You dont have javascript enabled! Please enable it!
من الصحافة

صبري المدلل شهادات – قامة موسيقية لا تختصر

محمد ملص

ان فيلم “حلب مقامات المسرة” الذي أنجزته، لا يكفي لتقديم قامة صبري مدلل وللتعرف الى البعد الأصيل والصادق فيه ومحاولة اكتشاف ذلك الدور الكبير من دون أي مبالغات يفرضها الموت، الدور الكبير في حماية الذاكرة الموسيقية والتعبير بأصالة وصدق عن مفهوم الأداء الذي تميزت به مدرسة حلب للموسيقى.

هناك مدرسة موسيقية قليلة الحظ في حياتنا الثقافية الموسيقية العربية هي مدرسة حلب ووراء هذا الرجل لا يمكن أن نكتشف هذا التراث بفيلم واحد. وأنا أعتقد ان من حسن الحظ انه في لحظة مشرقة من تبادل الحوار الثقافي مع الشاعر الإماراتي النبيل الأخ محمد السويدي حملنا همّ وأعباء فكرة الدخول الى العالم الشخصي والموسيقي والفني لصبري مدلل. كان فرصة كبيرة ومهمة بالنسبة إليّ، التوقف على شخصية نابضة بالحياة ونابضة بذاكرتها الغنائية في مدينة حلب وهو الصديق الشخصي أيضاً، شخصية مـــملوءة بالحياة والتوهج.

كم كان يشعرني وأنا أصور هذه القامة في لحظة من اللحظات أن وجه هذا الرجل العجوز يتحول من لونه الأبيض مع كل كلمة يغنيها الى ذلك اللون الأحمر الذي يكاد ان ينافس بها الطربوش الحلبي الجميل على رأسه. وحين طلبت منه ان يحول الأذان الى لحظة موسيقية صرفة وهو جالس على سريره في بيته، قدم صبري مدلل أذاناً أعتقد انه نادر وأتمنى أن يعمم على مآذننا المنتشرة لما فيه من تنوع موسيقي كبير وجميل.

تصور ان هذا الرجل العجوز عندما صورته كان في الثمانين من العمر أو أقل قليلاً، وطلبت منه أن نصعد معاً سلالم مئذنة الجامع الكبير في حلب التي كان يصعدها في شبابه، فاستعاد ذاكرته ونحن نصعد معاً بين عتمة ودوران حول سلم هذه المئذنة الجميلة بينما الحمام يتطاير من فوقنا. هذه اللحظات أذكرها كي أقول ان صبري مدلل بقي في النفس وفي ذاكرة الناس ولن يغيب.

لعل فيلم”حلب مقامات المسرة”الذي أنجزته، إعداداً وإخراجاً، هو واحد من المشاريع الثقافية التي حين تتغلب على قمع الثقافة بتحقيقها تتغلب علينا بوصولها الى الناس.

هذا الفيلم حين وجد طريقه الى المحطات الموسيقية المتخصصة خارج المنطقة، كما أذكر، لم يعرض في أي محطة تلفزيونية عربية. حتى التلفزيون العربي السوري حين أجرى لقاء تحضيراً لحلب عاصمة الثقافة الإسلامية تقدمت باقتراح عرض الفيلم في حلب ذاتها بغية وصول الفيلم الى صبري مدلل نفسه قبل أن يموت ووصول الفيلم كشيء من معالم حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، لكن ذلك لم يتحقق. لا أستغل الفرصة لأقول ذلك، أقول ذلك لشعوري بالألم وبالادلاء بشهادة موت حين أردت لنفسي أن أكون شاهداً على حياة وليس على موت.

المصدر
محمد ملص -صحيفة الحياة 22 / 8 /2012



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى