مقالات
عمرو الملاح: غلاة الطورانيين يهددون باغتيال أكبر أنجال مرعي باشا الملاح …
عمرو الملاّح- التاريخ السوري المعاصر
صورة البرقية التي طيرها عبد القادر ناصح بك الملاح رئيس هيئة تحرير المسقفات في ولاية إزمير وأكبر أنجال مرعي باشا الملاح النائب الأسبق لولاية حلب في مجلس المبعوثان العثماني إلى مقام الصدارة العظمى، ملتمساً استصدارها أمراً عاجلاً بأن ترافقه قوة عسكرية في قطار الليلة القادمة الذي سيقله من العاصمة اسطنبول إلى مقر عمله في إزمير حرصاً على سلامته من الاغتيال؛ وذلك بعدما تلقى معلومات مؤكدة مفادها أن جمعية (تُرك اوجاغى) تعتزم اغتياله بوساطة أحد أعضائها، وهو ضابط برتبة ملازم يعمل في سلك الدرك (الژاندارمه).
البرقية مؤرخة في 23 آغستوس 1329 رومية [6 أيلول/ سبتمبر 1913]، وهي محفوظة في الأرشيف العثماني تحت الرقم (69/44).
ويورد المفكر الإسلامي محمد رشيد رضا في مقالة له بعنوان “الجمعيات الاتحادية لتكوين العصبية التركية” التي نشرتها مجلته المنار نبذة عن جمعية ترك أوجاغي ذكر فيها أنها أنشئت على يد الاتحاديين، ويعني اسمها “طائفة الترك أو العائلة التركية”، وبأن غايتها تتمثل في محو الإسلام وتتريك العناصر العثمانية، ومركزها في الآستانة.
ومما هو جدير بالذكر في هذا السياق أن عبدالقادر ناصح الملاح (1878-1931) كان بالإضافة إلى ما شغله من مناصب مالية رفيعة في العهد العثماني أحد رواد الصحافة التركية العثمانية، وواحداً من أبرز الشعراء باللغة التركية أيضاً، وفيما يرجح أن نشاطه في الأوساط الأدبية في العاصمة اسطنبول كان محل إدانة جمعية ترك اوجاغي وشجبها؛ إذ يذكر رضا في مقالته تلك أنه كان من بين المهام التي اضطلعت بها الجمعية تلك العناية بالآداب التركية بطرق شتى أهمها تطهير اللغة التركية من الكلمات العربية، وجعلها لغة مغولية صرفة، وكتابتها بحروف منفصلة لكي لا يبقى بينها وبين اللغة العربية أقل شبه، وكذلك مقاومة كل كاتب تركي أو غير تركي لا يرى رأيهم ولا يعتقد معتقدهم واتهامه بالخيانة وتهديده بالقتل.
وإن من شأن هذه الوثيقة البالغة الأهمية إلقاء المزيد من الضوء على الصراع العربي/العثماني – التركي/ الطوراني وبداية تبلور النزعة القومية العربية لدى النخبة العربية مقابل النزعة الطورانية التركية في وقت مبكر سابق لاعلان الشريف حسين ثورته، وهو الصراع الذي طبع التاريخ العثماني المتأخر بطابعه بعد الإطاحة بالسلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
اقرأ :