You dont have javascript enabled! Please enable it!
شهادات ومذكرات

إيفادي الى مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (23)

إيفادي الى مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (23)


إيفادي الى مصر :

بعد تعييني في مصلحة الهاتف عملت المؤسسة على تحديث نظام الاتصالات اليدوي الى  تنفيذ شبكات الهاتف الآلى وتحضير العناصر اللازمة لها ، فأوفدت فريقا الى مصر لاختصاص المواصلات الخارجية وفريقاً الى بلجيكا لاختصاص المقاسم الآلية ، وفريقاً آخر الى انكلترا للاطلاع على أحدث التطورات في الاتصالات .

وكنت من ضمن الموفدين الى مصر في 24/1/1949 ولغاية 8/4/1949 وخلال هذه الفترة كنت متميزاً عن سائر الموفدين استيعاباً واهتماماً ومكانةً ضمن البعثة ، وعلى اعتبار أنني عشت فترة  في مصر أثناء دراستي وبمبادرة شخصية  فقد تصدرت لأكون مشرفاً عليهم بود وصداقة ومحبة دون تكليف من أحد وكانوا يتقبلون ذلك بكل حب وتعاون ، وكان تدريبنا مجدياً وجيد جداً أعطاني خبرة قوية .

في هذه الفترة تقدمت عن طريق خالتي ناجية لطلب يد ابنة عم والدتي صبرى الكاشف الأنسة / ماهى والتي كنت قد أحببتها أثناء دراستي في مصر وكانت تبادلني نفس الشعور حيث وجدت فيها ما يناسبني من صفات ، ذات أخلاق عالية ومهذبة ومتعلمة ومتوسطة الجمال حياتها مستقرة بين عائلتها وهى أكبر أخوتها .

وافق العم صبرى على طلبي إلا أنها رفضت زواجي منها لعدم رغبتها للانتقال الى دمشق والعيش معنا هناك لفكرة أخذتها عن سوريا بأن الحياة منغلقة ومحافظة ومتخلفة عن مصر بعشرات السنين وأن حياة الفتاة السورية هي للبيت والزوج والأولاد ، وهذا الانطباع كان من خالاتي زينب وناجية المقيمتين في مصر ويلبسـن الجوارب و الحجاب  – ملاية زم – وصورت أن بنات سوريا كلهن مثل ذلك ، لم أتأثر بهذا الرفض وكنت أومن بالقسمة والنصيب وبقيت علاقتنا بهم جيدة جميعاً .

اختطاف يوأنا :

كان من ضمن الموفودين معنا زميلي صادق سيجري من جسر الشغور من محافظة حلب سكن لدى سيدة يونانية مع ابنتها يوأنا بمنطقة الاسعاف مقابل مصلحة الهاتف المصرية .

في أواخر أيام البعثة تغيب صادق عن العمل وعلى غير عادته لم يحضر للتدريب ، وفي اليوم الثاني وأثناء عملنا بالمصلحة اتصل هاتفياً القنصل السورى السيد / أسعد محفل يسأل عني ، فوجئت بسؤاله عني ، ماذا يريد منيّ القنصل السورى !!

وبادرني بالسؤال : أين صادق ؟

فقلت له أنه متغيب منذ يومين ولا أعلم عنه شـيئا .

فقال لي أن السيدة اليونانية الذى يقطن عندها تتهمه باختطاف ابنتها . وإن علمتم عنه شيئاً ارجوا الاتصال بي فوراً .

وفي اليوم التالي بادرت الصحف والمجلات بنشر حادثة اختطاف موفد سوري من فتاة يونانية ، وأن السيدة اليونانية تقدمت ببلاغ للنيابة باختطاف ابنتها القاصر .

في هذه الأثناء حضر صادق خفية الى مديرية الهاتف ، وطلب مني الاجتماع به بعيد عن الأعين واخبرني بما حدث :

فمنذ يومين طلبت منه السيدة اليونانية التي يقطن عندها مغادرة الشقة ، عندما شعرت بتعلق ابنتها بصادق ، وخوفاً عليها من تمادي العلاقة بينهما طلبت منه الابتعاد عن حياتها ولا سيما أن ابنتها صغيرة وعمرها أربعة عشر عاماً ، فهمّ بحزم أمتعته ومغادرة الشقة فتعلقت الفتاة  به وخرجا سوياً  رغم ضغوط والدتها عليها لكنها ابت ، فوجد نفسه في مأزق خطر مما دعاه الى السفر الى الاسكندرية والإقامة بالفندق ثلاث أيام وهو في حيرة من أمره ماذا يفعل ؟؟ ، ولدى اطلاعه على الصحف والمجلات وماذا كتبت عنه ، وقد نفد ما معه من المال اضطر الى العودة الى القاهرة ولم يجد بداً من اللجوء اليّ لحل هذه المشكلة .

سألته عن مدى علاقته مع البنت وهل تورطت معها بعلاقة غير شرعية .

فأكد لي وبشـدة أن العلاقة شـريفة وأنه يريد المحافظة على البنت وهي تتعلق به .

فقررت مساعدته للخروج من هذه الورطة .

كانت خالتي ناجية على علاقة وثيقة مع السيدة الفاضلة / زينب الغزالى الجبيلي رئيسة جمعية الشابات المسلمات ، وتحضر لها دروسها الأسبوعية بالجمعية . فلجأتُ الى خالتي   وقصصت عليها ما كان من زميلي صادق وطلبتُ منها تدخل السيدة زينب الغزالي   لمساعدتنا .

فاتصلت خالتي بها وشرحت لها الموقف فوافقت السيدة زينب بشرط أن تكون العلاقة ما بينهما شـريفة وطلبتنا لمقابلتها في الجمعية .

انتقلنا فورا بتكسي للجمعية وقابلنا السيدة زينب فرحبت بنا واحالت الفتاة الى طبيبة الجمعية للكشف عليها وسلامة الموقف وسـمعت من صادق تفاصيل القصة كاملة .

فطمأنته ، واعتبرت أن الموضوع بيدها طالما أنه شريف ونظيف وهي تسعى لانقاذ الفتاة والشاب من موقفهما .

وبناءً على طلبي اتصلت السيدة زينب بالقنصل السوري / أسعد محفل واعلمته أن البنت اليونانية المذكورة بالصحف ليست مخطوفه وإنما  لجأت الى الجمعية منذ ثلاثة أيام لخلافها مع والدتها ، ثم اتصلت بالصحف والمجلات لتنفي خبر هروب الفتاة .

وهنا ابتدأت الكنيسة اليونانية بالطعن على هذه المعلومات مما اضطرت النيابة العامة إحالة الموضوع الى القضاء للبت فيها .

وتم إحالة الفتاة الى القاضي الشرعي برفقة السيدة زينب وصادق وأنا ، وأمامهم والدة الفتاة والقساوسة من الكنيسة .

عندها أعلمت السيدة زينب الغزالى القاضي بأن البنت لجأت اليها تريد أعتناق الاسلام . فطعنت والدة الفتاة بأن البنت قاصر ولا تملك هكذا قرار .

وبناءا عليه طلب القاضي شهادة ميلاد الفتاة وطلّلع عليها وتبين أن عمرها أربعة عشر عاماً وهذا لا يخولها باتخاذ هذا القرار .

تأزم الموقف أين لها من أن تحميها أو تردها لوالدتها وما يتبع ذلك من الكنيسة .

عندها أحَرجت السيدة زينب القاضي الشرعي بالقاعدة الشرعية بقولها :

أنّ على القاضي سؤال البنت القاصر هل إذا رأيت الحيض ؟ فإن قالت نعم صح اسلامها

فقال القاضي : بأن القانون يقضي بأن تكون عمر الفتاة أكثر من ثمانية عشرة عاماً .

فردت عليه السيدة زينب بأنك قاضي شرعي ، والشرع أقوى من القانون . وأن شهادة الميلاد بأسم يوأنا وأن الدعوى المقامه لديكم هى بأسم جوانا .

فطلب القاضي الاستعلام من الأحوال المدنية على أن الفتاة صاحبة شهادة الميلاد هي نفسها محل الدعوى وامهل والدة الفتاة مدة أربع وعشرون ساعة لتثبيت الاسـم .

وقد كانت السيدة زينب الغزالى على علاقة وطيدة مع رئيس مجلس الوزراء / مصطفى النحاس ، فأوعز الى الأحوال المدنية تأخير إجابة تثبيت الأسـم بشهادة الميلاد . وفي هذه الأثناء حضرت مجلة المصور الى جمعية الشابات المسلمات لتصوير الفتاة وهي تقوم باداء شـعائر الاسلام من وضوء وصلاة وقراءة القرأن لإعلام الناس أن الفتاة فعلا تريد اعتناق الاسلام .

واثناء اجراء المحاكمة حصل انقلاب في سوريا على يد حسني الزعيم 30/3/1949 وطُلب منا العودة الى سوريا ، فرجعنا جميعاً ماعدى صادق لمتابعة المحاكمة ، وبعد يوم ونصف أقر القاضي الشرعي بصحة إسلام الفتاة ، فطلب صادق زواجها من القاضي فوافق وعقد عليها بصفته وليّ أمر الفتاة . وكنت قد نصحتُه بأن لا يدخل بها إلا بحضور أهله فبقيت الفتاة الى اليوم التالي في الجمعية وأسرع صادق بالسفر هو وزوجته الى دمشق على  نفقة جمعية الشابات المسلمات لئلا تلجأ الكنيسة في عرقلة الأمر .

وعند وصولهم الى دمشق اسـتقبلتهم في بيت أهلي وناموا ليلتها عندنا ثم سافروا في اليوم التالي الى جسر الشغور عند أهل صادق ، وفعلا عمل بنصيحتي وتم زواجه في بلدته .

وبعد ستة أشهر حضرت السيدة / ليلى العابد رئيسة جمعية الهلال الأحمر السورى وهي بكامل زينتها كعادتها الى مؤسسة الهاتف تسأل الموظفين عني .

فعرّفتني بنفسها وقالت : جئت لأطمأن على الفتاة جوانا اليونانية بعد زواجها من صادق بناءاً على طلب من الهلال الأحمر المصري .

وشرحتُ للسيدة / ليلى العابد مدى ارتياح جوانا وسعادتها مع صادق . وأنه يعمل بسنترال حلب ويمكن الحديث معه على الهاتف ، فطلبته من مكتبي وتحدثت اليه وطمأنها على زوجته ، ثم حول الخط الى جوانا في المنزل للحديث معها مباشرة .

ثم علمتُ بعد فترة أن صادق أخذ زوجته وسافر الى المانيا لمتابعة دراسته وبقي هنالك ولم أعلم عنه شـيئاً بعد ذلك .

حصولي على  البكالوريا :

كانت الكفاءة الصناعية هي السقف التعليمي الصناعي فلم أتمكن من تكملة  تحصيلي العلمي

ففي عام 1949 م  فتحت مدرسة الصنايع بحلب ، مرحلة الثانوية الصناعية لمنح شهادة البكالوريا الصناعية .

تقدمت للامتحان في حرفة الكهرباء وأنا موظف بالهاتف الآلي وحصلت على شهادة البكالوريا الصناعية في الدورة الأولى بدرجة جيد .

مما أدى الى تحسين درجة السلم الوظيفي في مصلحة الهاتف .


انظر:

تعريف .. من مذكرات محمد حسن بوكا (1)

مرحلة الطفولة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (2)

التاجر الصغير .. من مذكرات محمد حسن بوكا (3)

مجيد الفوال .. من مذكرات محمد حسن بوكا (4)

المرحلة الابتدائية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (5)

مرحلة الشباب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (6)

العرفان بالجميل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (7)

التلميذ المدلل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (8)

مقابلة الشيخ تاج الدين الحسني .. من مذكرات محمد حسن بوكا (9)

مرضي بذات الجنب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (10)

الحياة العائلية ما بين 1940- 1950 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (11)

رهان مقبوضة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (12)

 البطل الكردي أحمد البارافي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (13)

النضال الوطني .. فترة المطالبة بالجلاء.. من مذكرات محمد حسن بوكا (14)

إلقاء القنبلة على هيئة الأركان الفرنسية.. من مذكرات محمد حسن بوكا (15)

مقابلة فارس الخوري .. من مذكرات محمد حسن بوكا (16)

هجوم الفرنسيين على المجلس النيابي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (17)

وقف الاعتداء الفرنسي 1945 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (18)

دراستي في مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (19)

عيد الجلاء .. من مذكرات محمد حسن بوكا (20)

مستشفى بحنس .. من مذكرات محمد حسن بوكا (21)

بداية حياتي العملية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (22)



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى