You dont have javascript enabled! Please enable it!
شهادات ومذكرات

دراستي في مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (19)

دراستي في مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (19)


بعد حصولي على شهادة الكفاءة الصناعية عام 1945 علمت بأن ابن عم الوالدة / سمير الكاشف يعمل بالسفارة السورية بالقاهرة ارسلت اليه صوراً عن الشهادة الدراسية والأوراق اللازمة لتسجيلي في أحدى الجامعات المصرية كون شهادة الكفاءة الصناعية كانت تعادل البكالوريا السورية لمادة الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية بالاضافة الى الرسم الصناعي والحرف ، شريطة اجراء فحص قدرات لقبولي في كلية الهندسة التطبيقية العليا بالقاهرة – جامعة عين شمس حاليا.

تم قبولى بالجامعة وحصلت على التأشيرة المصرية من السفارة البريطانية القائمة بالأعمال المصرية بدمشق في ذلك الحين، وسافرت بالقطار من دمشق الى القاهرة عن طريق درعا ثم حيفا ويافا وتل ابيب مروراً بالعريش ثم القاهرة برفقة خالتي ناجية وابنة عم والدتي شفيقة الكاشف ، استغرق الطريق يوماً كاملاً  .

كانت فرحتي لا تقدر عند مغادرتي دمشق وكلي أمل وحماس ، والذى عكر هذا الشعور مروري في حيفا ويافا وتل ابيب يحتلها اليهود ويقيمون فيها ويسكنون بيوت متحضرة ويلبسون لباسـا جيداً ، والعرب يقيمون في بيوت من الصاج والبلوك وحالهم متخلف ، فتألمت جداً لهذا الحال ، الى أن وصلت العريش في مصر وصعد الى القطار الفلاحين المصريين يغنون وينشدون فعاد التفاؤول الى قلبي .

وصلنا الى القاهرة من جهة خط بورسعيد مروراً بالأحياء الشعبية العشوائية ولم أشعر بزهو مدينة القاهرة كما كانوا يوصفوها لنا ونراها بالأفلام السنمائية .

وصلنا محطة باب الحديد بالقاهرة وكان منزل ابن عم الوالدة محمد خير الكاشف يبعد عن المحطة مائتي متر في منطقة الفجالة ، أجرنا حمالاً لينقل متاعنا مشـياً على الأقدام .

اعد ابن عم الوالدة غرفة ليّ في فناء الفيلا التى كان يقيم بها في حيّ الفجالة مع أولاد أخيه راغب ، وكانت خالتي ناجية تقيم معه في نفس البيت .

وفى اليوم التالي اتجهت الى كلية الهندسة التطبيقية العليا لتقديم امتحان القبول وسبر القدرات وتم قبولى بكل سهولة ويسر، واعلمت والدي ووالدتي بالهاتف فكانت فرحتهم لاتقدر لأنني كنت أول فرد من العائلة يسجل دراسات جامعية في ذلك الحين .

كنت متأخرا شهراً عن بدء الدراسة  فكان عليّ بذل جهد كبير للحاق بزملائي علاوة عن كوني في جو غريب والفارق الكبير بين الدراسة المدرسية والدراسة الجامعية ، كما أنه هناك فارق بين التعابير المصرية والتعابير السورية . وكانت لغتي الثانية هي الفرنسية واللغة التى تدرس في الجامعة الانكليزية , إلا أنني تجاوزت هذه الصعوبات بفترة وجيزة حيث تعلمت على يد اسـتاذ خاص الانجليزية ، فكنت مرتاحاً جداً باقامتي ودراستي و توفر ليّ جو جيد ومكان مريح لايتوفر لغيري . وقامت خالتي ناجية بالإعتناء بيّ وترتيب إقامتي وتحضير الطعام  ليّ وغسيل ملابسي وكيها .

كان يقطن مقابل الكلية ابن عم الوالدة صبرى الكاشف وعائلته وكان استقباله ليّ كأحد أولاده ، ونظرا لأن بناته كانوا في الدراسة الإعدادية والثانوية جعلني ارتاح في التردد عليهم والدراسة معهم وقضاء بعض الوقت لديهم ، كانت زوجته سكينة عويس سيدة متعلمة وفاضلة دائمة الإبتسامة والترحيب بيّ .

صراعي مع المرض

 بعد ثلاثة أشهر من دراستي بالقاهرة وأنا مستقر ولم أشعر يوماً أنني في غربة ، حدثت مفاجأة غيرت مجرى حياتي ، إذا فى احدى الليالي وبينما أنا نائم في دار ابن عم الوالدة / فوزى الكاشف اسـتيقظت على سعلة في الصدر مع نزيف دموى لم أقدّرحالتها إنما شعر من حولي بخطورة ذلك ، وعلى الفور في صباح اليوم التالي ذهبنا الى الطبيب وكشف عليّ واعلمني بأنني مصاب بمرض السّـل الرئوى ، حيث كان مرضاً عضالاً يصعب معالجته فحولني فوراً الى مشـفى فؤاد للأمراض الصدرية بحلوان شهر مارس 1946، واسـتقبلت هناك بجناح الطلبة لأنه كان مؤمناً عليّ صحياً من الجامعة .

لم تكن اصابتي خطيرة ولكن اليأس سيطرعليّ بشدة وازعج مرضي جميع أفراد العائلة ، ولم يمضي عليّ بعض الوقت حتى وجدت بيتان من الشعر كُتب على الجدار الذى بجانب سريري :

ولرب نازلةٍ يضـيقُ بها الفـتى                  ذرعاً وعند اللهِ منها المخرجُ

ضاقتْ فلما استحكمت حلقاتها               فرجـت وكنُت أظـنها لاتفرج

وهذان البيتان وقعا في نفسي حظاً كبيراً منهم فخففا عني ما أنا فيه .

ولما كان الشعب المصري يحب الغريب وخاصة السوريين لقيت منه العطف والحنان والرعاية داخل المستشفى من الممرضين والأطباء الشيء الكثير ، ولقد كان رئيس القسم الدكتور/ سامي لديه ابن في عمرى ويدرس في انجلترا فاعتبرني بمثابة ابنه فأولى ليّ بالعطف والحنان والرعاية كما أن رئيسة الممرضات الدكتورة / نفيسة على معرفة مع أقاربي في مصر مما جعلني أتفاءل وأنسى ما أنا فيه .

اثناء وجودى في المستشفى كانت زيارات أهل والدتي وخاصة بيت عمي صبري لاتنقطع مع العلم بأن حلوان تبعد عن القاهرة بحوالى 30 كم . وكانت خالتي تحضر الى الطعام كل يومين مجتازة هذه المسافة بالترام وتمشي الى المصح على الأقدام بمسافة 500 متر وتصل اليّ منهكة ومتعبة .

 


انظر:

تعريف .. من مذكرات محمد حسن بوكا (1)

مرحلة الطفولة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (2)

التاجر الصغير .. من مذكرات محمد حسن بوكا (3)

مجيد الفوال .. من مذكرات محمد حسن بوكا (4)

المرحلة الابتدائية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (5)

مرحلة الشباب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (6)

العرفان بالجميل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (7)

التلميذ المدلل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (8)

مقابلة الشيخ تاج الدين الحسني .. من مذكرات محمد حسن بوكا (9)

مرضي بذات الجنب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (10)

الحياة العائلية ما بين 1940- 1950 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (11)

رهان مقبوضة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (12)

 البطل الكردي أحمد البارافي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (13)

النضال الوطني .. فترة المطالبة بالجلاء.. من مذكرات محمد حسن بوكا (14)

إلقاء القنبلة على هيئة الأركان الفرنسية.. من مذكرات محمد حسن بوكا (15)

مقابلة فارس الخوري .. من مذكرات محمد حسن بوكا (16)

هجوم الفرنسيين على المجلس النيابي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (17)

وقف الاعتداء الفرنسي 1945 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (18)

 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى