You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

رياض عصمت: تشرين ومسرح الحرب.. مسرحية ضيعة تشرين

من مقالة لـلدكتور رياض عصمت بعنوان: (تشرين ومسرح الحرب)، نشرت في العدد 131 من مجلة الثقافة الصادرة عن وزارة الثقافة في الأول من تشرين الأول عام 1974م.


ضيعة تشرين

إن لاسم محمد الماغوط في عالم الشعر من الاحترام والثقة، ولأسم دريد لحام في عالم الكوميديا من الجماهيرية والمحبة، ما يكفي لانجاح أكثر من عمل، من هنا، من هذه الثقة بإقبال الجماهير وحبها وتجسد هذا العمل، فهو يملك جميع المواصفات التي تؤهله للنجاح،  من كاتب رشيق العبارة، إلى ثنائي ضاحك ذائع الصيت، إلى فرقة دبكة تضم نخبة من الراقصين، إلى وجهين من ألمع وجوه ممثلينا الشباب هما أسامة الروماني وياسر العظمة، إلى ديكور فخم التصميم، وأغنيات سجلت خصيصاً في استديوهات بعلبك، كلها عوامل تؤهل المسرحيات للنجاح، ولكن أي نجاح؟؟

المسرحية عبارة عن “فبركة” ناقدة بسخرية لا تخلو من البذاءة جميع الحكومات التي مرت على القرية في شخصية المختار، وتتهكم عليها لأنها هي نفسها مع تغيير القناع فقط، إلى أن يأتي المختار (وهو نفس الممثل نهاد قلعي) في حلقة ليقرر حرب تشرين التحريرية ويعلن النصر في جو احتفالي كبير، في الوقت الذي نعلم فيه أن (دريداً) قد استشهد خلال المعركة. أيضاً، ليس في هذه المسرحية أية إضاءة إيجابية من خلال تجربة الحرب الرابعة بين العرب وإسرائيل، فهي تهدف لمعالجة الداخل بروح نقدية لا تختلف عن النقد الذي يدور على لسان إنسان الشارع العادي، ولكنها مثل البهار الذي يضاف إلى ” الطبخة”، تدخل حرب تشرين لترضي جميع الأطراف.

ولا يدور لي هذا السقوط غريباً، إذ ان محمد الماغوط الذي يتمتع بموهبة شعرية نادرة وفذة، وموهبة في كتابة التمثيلية التلفزيونية، لم ينجح في السيطرة على عالم المسرح. فالمسرح عالم يحتاج إلى موهبة وإلى إتساع الثقافة في آن واحد. لذا، أتت مسرحية الماغوط الأول “العصفور الأحدب” عملاً شعرياً صعباً، يقرأ ولا يمثل، ولقيت مسرحيته الثانية “المهرج” نجاحاً جماهيرياً في لبنان لأنها تنقد بحدة وليس لأنها مسرحية جيدة فنياً،  فهي لا تخرج عما أرساه في المسرح سعد الله ونوس، وفي القصة زكريا تامر وفي الشعر نزار قباني، إذ أنها تعري بقسوة واقعنا المعاصر من خلال فانتهازيا تعيد تجسيد بعض شخصيات التاريخ العربي في هذا الزمان، لتكشف خلال ذلك اهتراء القيم الحاضرة، والذل الذي يتعرض له الإنسان على يد أجهزة القمع.

أما دريد لحام، الذي نجح نجاحاً جماهيرياً ومادياً كبيراً في التلفزيون والسينما، فهو يطرق باب المسرح بثقة مفرطة ودون استحياء. فدريد يطمح لإقامة مسرح خاص به، كما يطمح لنوع من المسرحية الموسيقية بعد أن شاهد ما تحظى به مسرحيات الرحابنة وفيروز من نجاح، وكل هذا المشروع ممتاز فيما لو استطاع حافز الابداع ان يكون جاداً وصادقاً. ولكن دريداً صاع حلمه الجديد على أساس نجاحه التجاري واستمرار هذا النجاح، موسيقا مسجلة على أجهزة تقنية حديثة. ومسرح أنيق، ونجوم مشهورين، وفرقة منتقاة للدبكة، وملابس، وأضواء، وشخصية جديدة له صاغها بالاشتراك مع مؤلف مسرحي واسع الانتشار. وبالتأكيد، فإن دريداً ممثل كبير، فقد استطاع ان يضحك الجماعير ليس في سورية فحسب وإنما في العالم العربي، واستطاع ان يضحك دون ان يفقد بالضحك الجانب الاجتماعي، منذ، منذ كارلوس حتى غوار الطوشة في مشهد الويسكي. وكنا في “ضيعة تشرين” أمام شخصية جديدة له، واقعية وكاريكاتيرية وطريفة. لكن المسألة لا تقف عند هذا الحد، إذ أنها امتدت إلى حد الاستهتار الفكري، إذ تسخر المسرحية بقسوة لاذعة من تبدل مخاتير القرية في شخصية (نهاد قلعي) بالاسم فقط، بينما يبقى هو نفسه في منصبه، ولكن المخرج وقع في مطب حفره بنفسه عندما جعل المختار الأخير يقرر الحرب بشكل كاريكاتيري، وسرعان ما يلصق في نهايتها الخاتمة المفتعلة عن الشهادة والنصر، في محاولة لإصلاح غلطته.

التصورات الفردية تظل محدودة الأثر مالم تكن أجزاء من كل عمل فني شامل منبثق عن رؤيا واعية. لذا، كان أمامنا في “ضيعة تشرين” خليط من المواهب المشتتة التي تدور في المكان نفسه، مفتقدة أهم عنصر في الإبداع الفني، وهو : الصدق.

دافع العمل كان الربح المادي الناجم عن شهرة الأسماء، والثقة بعناصر التسلية التي تسربل العمل بروائها اللامع الفضفاض.

مرة أخرى، كما في مسرحية” الغرباء” تحد المسرح يخبر عن حادثة، ولا يحلل أبعاد الحادثة. إنه مسرح بلا حبكة درامية، ولا جدلية في البناء المسرحي، ولا إثارة. كل عوامل الابهار لم تخرج بالعمل عن نطاق العادية، والتسلية الخفيفة ، على حساب صدق التعامل مع الواقع فكرياً وفنياً. ولا أدل على هذا من تعدد نهايات المسرحية طبقاً للبلد الذي تعرض فيه.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى