج . وقد كان …

السؤال الأول : لماذا كسرتم وعطلتم الأجهزة .

 فاجبته طبعاً بالنفى وقلت له : هذه الأجهزة أجهزتنا فكيف نكسرها ونحن مكلفون بصيانتها ، وأنها عملت فور رجوعنا من الإضراب ، إن هذا دس من انصار المدير العام ، فالرجاء تكليف لجنة لفحص الأجهزة والتأكد من صلاحيتها للعمل ، وأننا قدمنا مطالبنا للمدير العام ولم يُقابلنا ووعدنا أنه سـيدرسـها وانتظرنا فلم نجد الرد منه  فأصررنا على الإضراب .

اسـتمرالتحقيق مع باقي زملائي الأربعة وكانت نفس الإجابات فتقرر اخلاء سـبيلنا ، إلا أن الصراع مازال قائما بيننا وبين المدير العام وحاشيته الى أن أتت ثورة الثامن من أذار عام 1963 طرد فيها حلمى اللحام من الخدمة وترك سـوريا وسـافر الى لبنان وتوفى هناك .

موعدى مع الاستقرار :

رزق ساقه الله اليّ ، في بداية صيف 1956 وبينما أنا بالعمل أخبرني أحد الزملاء / أديب الحمصي بأنه سيذهب الى منطقة المزة – دمشق الجديدة – لمعاينة المساكن الشعبية التي شـيدتها محافظة دمشق لبيعها للمواطنين .

ذهبت معه للاطلاع ، فنالت اعجابي ولاسيما أنها بالتقسيط المريح . وكما يقول المثل اذا هبت ريحك فاغـتنمها .

وعلى الفور قررت طلب الإكتتاب على شقة صغيرة مساحتها 70 متر مربع مؤلفة من غرفتي نوم وصالة ومطبخ وحمام . بمبلغ تسعة ألاف ليرة سورية أول دفعة 3000 ليرة سوري وكل شهر 100 ليرة  وبالتقسيط لمدة خمس سنوات .

وكان موعدي مع الاستقرار فتمت الموافقة وخصص لي شقة بالمساكن في الطابق الثاني جهة الغرب واستلمتها في أواخر صيف 1956. انتقلت اليها فورا واغلقت معها المعيشة البائسة في الشريبيشات مع الجار السيء ، وقد أنعم المولى عز وجل بسـكن مريح تطل شـرفتها على حديقة الوحدة وجهتها جنوبية غربية فهواءها عليل وحيّ جديد هادىء بعيد عن صخب المدينة يتوفر فيها كل سُـبل العيـش من مواصلات وخدمات وأسواق .

عتبة المنزل الجديد :

في أثناء انتقالي الى المسكن الجديد بالمزة كانت زوجتي حاملاً بالمولود الثالث وكانت في أواخر حملها ومتعبة جداً وهي تقوم بتنظيف وترتيب البيت الجديد وقد أنهكها التعب فتحرك عليها الطلق مساءً وكانت أختي إحسان معنا فانتقلنا بتكسي مسرعين خوفاً عليها الى مسـتشـفى دار التوليد واستقبلوها وهي تعاني من آلام الولادة الى صباح اليوم التالي وفي تمام الساعة الواحدة ظهراً يوم الأربعاء 10/10/1956 طلَّ علينا برأسه المولود الجديد اسـميناه حسام ، كان صغير الحجم ومتعب الجسد يعاني مع والدته مشقة الانتقال للسكن الجديد وتعب الخروج الى الدنيا ، لازمت زوجتي وابني المستشفى خمسة أيام للعناية بها وبمولودها وبعدها خرجنا الى مسـكننا بالمزة .


انظر:

تعريف .. من مذكرات محمد حسن بوكا (1)

مرحلة الطفولة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (2)

التاجر الصغير .. من مذكرات محمد حسن بوكا (3)

مجيد الفوال .. من مذكرات محمد حسن بوكا (4)

المرحلة الابتدائية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (5)

مرحلة الشباب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (6)

العرفان بالجميل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (7)

التلميذ المدلل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (8)

مقابلة الشيخ تاج الدين الحسني .. من مذكرات محمد حسن بوكا (9)

مرضي بذات الجنب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (10)

الحياة العائلية ما بين 1940- 1950 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (11)

رهان مقبوضة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (12)

 البطل الكردي أحمد البارافي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (13)

النضال الوطني .. فترة المطالبة بالجلاء.. من مذكرات محمد حسن بوكا (14)

إلقاء القنبلة على هيئة الأركان الفرنسية.. من مذكرات محمد حسن بوكا (15)

مقابلة فارس الخوري .. من مذكرات محمد حسن بوكا (16)

هجوم الفرنسيين على المجلس النيابي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (17)

وقف الاعتداء الفرنسي 1945 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (18)

دراستي في مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (19)

عيد الجلاء .. من مذكرات محمد حسن بوكا (20)

مستشفى بحنس .. من مذكرات محمد حسن بوكا (21)

بداية حياتي العملية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (22)

إيفادي الى مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (23)

افتتاح الهاتف الآلي بدمشق .. من مذكرات محمد حسن بوكا (24)

شريكة حياتي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (25)

مقاطعة الاستفتاء .. من مذكرات محمد حسن بوكا (26)

منعطف الموت .. من مذكرات محمد حسن بوكا (27)

عزة وشجاعة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (28)

نقل عملي الى حماة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (29)

عودتي إلى دمشق والانقلاب على الشيشكلي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (30)



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى