You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

خالد محمد جزماتي : مـعـركـة مـيسـلـون.. فيصل الأول وفوزي القاوقجي (5)

 خالد محمد جزماتي – التاريخ السوري المعاصر

وصل الملك فيصل في أواخر تشرين الأول الى مدينة طرابلس الشام بعد أن غادرتها القوات التركية وحكامها المدنيين ، وحلت محلها القوات البريطانية ، فاستقبلته أعيان المدينة وعلى رأسهم مفتي طرابلس السيد عبد الحميد كرامي الذي استضافه في منزله ، وعلى الفور توافدت رجال المدينة ووجهائها للسلام عليه ، فحياهم الملك وشرح لهم مجريات الأمور واّماله العريضة بإقامة الدولة العربية الواحدة ..وقد دقق نظره في وجوه الحاضرين ، ثم سأل عن ضباط طرابلس الذين بأكثريتهم قاتلوا مع الأتراك ضد الانكليز وحلفائهم من العرب بقيادة الأسرة الهاشمية الحجازية وعلى أشهرهم القائد فوزي القاوقجي ، فلما لم يجده أرسل وراءه على وجه السرعة …

لما قدم القاوقجي واثنان من رفاقه الضباط ، استقبلهم الملك فيصل أحسن استقبال وقال لهم أمام الجمع الحاضر وحسب رواية القاوقجي في الصفحة 15 من مذكراته : ” انني لا أنتقد ولا أعتب على أحد ممن اّثر البقاء في الجانب التركي ، واجتهادكم هو الذي ساقكم لأن تدافعوا جنبا الى جنب مع الترك بأمانة واخلاص ، وهذا من حقكم . أما الاّن وقد أودعت مقدرات البلاد التي أنتم أبناؤها الى أيدينا ، فإني أدعوكم الى خدمتها ” ….فاستجاب الضباط الثلاثة لدعوة الملك فيصل ، وزودهم بكتاب خاص الى رئيس مجلس الشورى الحربي ياسين باشا الهاشمي لتعيينهم في الجيش العربي ، وكان نصيب القاوقجي تعيينه في الشعبة الثالثة من ديوان الشورى الحربي .

وبدون سرد التفاصيل المعروفة حول انذار غورو التي تسلمته الحكومة العربية في يوم 14 نموز 1920 جاء الأمر لفوزي القاوقجي بالتحرك بسريته من ” المعلقة ” الى دمشق مركز قيادة الكتيبة التي يتبع اليها ، وقابله محافظ دمشق ياسين الهاشمي وقال له ان الملك فيصل يريد أن تذهب اليه فورا ، فلما حضر اليه وجها لوجه قال له الملك : ” ان الأمر خطير واني منتدبك الى قيادة جموع من بدو “نوري الشعلان” واكثرها من الفرسان وسلاحها جيد فقم بما اتصفت به من المرونة والحنكة مقام المرشد القائد، وخذ سريتك معك، وسرية اخرى من الرشاشات وانطلق حيث شئت وراء الجيش الفرنسي ، وإن في مقدرتك أن تسطر صفحة خالدة من المجد في الدفاع عن بلادك ، وان النوري قد تلقى التعليمات وهو منتظرك في داره، فانصرف على بركات الله ” ..

وانطلق فوزي القاوقجي الى دار نوري الشعلان للاجتماع به تنفيذا لأوامر الملك ، ولما وصل الدار واجتمع بنوري الشعلان اتفقا على حشد القوات معا في ثكنة الحميدية في البرامكة، وهكذا قام القاوقجي بتجهيز سريته وسرية الرشاشات بكل مايلزم واتجه بهما الى ثكنة الحميدية ، وانتظر نوري ورجاله حسب الاتفاق ..ولكنه وبعد طول انتظار ممل ..لم يأت النوري ولا رجاله، بل أتى ابنه نواف مع 20 فارسا فقط، وأفاده بأن بقية الجموع من الفرسان توجهت الى قرية الصبورة في صحراء الديماس متبعة طرقا مختلفة ، ونحن واياك سنلتحق بهم …فكظم القاوقجي غيظه وشعر بأن نواف النوري الشعلان يماطله …! ووصلوا الصبورة ولم يجدوا فرسان النوري ، فاضطر القاوقجي للتمركز وبدأ بنشر قواته واتخاذ مراكز للرشاشات ، فجعلها تتمركز ضمن مسطيل على رأس أضلاعه وفي منتصف كل ضلع ، وكان ذلك صباح يوم 23 تموز 1920 ..وماهي الى زمن قليل حيث بدأ يسمع أزيز طائرات العدو الفرنسي الاستطلاعية ، ولما شعر بأنها كشفت بعض مراكز تمركز قواته بالتحليق فوقها على ارتفاع منخفض ، أمر رشاشاته باطلاق النار عليها فقط عند وصولها الى منتصف مستطيل تمركز سرية الرشاشات ، وهذا ما حصل فأصابت رشاشات القاوقجي طائرة وأسقطت أخرى ، أسرع بنفسه الى مكان سقوطها في صحراء الديماس وأسر قائدها الكابتين “دنكلوجين” ومعاونه فني الطائرة ، فاستجوبه وحصل منه على بعض المعلومات ورأى على جسم الطائرة ثلاث عشرة اصابة …

ولما بدأت معركة ميسلون حاول القاوقجي التقدم بقواته فقط لأن فرسان نوري الشعلان نكثوا بوعودهم ، ثم بدأ برؤية جموع كثيرة من قوات يوسف العظمة وهي تنسحب بشكل فوضوي، ثم شاهد بأم عينه حسب ما رواه في مذكراته في الصفحة 85 جموع من البدو تهاجم المنسحبين وتستولي على أسلحتهم وتجهيزاتهم …..

وفي هذه الأثناء تفاجأ فوزي القاوقجي بقدوم رسول من قبل نواف الشعلان يطلب منه تسليم ما لديه من أسلحة وخيل لتوزيعها على رجاله للوقوف في وجه تقدم الجيش الفرنسي ولعدم تمكن الجيش العربي من الصمود ، وهنا أدرك القاوقجي سوء نية نواف الشعلان ، فبدأ بأخذ الحيطة والحذر ، باعادة تمركز الرشاشات ، ثم اعطاء الأوامر لفرسانه بالاختباء وراء احدى التلال ..وكان ظنه في محله ، حيث أغارت عليه فرسان نواف الشعلان لسلبه أسلحته وخيله ، ولكن رشاشاته كانت لهم بالمرصاد ، فحصدوهم حصدا وشتتو شملهم ..وكانت معركة ميسلون قد حسمت ، فجهز قواته من جديد وعاد الى دمشق ، وقال في مذكراته معلقا : ” وفر الملك الى داريا بصحبة حاشيته ، وبذا خمدت أنفاس الحكومة العربية في دمشق في لحظات معدودات قضت على الأحلام الذهبية ، وسجل التاريخ ظلما ، عدم أهلية الجندي العربي للدفاع ، ذلك الجندي الذي امتاز بصفاته الحربية وبذكائه وشجاعته وبسالته وتقديره الموقف ، مما شهد به القادة الألمان ودونه القائد فون كريس باشا في مذكراته ” …


اقرأ:

خالد محمد جزماتي: مـعـركـة مـيسـلـون.. خسائرالطرفين (4)

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (3)

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (2)

خالد محمد جزماتي: الجيش العربي ومعركة ميسلون (1)

خالد محمد جزماتي: تأسيس الدولة العربية في دمشق 1918- 1920

الدكتور توفيق الشيشكلي .. زعيم حماة و رئيس الكتلة الوطنية

أحمد سامي السراج .. أعلام وشخصيات من حماة

المحامي رئيف الملقي .. أعلام وشخصيات من حماة

نورس الكيلاني



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى