عمرو الملاّح – التاريخ السّوري المعاصر
هو محمد حسني بك ابن محمد أفندي الكوراني.
ينتمي آل الكوراني، وهم إحدى أسر حلب ذات النفوذ والمكانة، إلى السادة الحسينية. وقد عدهم مؤرخ حلب الشيخ راغب الطباخ في كتابه المرجعي “إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء” أقدم عائلة بحلب. وممن تولى نقابة الأشراف بحلب منهم العلامة الشيخ أبوبكر بن مصطفى الكوراني الحنفي المتوفى سنة 1241هـ/ 1825م.
انتظم حسني بك الكوراني في سلك القضاء العثماني وارتقى في مناصبه برعاية من رجل الدولة العثماني والمؤرخ الشهير الوزير أحمد جودت باشا وتوجيهه حتى عين مفتشاً قضائياً لثلاث ولايات عثمانية، هي بغداد والموصل والبصرة و كان مقره بغداد، ثم عين مستشاراً في محكمة النقض (التمييز) في الآستانة إلى أن بلغ سن التقاعد في العام 1910.
كان الكوراني أحد الرجالات السوريين الذين كانت لهم حظوة عند السلطان العثماني عبد الحميد الثاني؛ فقربه إليه ورقاه في المراتب العليا للدولة ومنحه أعلى الأوسمة فيها، وذلك إشادة بفضله وتقديراً لحسن خدمته للدولة العثمانية.
وقد تدرج في الرتب المدنية حتى بلغ رتبة “بالا” الرفيعة في الهرمية العثمانية، وهي من الرتب القلمية العالية التي لا ينالها إلا القلائل خارج العاصمة اسطنبول، وتعادل رتبة (الفريق الأول) العسكرية، وتليها في الترقية رتبة (الوزارة)، وينعت حاملها بـ (حضرة صاحب العطوفة) دوماً، ويعد من أرباب المراتب العالية، مما يخوله نفوذاً واسعاً وصلاحيات خاصة في دوائر الدولة كافة. ومما هو جدير بالذكر أنه منذ بلوغ الكوراني هذه الرتبة العالية تم إدراج اسمه في لوائح (أصحاب المراتب) في الإمبراطورية العثمانية، والتي كانت تتصدر مجموعة الكتب السنوية للدولة العثمانية (سالنامه دولت عليه عثمانيه) الصادرة في استانبول.
وكان آخر نشاط لحسني بك الكوراني في الحياة العامة توقيعه في بداية العهد الفيصلي غداة الانهيار العثماني على عريضة “أعيان حلب” المتضمنة مبايعة الحسين بن علي ملكاً في العام 1918.
توفي بحلب في العام 1920، ودفن في مقبرة الجبيلة.
كان إنساناً عفيف النفس مهيباً موضع الاحترام من الولاة العثمانيين والعرب، ومن القضاة، ومن أعيان البلدة.
يُذكر أنه اقترن بسيدة شركسية نشأت في قصر السلطان العثماني عبدالعزيز، وكانت لغة الحديث في البيت التركية على الأغلب والعربية على الأقل وفقاً لما أورده حفيده في مذكراته.
وهو شقيق كل من رجل الدولة العثماني الوزير أحمد شفيق باشا الكوراني (1842-1909) ناظر الضبطية (الأمن العام) في الدولة العثمانية في أواخر عهد السلطان عبد الحميد الثاني؛ ورجل الإدارة العثمانية البارز عاطف أفندي الكوراني (1849-1883) مكتوبجي ولاية حلب، وهو منصب كان شاغله معاوناً للوالي ورئيساً لديوان الولاية.
كما أنه جد معالي الوزير والنائب والنقيب أسعد بك الكوراني (1907-1990) شيخ المشرعين ورجال القانون السوريين في دولة الاستقلال الثاني.
مراجع للاستزادة:
– أسعد الكوراني، ذكريات وخواطر، رياض الريس للكتب، بيروت، 2000؛
– عريضة أعيان حلب إلى الملك حسين بن علي في صحيفة “القبلة”، س3، ع 242، تا 26/12/1918، ص1.
اقرأ :